[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
لم يكن ما كشف عنه معتقلو غزة المفرج عنهم من معتقلات الإجرام الصهيوني سوى غيضٍ من فيضً ما زالت تتكشف فصوله التي يندى لها جبين الإنسانية كلما خرجت دفعةٌ منهم من رحم الموت، فالداخل في تلك السجون مفقود والخارج منها مولود، لكنّ المأساة الحقيقية تكمن في أنّ ما يروى من قصص يكشف ازدياد الانحطاط الأخلاقي والسادية في التعذيب والإجرام، مع استمرار الصمت الدولي على كل ذلك.
رغم التقارير الأممية.. صمتٌ عالميٌ مقيت
حتى تقارير مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وما وثقته من فصول الإجرام المرعب حول حالات الاحتجاز منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023 وحتى 30 حزيران/يونيو الماضي، لم تحرك الضمير العالمي بعد لوقف هذه الانتهاكات.
ويؤكد التقرير أن إسرائيل ارتكبت انتهاكات جسيمة في سياق الاعتقالات منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، شملت انتهاك الحق في الحياة، والحرية، والتحرر من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، فضلاً عن ممارسة الاعتقال التعسفي، والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، والتي قد تشكل جميعها جرائم حرب.
وأشار التقرير الأممي إلى أن جرائم التعذيب والمعاملة غير الإنسانية التي يتعرض لها الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون من الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة، استهدفت جميع الفئات دون استثناء، بمن في ذلك الرجال والنساء والأطفال وكبار السن، فضلاً عن الأطباء والصحافيون والمدافعون عن حقوق الإنسان، واستمرت منذ لحظة الاعتقال وحتى الإفراج، إن تحقق.
وتناول التقرير سياسة إسرائيل المنهجية في تنفيذ الحملات اليومية والجماعية من الاعتقالات التعسفية ضد الفلسطينيين، مستندة بذلك إلى تشريعات تخالف بالأصل قواعد القانون الدولي، بما في ذلك الأمر العسكري 1651 لعام 2010 وقانون المقاتلين غير الشرعيين لعام 2002 وتعديلاته، التي تسمح للسلطات الإسرائيلية باحتجاز الأسير أو المعتقل إداريًّا لمدد غير محددة ودون توجيه أي تهمة، وحرمانه من ضمانات المحاكمة العادلة الأساسية، ومنعه من الاطلاع على الأدلة المنسوبة إليه، التي تبقى في معظم الحالات سرية بدعوى أنها تتعلق بأمن الدولة، وبالتالي، لا يتم إبلاغ المحتجز أو محاميه بالاتهامات وأسباب الاحتجاز، مما يقوض أي حق فعّال في الطعن في الاحتجاز
وأدلى أسرى فلسطينيون أطلقت إسرائيل سراحهم، الخميس، بشهادات مروعة عن أساليب تعذيب مختلفة تعرضوا لها في أقبية السجون بعد اعتقالهم من قطاع غزة.
وقال المفرج عنهم أثناء تواجدهم في “مستشفى شهداء الأقصى” بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة إنهم تعرضوا لتعذيب وحشي وتنكيل وتجويع وصعق بالكهرباء ومهاجمة الكلاب، بحسب الأناضول.
تعذيب وحشي
المُفرج عنه أحمد أحمد، قال: “اعتقلنا عند معبر كرم أبو سالم (جنوب)، وهناك عصبوا أعيننا وبدأت جولات التعذيب، التي شملت ضرب وتنكيل وتجويع بشكل لم نكن نتخيله مطلقًا”.
وأضاف أحمد الذي اعتقل لمدة 46 يومًا قضاها متنقلًا بين سجن عوفر والنقب وسجن آخر في القدس: “كان الجيش يجبرنا على الجلوس قرفصاء، معصوبي الأعين، ويمنعوننا من الحركة أو الحديث مع أي شخص”.
وعن جولات التحقيق، قال: “كانوا يسألوننا عن أنفاق المقاومة، ويتهموننا بأننا من حماس، ويهددوننا بالقتل إن لم نتحدث، والبعض لم يستطع تحمل التعذيب، فاعترف بأشياء لم يرتكبها فقط لوقف التعذيب”.
