في يوم المياه العالمي الرئيس: كيف للعالم أن يرفع شعار المياه من أجل السلام وأطفال غزة يشربون مياه البحر والمياه الملوثة

 ​   

 رام الله/PNN-قال رئيس دولة فلسطين محمود عباس إن الاحتلال الإسرائيلي يسرق مقدراتنا ومواردنا المائية منذ عقود، ويحرم أبناء الشعب الفلسطيني من حقهم في المياه، حيث يأتي يوم المياه العالمي هذا العام في وقت يتعرض فيه شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة وبشكل لم يشهده العالم من قبل، لأبشع جرائم الاحتلال اللا إنسانية، والتي راح ضحيتها آلاف الأبرياء بين شهداء وجرحى غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وحول غالبية شعبنا في غزة إلى نازحين في خيام، بعد أن دمرت آلة الحرب الاسرائيلية بشكل كامل الأحياء والمباني والمساكن وحتى مراكز الإيواء والمستشفيات فهناك أكثر من 1.3 مليون نازح في رفح اليوم مهددون، ولا يعرفون إلى أين النزوح التالي، هذا أن بقوا أحياء غدا، وهم يعيشون في ظروف إنسانية أصعب من أن توصف.

وشدد سيادته في كلمة لمناسبة يوم المياه العالمي على أن حكومة الاحتلال لم تكتف بذلك بل قررت وصرحت جهارا منذ اليوم الأول لهذا العدوان الوحشي بوقف جميع الخدمات الأساسية، وعلى رأسها المياه، ومنع المساعدات الإنسانية عن أهالي غزة.

 

وفيما يلي نص كلمة الرئيس…

في اليوم الذي يرفع به العالم شعار المياه من أجل السلام، أطفال غزة يموتون عطشا.

يأتي يوم المياه العالمي هذا العام في وقت يتعرض فيه شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة وبشكل لم يشهده العالم من قبل، لأبشع جرائم الاحتلال اللا إنسانية، والتي راح ضحيتها آلاف الأبرياء بين شهداء وجرحى غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وحول غالبية شعبنا في غزة إلى نازحين في خيام، بعد أن دمرت آلة الحرب الاسرائيلية بشكل كامل الأحياء والمباني والمساكن وحتى مراكز الإيواء والمستشفيات فهناك أكثر من 1.3 مليون نازح في رفح اليوم مهددون، ولا يعرفون إلى أين النزوح التالي، هذا أن بقوا أحياءا غدا ، وهم يعيشون في ظروف إنسانية أصعب من أن توصف. ولم تكتف حكومة الاحتلال بذلك بل قررت وصرحت جهارا منذ اليوم الأول لهذا العدوان الوحشي بوقف جميع الخدمات الأساسية، وعلى رأسها المياه، ومنع المساعدات الإنسانية عن أهالي غزة وكل ذلك على مرأى ومسمع من العالم الحر الذي ينادي بحقوق الإنسان والشرعية الدولية. إن العدوان الإسرائيلي وما خلفه من تدمير متعمد القطاع المياه والصرف الصحي، حرم قطاع غزة من أهم مقومات الحياه وفاقم الأزمة المائية حيث لا تتجاوز حصة الفرد في اليوم 3 لتر (علما أن الحد الأدنى الموصى به حسب منظمة الصحة العالمية هو 120 لتر / فرد اليوم و15 لتر في اليوم للبقاء على الحياة)، وذلك بعد أن باتت كميات المياه المتوفرة لا تتجاوز 10-20% مما كانت عليه قبل العدوان نتيجة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والمرافق المائية، وذلك حسب كميات الوقود المتوفرة. مما جعل المواطنين يصطفون لساعات طويلة للحصول على القليل من المياه، تحت وطأة القصف الإسرائيلي الذي يستهدفهم بلا رحمة، والاحتلال بذلك يتعمد التعطيش، ونشر الأمراض والأوبئة، وخصوصا مع تعطل أنظمة الصرف الصحي وفيضان المياه العادمة. وهو يعي تماما ومنذ اليوم الأول للعدوان ان قطع هذه الخدمات سيكون أداة لكسر صمود أبناء شعبنا وتنفيذ مخططاته في جعل غزة غير قابلة للحياة بهدف افراغها من أهلها.

ومنذ أحداث غزة يتزايد يوميا التصعيد الاسرائيلي والذي طال جميع المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، حيث تزايدت اعداد الشهداء والجرحى والأسرى بشكل غير مسبوق، وتزايد تطاول المستعمرين الإرهابيين، وفي كل اقتحام وكعقاب جماعي يتعمد الاحتلال استهداف البنية التحتية للمياه والصرف الصحي وتخريب ما نقوم باصلاحه، بهدف تدمير مقومات الحياة الأساسية.

