[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
طفل برأس مقطوع، رفعه مسعف فلسطيني بين يديه في مشهد مروع ومتكرر خلال انتشاله مع ثمانية من أفراد عائلة أبو ندى التي مسحها القصف الإسرائيلي على وسط قطاع غزة من السجل المدني.
وقصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مساء الثلاثاء منزل عائلة أبو ندى في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، لتستشهد الأسرة كاملة المكونة من 8 أفراد هم الزوجان وأطفالهم، بينهم الرضيع الذي قطع رأسه.
ظاهرة متكررة
ولم يكن هذا الحدث الوحيد لقتل الأطفال الفلسطينيين الرضع وقطع رؤوس عدد منهم، فقد تحول ذلك إلى ظاهرة متكررة، بعدما وضعت إسرائيل الأطفال في بنك الأهداف المستباح في حرب الإبادة المستمرة للشهر الحادي عشر تواليًا.
ووثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان استشهاد 2100 طفل رضيع فلسطيني ممن تقل أعمارهم عن عامين، ضمن نحو 17 ألف طفل قتلهم الاحتلال في قطاع غزة منذ بداية جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي.
مفزع وغير مسبوق
مفزع وغير مسبوق في التاريخ الحديث للحروب، عدد الأطفال الفلسطينيين، سواء الأطفال الرُضع أو الأطفال عمومًا، الذين قتلهم جيش الاحتلال، وفق الأورومتوسطي الذي أشار في بيان له إلى أن ذلك يعبر عن نمط خطير وقائم على نزع الإنسانية عن الفلسطينيين في قطاع غزة باستهدافهم وأطفالهم على نحو متعمد ومنهجي وواسع النطاق دون توقف منذ عشرة أشهر، وبأكثر الطرق وحشية وأشدها فظاعة.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن العديد من الأطفال كانت تقطعت رؤوسهم وأعضاء أجسادهم بفعل القصف الإسرائيلي شديد التدمير على تجمعات المدنيين، وبخاصة المنازل والمباني والأحياء السكنية ومراكز الإيواء وخيام النازحين قسرًا، بما يشكل انتهاكًا صارخًا لقواعد التمييز والتناسب والضرورة العسكرية واتخاذ الاحتياطات اللازمة.
الرضيعان “آسر” و”آيسل
وأمس الثلاثاء، استشهد الطفلان الرضيعان “آسر” و”آيسل محمد أبو القمصان”، وهما توأم لم يتجاوز عمرهما الأربعة أيام، مع والدتهما “جمان” وجدتهما في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية في دير البلح وسط قطاع غزة.
ولم يتمالك والد الطفلين نفسه ودخل في حالة صدمة وهو الذي خرج لاستخراج شهادة ميلاد لطفليه حديثي الولادة، وعاد إلى الشقة ليجدها مدمرة وجميع أفراد أسرته، بالإضافة إلى الجدة، شهداء باستهداف إسرائيلي مباشر على المنزل.
وحسب وزارة الصحة في غزة، فقد ارتفع عدد الأطفال الرضع الذين استشهدوا في حرب الإبادة الجماعية المستمرة على القطاع منذ 311 يومًا إلى 115 طفلًا، وذلك بعد ارتقاء التوأم الرضيعين إيسل وأيسر أبو القمصان.
قتل عن سبق إصرار
ووفق الأورومتوسطي؛ فإن جيش الاحتلال يمتلك تكنولوجيا متطورة، وهو يعلم في كل مرة يستهدف فيها منزلًا أو مركز إيواء من داخله من المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء، ومع ذلك يقصفها بصواريخ وقنابل ذات قدرة تدميرية كبيرة، متعمدًا بذلك إحداث أكبر قدر ممكن من الخسائر في أرواح المدنيين وإحداث الإصابات الشديدة.
ودلل على ذلك بالنمط المتكرر والمنهجي وواسع النطاق للاستهداف الإسرائيلي للمدنيين في قطاع غزة، والأسلحة شديدة التدمير والعشوائية، وبخاصة ضد المناطق ذات الكثافة السكانية المدنية المكتظة.
قطع رأس الجميل أحمد
الطفل أحمد النجار، لم يتجاوز عمره العام ونصف العام، كان جميل الشكل، لكن الاحتلال قتله مع عدد من أفراد أسرته وقطع رأسه في حربه الوحشية الدامية.
والد الطفل، عبد الحافظ النجار (42 عامًا) يقول إن طفله أحمد قطع رأسه واستشهد مع ثلاثة من أشقائه ووالدتهم وعدد كبير من الضحايا في مجزرة إسرائيلية استهدفت نازحين في الخيام في منطقة “البركسات” غرب رفح جنوبي القطاع في 26 مايو/أيار الماضي.
وأضاف: “طفلي أحمد كان شكله جميلًا جدًا، عمره عام ونصف، قُطع رأسه في القصف الإسرائيلي، كان رأسه مفصولًا عن جسده، عندما شاهدته شعرت بالقهر، لقد دفن بدون رأسه.”
الرضيعان وسام ونعيم
وذكر الأورومتوسطي أن طفلين رضيعين آخرين؛ “وسام” و”نعيم أبو عنزة”، وعمرهما ستة أشهر، قتلا كذلك مع والدهما و11 من أفراد العائلة في غارة نفذها الطيران الإسرائيلي على حي “السلام” في رفح جنوب قطاع غزة في 3 مارس/آذار.
“رانيا أبو عنزة”، والدة الطفلين، تقول: إنها أنجبت الرضيعين بعد عشر سنوات خاضت خلالها محاولات تلقيح عدة وزراعة داخل الرحم، لتحقق حلمها في أن تصبح أمًا، قائلة: “زرعوا لي 3 أجنة، بقي منهم اثنان، وها هما ذهبا. بعد عشرة أيام من مقتلهما، كانا سيتمان الستة أشهر. قصفوا الدار، زوجي وأولادي والعائلة قتلت في المجزرة.”
شظية تصل إلى الجنين وتقتله
الفلسطينية “شيماء الغول”، كانت حاملًا في الشهر التاسع عندما تعرض منزلها في مدينة رفح جنوب قطاع غزة للقصف في 12 فبراير/شباط الماضي، ما أدى إلى استشهاد زوجها وابنيها “محمد” و”جنان”، وأصيبت هي بشظية في بطنها وصلت إلى الجنين.
وقالت “الغول”: إن زوجها “عبد الله أبو جزر” كان أعد لها “التمر والحلوى وشنطة الميلاد فرحًا بمولوده المُنتظر قبل أن يستشهد مع طفليه.”
وذكرت أنها وضعت طفلًا أسمته “عبد الله”، تيمنًا باسم والده، لكنه عاش يومًا واحدًا، إذ توفي متأثرًا بإصابته بالشظية، لتفقد أطفالها الثلاثة مع زوجها.
واستشهد العشرات من أطفال الأجنة أيضا في المستشفيات نتيجة انقطاع الأكسجين والكهرباء وغياب الرعاية واستهداف المستشفيات على مدار الأشهر العشر الماضية.
ويعتقد خبراء، أن استمرار قصف الاحتلال الأطفال الفلسطينيين وقتلهم وقطع رؤوسهم يأتي ضمن سياسة ممنهجة ونتيجة للتحريض والأكاذيب التي روجتها آلية الدعاية الصهيونية في بداية حرب الإبادة والتي زعمت فيها قطع رؤوس أطفال إسرائيليين وهو ما ثبت لاحقا كذبه تماما.
عواقب خطيرة
وقال الأورومتوسطي: إن إسرائيل مستمرة بقتل الآلاف من الرجال والنساء الفلسطينيين في قطاع غزة، معظمهم في سنواتهم الإنجابية، ومنهم كذلك النساء الحوامل، وآلاف من الأطفال، بمن في ذلك الأطفال الرضع.
ويرى أن عمليات القتل المنهجية وواسعة النطاق التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين، الذين بلغت نسبتهم 92% على الأقل من مجموع عدد الشهداء لجريمة الإبادة الجماعية، والبالغ نحو 50 ألف فلسطيني وفلسطينية، سيكون لها تداعياتها السلبية على معدلات النمو السكاني والقدرة الإنجابية لدى الفلسطينيين في قطاع غزة، ولأجيال قادمة.
ورأى أن ذلك سيترك عواقب خطيرة على الفلسطينيين كمجموعة قومية وعرقية لعدة أجيال، وذلك وفقًا للمعنى الوارد بخصوص أفعال الإبادة الجماعية بموجب المادة (2) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
ووفق المرصد الأورومتوسطي؛ فإن حالات وفاة تسجل يوميًّا في صفوف الأطفال الرضع كنتيجة مباشرة للجرائم التي تأتي ضمن أفعال جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في القطاع، وبخاصة التجويع والتعطيش ومنع وعرقلة إدخال المساعدات الأساسية، كالحليب، والحرمان من الرعاية الصحية، وأغلب هؤلاء لا يسجلوا ضمن أعداد الضحايا المعلن عنها من وزارة الصحة الفلسطينية، لعدم وجود آلية محدد لاعتماد هذا النوع من الضحايا.
وأضاف أن الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة وفي ظل جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ عشرة أشهر، باتوا لا يتمتعون بأي نوع من أنواع الحماية التي يقررها القانون الدولي، وقد حرموا من حقوقهم الأساسية. حيث أصبحوا أهدافًا رئيسة ومباشرة ومتعمّدة للجيش الإسرائيلي، بما في ذلك القتل العمد والإعدامات المباشرة.
وأمام كل هذه الجرائم الوحشية التي تتم أمام نظر العالم، يبقى التساؤل إلى متى يستمر الصمت ومتى يبدأ التحرك لوقف جريمة الإبادة الجماعية ووقف تحويل قطاع غزة إلى مقبرة هي الأكبر للأطفال في التاريخ الحديث حول العالم؟.
“}]]