[[{“value”:”
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام
شهد المسجد الأقصى المبارك هذا اليوم واحداً من أسوأ الاقتحامات الصهيونية في تاريخه، إذ كان هذا الاقتحام الأكبر من حيث العدد ليومٍ واحد مع وصول عدد المقتحمين إلى ما يقارب 3,000 مقتحم.
ورعت فيه شرطة الاحتلال تكثيف الحضور اليهودي الصهيوني في الأقصى بزيادة حجم فوج المقتحمين إلى 200 مقتحم والسماح بدخول ثلاثة أفواجٍ متزامنة وهذا ما يجعل المقتحمين في اللحظة الوحيدة يزيد عددهم عن 600، وهو أكثر من عدد حراس المسجد الأقصى وسدنته وموظفي الأوقاف الإسلامية الموجودين فيه، خصوصاً مع التضييق على المصلين وحصار المسجد وسياسات الإبعاد وملاحقة المرابطين والتنكيل بهم.
وقالت مؤسسة القدس الدولية في بيان صادرٍ عنها وصل المركز الفلسطيني للإعلام، إنّ وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير تعمّد اقتحام المسجد الأقصى للمرة السادسة منذ توليه منصبه، والثالثة من بعد انطلاق معركة طوفان الأقصى، ليشرف بنفسه على فرض الطقوس التوراتية في الأقصى، ويجدد تأكيد ذلك علناً، بينما كان المقتحمون يؤدون طقوس الانبطاح “السجود الملحمي” بالعشرات على ثرى المسجد الأقصى المبارك، ويرددون فيه شعارات “شعب إسرائيل حي” والنشيد القومي الصهيوني ويرددون الصلوات التوراتية ويرفعون الأعلام الصهيونية، أما على مستوى التقسيم المكاني فقد شهد هذا الاقتحام اليوم تطوراً خطيراً باستباحة الساحة الغربية للأقصى مقابل قبة الصخرة إلى جانب ساحته الشرقية التي يجري الاستفراد بها والتعامل معها وكأنها “كنيس غير معلن” منذ عام 2019.
الأقصى بوابة الحسم
وأكدت المؤسسة على أنّ تجدد العدوان على الأقصى وتصاعده في الشهر الحادي عشر لمعركة طوفان الأقصى يجدد التأكيد على مكانة الأقصى باعتباره مركز تفجر الصراع، فالكيان الصهيوني ومنذ إطلاق محاولته لحسم الصراع وتصفية قضية فلسطين في 2017 ينظر إلى المسجد الأقصى باعتباره بوابة هذا الحسم، ويسعى إلى الإحلال الديني فيه بتحويله من مسجد إلى هيكل.
كما لفتت إلى أنّ الحرب شهدت بشهورها الأحد عشر زيادة في تمسك الصهيونية الدينية واليمين الصهيوني عموماً بمحاولة حسم مصير المسجد الأقصى وطمس هويته، وهو ما يتسق مع استراتيجية الكيان عموماً في هذه الحرب بمحاولة تحويلها إلى حرب إبادة شاملة، والتمسك بمحاولة الحسم والدفع نحو فرضها خلال الحرب وهو ما فشل فيه الاحتلال حتى الآن، وقد بات العدوان على الأقصى يمثل مؤشر الحياة والبقاء بالنسبة إلى اليمين الصهيوني، بترديده شعار “شعب إسرائيل حي” في عدوانه على الأقصى وفي مسيرات الأعلام، في تعبير عن عقدة استحالة باتت القدس تشكلها في وعيهم، فما داموا يعتدون عليها فهم أحياء.
وأوضحت أنّ المقاومة كانت سباقة في قطاع غزة سباقة إلى الالتحام في معركة الأقصى في 2021 وفي معركة الاعتكاف في 2023 ثم في طوفان الأقصى 2023 تساندها قوى المقاومة الأبية في أمتنا جمعاء، وجماهير الأمة وشعوبها، فقد كانت رغم الجرح والألم المبادرة لتجديد معركة الأقصى اليوم بقصفها لتل أبيب من وسط القوات الصهيونية ورغم أنفها، لتؤكد أن معركة الأقصى متجددة ورابحة، وأن حسم المحتل لها مستحيل، وأن الأقصى لن يكون هيكلاً، وأن القدس العربية لن تكون أورشليم العبرية.
مطالبات بانخراط الجميع في المعركة
وشددت على أن هذا النموذج المتجدد الذي تقدمه المقاومة في غزة يفرض على كل قوى الشعب الفلسطيني في القدس والضفة والداخل المحتل عام 1948 وعلى الأمة العربية والإسلامية أن تنخرط في هذه المعركة وأن تلتحق بها وتوسع جبهتها، فيكون الأقصى بذلك عنوان استنهاض القوى وشحذ الهمم وحشد القوى، فيتبدد الوهم الصهيوني في الحسم.
كما أكدت على أنّ الدفاع عن الأقصى والقدس وخوض معركة تحريرهما هو عنوان العدالة المطلقة والحق الأسمى الذي يوحد أمتنا بمختلف مذاهبها وطوائفها وتياراتها وقواها، وهو العنوان الذي يجمعها مع كل أنصار الحق والعدل في هذا العالم، ولا بد اليوم من اتخاذ هذه المعركة عنواناً لمد جسور الوحدة والتعالي على الجراح ورأب الصدوع التي نشأت في جسم أمتنا على مدى العقود الماضية.
وحذرت مؤسسة القدس من أنّ الوضع القائم في الأقصى أصبح مستباحاً وعرضة للتغييرات المتتالية، فعوضاً عن أن يبقى مقدساً إسلامياً خالصاً تحت إدارة إسلامية كما كان قبل الرابع من حزيران عام 1967 بحسب ما يمليه القانون الدولي، باتت الأوقاف الإسلامية تدير “الحضور الإسلامي” فقط فيه بينما بات تحت تصرف شرطة الاحتلال وإملاءات وزيرها المتطرف بن جفير، ورئيس وزراء الاحتلال الكذاب بنيامين نتنياهو يتكامل معه في الأدوار ويمنح النظام الرسمي العربي إبر تخدير بعد كل عدوان بأن كيان الاحتلال ما زال “يحترم الوضع القائم”.
وختمت بيانها بالقول: أمام هذا التغول على مصير الأقصى، والتغيير المتتالي في الوضع القائم فيه فإن الأردن مطالب بموقف رسمي جاد باعتباره الدولة المسؤولة عن رعاية الأقصى في القانون الدولي، وله تتبع الأوقاف الإسلامية في القدس، وإن الاستمرار في اتفاقيات السلام والتطبيع واستيراد الغاز وتصدير الخضروات والجسر البري تتناقض تماماً مع مسؤولية الأردن التاريخية عن الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وتشكل ضوءاً أخضر للاحتلال للمضي قدماً في سياساته التصفوية فيها، وهي مسؤولية تشاركه إياها كل الدول العربية والإسلامية المطالبة بموقف فوري بإنهاء كل الاتفاقيات وأشكال التطبيع، ودعم المقاومة بكل أشكالها وإسنادها باعتبارها الخيار الوحيد المجدي في وجه الاحتلال.
سجود ملحمي وتوسيع مساحة الطقوس التوراتية
من جانبه حذر الباحث المختص في شؤون القدس زياد ابحيص بتصريحات وصلت المركز الفلسطيني للإعلام، من مشاهد عشرات المقتحمين الذين أدوا طقس الانبطاح “السجود الملحمي” على ثرى الأقصى تحت رعاية شرطة الاحتلال، مؤكدًا أنّه ولأول مرة يجري “السجود الملحمي” الجماعي مقابل قبة الصخرة من الجهة الغربية في توسيع لمساحة فرض الطقوس التوراتية.
وأوضح أنّ شرطة الاحتلال رفعت حجم الفوج الواحد من المقتحمين إلى 200 مقتحماً، ومع سماحها بوجود 3 مجموعات متزامنة فإن عدد المقتحمين داخل الأقصى زاد عن 600 مقتحم في اللحظة الواحدة، أي أنهم أكثر من عدد حراس الأقصى والسدنة والموظفين والمرابطين الذين تمكنوا من الوصول للأقصى صباحاً، وهي سياسة تكرسها قوات الاحتلال منذ شهر 5-2023.
كما أشار الباحث بشوؤن القدس إلى أن وزير الأمن القومي الصهيوني إيتمار بن جفير ظهر في مقطع فيديو يغني مع مرافقيه في المسجد الأقصى: “شعب إسرائيل حي”.
وشدد على أن التركيز المتكرر على هذا الشعار أثناء الاقتحامات يوضح المعنى الذي بات اقتحام الأقصى يحمله في عقل الصهيونية الدينية بعد هبّات وحروب تصدت لمحاولتهم لتبديل هويته وحسم مصيره؛ فقد بات العدوان على #الأقصى محطة لاستجماع المعنويات واستعادة الثقة بقدرة المشروع الصهيوني ومستقبله، فما دمنا نعتدي على الأقصى فنحن أحياء!
الأقصى لن يكون هيكلا
وقال ابحيص: اليوم وإذ يجدد الصهاينة محاولة المضي قدماً في حسم مصير المسجد الأقصى رغم الطوفان، وإذ يسعون إلى مغالبة عقدة الثقة التي فرضتها عليهم المواجهات المتتالية من بوابة الأقصى، وإذ تقف المـقـاومة من موقعها لهم بكل ما تستطيع في غزة، فإن التحدي الأول أمامنا كفلسطينيين وعرب ومسلمين هو أن يستجمع المسجد الأقصى قدراً أكبر من القوة العابرة للحدود داخل فلسطين وخارجها لتتخذ منه رمزاً لمعركة وجودية مع الكيان الصهيوني، فمختلف مكونات المعادلة التي استجابت لتحدي الإحلال الديني في الأقصى كانت من داخل فلسطين المحتلة في غالبيتها المطلقة حتى الآن: من العمليات ذات الدافع الفردي إلى الاندفاع الشعبي العفوي في هباتٍ متتالية وانخراط فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948 ثم التحام المقاومة من قطاع غزة في مواسم العدوان على المسجد الأقصى.
وختم حديثه بالقول: اليوم إذ يعود المسجد الأقصى عنواناً لمعركة الحسم على أرض فلسطين، فإن التحدي الأهم هو كيف تُستجمع عناصر القوة من حول الأقصى كمقدس لتنهي أوهام الحسم الصهيونية، ولتؤكد ما بدأت المـقـاومة تكريسه بأن الأقصى لن يكون هيكلاً، وبأن القدس لن تكون أورشليم، وأن هناك الحسم ممكن في اتجاه واحد هو أن تعود هذه الأرض إلى أهلها وأصحابها وهويتها الأصيلة، وأن المسجد الأقصى والقدس تستطيع أن تكون عنواناً لإعادة تثوير فلسطين بأسرها، ولتجسير الهوة المذهبية وتجاوز ما بُني من جدران الدم، واستعادة وحدة قوى الأمة رغم الجراح في مواجهة الصهيونية وقوى الاستعمار الغربي التي تقف من خلفها.
“}]]