مشعل يطالب بفتح جبهات جديدة للمقاومة ضد الاحتلال في ذكرى طوفان الأقصى

[[{“value”:”

كوالالمبور – المركز الفلسطيني للإعلام

طالب خالد مشعل، رئيس حركة حماس في الخارج، إلى فتح جبهات جديدة للمقاومة ضد الاحتلال، والتحرك السياسي والقانوني على الساحة الدولية لملاحقة الكيان الصهيوني، في الذكرى الأولى لمعركة طوفان الأقصى.

جاء ذلك في كلمة مشعل في الملتقى السابع لمنتدى كوالالمبور للفكر والحضارة بمناسبة الذكرى الأولى لمعركة طوفان الأقصى، الاثنين.

وقال مشعل: رسالتي إلى الأمة، اليوم، نحن بحاجة إلى أن تقوم الأمة بواجبها عبر خطوتين: أولا فتح جبهات جديدة للمقاومة: هذا واجب شرعي وجهادي على كل الأمة، ليس فقط في فلسطين، بل في كل مكان تشتعل فيه المعركة من أجل الحرية والكرامة.

كما دعا إلى التحرك السياسي والقانوني على الساحة الدولية: يجب علينا فتح جبهات سياسية وقانونية، لملاحقة هذا الكيان الصهيوني على المستوى الدولي، وكشف صورته الحقيقية ككيان مجرم ومنبوذ.

وبيّن أن الهدف هو أن يظهر للعالم أجمع أنه لا مكان له، ليس فقط في فلسطين، بل في المجتمع الدولي.

وأشار مشعل إلى أن هذا الطوفان المبارك الذي انطلق في السابع من أكتوبر ليُعنون لمرحلة جديدة في تاريخ الصراع، كذلك نبارك لأهل غزة أحباب شعبنا الكريم، هذه غزة العزة التي اختصها الله بهذه المعركة العظيمة، وحق لها ذلك.

وقال: هذا رباط عسقلان الذي بشر به الرسول صلى الله عليه وسلم، جزاهم الله خيرًا هذا الشعب الكريم، وقوى المقاومة، وكتائب القسام، وسرايا القدس، وجميع الكتائب المظفرة التي سطرت ملحمة عظيمة وما زالت تسطرها.

وشدد على أنه لن يخفف من وقع هزيمة السابع من أكتوبر ما فعله اليوم هذا الكيان المهزوم المهزوز حين هاجم غزة هجومًا شاملاً في نفس توقيت الطوفان، ردًا للاعتبار ومحاولةً للضغط على هزيمته، وعلى ارتباكه وفشله على أرض غزة عبر عام كامل، وسيظل الطوفان نقطة سوداء في تاريخ هذا الكيان، ومبشرة ومنذرة بزواله عما قريب بإذن الله.

وأشار إلى أن قوى المقاومة، وعلى رأسها حركة حماس، قدمت في هذه الملحمة خيرة رجالها وقادتها الكبار، وعلى رأسهم الأخ الحبيب القائد إسماعيل هنية، والأخ الحبيب الشيخ صالح العاروري القائد ونائب رئيس الحركة. الحركة قدمت رئيسها ونائبه، مما يدل على انخراطها الكامل في هذا الطوفان.

وبيّن أن هذه التضحية هي دليل على استعداد الحركة وقيادتها للتضحية بأغلى ما تملك في سبيل الله ومن أجل تحرير الوطن وتطهير القدس والأقصى، كذلك قدمت قافلة كبيرة من الشهداء من كل أبناء شعبنا، رجالاً ونساءً وصغاراً وكباراً ومن كل الفصائل والمستويات.

ولفت إلى أن غزة تثبت دائماً أنها تقود الركب في هذه المعركة، والضفة الغربية كذلك تشتعل خلال عام الطوفان رغم قسوة الاحتلال والاستيطان، ورغم العوائق التي تواجهها من القريب والبعيد، المقاومة والاستشهاد مستمران، وآخر نموذج كان الشهداء الأبطال الذين رحلوا مؤخرًا.

وأكد أن القدس تظل العنوان الأبرز الذي تنتجه غزة وتدعو الأمة للانتصار له، فالقدس والأقصى هما الملهم والمحرك، ليس فقط للعالم الإسلامي، بل للإنسانية جمعاء، فالقدس للعالمين، والأقصى رمز يعنينا جميعًا، ويجب أن يكون العنوان المحوري في قضيتنا.

وقال مشعل: أهلنا في مناطق 48 رغم الإجراءات غير المسبوقة والقاسية التي تفرض عليهم، وعمليات الملاحقة وإثارة الفتن، يظلون عند حسن الظن بهم، رأينا ذلك في عملية بئر السبع التي نفذها البطل أحمد السعيد، حيث استطاع مواجهة جنود العدو ببسالة.

