[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
مع استمرار الإبادة الجماعية في شمال قطاع غزة منذ 18 يومًا، وسعّت قوات جيش الاحتلال عمليات التطهير العرقي بالقوة النارية تجاه مشروع بلدة بيت لاهيا، في وقت تحاصر فيه السكان المدنيين وتحرمهم من أي إمدادات أساسية تنقذ حياتهم، وتؤكد عبر أوامر الإخلاء القسري سعيها لإفراغ ما تبقى منهم باستخدام الجوع والحرمان من العلاج سلاحاً لتحقيق أهدافها العسكرية، ما يعكس إمعانها واستمرارها بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
وتتعرض البلدة منذ مساء الاثنين 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، لعمليات قصف عنيف، وحصار عسكري يترافق مع انتشار أعداد كبيرة من طائرة كواد كابتر المُسيرة والتي توجه نداءات للمواطنين تطالبهم بالخروج من منازلهم عبر مسارات محددة تحت التهديد بالقتل.
وطالب جيش الاحتلال سكان بلدة بيت لاهيا التي نزح إليها آلاف المواطنين من مخيم جباليا هرباً من الإبادة التي يتعرض إليها منذ 18 يوماً، للخروج فورًا عبر ممرات حددتها، مهددة بتفجير المناطق فوق رؤوسهم.
حصار بالنار
ويقول الصحفي من شمال غزة عبد القادر صباح، إن ما يحدث في منطقة مشروع بيت لاهيا هو استهداف لكافة مراكز الإيواء من طائرات الكواد كابتر في محاولة دفع السكان للخروج من محافظة الشمال إما لمدينة غزة أو جنوب القطاع مع حصار لكافة شوارع البلدة المكتظة بآلاف المواطنين من سكان محافظة شمال قطاع غزة.
أشار صباح إلى من حاول الخروج والنزوح تم استهدافه، وأن أعداداً من المصابين والشهداء في الشوارع لا أحد يستطيع انتشالهم، “فالقصف المدفعي لا يتوقف في كافة مناطق الشمال وخاصة مشروع بيت لاهيا”، وأشار إلى تقدم عدد من الآليات في نهاية الشارع المؤدي لمستشفى كمال عدوان ما ينذر بتوقف الخدمة الطبية في أي لحظة.
ويقول مراسل الجزيرة أنس الشريف، إن جيش الاحتلال يفرض حصاراً بالنار على المواطنين في بيت لاهيا، مشيرا إلى أن عشرات الشهداء والإصابات في شوارع مشروع بيت لاهيا ومخيم جباليا بعد استهداف النازحين من قبل الطائرات المسيرة والمدفعية، وأن العائلات المحاصرة تناشد لإنقاذهم وإخراجهم.
وبين منطقة حبوب في بلدة بيت لاهيا تعرضت لقصف جوي ومدفعي متكرر، “وعند وصول طواقم الدفاع المدني للمكان تبين وجود آليات في المكان وعمدت إلى إطلاق النار عليهم”.
واستشهد 12 مواطنًا وأصيب العشرات في قصف مدفعي استهدف نازحين عند مفترق أبو الجديان في منطقة مشروع بيت لاهيا، في حين استشهد 8 مواطنين وأصيب آخرون بقصف استهدف نازحين في منطقة العلمي في مخيم جباليا شمال قطاع غزة.
ووفق شهود عيان فإن جيش الاحتلال يضع نقطة تفتيش عند محطة وقود “البراوي” بالشارع العام الرئيسي لبلدة بيت لاهيا وتعتقل عشرات الفلسطينيين أثناء نزوحهم من البلدة باتجاه مدينة غزة.
وأضاف الشهود، أنه وبالتزامن مع إلقاء المنشورات الداعية للإخلاء القسري قصفت المدفعية الإسرائيلية مشروع بيت لاهيا بشكل مكثف ما أدى إلى استشهاد وإصابة عشرات، دون أن تتمكن الطواقم الطبية من الوصول إليهم بسبب شدة القصف واستهدافها من الطائرات المسيرة الإسرائيلية التي تحلق بكثافة في سماء المنطقة.
وحاصرت طائرات مسيرة إسرائيلية بالنار مدرسة “خليفة بن زايد” في مشروع بيت لاهيا وهددت آلاف النازحين بداخلها بالقتل والاعتقال إذا لم يتم إخلائها بشكل فوري والتوجه نحو جنوب القطاع.
وأشار الشهود إلى أنه رغم إنذار جيش الاحتلال لسكان مشروع بيت لاهيا بالنزوح منه إلا أنه استهدف عددا كبيرا من النازحين في الطرقات إما بالقصف المدفعي أو بإطلاق النار من الطائرات المسيرة.
وذكر الشهود، أن الفلسطينيين دفنوا شهداء القصف الإسرائيلي الأخير لجباليا ومشروع بيت لاهيا في الطرقات دون تكفين، بسبب نفاد الأكفان والحصار الذي يفرضه الجيش على المنطقة.
