لندن / PNN – نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرًا ، جاء فيه أن المواطنين في غزة يخشون من أن سياسات الضغط ومنع دخول الماء والطعام والمواد الأساسية الأخرى قد تكون جزءًا من إستراتيجية الضغط على السكان للمغادرة “الطوعية” وتفريغ القطاع من سكانه وتهجيرهم .
وقال التقرير إن محمود الغزالي عندما ناقش مع عائلته منظور الخروج من غزة أثناء الهدنة القصيرة، كان أولاده الستة “مبتهجين” للفكرة، لكن ابنه البالغ من العمر 8 أعوام “صعقهم” عندما ذكر العائلة قائلًا: من يضمن لنا البقاء على قيد الحياة للخروج؟
الغزالي: نحن في حالة يأس.. آمل ألا نصل إلى هذه النقطة لكي نختار بين وطننا وسلامتنا
وقال الغزالي: “نحن في حالة يأس”، حيث يعيش مع عائلته وسط الحطام بمدينة غزة، لكنه قال: “آمل ألا نصل إلى هذه النقطة لكي نختار بين وطننا وسلامتنا”.
وهو، مثل بقية سكان غزة، لا يعاني من صدمات الحرب فقط، ولكن من الجوع الذي نتج عن الحرب المستمرة منذ 18 عامًا. ويتعاملون مع فكرة غريبة طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهي طردهم وفسح المجال أمام شركات العقارات لتحويل القطاع إلى شقق سكنية راقية، وهي الفكرة التي لاقت هوى لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأعضاء تحالفه المتطرف.
وقد وصف نتنياهو الفكرة، التي شُجبت حول العالم بوصفها “تطهيرًا عرقيًا”، بأنها “الخطة الوحيدة القابلة للتطبيق ولفتح المجال أمام مستقبل مختلف” للمنطقة.
وعبر السكان عن خشيتهم من وضع الفكرة موضع التنفيذ بعد اختراق إسرائيل هدنة استمرت لشهرين.
وفرضت إسرائيل حظرًا على الطعام والمساعدات الإنسانية المستمر منذ 50 يومًا، وأعلنت عن “وحدة للهجرة الطوعية” من أجل تشجيع السكان على الهجرة، في وقت وسعت فيه ما أطلقت عليه المحاور الآمنة التي ستُبقي فيها الجنود حتى بعد نهاية الحرب.
وحصلت إسرائيل في تصعيدها للحرب على دعم من الرئيس الأمريكي ترامب. ورفض سفيره الجديد لإسرائيل، مايك هاكابي، فكرة منع المساعدات للقطاع، حيث حث المجتمع الدولي على زيادة الضغط على الطرف الحقيقي، أي “حماس”.
ولم يتخيل الكثير من سكان غزة ما آل إليه الوضع، فقد عوّلوا على أن يقود وقف إطلاق النار إلى نهاية الحرب وبدء عمليات الإعمار. وأشارت الصحيفة إلى تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي وصف غزة بأنها “حقل موت”.
وقال شادي صقر، الذي يعيش في حطام بيته في مدينة غزة، إنه لا يوجد ما يأكلونه، وإن ابنه عدي، 15 عامًا، يقف لساعات في الطوابير للحصول على الماء ثم حمله في الشوارع المدمرة والمليئة بالأنقاض. لكن صقر مصمم على عدم المغادرة، وهو شعور يشترك فيه الكثير من الغزيين الذين ينتمون لعائلات طُردت من بيوتها عام 1948. وقال صقر: “يعتقدون أننا قطعة شطرنج يحركوننا كيف يشاؤون. لا أحد سيطردني من أرضي، من سيدفن الذين لا يزالون تحت الأنقاض. وسأبقى سواء عشت أم مت”.
شادي صقر: يعتقدون أننا قطعة شطرنج يحركوننا كيف يشاؤون. لا أحد سيطردني من أرضي، من سيدفن الذين لا يزالون تحت الأنقاض؟ سأبقى سواء عشت أم مت
وتقول إسرائيل، التي شنت الهجوم المتجدد، إنها ستواصل الحرب حتى تسلم “حماس” ما تبقّى لديها من أسرى، وإنها تهدف إلى تقويض حكم “حماس” في القطاع. ولكنه ترك أثرًا معاكسًا، حيث توقفت المساعدات الإنسانية، وأعلن برنامج الغذاء العالمي عن خلو مخازنه من المواد الغذائية والأساسية.
ويقول غافين كيلر، المدير الإنساني في مجلس اللاجئين النرويجي، إن الجوع قاد إلى حالات نهب مدفوعة بالحاجة. وقام رجل هذا الشهر بإطلاق النار على مركز توزيع تابع للأمم المتحدة تعرض للنهب والأضرار. ويشعر الناس أن معاناتهم لا تحظى بانتباه العالم. وقال كيلر إن حالات كانت ستحظى قبل عام بعناوين الأخبار، “مثل مقتل 100 في اليوم أو عشرات الأطفال الذين قتلوا في عنف عسكري”، ويبدو أنها أصبحت عادية.
وتعيش نسبة 70% من سكان غزة في ظل النزوح الإجباري. في الوقت الذي قالت فيه لينا أحمد، أم لطفلة عمرها عامان، غاضبة، إنها لا تمانع من الذهاب حتى إلى غوانتانامو، لأنها ستجد ماء هناك. وتقول سهيلة خليل، التي أجبرت على الرحيل إلى منطقة المواصي التي خصصها الجيش الإسرائيلي كمنطقة آمنة، ثم قصفها عدة مرات: “سنبني كل شيء، وهذه هي أرضنا، لن تذهب دماء آلاف الشهداء هدرًا”.
المصدر / القدس العربي