وشدد على أن هذه الملاحم تؤكد على صمود شعبنا داخل الوطن وفي الشتات، وخاصة في المخيمات، في لبنان، قدمت قافلة طويلة من الشهداء، من قادة لبنان ومن أهل فلسطين المقيمين على أرضها الطيبة.

ووجه التحية لكل من ناصر غزة بالسلاح، وخاصة في لبنان، وإيران، واليمن، والعراق، وقال: ضحى هؤلاء من أجلنا، وقدموا قافلة طويلة من الشهداء، وعلى رأسهم السيد حسن نصر الله، هذا هو عهدنا بالمقاومة التي رفعت شعار فلسطين والقدس والأقصى، وشكلت محورًا يقف في وجه الاحتلال على أرض فلسطين، ويرفض الاحتلال والعدوان.

كما وجه التحية والشكر للأمة التي لم تبخل خلال هذا الطوفان بملايينها الهادرة في الميادين والساحات، واعتصاماتها حول السفارات، وإسنادها المالي والإغاثي، كان جهادها بالمال وصوتها الإعلامي واضحًا، بالإضافة إلى إبداعاتها في مجال السوشيال ميديا، والحراك الطلابي شرقًا وغربًا، ودور العلماء.

كم شكر كذلك للإنسانية التي عبرت عن أصالتها، حيث رأيناها في الجامعات، وفي الحراك الطلابي الشجاع، رأينا الملايين في عواصم الغرب تقول “لا للعدوان” وتعبر عن انحيازها للحق الفلسطيني ورفضها للكيان الصهيوني الغاصب، لقد تغير المزاج العالمي فشكرًا لهم.

وأكد مشعل أن طوفان الأقصى” يمثل مرحلة جديدة ونقلة كبيرة في الصراع، يجب أن نراه على هذا النحو، فمكاسب الطوفان ونتائجه لها تأثير استراتيجي عميق في مسار الصراع، إذا لم نتعامل مع الطوفان بهذه الطريقة، سنبخسه حقه ونحرم أنفسنا من الاستفادة من آفاقه.

وقال: هذا الطوفان حقق في عام واحد ما تعجز عنه سنوات، كما عبر عن ذلك في جبهات المقاومة، وما زالت الأمة تنتظر الثمرات المباركة للروح الجهادية التي سرت بين شبابها، تنتظر هذه الروح أن تتحول إلى جهاد هادر ينهي الجريمة الصهيونية، وينتصر لغزة والأقصى.

وأضاف مشعل: الطوفان عجل بالنصر والتحرير وطرد الاحتلال، لقد أعاد الكيان الصهيوني إلى نقطة الصفر، وأصبح يعيش حرب وجود، حيث اهتزت ثقته بنفسه وتدمرت نفسيته، حتى الشارع الصهيوني فقد الثقة بنفسه، كما أظهرت آخر استطلاعات الرأي.

وأشار إلى أن هيئة البث الإسرائيلية تتحدث عن رغبة الكثيرين (من المستوطنين) في الرحيل من فلسطين، وعن قلقهم من العيش في مناطق مثل غلاف غزة أو شمال فلسطين. كذلك، تشير إلى أن الصهاينة يرون أن الهزيمة لم تلحق بحماس، بل بنتنياهو وإسرائيل، المقاومة انتصرت، وهذه قناعة حتى لدى الصهاينة أنفسهم.

وقال: اليوم، الكيان الصهيوني يكاد يفقد الرؤية والبوصلة، وكذلك ثقته في قدرته على البقاء لفترة أطول، الطوفان حطم هذه الثقة، ودمر صورة الكيان أمام العالم، الصورة التي أنفق عليها مليارات من الدولارات، الطوفان كشف الوجه الحقيقي القبيح للكيان الصهيوني.

ورأى أن حبل الدعم الدولي للكيان الصهيوني يتقطع رويدًا رويدًا، حتى ينتهي، الإنسانية استعادت بعض أخلاقها وقيمها، وانحازت للحق، الآن يبقى على الأنظمة أن تستمع لشعوبها وتقر بالحق الفلسطيني، وتحترم إرادة الأمة والمنطقة، وتقطع علاقتها مع هذا الكيان.

وأكد مشعل أن الطوفان حقق كل هذا، وأثبت أن خيار المقاومة هو الخيار المربح والقادر على تحقيق المشروع الوطني للأمة.

ونبه إلى أن الطوفان لم يكن نقطة بدء، بل كان ردًا طبيعيًا على تسارع مخططات الاحتلال في الاستيطان، والحصار، والعدوان على الأقصى.

