في الرابية.. متى يعي مهاجمو حراك الشارع أنه قوة كامنة للدولة الأردنية؟

[[{“value”:”

أعلنت الشرطة الماليزية، الجمعة، القبض على إسرائيلي يبلغ من العمر 36 عامًا في أحد فنادق العاصمة كوالالمبور، يشتبه في أنه كان يقوم بأنشطة تجسسية باستخدام جواز سفر فرنسي.
المفتش العام للشرطة الماليزية رضا الدين حسين قال إن “الإسرائيلي الموقوف عثر بحوزته على ستة أسلحة نارية و200 رصاصة”، معلنا تشديد الإجراءات والحراسات الأمنية على رئيس الوزراء أنور إبراهيم وملك البلاد السلطان إبراهيم اسكندر.
إجراءات الشرطة الماليزية تكشف عن استبطان نوايا إسرائيلية لاستهداف مسؤولين داخل البلاد لخلق الفوضى من ضمنهم رئيس الوزراء انور إبراهيم الذي انتقد الموقف الأمريكي من العدوان على غزة لدى لقائه بايدن في واشنطن مؤخرا، داعيا الى اتخاذ إجراءات عقابية ضد الاحتلال الإسرائيلي، علما ان بلاده اتخذت إجراءات عملية منذ ديسمبر من العام الماضي فرضت فيه حظرا على شركة زيم ( ZIM ) الإسرائيلية للنقل البحري، وعلى السفن التي تنقل بضائع الى الكيان ومنعها من التوقف في مؤانئ ماليزيا او مياهها الإقليمية، رافعا بذلك خسائر الشركة الى ما يقارب مليارين ونصف المليار دولار؛ ما اثار حرج دول عربية لا زالت تفتح الباب لسفن الشحن والبضائع الإسرائيلية، وتوفر لها معابر بديلة عن البحر الأحمر.
الدعوة ذاتها التي تقدم بها انور ابراهيم والشعب الماليزي لمحاصرة الكيان وفرض عقوبات عليه، تردد صداها في أجزاء واسعة من العالم العربي والإسلامي والمجتمع الدولي؛ اذ انضم عمال ستة موانئ هندية الى هذه الدعوات، معلنين رفضهم تحميل البضائع الى الكيان الإسرائيلي، وسبقهم الى ذلك عمال نيوزيلندا وأستراليا وإيطاليا، في حين تحاسب دول عربية مطبعة ومقربة من إسرائيل أي دعوة للتضامن مع الشعب الفلسطيني في موانئها دون ان تقدم تفسيراً لذلك!
دعوات معاقبة الاحتلال وعزله وجدت صدى في جنوب افريقيا وكولومبيا والبرازيل واسبانيا وايرلندا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا، كما ارتفعت الأصوات في بريطانيا والولايات المتحدة لفرض عقوبات على الاحتلال وعدم الاكتفاء بالبيانات، ولم يكن امام الاحتلال وداعميه في اميركا من وسيلة للدفاع عن الكيان سوى الاستشهاد بالعلاقات القوية مع بعض دول التطبيع العربية، والاستعانة بها كوكيل للرد على دعوات عزل إسرائيل ومحاصرتها، وهي دعوات اكتسبت زخما بعد القرار الاممي في مجلس الامن/ رقم 2827 الذي دعا لوقف اطلاق النار، وإدخال المساعدات الى قطاع غزة.
فالحراك الشعبي والأهلي العربي والإسلامي والعالمي حظي بقوة دفع كبيرة، وطور أهدافا جديدة بعد القرار الاممي في مجلس الامن بالدعوة الى اتخاذ إجراءات عملية لإنفاذ القرار الاممي، ولم يتأخر الشعب الأردني عن ركب الدعوات الدولية، فتحرك في الشوارع والميادين، مطالبا اسوة بغيره من الدعوات الشعبية في أوروبا وشمال اميركا وأميركا اللاتينية والجنوبية وآسيا بدعوة حكومته لاتخاذ إجراءات، وتشريع قوانين تعزل الكيان، وتعاقب المتعاملين معه.

من ناحية أخرى، زاد القرار الأممي مخاوف الاحتلال، وفاقم حرج دول عربية مطبعة؛ ما دفعها إلى إطلاق حملات مضادة إعلامية تستهدف دعاة إنفاذ القرار عبر مقاطعة الاحتلال وعزله لتشمل الحراك التضامني الشعبي الأردني مع الشعب الفلسطيني، والذي دعا حكومته للانسجام مع التوجهات العالمية في اوروبا واميركا وافريقيا وآسيا التي اعقبت القرار الاممي في مجلس الامن.

