[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
بين مصلين ونيام هكذا كان حال الآلاف من النازحين في مدرسة التابعين في مدينة غزة عندما استهدفت طائرات الاحتلال بقنابل أميركية تزن 6 أطنان المصلى والطابق الذي يعلوه والمخصص لإيواء النساء والأطفال.
في جولة سريعة بين الركام، وساحة مصلى غارقة بالدماء والأشلاء المتناثرة والركام المدمر، يعتمل الغضب، وصرخات موجوعة من الناجين المفجوعين بفقد أحبتهم فجر السبت في واحدة من أكثر المجازر الإسرائيلية بشاعة في الآونة الأخيرة، وتنفضح أكذوبة الاحتلال عن استهداف قاعدة عسكرية، فهي كذبة قبيحة ومتكررة، كما يقول الناجون الغاضبون.
أين القاعدة العسكرية؟
أين القاعدة العسكرية؟ يسـأل محمد الكحلوت، قبل أن يضيف: أنا موجود بالمدرسة منذ عدة أسابيع، لم أشاهد مسلحين أو أي مظاهر مسلحة، دائما أصلي بالمصلى وكل من هناك مدنيون، استشهد قريبي وهو البروفيسور يوسف الكحلوت، ومثله عدد كبير من المدنيين.
وأشار إلى أن القصف استهدف الجزء العلوي من المصلى وهو مخصص لإيواء النساء حاليا وجميع من كان به استشهدن، وفق شهادته التي نقلها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
حصيلة مؤلمة
واستشهد فجر السبت أكثر من 100 فلسطيني وجُرح العشرات في مجزرة مروّعة ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي باستهداف مدرسة التابعين في حي الدرج وسط مدينة غزة.
وقال الدفاع المدني الفلسطيني، إن قوات الاحتلال استهدفت المدرسة بـ 3 صواريخ، ما أدى لاستشهاد 90% من النازحين داخل المصلى والمبنى المستهدف، أغلبهم من النساء والأطفال.
واستهدف القصف الإسرائيلي على نحو مباشر نازحين أثناء أدائهم لصلاة الفجر في مصلى المدرسة، وكذلك الجزء العلوي من المصلى المخصص لإيواء النساء والأطفال.
وذكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن المعلومات الأولية تشير إلى أن جيش الاحتلال أطلق خلال هذه الاستهداف ثلاثة قنابل أميركية مجنحة ذات قدرة هائلة على التدمير والحرق وإذابة الأجساد، فقتل أكثر من 100 فلسطيني بينهم العديد من العائلات التي قتلت، بمن فيها من نساء وأطفال، إلى جانب شخصيات أكاديمية بارزة، مثل البروفيسور “يوسف الكحلوت” أستاذ اللغة العربية في جامعات غزة.
وأشار إلى أن القنابل تسببت بتحول أجساد الضحايا إلى أشلاء وأجزاء مقطعة ومحترقة، وكذلك الحال بالنسبة لعدد كبير من الإصابات الحرجة، وذلك نظرًا للقوة التدميرية الهائلة لهذه القنابل. وبحسب الدفاع المدني الفلسطيني في غزة، فإن بعض القنابل المستخدمة ضد المدرسة المكتظة بالنازحين بلغ وزنها حوالي 2000 رطلًا.
استهداف 12 مدرسة في 10 أيام
ويستهدف الاحتلال مراكز الإيواء وأغلبها مقام في مدارس بشكل ممنهج خاصة في مدينة غزة ما يؤشر إلى نية الاحتلال تهجير السكان وترحيلهم إلى جنوب وادي غزة، وفق متابعين.
ومنذ بداية الشهر الجاري قصفت قوات الاحتلال 12 مدرسة وارتكبت مجازر فيها راح ضحيتها 178 شهيدا ومئات الجرحى.
الحصاد المر
ووفق معطيات جهات متطابقة أبرزها المكتب الإعلامي الحكومي، استهدف جيس الاحتلال منذ بدء حرب الإبادة الجماعية في 7 أكتوبر الماضي، 183 مركزاً للإيواء مأهولاً بعشرات آلاف النازحين، ومن بينها 162 مدرسة مأهولة بالنازحين، منها مدارس حكومية ومدارس لوكالة الأونروا، وقد تجاوز الشهداء الذين ارتقوا داخل المدارس أكثر من 1190 شهيداً، حيث يواصل الاحتلال الإبادة الجماعية للشهر العاشر تواليا.
وفي كل مرة ترتكب قوات الاحتلال مجزرة، تسارع إلى نشر ادعاءات كاذبة متعددة لتبرير مجزرتها، رغم تأكيد منظمات حقوقية دولية وفلسطينية على أنه لا مبرر لهذه المجازر.