وأشار إلى أن الطوفان جاء نتيجة لتصاعد جرائم التنكيل بالأسرى، وزيادة التضييق على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، قبل الطوفان، كان الأقصى على وشك الهدم، والتهويد يطوق القدس، ومخططات تهجير أهل الضفة إلى الأردن تتسارع لخلق أزمة جديدة في المنطقة.

وذكر أن الطوفان كان ردًا على هذه السياسات، وكان تعبيرًا طبيعيًا للشعوب الحرة التي لا تقبل العيش تحت الاحتلال ولا تخضع لموازين القوى غير المتكافئة، الطوفان صدم الصهاينة وأبهر العالم بإبداعه، وأرسل رسالة قوية بأن القضية الفلسطينية لا تموت.

وقال: هذا العالم لا يحترم إلا الأقوياء ولا يسمع إلا لقعقعة السلاح، خاصة عندما يقف خلفه أبطال مؤمنون بقضيتهم، الطوفان يعكس تطور المقاومة الفلسطينية خلال مئة عام من النضال، من ثورات القرن العشرين المبكرة إلى الثورة المعاصرة والانتفاضات.

وأشار إلى أنه منذ الحروب التي فرضت على غزة في 2008 و2009 وحتى “سيف القدس”، كان الطوفان نقلة طبيعية في مسار المقاومة، يعكس هذا التطور والإبداع إرادة قيادات المقاومة التي لا حدود لها، والتي تسعى لتحقيق آمال الشعب الفلسطيني والمشروع الوطني.

وشدد على أن المقاومة في غزة تمثل نقطة بالغة الأهمية، فهي نموذج حي وعظيم على القدرة في بناء القوة في أصعب الظروف، بل وحتى التفوق في معركة العقول عسكريًا وأمنيًا، هذا يعزز الثقة في قدرة المقاومة على هزيمة الاحتلال وتحقيق انتصارات متراكمة على طريق التحرير.

وقال: خلال عام كامل، فشل العدو في تحقيق أهدافه ضد المقاومة في غزة، لذلك، حاول تصدير أزمته بالعدوان على لبنان والمنطقة على أمل استعادة صورة الردع التي تحطمت في غزة منذ السابع من أكتوبر، ومع ذلك، لم يستطع العدو استعادة هذه الصورة على الرغم من محاولاته.

وشدد على أن الهجمات والجرائم في لبنان، بما في ذلك هدم المساجد في الجنوب، لم تستطع إعادة الردع، المقاومة، في كل جبهاتها، من غزة إلى الضفة ولبنان، وأيضًا الدعم من إيران، كلها ساهمت في تدمير هذا الزهو الذي حاول العدو إبرازه عبر نتنياهو وقيادة الجيش.

وقال: النموذج الذي صنعته غزة هو رسالة واضحة للأمة: لا عذر لأحد بعد اليوم. من رأى ما حققته غزة يدرك أن القدرة موجودة لدى الجميع، لكن يتطلب الأمر الإيمان والإرادة والعمل الجاد والمثابرة الطويلة، الله تعالى يعلم أن قدراتنا كبيرة، ويتطلب منا العمل المضني لتحقيق أهدافنا.

وأضاف: بالرغم من الخسائر الكبيرة التي تحملها الشعب الفلسطيني خلال هذا الطوفان، بما في ذلك دماء الأطفال والنساء، والتشريد والتدمير، فإن هذه الخسائر تكتيكية وليست استراتيجية. نعم، هي مؤلمة، ولكنها في سبيل الله ومن أجل الوطن والمستقبل والمقدسات.

وأكد أن خسائر العدو، على الجانب الآخر، هي خسائر استراتيجية، العدو اليوم يفقد الثقة في نفسه، وينكشف أمام العالم وأمام غزة، مما يعجل بنهايته المحتومة، الخسائر الكبيرة التي تحملتها المقاومة هي مشابهة لما دفعته الشعوب عبر التاريخ، في سبيل حريتها وكرامتها.

وأشار إلى أن المقاومة تضحي بأشياء غالية ومؤلمة، لكن وراء هذه التضحيات أفق عظيم من التحرير والنصر، والأثمان الباهظة التي دفعتها الشعوب، سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة، عبر التاريخ، تعد جزءاً من مسيرة التحرير، ما من شعب إلا ودفع الغالي على طريق الحرية، وفي النهاية انتصرت الشعوب، وقوى الاحتلال انهزمت واندحرت.

