[[{“value”:”
دير البلح – المركز الفلسطيني للإعلام
من مربع إلى آخر تنتقل قوات الاحتلال الإسرائيلي بأوامر الإخلاء القسري والتوغل تحت وطأة القصف، ليفر مئات الآلاف في دير البلح وسط قطاع غزة يبحثون عن أمان في ظلال خيمة لا يجدون مكانًا لنصبها.
على عجل حزم سليم أبو سليم القليل من أمتعته وتحرك مع زوجته وأطفاله إلى مخيم غربي دير البلح بعد آخر أمر إخلاء استهدف بلوك 128 في دير البلح.
ألم يعادل خروج الروح من الجسد
وقال أبو سليم لمراسل المركز الفلسطيني للإعلام: هذه المرة الثانية التي أنزح فيها عن بيتي، المرة الأولى كانت قصيرة ولكن يبدو هذه المرة ستطول، مشيرًا إلى أنه كما كل سكان قطاع غزة لديهم تجهيز مستمر لحقائب النزوح التي تحمل الأوراق الرسمية وما خف وزنه من الملابس والمتعلقات الشخصية.
وأشار إلى أن الخروج من المنزل يعادل خروج الروح من الجسد في هذه الأيام، حيث أغلب من يخرج يفاجأ بعد مدة إما بتدمير الاحتلال لمنزله أو حرقه ونهبه.
أوامر إخلاء متتالية
وخلال الأيام الماضية أصدرت قوات الاحتلال بتهجير سكان العديد من الأحياء السكنية الواقع شرق دير البلح وجنوبها، وصولًا إلى محيط مستشفى شهداء الأقصى الذي فج المرضى به بقرار الإخلاء فبدؤوا بالفرار خشية تكرار سيناريو اقتحامه -كما حدث في المستشفيات بالمحافظات التي اجتاحتها قوات الاحتلال- رغم إعلان الطواقم الطبية استمرارها في تقديم الخدمات الصحية.
ووفق بلدية دير البلح، فقد خرج 25 مركزاً للإيواء وعدد من المنشآت المائية عن الخدمة، إثر إخلاء الاحتلال لأحياء جديدة في دير البلح خلال الـ72ساعة.
وقالت البلدية في بيان صحفي، الاثنين: إن 25 مركزاً للإيواء خرجوا عن الخدمة بعد تهجير قصري لـ250 ألف مواطن خلال الـ72ساعة.
تبلغ مساحة دير البلح حوالي 14 ألفا و735 دونما، وتتبع لها مخيمات المنطقة الوسطى وهي: النصيرات والبريج والمغازي ومخيم دير البلح، وجميعها باستثناء الأخير استهدفت بأوامر تهجير وتوغل فيما طال القصف الجوي والمدفعي الجميع.
خروج آبار المياه عن العمل
وأكدت البلدية خروج 4 آبار مياه جديدة عن الخدمة ليصبح عدد الآبار غير المتاحة 14 بئرا كانت تغذي ما يقارب 70 % من الموجودين في المدينة، ما سيفاقم كارثة الحصول على الماء.
ومنذ بدء إصدار الاحتلال أوامر الإخلاء والتهجير القسري لسكان غزة وشمالها، ولاحقا التهجير في رفح وخانيونس، أعلن الاحتلال دير البلح كمنطقة إنسانية وجه الناس إليها، حيث تكدس في مساحتها الصغيرة قرابة مليون نازح، في حين كان عدد سكانها لا يزيد عن 200 ألف نسمة.
وحملت المدينة اسمها بناء على قرار الدولة العثمانية في أواخر عهدها بدلا من دير الداروم، نسبة لإقامة أول دير في فلسطين على أراضيها، والذي أقامه القديس هيلاريون، وقد دفن في الحي الشرقي للمدينة، وأيضا لكثرة النخيل داخلها وحولها.
مليون نازح في دائرة التهجير مجددًا
وأكدت بلدية دير البلح ارتفاع عدد النازحين في المدينة إلى أعداد غير مسبوقة حيث وصل عددهم إلى قريب من مليون نازح موزعين على نحو 200 مركز إيواء الأمر الذي جعل من دير البلح المنطقة الأكثر استيعاباً للنازحين على مر التاريخ وعلى مستوى العالم مقارنة مع مساحتها.
