لماذا تبدو واثقاً مطمئناً !

لأنّ هذا العدوّ لم يعُد قادراً على تحديد نتيجة المعركة التي يخوضها ولا مدّتها ولا موعدها، فعليه أن يدفع ثمناً كبيراً ليُعادِل النتيجة أو يتقدم قليلاً في معركة تكتيكية أو يستعرض بقوته.

لأنّ الطليعة المناضلة أثبتت كفاءتها وقدرتها، وقرّرت الحقيقةَ الجديدةَ: أن النصر ممكن وسهل، وهو أسرع مما كنا نفترض ونحسب، وأنّ فئة صغيرة فعلت كل هذا فكيف لو شاركت فئات أكبر لها أعماقها وامتداداتها، وهذا سيغيّر معادلات كثيرة في المنطقة في زمان قياسيّ.

لأنّ هذا الشعب المكافِح العنيد الذي يتعرّض لكل هذه القسوة والوحشية والتدمير والويل المصبوب لم يرفع راية بيضاء، ولم يحنث بوعده، وظلّ صامداً بكل عزّة وافتخار.

لأنّ كل شعوبنا أدركت الآن أن لها قضيّة جامعة، وأنها مستعدّة لدفع الضريبة مبدئيّاً، ولم يبق إلا أن تجتهد قوى الأمّة لتصعيد هذا الوعي لدى شعوبها، وشحنِه المتواصل، وإعادة تركيبه صوب البوصلة المركزيّة، وإسناد الطوفان.

لأنّ هذا العدوّ تعرّض لهزيمة تاريخية قاسية لم تحصل في التاريخ الحديث، وكانت فوق قدرته على الاستيعاب، وسقطت كل دفاعاته الإلكترونية والعسكرية والأمنية في لحظات، ولن يستطيع تعويض ما بناه من ردعٍ في عقود متعاقبة.

لأنه أصبح عبئاً أمنياً وسياسياً وعسكرياً واقتصادياً وأدبيّاً… حقيقياً على منشئيه وداعميه، وبدل أن يكون إضافةً متنامية لهم فإنه أصبح خصماً حقيقياً عليهم.

لأنّ كلّ ما يجذب الناسَ إلى هذا الكيان الآن لم يعُدْ جاذباً، وأصبحت بيئته طاردة ومكلفة وقليلة الجدوى.

وأن الدعاوى “الأخلاقية” التي بررت الدواعي لإسناد هذا النظام قد سقطت كلها، ولن يكون سهلاً أبداً أن تدافع عن نظام مجنون قاتل أهوج وأحمق مثل هذا النظام.

لأن سبعين عاماً مِن زرعه في منطقة غريبةٍ عنه، ولا يوجد له مشترك معها، لم تستطع أن تقرّبه من جيرانه ومحيطه إلا بالنار والأسوار.

لأن هذا العدوّ لم يحسم أي معركة خاضها خلال السنوات العشر الماضية، ولم يستطع إنجاز أهدافه التي وضعها في كل مرّة.

ولأنّ المنطقة الآن ترتخي أوتارها المشدودة بعنف وظلم، وستنفتح على ترتيب جديد لا مكان فيه للجبناء والوكلاء والأتباع الرخيصين، وستنفتح على قوى دولية وإقليمية ومحلية جديدة تبحث عن موطئ قدم تزيح فيه نفوذ الأوغاد الكبار وعملائه المخلصين.

ونثق أنّ هذا الدم المسفوح الذي يريقه العدوّ كل ساعة ليضغط به على هذا الشعب ومناضليه ستتحوّل كثرته إلى لعنة تتسلّط عليه، ووقود لناره التي ستأكله، فإن الدم يبعث الدم.

 

المحتوى ذو الصلة