“مش زعلان أنا بودّع شعب بطل عظيم”.. أبو حميد في ذكرى استشهاده الأولى

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

“أنا ذاهب إلى نهاية الطريق، ولكن مطمئن وواثق بأنني أولاً فلسطيني وأنا أفتخر، تاركًا خلفي شعبًا عظيمًا لن ينسى قضيتي وقضية الأسرى، وأنحني إجلالاً وإكبارًا لكل أبناء شعبنا الفلسطيني الصابر وتعجز الكلمات عن كم هذا المشهد فيه مواساة”.

قبل عامٍ من هذا اليوم وفي العشرين من ديسمبر/كانون الثاني تحل ذكرى استشهاده الأولى، وبهذه الكلمات المؤثرة التي تختبئ بين حروفها المكتوبة بالجهاد والدمّ والدموع، ودّع الشهيد ناصر أبو حميد “المعاناة والقهر” خلف قضبان سجن الاحتلال الغاشم، ليذهب إلى ربٍ رحيمٍ صامدًا صابرًا محتسبًا يخط الطريق نارًا ونورًا لمن خلفه ليكملوا طريق مقارعة الاحتلال المجرم حتى تحرير فلسطين وكل الأسرى في سجون الاحتلال.

قبل عامٍ من الآن، ترك الشهيد أبو حميد كلماتٍ كانت بالغة الأثر واسعة الانتشار لصدق من تركها، كيف لا هو الذي قدّم روحه رخيصة في طريق الحق – حسبة لله – وذودا عن حمى شعبه وشرف وطنه، فيودعهم جميعا قائلا: “وأنا مش زعلان من نهاية الطريق لأنه في نهاية الطريق أنا بودع شعب بطل عظيم، حتى التحق بقافلة شهداء فلسطين، وجزء كبير منهم هم رفاق دربي وأنا سعيد بلقائهم”.

لن يكون أبو حميد الشهيد الأول ولن يكون الأخير الذي يغتاله الاحتلال بالإهمال الطبي والقتل البطيء، فاليوم هذا الاحتلال البربري الغاشم يقتل أهل أبو حميد وشعبه في كل شبرٍ من فلسطين، بكل فجاجة وإجرام وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع ويمزقهم بالقنابل والصواريخ حتى ارتقى أكثر من 20 ألف شهيد حتى اليوم وعشرات آلاف الجرحى وهدّمت آلاف البيوت، ولكنّ عزاء أبو احميد كما قال أنه يودع “شعبًا بطلاً عظيمًا” يواصل الجهاد والصبر والصمود، وسيسعد بلقاء الشهداء من أهله وإخوانه ولكن في جنان الخلد – بإذن الله ـ .

اعتقل للمرة الأولى بعمر 13 عاماً، كما اعتقل عام 1990 بعد إصابته إصابةً بالغة برصاص الإحـتـلال، وحُكم بالمؤبد ولم يتجاوز عمره 18 عاماً، كما أُعيد اعتقاله بين العامين 1996-1999 وتعرض لعدة محاولات اغتيال.

وبعد طول ملاحقة أعتقله الإحـتـلال في العام 2002، وبعد تحقيقٍ قاسٍ حُكم بالسجن المؤبد (7) مرّات و(50) سنة حيث كان أحد قادة الجناح العسكرري لحرركة فــتـح .

وواجه أبو حميد ظروفًا صحية قاسية جرّاء الإصابات التي تعرض لها برصاص الإحـتـلال، حتّى ثبت منتصف العام2021 إصابته بسرطان في الرئة، أساسه جريمة الإهمال الطبي (القتل البطيء)، عدا عن ذلك، فهو شقيق الشـهـيد عبد المنعم أبو حميد المعروف، وشقيق االأسـيـر نصر المحكوم (5) مؤبدات، وشريف المحكوم( 4) مؤبدات، ومحمد المحكوم بمؤبدين و(30) سنة، وإسلام المحكوم بمؤبد و(8) سنوات.

كما هدم الاحتلال منزل عائلة أبو حميد (5) مرات، كان آخرها عام 2019، وقضى في سجون الإحـتـلال أكثر من (30) سنة .

وعائلة الشهيد أبو حميد كما كل العائلات الفلسطينية بما تقدمه من شهداء وأسرى وتضحيات عظيمة في طريق التحرير الطويل.

وأم ناصر أبو حميد مثل كل خنساوات فلسطين الصابرات المحتسبات على مرارة القهر والظلم الصهيوني، إذ قتل الاحـتلال أحد أبنائها وحكم على الخمسة الباقين بالسجن المؤبد: عبد المنعم: شهيـد، ‏ ناصر: شهيد بعد 7 مؤبدات، ‏ نصر: 5 مؤبدات، ‏ شريف: 4 مؤبدات، محمد: مؤبدين، إسلام: مؤبد”.

وقبل عامٍ من اليوم أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، في فجر الثلاثاء عن استشهاد الأسير القائد ناصر أبو حميد (50 عامًا) من مخيم الأمعري قضاء رام الله بالضفة الغربية المحتلة في مستشفى “أساف هروفيه” جرّاء سياسة القتل الطبي المتعمد التي تتبعها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى المرضى.

