لندن / PNN – نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً شارك فيه هيلين كوبر وإريك شميدت وجوليان إي بارنز وآدم راسغون قالوا فيه إن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة أضعفت “حماس”، لكنها لن تستطيع أبداً هزيمة الحركة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن إسرائيل أنجزت ما تستطيع إنجازه من أهداف عسكرية في غزة، وحذروا من أن استمرار القصف يزيد من مخاطر سقوط مزيد من الضحايا المدنيين بدون أي إمكانية لإضعاف الحركة أكثر.
وقال مسؤولون في الأمن القومي الأمريكي إن هناك استحالة لأن تهزم إسرائيل حماس، في وقت تحاول فيه إدارة بايدن إعادة مسار محادثات وقف إطلاق النار والتوصل لصفقة إطلاق المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس.
ترى الصحيفة: أن حماس تضرّرت بطريقة أخبر فيها مسؤولو الحركة الوسطاء في المفاوضات أنهم مستعدون للتخلي عن إدارة غزة لطرف آخر، حالة تم الاتفاق على الصفقة
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن الحملة الإسرائيلية أضرت بحركة حماس، وأكثر مما توقع الأمريكيون منذ بداية الحرب في تشرين الأول/أكتوبر. وقالوا إن القوات الإسرائيلية تتحرك الآن بحرية في غزة، وباتت حماس محطمة ومتضررة. ودمرت إسرائيل أو سيطرت على خطوط الإمداد الرئيسية من مصر، وتقول إنه استشهد وأسر حوالي 14,000 من مقاومي حماس، حسب قول الجيش الإسرائيلي، الشهر الماضي. ولكن المخابرات الأمريكية تستخدم طرقاً أكثر محافظة لتقدير عدد شهداء حماس، مع أن الرقم الحقيقي سري. وتقول إسرائيل إنها اغتالت قيادات عسكرية بارزة في حماس بمن فيها قائد الجناح العسكري للحركة، محمد الضيف ومروان عيسى. لكن إسرائيل لم تحقق واحداً من أهم أهداف الحرب الرئيسية، وهو إطلاق سراح 115 محتجزاً إسرائيلياً لدى حماس. ولا يمكن تحقيقه بالطرق العسكرية، حسب مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين حاليين وسابقين.
ونقلت الصحيفة عن الجنرال جوزيف أل فوتيل، قائد القيادة المركزية السابق، قوله إن إسرائيل، وعلى مدى الـ 10 أشهر الماضية، “كانت قادرة على تعطيل حماس وقتل عدد من قادتها وتخفيف تهديدها لإسرائيل، الذي كان موجوداً قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر”، مضيفاً أن حماس هي منظمة ضعيفة الآن، لكن الأسرى لا يتم تحريرهم بالقوة العسكرية ولكن بالمفاوضات. وفي حديث هاتفي مع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، نداف شوشاني، قال إن “الجيش الإسرائيلي وقيادته ملتزمون بتحقيق أهداف الحرب وتفكيك حماس وإعادة المحتجزين، وسيواصلون العمل بتصميم لتحقيق هذا”.
وتأتي التقديرات الأخيرة في وقت انتشر فيه المسؤولون الأمريكيون بالمنطقة لتحقيق صفقة وقف إطلاق النار ومنع حرب واسعة وهجوم انتقامي إيراني لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل على أراضيها وانتقام آخر من حزب الله لمقتل أحد قادتها العسكريين.
وأشارت إلى سفر مدير سي آي إيه، ويليام بيرنز، إلى الدوحة، وبريت ماكغيرك، مستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط، الذي زار القاهرة وسافر إلى الدوحة، وعاموس هوكشتاين المستشار البارز للبيت الأبيض، الذي زار لبنان. وكلهم يحملون رسالة واحدة وهي أن إسرائيل لا تستطيع تحقيق المزيد من حملتها العسكرية. وتحدث وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، يوم الثلاثاء، مع وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت وناقشا التحضيرات لصد هجوم إيراني ومن حزب الله.
وزاد التوتر بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وغالانت الذي شكك في أهداف “النصر الكامل على حماس، في لقاء مغلق.
ويشترك أوستن وغيره من المسؤولين الأمريكيين مع غالانت في الرأي، وأن صفقة وقف إطلاق النار هي الكفيلة بتحرير المحتجزين الإسرائيليين.
ويقول المحللون الأمريكيون إن عمليات الجيش الإسرائيلي، حيث يتحرك الجيش الإسرائيلي لضرب مقاومي حماس بعد حصوله على معلومات عن إعادة تجميع أنفسهم.
لكن المسؤولين الأمريكيين لا يعتقدون أن هذا سيؤدي إلى نتائج حاسمة. ذلك أن حماس طلبت من مقاتليها الانسحاب إلى شبكة أنفاقها الواسعة تجنباً للاستهداف.
ويرى المسؤولون الأمريكيون أن إستراتيجية حماس للبقاء لم تتغير. ورفض ياكوف ميردور، الذي عمل مستشاراً للأمن القومي لنتنياهو، فكرة أن إسرائيل لن تستطيع تحقيق أي شيء بالقوة، وقال إن “إنجازات إسرائيل في غزة مبهرة ولكنها أقل مما كان يجب تحقيقه”.
