[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
يحلّ اليوم الأربعاء (5 يونيو/ حزيران)، الذكرى السنوية الـ57 لـ”النكسة” أو حرب عام 1967، التي انتهت بانتصار العدوّ الصهيوني على الجيوش العربية، واحتلاله مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية والمصرية والسورية.
لكنّ الذكرى الأليمة تحلّ اليوم في ظروفٍ مختلفةٍ، أصبحت فيها دولة الاحتلال تتحسس رأسها وتخشى على وجودها، فبعد انطلاق طوفان الأقصى المبارك في السابع من أكتوبر الماضي، تغيرت المعادلات رغم كل الشهداء والأثمان الكبيرة، ولم تعد جرائم العدوّ وانتهاكاته “تمر دون محاسب” كما أعلن القائد محمد الضيف.
طوفان الأقصى خطوة في طريق التحرير
وأكد أستاذ الشريعة الإسلامية الدكتور أحمد الشحروري في تصريحاته للمركز الفلسطيني للإعلام، أنّ الأمّة تركب موج الطوفان المبارك الذي انبعث ليكون الخطوة المتقدمة الحقيقية هذه المرة لتحرير الأرض والإنسان، مشددًا في الوقت ذاته على أنّه “لا نكسة بعد اليوم ولا نكبة، والأمّة تقف على بعد فراسخ قليلة من النصر والتحرير بإذن الله”.
وقال الشحروري: اليوم هو الخامس من حزيران، وقد شكل هذا اليوم قبل سبع وخمسين سنة هزائم حاول صانعوها أن يخففوا من وطأتها فسموها نكسة بعد تسع عشرة سنة من نكبتنا بضياع الساحل الفلسطيني سنة ثمان وأربعين.
وأضاف بالقول: لقد هزمنا في عقيدتنا ونحن نقدس أصناما بشرية هي التي هندست الهزيمة، وهزيمتنا العقدية تكرست في تربيتنا ومرجعياتنا الثقافية، فقد كانت القومية خبزنا الذي نأكل حتى استحالت إلى سرطان تضخمت خلاياه لتقتل فينا روح الانتصار لأخوّة الدين ولقداسة الأرض التي تمت أحداث الهزيمة عليها، والقومية التي رفعوا لواءها آنذاك أذهبت قدرتنا على الوقوف في وجه أي تيار أفقدَنَا توازننا في الدفاع عن وجودنا أحرارا في وسط كان يميزه جهد محموم في صناعة العبيد بعيدا عن الدين الذي علّم أتباعه كيف يحاربون العبودية لغير ربهم سبحانه.
اختفاء شعارات الزعيم الأوحد
وتابع الشحروري حديثه: هزيمتنا التي سموها “نكسة” أخذت منا إلى جانب الضياع العقدي ضياعا في الهوية، فقد بتنا ممزقين شرقا وغربا، ونُسّينا أننا أهل “شام شريف”، نُسّينا أن دمشق كانت حاضرة الخلافة يوما، وأن فلسطين كانت درة الشام التي يأوي إليها المنكسرون فتجبرهم، ويقدّس الناس في ربوعها حجّهم، وأن الأمة تكبر بمجموعها وتضمحل بتفرد كل حارة من حاراتها بما تحسبه مكسبا، وما هو إلا عُرِيّ أخلاقي مبين.
وقال: أحسب أن من كتب الله له أن يعيش إلى يومنا قد رأى ما لم يره المعاصرون للنكبة والنكسة والركسة والوكسة، فما صنع تلك الجرائم والعاديات سوى الباعث الذي جلاّه القرآن وفضح فرعونَ على أساسه وبيّن سذاجة من اتبع ظلمه :”فاستخف قومه فأطاعوه”، ومن حسن حظنا أن طبيعة عصرنا بما فيه من ثورة اتصالات واتساع دراسات وتمكّن من الخروج إلى عوالم لم تتح لآبائنا، ذلك كله أرانا القزَم بحجمه وسلبه مكبرات الوهم التي كان يلصقها على أعين الناس، وبهذا اختفت شعارات “الزعيم الأوحد” وأخواتها.
وأشار الشحروري إلى أنّ الناس اليوم يعرفون حجم كل زعيم من زعمائهم، ولا يسكتون عن تقصيره لجهل بحقيقته لكن بعوامل ما تزال تقهرهم على التبعية له لأسباب أمنية وجودية، ما عاد يخفى على الطفل كذب الكاذبين على طريق”تحرير الأرض والإنسان” وشعارات أخرى من أخواتها التي تغذي مزيدا من الضحك على الذقون.
وقال إنّ الشعوب باتت وهي تسمع تصريحات فيها نصرة للمظلوم فوق الطاولة، وحركات تخنقه من تحت الطاولة، تتمثل حال ذاك الرجل الذي يعلم أن أحد جلسائه يشبعه كذبا بأحاديثه لكنه تعوّد عليها وهو يدعوه إلى المزيد بقوله : اكذب يا صاحبي، إني أعرف أنك تكذب لكن كذبك يونسني !