وكشف الطوفان – وفق مشعل- خلال هذا العام الوجه الحقيقي الإجرامي للعدو، وظهر أنه لا يحترم أي قوانين أو أعراف أو قيم، لكن الطوفان أيضًا فضح طبيعة المشروع الصهيوني، الذي يتسم بالتوسع والهيمنة. هذا التوسع ليس وليد اللحظة أو ردة فعل على المقاومة؛ بل هو جزء أصيل من المشروع الصهيوني منذ نشأته.

ونبه إلى أن العدو يسعى لضرب كل من يقف في طريقه، سواء كان في الشرق أو الغرب، ويريد أن يبقى الجميع خاضعين له، لا يقتصر هذا التصرف على قوى المقاومة والدول التي تساندها، كما رأينا مؤخرًا، بل يتعدى ذلك إلى الدول التي لا تحاربه، بل حتى التي سالمته، انظروا إلى مصر، حيث يتآمر العدو عليها عبر محاولاته لتقليص قيمة قناة السويس بالبحث عن بدائل، والسعي لتجويعها عبر قضية نهر النيل.

وأشار مشعل إلى أن الأردن، مهدد بتهجير أهل الضفة الغربية إليه، في خطوة تهدف إلى إنهاء المملكة الأردنية الهاشمية، هذه المؤامرات لا تقتصر على فلسطين فقط، بل تمتد لتعتدي على الأمن القومي العربي والإسلامي في كل مكان. إذاً، المعركة ليست اختيارية، بل هي مصيرية مفروضة علينا جميعاً.

وتوجه مشعل إلى الزعماء والقادة، بقوله: هذه معركة لا يمكن الهروب منها، من يتحضر للمعركة ينتصر، ومن يتخاذل أو يتقاعس، ستفرض عليه المعركة وسيهزم، ويفقد استقلاله، إما أن نكون أحراراً في هذه المنطقة، ندافع عن أرضنا ووجودنا واستقلالنا، أو نسمح للصهاينة بالهيمنة علينا، وحاشا لله أن نفعل ذلك.

وقال مشعل: رسالة الطوفان، التي رأيناها في الفترة الأخيرة، تدعونا للصبر والتوحد، عندما تتوحد جبهات المقاومة وتقاتل العدو بصوت واحد وبوحدة متماسكة، ننتصر عليه، هذه الرسالة بالغة الأهمية؛ فعلى الرغم من أن العدو يمتلك أدوات الدمار وطائراته تستطيع قصف أي مكان، إلا أن توحدنا يجعل انتصاره علينا مستحيلاً، العدو، رغم قدراته، لا يستطيع أن ينتصر على جبهة موحدة وقوية.

وأضاف القائد الفلسطيني: نقول باسم هذا الحضور الكريم لغزة العزة: لقد فعلتم المستحيل. قدمتم أسطورة فخر بها الجميع، بصمودكم وصلابتكم وتضحياتكم، الأمة والعالم أجمع يقتدي بكم، وإن شاء الله النصر قادم، لا تيأسوا، فهذا وعد الله، قد يتأخر النصر قليلاً، لكننا واثقون أننا منصورون بإذن الله.

وفي مستهل كلمته، قال مشعلك مشعل: وباسمكم وبهذا الحضور الكريم، نترحم على الشهداء وعلى أرواحهم الزكية، هؤلاء الذين ضحوا من أجل قضية عظيمة في سبيل الله، دافعوا عن شرف الأمة وأوطانها، وعن درتها فلسطين وعن القدس والأقصى.

وأضاف: ندعو الله تعالى بالشفاء للجرحى، ونسأل الله أن يفك الأسرى الذين يُنكَّل بهم في سجون الاحتلال، ونسأل الله المأوى والأمن والاستقرار للنازحين والمشردين بفعل المجازر وجرائم الاحتلال في غزة العزة ولبنان الصمود.

وسأل الله أن يتقبل جهاد المجاهدين، وأن يحفظهم، وأن يجعلهم ذخراً لنا حتى ننتصر بهم وينتصروا بنا، هو الذي أيَّدك بنصره وبالمؤمنين، نلتقي اليوم في ذكرى مرور عام كامل بكل عنفوانه وآماله وآفاقه، وبكل آلامه وتحدياته.

وشكر مشعل الحضور الكريم في منتدى كوالالمبور في مؤتمره السابع، وخاصةً للقائمين على المنتدى ورئيسه الدكتور المقري، والدكتور عبد الرزاق، وقال: حسنًا فعلتم حين عنوّنتم هذا المؤتمر بعنوان “الطوفان”، الذي يعد عنوانًا لاستنهاض الأمة الحضاري، وهو كذلك، ولم تبالغوا في وصفه، بل إن آثاره ستمتد إلى سنوات بعيدة نشهد فيها رحيل الاحتلال بإذن الله تعالى.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة