المركز الفلسطيني للإعلام
أكد الكاتب الباحث الفلسطيني ماجد أبو ديّاك أن العدو الصهيوني يروج أنه يسعى لرسم مستقبل قطاع غزة ما بعد حماس، ولكن كل المجريات تشير إلى أنه سيفشل في المهمة هذه، وستظل حماس والمقاومة شوكة في حلقه.
وقال أبو دياك في حوار خاص مع “المركز الفلسطيني للإعلام” إن الاحتلال سيتراجع سريعا عن هدفه المعلن ويضطر لاحقا لوقف النار وإبرام اتفاق وقف النار وتبييض سجونه من الأسرى الفلسطينيين بصفقة يسترد فيها جنوده.
وأوضح الباحث الفلسطيني أن مجريات المعركة، وتصريحات قادة جيش الاحتلال تؤكد أنه يواجه ضربات مؤلمة وصعبة من المقاومة. مشددا على أن إنهاء حماس هدف بعيد المنال، بل حتى المساس بقدراتها وتحصيناتها غير قابل للتحقيق.
وفيما يلي نص الحوار:
بعد مضي 26 يوما على معركة طوفان الأقصى، إلى أين تمضي الأمور؟
أرى أن عملية طوفان الأقصى، كانت بطولية وفذة تخطيطا وتنفيذا في توجيه ضربة كبيرة وغير مسبوقة للعدو الصهيوني، ليس على مستوى الخسائر العددية فقط، بل أيضا على مستوى الأضرار التي لحقت به عسكريا وسياسيا.
والأهم أنها ضربت نظرية الأمن والردع لديه، وكسرت مقولة الجيش الذي لا يقهر، كما وألحقت ضررا كبيرا باستقراره، وخلخلت دوره كنقطة ارتكاز للمشروع الاستعماري وشرطي في المنطقة، وكحليف استراتيجي للولايات المتحدة.
وأكد هجمات 7 أكتوبر المجيدة أن الشعب الفلسطيني عصي على الاقتلاع، فضلا عن تسليطها الضوء على مطالبه العادلة بالتحرر من الاحتلال.
وأحبطت كذلك مساعي العدو لجذب اليهود المهاجرين، وعززت من حالات الهجرة المعاكسة منه، لافتقاده الأمان، وفرملت محاولات دمج الكيان بالمنطقة عبر التطبيع.
وبعد أن استوعب الكيان الصدمة، يحاول استجماع قوته، متسلحا بالتحالف مع الولايات المتحدة، ويركز عمله على شن قصف وحشي على المدنيين، بهدف حرمان المقاومة من حاضنتها الشعبية، ليبدأ بعد ذلك هجمات برية مركزة، أعلن أنها تستهدف اقتلاع حماس، وتحرير أسراه من أيدي المقاومة.
هل حققت “إسرائيل” أهدافها من العدوان؟
خلال يومين من الهجمات البرية، اعترف العدو بتكبد خسائر فادحة، وأعلن عن مقتل 15 جنديا خلال يوم واحد فقط، فيما لا يزال يعد قتلاه، ويتكتم على أعدادهم، ولا يشير لأعداد الجرحى، فيما تمكنت المقاومة من نصب كمائن محكمة لقواته وتدمير العديد من آلياته الشديدة التصفيح.
وتشير مجريات المعركة، وتصريحات قادة جيش الاحتلال إلى أنه يواجه “مهمة صعبة ومؤلمة”، كما قال بنيامين نتنياهو والناطق باسم جيشه، رغم أن قواته لا زالت في أطراف غزة متجاوزة أراض زراعية فارغة فقط، دون أن تتمكن من الدخول إلى المدن المأهولة، والتي تعرضت للتدمير في جزء كبير منها.
ولذلك، فهي بعيدة جدا عن إنهاء حماس، بل حتى المساس بقدراتها وتحصيناتها، ولم تنجح في تحرير أي أسير، وتخسر كل يوم في معركة الرواية أمام مبادرات حماس لإطلاق المدنيين وتأكيد المعاملة الإنسانية لهم، بما يدحض روايات الكيان الصهيوني، واعتمدها الأمريكان، وبعض الدول الغربية.