مقبرة جماعية
ويعاني سكان البلدة الصغيرة التي تعرضت سابقًا لدمار كبير نتيجة الاستهدافات إسرائيلية خلال أشهر حرب الإبادة المتواصلة منذ السابع من أكتوبر 2023، من حياة قاسية، حيث يتكدسون على الأرصفة وفي الطرقات دون مقومات للحياة، ومع ذلك يقصفهم الاحتلال بلا أي شفقة، ويبلغ عددهم أكثر من 150 ألف إنسان.
ومنطقة مشروع بيت لاهيا هي بلدة صغيرة ضمن مدينة بيت لاهيا في محافظة شمال غزة، تحدها من الجنوب بلدة جباليا والنزلة، ومن الشرق مدينة بيت حانون، بينما يحدها البحر المتوسط من الغرب.
وفي الأثناء، يقول الدكتور حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان الواقع في بلدة بيت لاهيا، إنهم أمام ساعات ويتحول المستشفى إلى مقبرة جماعية، مؤكدا أن الشهداء يدفنون دون أكفان في شمال القطاع.
وأوضح في تصريحات إعلامية أن وحدات الدم نفدت بالكامل، وأن الجرحى ملقون بدون أي إمكانية لإجلائهم.
وكشف عن فقدان عدد من الجرحى بسبب النقص في المعدات والإمكانيات، موضحًا أن الأطباء والممرضين يطبقون سياسة المفاضلة بين الجرحى، وقال: “الطواقم الطبية منهكة للغاية”.
وختم قائلأ: “الاحتلال أخطرنا بالإخلاء لكن لن نترك المستشفى، ولن نترك المرضى والجرحى”.
انهيار المنظومة الصحية
وتعمدت قوات جيش الاحتلال، أمس الاثنين 19 أكتوبر 2024، قصف واستهداف الطوابق العليا لمستشفيات العودة والإندونيسي ومحاصرة المرضى والأطقم الطبية فيها، في الوقت الذي صعدت عمليات قصفها ووتيرة استهدافها للأحياء السكنية ومنازل المدنيين فوق رؤوس ساكنيها.
وحذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من انهيار كامل لمستشفيات شمال قطاع غزة وخروجها عن الخدمة بتكرار استهدافها وقصفها وقتل من فيها من مرضى وطواقم طبية ونازحين لإخلائها بالقوة خلال أشد وأقسى أوقات الطوارئ صعوبةً مع استمرار الهجوم العسكري الإسرائيلي على شمال غزة.
وأعرب المركز الحقوقي عن مخاوفه من خروج المستشفيات الثلاث (كمال عدوان، والعودة، والإندونيسي)، عن العمل وتعرضها لظروف تشابه إخلائها في نوفمبر وديسمبر2023، “فهي الآن تعمل بأقل من الحد الأدنى من قدراتها، وبإمكانيات منهكة، جراء الاستهداف سابقاً، والنقص الحاد في الأطقم الطبية، وإمدادات الوقود، والأدوية، والغذاء”.
ويهدد عدوان الاحتلال حياة جرحى العدوان وما يزيد عن 285 مريضاً يرقدون في هذه المستشفيات، بينهم ثمانية أطفال حديثي الولادة وخمسة بالغين في أقسام العناية المركزة، ونحو 161 مريضًا موجودون في أقسام الطوارئ، الكثير منهم بحاجة عاجلة لإجراء عمليات جراحية متقدمة، من قبيل جراحة الأعصاب وجراحة الأوعية الدموية وجراحة العيون والطب التجميل، وهي خدمات غير متوفرة في هذه المستشفيات، وفق مجموعة الصحة في فلسطين.
وتعرضت مستشفيات شمال غزة، للاقتحام والتدمير والاستهداف في الاقتحامين السابقين لقوات الاحتلال في ديسمبر ومايو الماضيين، وأعيد لاحقا ترميمها جزئيا.
منطقة منكوبة
من جانبه وصف الكاتب والمحلل السياسي سعيد زياد، ما يجري في شمال غزة بأنها عملية إطباق على آخر تجمعات السكان في مخيم جباليا ومشروع بيت لاهيا، حيث يحاصر جيش الاحتلال 150 ألفًا من الناس بالدبابات والمسيرات في آخر البقع التي نزحوا إليها، ويقوم باقتلاعهم بالقوة النارية الكثيفة بغية تهجيرهم.
وقال زيادة في تدوينة على منصة “إكس”، إن الوضع كارثي وخطير، “وقد يقود مع نهاية اليوم إلى إبادة شمال قطاع غزة بالكامل”.
إلى ذلك، جدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان دعوته إلى الأمم المتحدة بإعلان شمال قطاع غزة منطقة منكوبة، بما يقتضيه ذلك من تدخلات فورية، وإلزام سلطات الاحتلال بوقف الإبادة الجماعية هناك، وحماية المدنيين.
وقال في بيان، اليوم الثلاثاء، إن جيش الاحتلال يرتكب جرائم قتل جماعية وفردية منهجية وواسعة النطاق، وتجويع متعمد كامل، وتهجير قسري جماعي وتدمير كامل لما كان متبقيًا من مقومات الحياة، مشددًا على أن صم المجتمع الدولي آذانه وتعاجزه عن وقف ما يجري يجعله شريكًا في الإبادة الأكثر وحشية.
“}]]