وعلى الرغم من تحذيرات هيئة شؤون الأسرى والمحررين من احتمال استشهاد الأسير أبو حميد من مخيم الأمعري جنوب مدينة رام الله في أي لحظة كون الاحتلال يتعمد ممارسة الإهمال الطبي بحقه وترك السرطان يأكل جسده ودون أن تنظر في طلبات الإفراج عن الأسير بسبب ظرفه الصحي الصعب، إلا أنّ الاحتلال الغاشم تركه ليلحق بركب شهداء الحركة الأسيرة.

وكان الوضع الصحي للأسير بدأ بالتدهور بشكل واضح منذ شهر آب/ أغسطس 2021 حيث بدأ يعاني من آلام في صدره إلى أن تبين بأنه مصاب بورم في الرئة وتمت إزالته وإزالة قرابة 10 سم من محيط الورم ليعاد نقله إلى سجن “عسقلان” ما أوصله لهذه المرحلة الخطيرة.

ولاحقا وبعد إقرار الأطباء بضرورة أخذ العلاج الكيميائي تعرض مجددا لمماطلة متعمدة في تقديم العلاج اللازم له إلى أن بدأ مؤخرا بتلقيها بعد انتشار المرض في جسده.

وكان الشهيد الأسير أبو حميد محكوما بالسجن المؤبد سبع مرات و(50) عاما وتعرض للاعتقال الأول قبل انتفاضة الحجارة عام 1987 وأمضى أربعة أشهر وأعيد اعتقاله مجددا وحكم عليه بالسجن عامين ونصف العام وأفرج عنه ليعاد اعتقاله للمرة الثالثة عام 1990 وحكم عليه الاحتلال بالسجن المؤبد أمضى من حكمه أربع سنوات حيث تم الإفراج عنه مع الإفراجات التي تمت في إطار المفاوضات إلا أن الاحتلال أعاد اعتقاله لاحقا وحكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة.

وكان الشهيد – رحمه الله تعالى – عانى كثيرًا في السجن، وذكرت جمعية واعد للأسرى أن الأسير ناصر أبو حميد فقد الذاكرة بشكل شبه كامل ما يفيد بأن خلاياه الدماغية تأثرت كليًّا وامتد مرض السرطان إليها.

وقالت الجمعية إنّ الأطباء قرروا مضاعفة المسكنات التي يتلقاها الأسير ناصر الأمر الذي انعكس سلبا على جسده حيث بات يدخل في نوبات نوم متواصلة ومستمرة تصل لـ20 ساعة أحيانًا.

وأضافت “واعد” أن التغذية للأسير ناصر تتم عبر الوريد والتنفس عبر الأكسجين وأن حركته توقفت تماما فهو لا يستطيع الوقوف أو حتى الاتكاء على سرير المرض.

وذكرت الجمعية أن عائلة الأسير ناصر أبو حميد أفادت أن ابنها في أيامه الأخيرة إن لم تكن ساعاته مشيرةً إلى أن الاحتلال يرفض التعاطي مع كل مقترحات الإفراج عنه بل يشدد من إجراءاته الأمنية في أي مكان ينقل إليه ناصر.

والأسير أبو حميد في حينه كان من بين 23 أسيرًا يواجهون الإصابة بالسرطان والأورام بدرجات مختلفة وهم من بين 600 أسير مريض بينهم 200 أسير يواجهون أمراضاً مزمنة وبحاجة إلى متابعة ورعاية صحية حثيثة.

ووجهت الهيئة التحية إلى “خنساء فلسطين” والدة الشهداء والأسرى، الحاجة أم ناصر أبو حميد، ولأبنائها المناضلين، ولكل أفراد هذه العائلة.

وأشادت الهيئة بكل ما قدمته عائلة أبو حميد من أجل فلسطين بشكل عام، والأسير الشهيد ناصر بشكل خاص، حيث يوافق اليوم (20 من ديسمبر/كانون الأول) الذكرى الأولى لاستشهاده في سجون الاحتلال.

وقالت الهيئة “في مثل هذا اليوم من العام الماضي، فُجعنا باستشهاد الأسير القائد ناصر أبو حميد (50 عامًا) من مخيم الأمعري، في مستشفى ‘أساف هروفيه’ جرّاء سياسة الإهمال الطبي المتعمدة (القتل البطيء) التي تتبعها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى المرضى”.

وقال نادي الأسير الفلسطيني إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل احتجاز جثامين 17 أسيرا فلسطينيا بينهم 6 أسرى استشهدوا بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، منهم عاملان من غزة.

وارتفعت حصيلة المعتقلين الفلسطينيين من الضفة الغربية في السجون الإسرائيلية إلى 4630، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وذلك عقب اعتقال 25 شخصا، اليوم الأربعاء.

وأضاف النادي أن عدد الاعتقالات في صفوف النساء للفترة نفسها تجاوز 150، إلى جانب 260 طفلا.

وكشف النادي أن 6 مواطنين استشهدوا في سجون الاحتلال منذ بدء الحرب، أما الاعتقالات في صفوف الصحفيين، فوصلت إلى 46.

وبشأن أوامر الاعتقال الإداري، قال نادي الأسير إنها تجاوزت 2200 إلى جانب عمليات الإخفاء القسري بحق معتقلي قطاع غزة.

 

المحتوى ذو الصلة