ما هي ملامح الأيام القادمة للعدوان؟
سيحاول جيش الاحتلال توسيع الحرب البرية، ولكن ذلك سيكون مرهونا بمدى النجاحات أو الإخفاقات في الميدان، وأظن أن العملية ستكون بطيئة، لأنه تكبد خسائر فادحة حتى الآن.
ومن ناحية ثانية، سيستمر بالاستهداف المركز للمدنيين، الأمر الذي سيزيد من حفيظة المجتمع الدولي، ويؤثر على مستوى الدعم الأميركي المطلق له.
لماذا لا يفتح معبر رفح حتى الآن؟
للأسف؛ أن الكيان يتحكم في المعبر رغم أنه فلسطيني- مصري بحت، كما يتحكم الاحتلال في إدخال المساعدات وخروج الجرحى للعلاج.
ولكن مع تزايد المأساة الإنسانية، ستمارس واشنطن ضغوطها لتوسيع حجم المساعدات والسماح بخروج المزيد من الجرحى للعلاج.
والأهم هو الدور العربي والإسلامي الشعبي لممارسة الضغوط لفتح المعبر بلا قيد أو شرط، كما أن الحكومة المصرية مطالبة بفتح المعبر كواجب أخوي وإنساني، وكتعبير عن السيادة على أرضها.
كيف تقيم المواقف العربية تجاه العدوان، وما المطلوب عربيا وإسلاميا؟
لا شك أن المواقف العربية في مجملها خذلت الشعب الفلسطيني، وفضلا عن ضعف الإدانات، ومحاولات المساواة بين الضحية والجلاد، فإن القمة العربية لم تنعقد للآن.
وصحيح أن الموقفين المصري والأردني يرفضان تهجير الفلسطينيين، وهما موقفان مقدران ومحترمان، ولكن المجموع العربي مطالب بمواقف تتجاوز التضامن إلى المساهمة الفاعلة بفك الحصار عن غزة، والضغط لوقف الهجمات البربرية الصهيونية، ومطلوب من دول التطبيع أن تلغي اتفاقياتها وتنحاز لشعوبها.
أما المواقف الإسلامية، فقد تميز الموقف الإيراني بسقفه المرتفع، فيما عدلت تركيا من موقفها ورفعت مستواه باعتبار حركة حماس حركة مقاومة، ولكن المطلوب هو موقف فاعل ضاغط عبر تشكيل موقف إسلامي تشارك فيه تركيا وإيران وماليزيا وباكستان يضغط باتجاه وقف العدوان، وكسر الحصار على غزة وإدخال المعونات الغذائية والطبية والوقود
ماذا يمكن أن يقدم الأردن من ضغط سياسي رسمي وشعبي لإيقاف العدوان؟
قام الأردن باستدعاء سفيره من “تل أبيب”، ومنع سفير الاحتلال من العودة إلى عمان إلى حين وقف العدوان الصهيوني على غزة، وهو موقف مقدر ومطلوب، ويتجاوب إلى حد ما مع المطالب الشعبية، ولكن ما تطلبه الجماهير هو إلغاء اتفاقية وادي عربة التي وقعت عام 1994 مع الكيان.
ويبدو أن الأردن يدرك جيدا أن العدو إن نجح في غزة، فسينتقل إلى الضفة الغربية لتنفيذ مخطط التهجير والوطن البديل، الذي سيكون بلا شك على حساب الكينونة الأردنية.
ومن المهم أن تتناسب ردود فعل الحكومة الأردنية مع طبيعة الأخطار المحدقة بها.
وشعبيا، عبر الشعب الأردني الأصيل عن مواقفه الداعمة، وتظاهر أمام سفارتي الاحتلال وأميركا، واتجه للحدود، ومن المتوقع أن يتطور ويتصاعد هذا الدور الداعم مع تزايد العدوان.
ما أثر المواقف الغربية والرسمية الداعمة والمشاركة حقيقة في العدوان؟
للأسف، بدا الأمر وكأن الغرب في مجمله يدخل في حرب مكشوفة ضد المسلمين، ذلك أنه تبنى الرواية الصهيونية المزيفة بالكامل، وعبر عن دعمه المطلق للاحتلال، ولممارساته التي تتناقض مع الإنسانية وتستفزها جمعاء، ومع قانون حقوق الإنسان، وتشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يعاقب عليها القانون الدولي.