واستدرك الشحروري بالقول: برغم بؤس حال الساسة المكشوفين في تخاذلهم في ساحة الشرف اليوم إلا أن الأمة باتت على بُعد فراسخ قليلة من اجتثاث الظروف الموضوعية التي مكنتهم من رقابها، فبعد قرن من زمان التسليم بعظمة بريطانيا وضآلة من مكّنوها من رقبة المقدسات، ها هي الأمة تركب موج الطوفان المبارك الذي انبعث ليكون الخطوة المتقدمة الحقيقية هذه المرة لتحرير الأرض والإنسان.
تهاوت كذبة الجيش الذي لا يقهر
وتابع بالقول: في الخامس من حزيران هذا العام يقف أبطال الضفة مؤازرين لجهد إخوانهم الغزيين في طوفانهم، ويعلم الصهيوني أن أوان تغوله قد مضى، بل ويقرّ بأنه كان أسدا من كرتون، وما صنعه إلا ضعفنا الذي بعث في العيون سراب القوة التي لا تقهر، ولقد عشنا بفضل الله لنرى صبر الطفل الفلسطيني يقهر يهود، ولنرى خنساوات يجُدْن بفلذات أكبادهن ويعلِنّ للدنيا بأنهن أمهات الأبطال الميامين، ويقفن خطيبات بليغات في ساحة النزال يُحمّسن الرجال.
وشدد على أنّنا اليوم في زمن جديد وأمل جديد، في زمن الهزيمة كان الناس عميان واليوم زال العمى إلى حدّ بعيد، في زمن الهزيمة كان الناس يرفعون شعارات التخاذل:”امش الحيط الحيط وقل يا رب الستر”، واليوم يختال أبطالنا في عرض الطريق ليطهّروه من أرجاس الخنازير التي خيّلت يوم شدّ الناس سرجا على الحمير في غياب الخيل الأصيل.
وقال الشحروري: بعد قرن من زمان القهر وتدنيس كل مقدس تقف الأمة اليوم على بُعد أمتار من استرداد ذاتها المضيعة، ولن يسعفها في غذّ الخُطا نحو هذا الهدف إلا مزيد من الوعي الذي يميز صديقنا من عدونا ويزيح من طريقنا حواجز إسمنتية من قبيل الخوف من القادم والتحسب لما هو كائن فيه، لقد تغير الجيل، والأمل معقود على الجيل الجديد ليُتم كسر الأصنام وليجذّر للعزة في تربية الإيمان.
وشدد على أنّه لا نكسة بعد اليوم ولا نكبة، وقد زالت دول قامت على القهر والظلم ورأت الشعوب عاقبتها الوخيمة، ومهما طال عمر البقية الباقية من كيانات القهر فإن أسباب زوالها الموضوعية قائمة، وعندما تكتمل حلقة الكشف عن بقية الصورة القميئة لمشهد النكبة والنكسة لن يبقى إلا أن ينجز الوعد الرباني الصريح بالنصر والتمكين :(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا).
وختم حديثه بالقول: أيها المغطون رؤوسهم بلحاف اليأس انهضوا فكونوا جزءا من مشهد التمكين ولا تكونوا من جنود التهويل أو التهوين فإن “كلا طرفي قصد الأمور ذميمُ”.
نكستنا تغطيها نكسة العدوّ في السابع من أكتوبر
بدوره قال نائب رئيس هيئة علماء فلسطين في الخارج الدكتور عبدالجبار سعيد: في ذكرى النكسة نستذكر هزيمة الأنظمة العربية في مواجهة كذبة الجيش الذي لا يقهر، هزيمة في حرب مسرحية شكلية لم تسمن ولا أغنت من شيء، وقد كشف زيف تلك الحرب التي أفضت إلى النكسة ثبات مجاهدينا ومقاومتنا الباسلة لما يقارب التسعة شهور، مقاومة قليلة التسليح محاصرة لأكثر من سبعة عشر عاماً، لكنها مسلحة بالإيمان ومتمترسة بحفاظ القرآن، غايتها مرضاة الله وتحرير الأقصى وفلسطين، وحرية شعبنا وكرامتهم.
وشدد سعيد في تصريحاته اطّلعت عليها المركز الفلسطيني للإعلام: مهما عظم الثمن الذي ندفعه ويدفعه شعبنا، فهو أرخص من ثمن الذل والهوان تحت بصاطير الاحتلال.
وأكد أنّ ذكرى نكستنا لهذا العام تغطي عليها وتكاد تمحو آثارها نكسة العدو في ٧ أكتوبر، حيث أذاق شبابنا ومجاهدونا العدو ما لم يذقه في تاريخه، في غضون ساعات قلائل، فأصبحت النكسة نكسة العدو، ومهما بذل لتعديل صورته فلن يستطيع، فشمسه آذنت بالغروب، والعزاء في بيوت الزعماء العرب المتصهينين الذي باعوا فلسطين والقدس بدراهم معدودة وكانوا فيها من الزاهدين، ولا نامت أعين الجبناء.
وختم بالقول: المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والشفاء للجرحى والحرية للأسرى والمسرى. اللهم استخدمنا ولا تستبدلنا.
“}]]