وأصبح استمرار هذا العدوان والحصار الغاشم يفاقم وبشكل خطير من الوضع الإنساني في قطاع غزة والضفة الغربية، على نحو مروع، وبما يمكن وصفه فعليا بحرب إبادة وتطهير عرقي للشعب الفلسطيني. وان قضية المياه مع الاحتلال تمتد لعقود طويلة، فهو ما زال ينهب مواردنا المائية ويعيق جهود تطوير قطاع المياه والصرف الصحي لتحقيق هدفه الاستراتيجي في السيطرة على المياه لضمان استدامة دولتهم، على حساب حقوقنا المائية التاريخية ولتنفيذ مخططاته الاستيطانية غير الشرعية، وإلحاق أضرار جسيمة بالإقتصاد الفلسطيني وخصوصا قطاع الزراعة، إدراكا منه أن المياه قضية أساس الضمان الحياة والتنمية للفلسطينيين واحدى أسس تحقيق الأمن القومي الفلسطيني والسيادة على الأرض، وهو ما جعل الملف المائي واحد من أعقد ملفات الحل النهائي الذي تسعى اسرائيل إلى التحكم به لتقويض حق الفلسطينين في تقرير المصير والعمل على تهجيرهم من أرضهم. والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم بهذه المناسبة، كيف للعالم أن يرفع شعار المياه من أجل السلام، وأطفال غزة يشربون مياه البحر والمياه الملوثة ويموتون عطشا، ولم تحرك ساكنا في ضمير من صاغوا مبادئ حقوق الانسان واتفاقيات حماية المدنيين خلال الحروب كيف يمكن أن تنادي الأمم المتحدة بتحويل المياه لأداة للسلام والاحتلال الاسرائيلي يمعن في استخدام المياه كاله للقتل والتعطيش والإبادة دون أدنى اكتراث إلى جميع تحذيرات ومناشدات منظماتها أو أدنى احترام لقوانين وقرارت الشرعية الدولية. كيف يمكن للأمم المتحدة أن تدعو إلى تحويل المياه أداة للسلام، في حين أن مجلس الأمن فشل في وقف الحرب وبعض الدول سخرت امكانياتها لجعل دولة الاحتلال فوق القانون، وتوظيف كل قواها لاسكات نداءات أصحاب الضمائر الحية من المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الانسان والصحفيين، وتزييف الحقائق وتجميل صورة الاحتلال.

وإدراكا للوضع الإنساني الخطير في غزة، كنت على اطلاع دائم على جميع الأعمال والتدخلات العاجلة والمتواصلة التي تقوم بها طواقم سلطة المياه في غزة، والتي أسهمت في توفير كميات من المياه لأبناء شعبنا في القطاع، رغم التحديات الكبيرة والمخاطر الناجمة عن القصف المتواصل والتضييق على الأرض. علما أننا بذلنا جهود مضنية خلال السنوات الماضية لإنقاذ الوضع المائي في غزة وباستثمارات ضخمة فاقت المليار دولار، الا أن هذا العدوان قد نسف هذه الجهود، وأصبحنا اليوم مجبرين على العمل بشكل إغاثي لتوفير الحد الأدنى من المياه للبقاء على الحياة.

وأمام حجم المأساة الإنسانية الصعبة التي يعيشها أبناء شعبنا في غزة، نكرر مطالبنا بأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته لوقف هذا العدوان الغاشم على شعبنا، وبشكل فوري، وتأمين إدخال المواد الطبية والغذائية والاحتياجات اللازمة لتوفير المياه والكهرباء والوقود إلى قطاع غزة، ومنع تهجير أبناء شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة والقدس، وتوفير الحماية الدولية العاجلة للشعب الفلسطيني، وتحقيق العدالة من خلال المساءلة والمحاسبة. ورفض تقسيم قطاع غزة او تقليص مساحته، أو إعادة تموضع جيش الاحتلال داخل قطاع غزة.

وأخيرا واستنادا لشعار هذا العام وحتى نجعل من المياه رمزاً للسلام، فعلى المجتمع الدولي الحر والعادل أن يقف مع شعبنا الفلسطيني وحقوقه العادلة وأن يجبر الاحتلال على وقف جرائمه بحق أهلنا في غزة والضفة، و ان يعمل على إيجاد حل جذري لإنهاء الاحتلال وتجسيد دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، واحقاق حقوق الشعب الفلسطيني بما فيها الحقوق المائية، لنتمكن من إعادة بناء غزة وإرساء قواعد دولتنا لمستقبل أجيالنا، مستقبلاً يعيش فيه أطفال فلسطين حياة طبيعية بسلام كباقي أطفال العالم.

  

المحتوى ذو الصلة