وقال الجنرال السابق والزميل في معهد الأمن القومي الأمريكي: “لو سحبت إسرائيل قواتها الآن فستعود حماس بعد عام قوية مرة أخرى”. وأكد أن توقف الحرب الآن سيكون “كارثة” على إسرائيل.
وقال إن هناك حاجة لثلاثة أشهر من الحرب المكثفة في جنوب ووسط غزة. وبعد ذلك تنتقل إسرائيل إلى عمليات ومداهمات بناء على معلومات استخباراتية، ولعام آخر، وقتل ما تبقى من مقاومي حماس، وتدمير بناها التحتية، وقبل السماح لأي طرف بإدارة غزة.
ويقول المسؤولون الأمريكيون إن إسرائيل حاولت تدمير الأنفاق، ولكنها فشلت. ولكن بعض شبكات الأنفاق الكبرى التي استخدمتها حماس كمراكز قيادة وتحكّم لم تعد عاملة. وتبيّن شبكة الأنفاق بشكل عام أنها أكبر مما توقعت إسرائيل. ولا تزال وسيلة فعالة لـ حماس ومقاوميها كملجأ ومراكز للتنقل.
وفي وقت سيطرت على مناطق، وقتلت مقاومي حماس، عادت إليها، كما فعلت ذلك أكثر من مرة. وعادت إلى مخيم جباليا في شمال غزة أكثر من مرة. واشتكى المسؤولون الحاليون والسابقون في البنتاغون من عدم قدرة القوات الإسرائيلية على تأمين المناطق التي سيطرت عليها، وخاصة بعد سحب جنودها. وتستخدم إسرائيل قنابل زنة الواحدة منها 250 رطلاً في مناطق صغيرة تقتل مدنيين، كما فعلوا يوم السبت بمدرسة التابعين بحي الدرج بمدينة غزة.
وتقول دانا سترول، المسوؤلة السابقة عن الشرق الأوسط في البنتاغون، إن “حماس هي منظمة إرهابية، وبالنسبة لهم النجاة هو انتصار”، و”سيواصلون إعادة تشكيل أنفسهم، والخروج، بعدما يقول الجيش الإسرائيلي إنه خرج من المناطق بدون خطة لما بعد الأمن والحكم في غزة”.
الصحيفة:ترى انه حتى توافق “حماس” على صفقة للإفراج عن المحتجزين هي بحاجة لمحفزات، وأكبر محفز هو طريق يقود إلى دولة فلسطينية مستقلة
ورغم كل الدمار الذي أمطر على القطاع والمقاتلين الذين قتلوا، لا تزال حماس محتفظة ببعض القوة العسكرية. ويقول رالف غوف، المسؤول السابق في “سي آي إيه”، والذي عمل في الشرق الأوسط: “تم إضعاف حماس بشكل كبير لكنها لم تسحق، وربما لم يستطع الأمريكيون تحقيق إبادة كاملة لحماس”. ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن إسرائيل حققت نصراً ذا معنى، فلم تعد “حماس” قادرة على التخطيط، وتنفيذ هجمات مثل 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وقد تضررت حماس بطريقة أخبر فيها مسؤولو حماس الوسطاء في مفاوضات وقف إطلاق النار إنهم مستعدون للتخلي عن إدارة غزة لطرف آخر، حالة تم الاتفاق على الصفقة.
ويعتمد تنازل حماس عن السلطة على ما سيحدث بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار، والتنازلات التي ستقدمها إسرائيل.
وتلقّت حماس ضربة عسكرية، في أيار/مايو، عندما توغلت القوات الإسرائيلية في رفح، جنوبي غزة، رغم الاعتراضات الأمريكية والتحذيرات من كارثة إنسانية. ولكن إسرائيل استخدمت غزوها لرفح من أجل قطع خطوط الإمداد لـ حماس من مصر.
وزادت إسرائيل من عزلة القطاع بسيطرتها على محور فيلادلفيا. ويقول المسؤولون الأمريكيون إن سيطرة إسرائيل على المحور زاد من عزلة القطاع إلى جانب العزلة التي يعاني منها.
وفي الوقت الذي حررت فيه إسرائيل بعض الأسرى إلا أنها لم تحرر الجميع، وترى إدارة بايدن أن الطريقة الوحيدة للإفراج عنهم هي الدبلوماسية. وحتى توافق حماس على صفقة للإفراج عنهم فهي بحاجة لمحفزات، كما يقول المسؤولون الأمريكيون. وأكبر محفز بالنسبة لهم هو طريق يقود إلى دولة فلسطينية مستقلة. ولو تم التوصل إلى اتفاقية وقف إطلاق النار وتحرير الأسرى، فستجد حماس صعوبة في استعادة قوتها، ويجب أن تعيد تسليح نفسها في وقت تراجعت فيه خطوط الإمدادات من إيران، وستبدأ عملية إعادة تجنيد المقاومين في غزة التي دمرتها الحرب. والمجهول غير المعروف بالنسبة لإسرائيل والفلسطينيين هو من سيأتي بعد حماس.