فيما أوضح إبراهيم سالم، الذي اعتقل من “مستشفى كمال عدوان” شمال القطاع في 11 ديسمبر/كانون الأول أنه تعرض خلال اعتقاله “لتعذيب وتجويع وتحقيق صعب بشكل يومي”.
وقال: “تركت زوجتي وأبنائي مصابين في العناية المركزة بمستشفى كمال عدوان ولم أكن أعرف مصيرهم”.
وأضاف: “تم نقلي من سجن لآخر، ولم نعرف طعم النوم، حيث نقضي أوقاتًا طويلة جالسين على ركبنا”.
وتابع: “تعرضنا لشتى أنواع التعذيب، وتركزت التحقيقات حول مكان تواجد (قائد حماس في غزة، يحيى) السنوار والمقاومة، رغم أننا لا علاقة لنا بذلك”.
وأوضح أن الجيش الإسرائيلي أجبره على ارتداء زي عسكري لـ”كتائب القسام”، وحاولوا إنزاله في نفق لكنه رفض، فعذبوه بشكل قاس على كرسي كهربائي وبدأوا بعمليات الضرب والتنكيل.
اقتادونا عراة
أما محمد جبر، من شمال غزة، فقال: “اعتُقلت في 17 نوفمبر من حاجز صلاح الدين، واقتادوني إلى أماكن مجهولة بينما كنت معصوب الأعين ومقيد الأيدي، وتعرضنا للضرب الشديد لمدة 8 أيام، ونحن عراة”.
وأضاف للأناضول: “تعرضت لجروح وتم خلع ظفر أحد أصابع قدمي، ولم أتلقَ أي علاج، وفقدت 40 كيلوغرامًا من وزني”.
وأردف: “كان وضعي الصحي صعبًا للغاية، فأنا مريض بالسكري وضغط الدم، ولم أتلقَ سوى العلاج”.
لم يعد بإمكان العالم غض الطرف عن جرائم إسرائيل
بدوره طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان جميع الدول ومؤسسات المجتمع الدولي بالتدخل الفوري والفعال لإنهاء جرائم التعذيب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها إسرائيل على نحو منهجي وواسع النطاق ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وبخاصة ضد فلسطينيي قطاع غزة.
وأكد الأورومتوسطي في بيان صحافي، وصل المركز الفلسطيني للإعلام، على أن الحظر الوارد على هذه الجرائم، وفي مقدمتها التعذيب، ووجوب معاقبة الجناة، يعتبر من الالتزامات الدولية الواقعة على عاتق كافة الدول دون استثناء.
وأضاف الأورومتوسطي أنه رغم تزايد الأدلة حول ارتكاب إسرائيل هذه الجرائم، وتواليها بشكل مستمر ومن مختلف الأطر والمؤسسات الأممية والحقوقية الدولية والوطنية، إلا أن المجتمع الدولي ما يزال صامتًا إزاءها على نحو يكفل لإسرائيل الاستمرار بارتكابها، ويحمي فاعليها ويضمن إفلاتهم من المساءلة والعقاب، ويحرم ضحاياها من حقوقهم الأساسية، وإنكار كرامتهم الإنسانية.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أنه لم يعد بإمكان العالم غض الطرف عما تمارسه إسرائيل من جرائم تعذيب واغتصاب وعنف جنسي ومعاملة لالإنسانية واختفاء القسري ضد الفلسطينيين، وإلا فإن هذه الدول تكون فشلت في تنفيذ التزاماتها الدولية، أو أنها قد تكون متواطئة وشريكة لإسرائيل في الجرائم المرتكبة ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين. وفي كلا الحالتين، يحق للضحايا مساءلة ومحاسبة هذه الدول والأفراد والموظفين من صانعي القرارات ذات الصلة فيها على المستويات الجزائية والمدنية.
الإفراج عن 64 معتقلا
والخميس، أفرجت إسرائيل عن 64 فلسطينيًا اعتقلتهم من غزة خلال العمليات البرية في حربها المتواصلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إضافة إلى إفراجها عن سيدتين من القطاع اعتقلتا أثناء مرافقتهما لمرضى يتلقون العلاج داخل إسرائيل.
ووصل 22 أسيرًا من بين المفرج عنهم إلى المستشفى لتلقي العلاج، بينما توجه الآخرون إلى عائلاتهم، وفقًا لما أفاد به مراسل الأناضول.
“}]]