جيش بلا أخلاق، قاتل الأطفال، جيش المغتصبين. فجيش الاحتلال لا يترك مجزرة دون تبرير، في الوقت الذي تقوده وتسيطر عليه الصهيونية الدينية التي تعلن بشكل واضح أنها تريد قتل الأطفال وتريد تجويع الناس وطردهم.
لا مظاهر عسكرية
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أكد أن تحقيقاته الأولية أظهرت خلو موقع مجزرة مدرسة التابعين من أي مظاهر عسكرية، مشيرًا إلى أن المدرسة ليست سوى مكان متهالك اتخذته مئات العائلات ملجأ لها.
وتبين وفق -الأورمتوسطي في بيان له تلقى المركز الفلسطيني للإعلام نسخة منه- أن المدرسة ما هي إلا مكان اتخذته مئات العائلات الفلسطينية ملجأ لها بعد أن نزحت قسرا من أماكن سكنها، وبعضها مُسح بالكامل من السجل المدني بفعل المجزرة.
وأظهرت جميع الأدلة والشهادات أن المدرسة خالية من أي تجمعات أو مراكز عسكرية، وكانت تؤوي المئات من الأطفال، إذ لم يكن ممكنًا أن تُعرّض العائلات أطفالها للخطر لو كان الموقع يستخدم لأغراض عسكرية، وفق تأكيد الأورومتوسطي.
تبريرات الاحتلال المتكررة عن استهداف أفراد من حركة حماس أو مقاتلين ما هي إلا مجرد ادعاءات لا قيمة لها، حسب بيان آخر للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومركز الميزان ومؤسسة الحق، مشددة على أنه لا يوجد مبرر بأي شكل من الأشكال لاستخدام هذه القوة غير المتناسبة وغير الضرورية التي أدت إلى استشهاد عدد كبير من المدنيين والمدنيات داخل مدرسة تأوي نازحين.
قنابل ذكية دليل الإدانة
وفندت ادعاء الاحتلال أنه يستخدم قنابل ذكية في هجماته العسكرية، مشددة على أنه ادعاء كاذب ويعبر عن استهتار الاحتلال بالعالم بأسره، حيث يمضي في القتل الجماعي ويسوق تبريرات لا صحة لها وتتناقض مع الحقائق.
وقالت: نحن أمام جريمة من الطراز الأول تؤكد نهج الاحتلال في تعمد ارتكاب الإبادة الجماعية، بقرار من المستوى السياسي، مشيرة إلى تصريح وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، علناً بأن “قتل مليوني فلسطيني بقطاع غزة جوعاً قد يكون عادلا وأخلاقيا لإعادة الأسرى الإسرائيليين من القطاع”.
مبررات واهية
وبحسب خبراء ومتابعين، فإن الاحتلال يركز على استهداف المدارس ومراكز الايواء بشكل متعمد منذ بداية الحرب، حيث إن أحد أبرز الأهداف الصهيونية من العدوان هو الوحشية والامعان في القتل والتدمير، وكذلك إبقاء حالة الخوف والذعر بين المدنيين والجبهة الداخلية.
مبررات الاحتلال الواهية والكاذبة منذ بداية الحرب وحتى اليوم، لم تعد تنطلي على أحد ابتداء من استهداف مستشفى الشفاء، فجميعها تكشفت الواحدة تلو الأخرى على وقع مذبحة مفتوحة أدت إلى قرابة 40 ألف شهيد منهم أكثر 16 ألف طفل، و11 ألف امرأة و885 من الطواقم الطبية خلال 10 أشهر من الإبادة.
تورط أميركي
ويشير خبراء إلى تورط الولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية في مجازر الاحتلال من خلال تزويدها للاحتلال بالسلاح والمال والغطاء الدبلوماسي يجعلها شريكة في جرائم الحرب الصهيونية والتلطخ بدماء الأطفال الفلسطينيين.
وجاءت هذه المجزرة بعد حوالي يوم من تقديم الولايات المتحدة 3.5 مليار دولار لإسرائيل لإنفاقها على أسلحة وعتاد عسكري أميركي، وهي جزء من مشروع قانون التمويل التكميلي لإسرائيل بقيمة 14.1 مليار دولار والذي أقره الكونغرس في أبريل/نيسان الماضي.
وتؤكد المؤسسات الحقوقية أن الدول التي تزود إسرائيل بالأسلحة والذخائر، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، التي توفر الغطاء السياسي والقانوني والمالي لدولة الاحتلال وهي المزود الأكبر للسلاح والذخائر لإسرائيل، جميعها شريكة بكل المعايير في جريمة الإبادة الجماعية والجرائم الأخرى المرتكبة في قطاع غزة.
وفي الوقت الذي يحاول فيه الاحتلال تبرير جرائمه ووحشيته فإنه ما يزال يمارس سياسة التجويع ومنع المساعدات الغذائية والطبيبة، ويدمر محطات المياه، ويقطع الكهرباء، ويقتل كل مقومات الحياة في غزة.
“}]]