كاميرون وحيلته الخبيثة لنزع الصواريخ وورقة الأسرى من المقاومة

[[{“value”:”

رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أحاط وزراء حكومته- حسبما نقلت وسائل إعلام عبريّة – بالانتقال إلى “المرحلة الثالثة” من الحرب على غزة، ولمدة ستة أشهر؛ بهدف “السيطرة الأمنية” على القطاع (على حد قوله).

عمليًا، فالذهاب لهذه المرحلة الجديدة، يعني فشلَ “الهجوم البري”- الذي بدأ منذ شهرَين – في تحقيق السيطرة على القطاع، وانسحابًا وتراجعًا، وإعادةَ انتشار للقوات الإسرائيلية، وتسريحَ آلاف الجنود. كما يشير إلى الاكتفاء بالقصف الجوي لـ “المدنيين”، ووقف العمليات البرية، وما تجلبه من خسائر فادحة، تستنزف جيش الاحتلال جنودًا، وعتادًا.

السيطرة على الأرض
“نتنياهو”، لم يكُفّ- منذ بداية الحرب – قبل 110 أيام- عن تَكرار تصريحاته العنترية، بشكل شبه يوميّ، عن تمسّك إسرائيل بـ “السيطرة الأمنية” على القطاع، في اليوم التالي للحرب، “بعد تدمير حماس”.. مثلما جاء في بيان صادر عن مكتبه عقب المحادثة الهاتفية له (يوم الجمعة الماضي)، مع الرئيس الأميركي جو بايدن. بينما قادة وجنرالات إسرائيليون وازنون، وساسة غربيون، يُجمعون على استحالة “تدمير حماس”، وأن السيطرة الأمنيّة على القطاع، غير ممكنة في ظلّ الفشل الذي يلاحق الجيش الإسرائيلي في احتلال غزة، أو السيطرة على الأرض هناك.

خطة سلام بريطانية
على أي أساس يبني نتنياهو رؤيته، أو حلم اليقظة هذا بـ “السيطرة الأمنية” على قطاع غزة؟. يتزامن الانتقال للمرحلة الثالثة من الحرب على غزة، مع تسويق وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون خطّةَ سلام، ترتكز- حسبما صرح لقناة الجزيرة- على “هدنة إنسانية مؤقتة” لتبادل الرهائن، وتفكيك صواريخ المقاومة، وخروج حماس من “القطاع”، وتسليم شؤونه إلى إدارة فلسطينية جديدة (تتولى السيطرة الأمنية لصالح إسرائيل). معلوم، أنّ السياسة البريطانية، تابعةٌ دائمًا للمواقف الأميركية، أو مُسوقةٌ لها، ضمن لعبة توزيع الأدوار. إذ، وقبل أيام تحدث الرئيس الأميركيّ جو بايدن عن دولة فلسطينية غائمة بلا سيادة ولا جيش ولا تسليح. كما أن مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل، طرح مبادرة لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، تخلو من وقف لإطلاق النار!.. مع ملاحظة أن الدور الأوروبي غير فاعل بدرجة كافية.

مناورات سياسية خبيثة
البادي من الأطروحات الأميركية والبريطانية والأوروبية، تطابقها مع موقف نتنياهو، الرافض تمامًا لوقف إطلاق نار دائم في غزة. هذه المبادرات إذن، ما هي إلا مناورات سياسية خبيثة بغرض تجريد حماس من ورقة الأسرى، والمقاومة الفلسطينية من النصر الذي أنجزته، وأن تكسب إسرائيل الحرب، بالسياسة عوضًا عن الإخفاق العسكريّ. يلي استخلاص الأسرى الإسرائيليين من غزة، مواصلة القتل للمدنيين بالقطاع بآلة الحرب الجَهنمية الإسرائيلية، والضغط السياسي لنزع سلاح المقاومة، وإخراجها من القطاع، ومن المعادلة الفلسطينيّة ككل.

