[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
مشاهد الألم والوجع في قطاع غزة لا تنتهي، علّ تلك المشاهد لم تحدث في أي عصر ولا في أي زمن، الاحتلال المجرم يرتكب الموبقات ليل نهار، ومعه ينسج الوجع في نفوس الغزيين.
المسعف الفلسطيني عزيز البرديني (28 عامًا) يفجع بوالدته الشهيدة، في مشهد لا تكاد أن تراه إلا في المسلسلات الدرامية، أو قصص الخيال، لكن حقًا هذا يحدث في قطاع غزة الذي يئن تحت نار الإبادة الجماعية منذ أكثر من عام.
والله ما عرفتك يما.. كلمات صرخ بها البرديني في مشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط قطاع غزة، بعدما فوجئ أنه يحمل جثمان والدته التي استشهدت في قصف إسرائيلي على مخيم المغازي.
المسعف المتطوع في الهلال الأحمر من مخيم المغازي، لا يزال تحت تأثير الصدمة حيال فاجعة ألمت به، بعد أن اكتشف أن السيدة التي يحملها هي والدته، الأمر الذي اكتشفه متأخرًا.
البرديني يقول إنه كان في مهمة إنقاذ وصدف أن كان على رأس عمله في نقطة تابعة لمخيم البريج، وتلقينا إشارة عن قصف في مخيم المغازي، وبسرعة فائقة توجهنا إلى المكان، وكانت سيارتي هي أول سيارة، ومجرد أن وصلنا المكان وجدت جثة لشهيدة بالإضافة إلى ثلاث إصابات بينهم طفل (12 عاماً) وكانت إصابته خطيرة جداً، ما جعلني أتعامل مع حالة الطفل كأولوية، خاصة أن السيدة كانت قد فارقت الحياة، كل هذا وأنا لا أدري أن أمي هي الشهيدة.
البرديني وصل إلى مستشفى شهداء الأقصى، وسلم الطفل للأطباء في العناية المركزة، وعاد لأخذ الجثة لأضعها في ثلاجات الموتى، وكل هذا وهو لا يعلم هويتها بعد، يقول: كنت أنتظر أن يأتي أحد للتعرف على جثة السيدة، وحينما تأخروا كشفت عن وجهها وصرت “تشبه امي وسأقيدها مجهولة الهوية، وبعد أن تأملت وجهها جيدًا وصرخت وانهرت من البكاء حتى تيقنت نفسي أنها أمي.
يبكي بحرقة شديدة، “لم أصدق أنها أمي خرجت من مكان الثلاجات، وعدت لها مرة أخرى فعلًا هي أمي، تمنيت أن يأتي أحد ويقول أنها أمي، لآخر لحظة تمنيت أن لا تكون أمي، والحقيقة المرة هي أمي”.
ويتابع “ملأت المستشفى صراخاً وأنا أقول والله ما عرفتك يما بأعلى صوتي وسط استغراب الأطباء الذين تساءلوا “كيف لم تتعرف عليها وهي أمك؟، ليرد “أمي تعيش في مخيم المغازي والاستهداف كان للمخيم لذلك لم يخطر ببالي أن تكون الشهيدة أمي التي جهزت لي صباحاً كأس الشاي قبل أن أذهب للعمل”.
تقول مصادر محلية إن السيدة برديني (64 عاماً) قضت بسبب إصابتها بشظية أصابت العين فتسببت في نزيف داخلي في الدماغ وعليه فارقت الحياة، وذلك حين استهدفت الطائرات الإسرائيلية سيارة مدنية في مخيم المغازي ما أدى لاستشهاد ثلاثة مواطنين وجرح العشرات.
حالة البرديني ليست الأولى من نوعها، فالآلاف من سكان قطاع غزة يلاقون نفس المصير، ولا يعرفون مصير أبنائهم، في حين تقول تقارير حقوقية إن 10 آلاف فلسطيني مفقودون ويجهل مصيرهم حتى اللحظة.
الطبيب خالد أبو العراج كان مداومًا في مستشفى شهداء الأقصى لحظة الحدث، يقول لمراسلنا: كان حادثًا مأساويًّا، والمسعف البرديني تعرض لحالة صدمة مؤلمة، أدت لإنهياره مرات عدة.
وأضاف أبو العراج أن جميع من تواجد في المستشفى بكى على ما رأوه، مشددًا أن الشعب الفلسطيني يعيش أقسى فاجعة في العصر الحديث، حيث أكد مقررون أمميون أن الأوضاع في غزة هي الأشد قسوة منذ الحرب العالمية الثانية.
ومنذ عام تشن إسرائيل حرب إبادة مدمرة طالت الحجر والشجر والبشر، وقتلت آلاف الأطفال والنساء والشيوخ، وارتكبت أبشع المجازر زارعة الألم والأسى في كل ربوع قطاع غزة، ما حول القطاع إلى بؤرة تزرع فيها إسرائيل أصناف الموت ليل نهار.
“}]]