الكيان الإسرائيلي عمد عبر صحافته ومسؤوليه لاستهداف الأردن الشعبي والرسمي؛ فاستهدف الملكة رانيا العبدالله بعد مقابلتها على شبكة (سي ان ان) الامريكية، وحرض على موقف الأردن الذي يمثله الملك عبد الله الثاني، وهدد بتعطيش الشعب الأردني، بل ذهب بعيدا على لسان الوزير عمحاي الياهو إلى مهاجمة الأردن، واعتبارها جزءاً من الكيان المحتل كونه يمثل 70% من إسرائيل، مهاجما في الآن ذاته الشعب الأردني ومحاصرته السفارة الإسرائيلية .

الاحتلال اطلق حملة لم تستهدف الأردن وحده -كما هو واضح- ولن يتورع عن الاستعانة بشركائه في الإقليم لممارسة الضغوط، كما لن يتورع عن استخدام أدوات قذرة كما حدث في ماليزيا؛ ما يعني ضرورة رفع مستوى الاستعداد واليقظة، فالعدو الإسرائيلي يستشعر العزلة، ويحاول إثارة الفوضى لإعاقة الجهود الشعبية والدولية والرسمية لعزله ومحاصرته، ومما يؤسف له عدم تنبه العديد من الكتاب والمثقفين والمسؤولين كما تنبه الماليزيون لحقيقة هذه الحملة المعلنة للكيان الإسرائيلي إلى درجة تماهي بعضهم معها عن جهل وحسن نية، او لارتباطات ومصالح خارجية تمثل مصالح بعض الأطراف الإقليمية المُحْرَجة من تصاعد الحملة العالمية والعربية الداعية إلى مقاطعة الاحتلال ومحاصرته، وإغلاق الموانئ في وجهه.

معركة الاحتلال الإسرائيلي لم تعد مع الشعب الفلسطيني ومقاومته فقط، بل مع المجتمع الدولي والعالم العربي والإسلامي بما فيها روسيا والصين والأردن، فالأصوات التي تعالت بالقرب من سفارة الاحتلال في منطقة الرابية لتطوير السياسة الأردنية بما يتناسب مع تطور الموقف الاممي كحد ادنى يقلق الكيان الإسرائيلي، ويحرج دولاً عربية موغلة في التطبيع مع الكيان، مفسرا بذلك عاصفة الاستهداف للشعب الأردني والضغوط الممارسة على حكومته من قبل اطراف إقليمية لقمع الحراك الشعبي وتصفيته.

ورغم ان الحراك الشعبي في اميركا وأوروبا بل افريقيا يفوق في بعض جوانبه ما نشهده في شوارع عمّان، وفي أروقة دبلوماسيتها، الان ان الحراك الأردني يتميز بكونه يمثل تهديدا مباشر للكيان، ولمصالح شركائه في المنطقة، فهو المحرك الفعلي لجهود عزل الكيان ومحاصرته في الإقليم، ما يستدعي الحذر من الحملات التي تستهدف الشعب الأردني وحراكه الداعي لمقاطعة الاحتلال؛ فالاردن شعباً وقيادةً الاقدر على قيادة حراك المنطقة الشعبي والدبلوماسي، وانتزاع دور قيادي حقيقي لمحاصرة الكيان وعزله.

ختامًا..
الحقيقة التي لا يجوز تجاهلها او القفز عنها عند تناول الحملة على الأردن، شعبا ودولة ومؤسسات، ان الأردن كجنوب افريقيا في القارة السمراء، وكحال البرازيل وكولومبيا في اميركا اللاتينية، وماليزيا في آسيا، يملك دورا قياديا مؤثراً في بيئته العربية لمحاصرة الكيان وعزله، وشل استراتيجيته المتبعة لتمرير وتبرير جرائمه ومشاريعه الاستعمارية في فلسطين والاقليم، الامر الذي يغيظ الكيان الاسرائيلي وبعض الدول العربية الموغلة في التطبيع، ويدفعها إلى وضعه على سلم أولولياتها واهدافها، فهل يعي ذلك بعض الكتاب المحترمين والمسؤولين الموقرين عندما يهاجمون حراك الشارع الذي يعد قوة كامنة للدولة الاردنية، وعنصراً مهماً في تدعيم قوتها الناعمة والصلبة؟

“}]] 

المحتوى ذو الصلة