الموقف الأميركي مفهوم لأنه يدافع عن حليفه وعن مصالحه التي يرى أنها ستتضرر في حال هزيمة كيان الاحتلال، ولكن الدول الغربية كبريطانيا وفرنسا وألمانيا، والتي بدت أنها ذيل لأميركا، عليها أن تعيد النظر في مواقفها، وتنظر لمصالحها الحقيقية مع هذه الأمة، وليس مع كيان لقيط بدأ يلفظ أنفاسه، ويتراجع مشروعه الاستيطاني التوسعي.
كيف يمكن الاستفادة من الخطوات السياسة الشجاعة التي قامت بها بعض دول أمريكيا اللاتينية تجاه إسرائيل؟
لا شك أن موقف بوليفيا بقطع العلاقات مع الكيان المجرم، واستدعاء كولومبيا وتشيلي لسفرائهما من “تل أبيب”، هي مواقف لن ينساها الفلسطينيون، وسيكون لها أثر إيجابي على معنوياتهم، فضلا عن إمكانية تشجيعها لدول أخرى للقيام بنفس الخطوة، الأمر الذي يوجه رسالة قوية للكيان وداعميه.
وللأسف، فقد تقدمت هذه المواقف على مواقف بعض الدول العربية، التي ينبغي أن تسارع بقطع علاقاتها مع هذا الكيان.
ما طبيعة المبادرات التي يمكن أن تقدمها حماس لإيقاف العدوان؟
حماس ليست مطالبة بأي مبادرة، وكما لديها لدى كل أطياف المقاومة موقف راسخ بالعمل على تحرير الأرض المحتلة، والذي عبر عن نفسه بهجمات 7 أكتوبر.
كما طرحت لفتة تجاه المحتجزين المدنيين الذين لم يكونوا أصلا هدفا لهجمات أكتوبر، والعدو الصهيوني لا يزال يماطل في الاستجابة لذلك، ولكنه في النهاية سيرضخ للضغط الأميركي الذي يسعى لتحرير المحتجزين من حملة جنسيته، فضلا عن مطالبة دول غربية أخرى بالإفراج عن محتجزيها.
الأمر الذي قد يسفر عن مبادلة هؤلاء بالأسرى الفلسطينيين من النساء والأطفال في سجون الاحتلال، فضلا عن السماح بإدخال المؤن والوقود في ظل وقف لإطلاق النار للسماح بإتمام الصفقة.
وهناك محتجزون من الجنسية الروسية قد تعمل حماس على إطلاقهم بدون ثمن تقديرا لموقف روسيا في مجلس الأمن الذي منع إدانة المقاومة.
وتدرك واشنطن أنه لا بد من وقف مؤقت للنار لإتمام الصفقة، وأن التأخير سيؤدي لفقدانهم في ظل القصف الصهيوني المركز.
ما توقعاتك لمستقبل القضية الفلسطينية بعد 7 أكتوبر؟
يروج العدو أنه يسعى لرسم مستقبل قطاع غزة ما بعد حماس، ولكن كل المجريات تشير إلى أنه سيفشل في المهمة هذه، وستظل حماس والمقاومة شوكة في حلقه، وسيتراجع سريعا عن هدفه المعلن ويضطر لاحقا لوقف النار وإبرام اتفاق وقف النار وتبييض سجونه من الأسرى الفلسطينيين بصفقة يسترد فيها جنوده، بالإضافة إلى مطالب ستوضع على الطاولة، أهمها وقف الاعتداءات على المسجد الأقصى، وفك الحصار عن غزة بالكامل، والتعهد بإعادة بنائها.
وقد أدخلت غزوة 7 أكتوبر القضية في مرحلة جديدة سيكون لها ما بعدها، بعد أن أظهرت حماس قوتها المتعاظمة في مواجهة أعتى آلة عسكرية، وسيضطر العدو للتعامل معها رغم أنفه، وستكون هذه أولى الخطوات نحو تحرير فلسطين، في صراع مستمر لكنس الاحتلال.