كيسنجر وحظر تصدير النفط للأميركان
هذه المبادرات المنحازة إلى إسرائيل، والهادفة لتحرير الأسرى، بعد فشل نتنياهو في تحريرهم بالقوّة، تعيد إلى الأذهان أول زيارة للقاهرة، قام بها وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر (1923- 2023)، أثناء حرب أكتوبر/ تشرين الأول عام 1973. كان الشاغل الأهم، لكيسنجر في هذه الزيارة للقاهرة (9 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1973)، هو رفع الحظر البتروليّ العربي عن الغرب، وطلب من الرئيس المصري الراحل أنور السادات (1970-1981)، التدخل في هذا الشأن، وهو ما حدث في وقت لاحق للزيارة.

كانت الدول العربية المُصدرة للبترول، قد قررت حظرًا نفطيًا على تصدير البترول للولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية الداعمة لإسرائيل، وذلك تضامنًا مع مصر وسوريا في حربهما ضد الكيان الصهيوني.. وقت أن كان هناك “موقف عربي”، وهو موقف غائب الآن.

استنساخ لخروج ياسر عرفات من بيروت
كما أنّ هذه الخطط أو المحاولات الخبيثة لخروج حماس من غزة، ونزع سلاحها، هي استنساخ لعملية خروج الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات (أبوعمار)، من بيروت، حيث كانت المقاومة الفلسطينية تتواجد رسميًا في لبنان منذ عام 1969، وتمارس نشاطها ضد إسرائيل، بموجب اتفاق رعاه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر (1956- 1970). بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر، وإسرائيل عام 1978، ومعاهدة السلام بينهما عام 1979، حزمت إسرائيل أمرها على خروج المقاومة من لبنان، فاجتاحت العاصمة بيروت وحاصرتها 88 يومًا، لينتهي الأمر بضغوط غربية، بخروج عرفات إلى تونس، ورجال المقاومة إلى سوريا. هذه الأحداث – سعْي كيسنجر لرفع الحظر النفطي، وخروج عرفات والمقاومة من لبنان – تؤكد أن الغرب دومًا يهتم بمصالحه، ورغبات الكيان الصهيوني، ولا يكترث بما عدا ذلك.

تجربة غير قابلة للتَكرار
استعادة تجربة إبعاد عرفات عن بيروت، قد لا تكون قابلة للتَكرار في غزة مع قادة “حركة حماس”. ذلك أن الحركة تسيطر سياسيًا، وعسكريًا (كتائب القسام، مع سرايا الجهاد، وغيرهما) على القطاع.. بينما في حالة عرفات، كانت المقاومة في ضيافة لبنان، فاستنساخ التجارب أيًّا كانت، يلزمه دومًا توفر نفس البيئة والظروف المحيطة بالتجربة، وهو ما لا يتوفر في حالة غزة. كما أن تمرير مثل هذه الخطط – أو الحيل لا فرق-، يستند إلى موازين القوى على الأرض، وإرادة الأطراف المتحاربة. صحيح أن ميزان القوة العسكرية يميل بشدة لصالح الاحتلال الإسرائيلي (عددًا وعتادًا، وتميزًا تكنولوجيًا).

إرادة المقاومة
إنّ “المقاومة” تمتلك إرادة شديدة الصلابة، ورجالها، تدفعهم قوة روحيّة جبّارة، حافزة للقتال، رغبة في النصر أو الاستشهاد، بما جعلها تُلحق الهزائم المؤلمة بجيش الاحتلال المصنف عالميًا في مرتبة متقدمة. وتمنع حتى الآن- على الأقل – سيطرة الكيان الصهيوني، أمنيًا على “القطاع”. حتمًا، سوف تسقط الحيل السياسية الغربية الخبيثة، على شاكلة خُطة “كاميرون”، بتجريد المقاومة من ورقة الرهائن، وسلاحها، وإخراجها من غزة.

النصر والمجد للمقاومة.. والسلام لروح الشهداء.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة