باريس/PNN- تخيّم أجواء الخوف على مسيحيي فلسطين، مع اقتراب عيد الميلاد، وسط تصاعد التوتر في المنطقة نتيجة للصراع الذي دام أحد عشر أسبوعًا بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قطاع غزة.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية، يملأ المذياع الأجواء بالصرخات والصياح، بينما تسير السيارات بسرعة على طول أسوار القدس، حيث اندلعت الحرب، وتحولت الحجارة القديمة، التي بُنيت قبل خمسة وعشرين قرنًا، إلى ظلال رمادية.
وفي قطاع غزة، “تم قصف مدرسة للتو، وبثت أصداؤها عبر إذاعة الشرق المحلية، ما أدى إلى خنق أصوات المدينة المقدسة، بصرخات الأمهات الحزينات، والأطفال المذعورين، والرجال الغاضبين يتردد صداها في كل محطة مرورية، وفقًا لوصف الصحيفة.
وأوضح التقرير أنه منذ أحداث الحرب الحالية، تحولت الحياة في الضفة الغربية إلى مزيج من عدم اليقين والشعور بالذنب، حيث يعتقد كل فلسطيني أنه قد يكون التالي في القائمة.
وفي بيت لحم، مسقط رأس السيد المسيح، أغلق متجر “أمير السلام” أبوابه، وهجر السياح الشوارع المحيطة بكنيسة المهد، بينما يجتمع المصلون في قداس الأحد، كممثلين عن الروم الأرثودكس والأرمن واللاتين، إذ يصلي كل منهم في قداسه الخاص.
ونقل التقرير عن كاهن يرتدي ملابس حمراء، قوله: “إنه أحد أتعس أعياد الميلاد”، مضيفًا “نحن مجروحون، نفكر في أطفال غزة الذين يُسحقون تحت منازلهم”.
وأشار فلسطيني ملتح، وهو يلمس عمودًا في الكنيسة، إلى أن يسوع ومريم ويوسف مروا بغزة عندما هربوا إلى مصر، قائلاً: “لقد بقوا هناك لبضعة أيام”.
وفي ظل التوتر، يتنبأ أحد البائعين في بيت لحم قائلاً: “لا يوجد سياح! بيت لحم ماتت! اليوم الحرب في غزة، وغدًا ستكون هنا”.
وفيما يتعلق بالاحتفالات بعيد الميلاد، دعا بطاركة وأساقفة الأراضي المقدسة إلى الاعتدال بين المسيحيين البالغ عددهم 182 ألف مسيحي في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، حيث لا توجد أشجار عيد ميلاد عامة، ولا احتفالات صاخبة بشكل مفرط، كإظهار للتضامن مع سكان غزة.
وأوضح التقرير أن المسيحيين الفلسطينيين، الذين يمثلون نسبة صغيرة من السكان (2%)، يشعرون أنهم أقلية عندما يغادر السياح والعمال الأجانب.
وكشف مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي عن انخفاض عدد السكان المسيحيين الفلسطينيين إلى النصف خلال عقدين من الزمن.
وفي الطيبة، آخر قرية مسيحية في الضفة الغربية، أكد الكاهن المحلي أهمية الحفاظ على براءة الشباب، داعيًا إلى الفرح وسحر عيد الميلاد وسط التوتر.
وتسلط الصحيفة الضوء على تأثير الصراع على الحياة اليومية والتحديات التي يواجهها الفلسطينيون، وقدرة المجتمع المسيحي في الأراضي المقدسة على الصمود.
وتطرَّق التقرير إلى تعقيدات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وكيف يتشابك السياق التاريخي والديني مع الصراعات المعاصرة التي يواجهها الناس الذين يعيشون في هذه المنطقة المضطربة.
ومع اقتراب موسم عيد الميلاد، يظل السؤال قائمًا: “ماذا كان سيفعل يسوع مكاننا؟” ردَّت راهبة في الطيبة بعمق قائلة: “يسوع سيدافع عن أرضه مثلنا، دون أسلحة وبحب”.