وأكدت عدم وجود أماكن يلجأ إليها النازحين مع ضيق المساحة التي حددها الاحتلال كمنطقة إنسانية مما جعلهم يهيمون على وجوههم في الشوارع والطرقات.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان حذر بدوره من خطورة أوامر الإخلاء غير القانونية التي أصدرها جيش الاحتلال الإسرائيلي في دير البلح وسط قطاع غزة، ومواصي القرارة غربي خانيونس جنوب القطاع، منبها أنها تعني فرض مزيد من التهجير القسري وتضييق نطاق المساحة التي يتكدس فيها قرابة مليوني إنسان.
هجوم يعصف بمليون إنسان
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان له: إن أوامر الإخلاء غير القانونية المتتالية التي أصدرها الاحتلال، وكان أحدثها صباح اليوم الأربعاء، والتي طالبت كل السكان المدنيين، بمن في ذلك النازحون قسرًا، المتواجدين في بلوكات 129, 130 ولاحقا 128 في دير البلح جنوبًا، وهي منطقة تضم عشرات آلاف السكان، وتشمل مستشفى “شهداء الأقصى”، وما سبقها من أوامر إخلاء غير قانونية استهدفت سكان شرق دير البلح وجنوبها، تدلل على أن إسرائيل ماضية لتوسيع هجومها في دير البلح المكتظة بمليون شخص، أغلبهم من النازحين من شمال غزة وجنوبها.
وتؤوي دير البلح حاليًا قرابة نصف سكان قطاع غزة الذين أجبروا على النزوح قسرًا والهروب من أنحاء قطاع غزة، خاصة من شمال غزة ورفح، بفعل القصف المتعمد من الجو والبر والبحر، والذي طال تجمعات سكنية بالكامل واستهدفت مراكز إيواء ومستشفيات ومنشآت عامة وخاصة مدنية، مقرونًا بأوامر عسكرية تدعو السكان للتوجه إلى الجنوب ودير البلح أو “المواصي” اللتان تستهدفان حاليًّا بأوامر الإخلاء غير القانوني والقصف.
وشدد الأورومتوسطي على أن تقليص جيش الاحتلال لما يسميها “المنطقة الإنسانية” من خلال استهداف مناطق واسعة فيها بالإخلاء غير القانوني كما حدث في مواصي القرارة ودير البلح، يدلل على أن إسرائيل تسعى لحشر قرابة مليوني إنسان في شريط ضيق وتقلصه باستمرار، بحيث باتت حالة الكثافة في المنطقة غير مسبوقة في العالم، في الوقت الذي لا يجد فيه النازحون مكانًا ينصبون فيه خيامهم.
وتتخذ العديد من المؤسسات الإنسانية المحلية والدولية من دير البلح مقرًا لها، وتصعيد الهجوم على المدينة يضع العمل الإنساني الجزئي في دائرة خطر التوقف، ما يعني المزيد من المخاطر الوجودية على سكان قطاع غزة.
تعليق أنشطة
وفي هذا الصدد، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود إمكانية أنها تدرس تعليق أنشطة رعاية الجروح في الوقت الحالي، فيما تحاول الحفاظ على العلاج المنقذ للحياة.
وبينت أنه من بين قرابة 650 مريضًا، لم يبقَ في المستشفى سوى مئة مريض، منهم سبعة في وحدة العناية المركزة وفقًا لوزارة الصحة.
وقالت: هذا الوضع غير مقبول, يعمل المستشفى منذ أسابيع بما يفوق طاقته الاستيعابية بسبب عدم وجود بدائل للمرضى, على جميع الأطراف المتحاربة احترام المستشفى، إلى جانب حصول المرضى على الرعاية الطبية.
مستشفى شهداء الأقصى
وتسبب إعلان الاحتلال الاسرائيلي أن محيط مستشفى شهداء الأقصى منطقة عمليات بحدوث حالة من الهلع بين المرضى ونزوح عدد منهم من المستشفى خوفا من تكرار سيناريو اقتحام المستشفيات الأخرى.
وأكدت وزارة الصحة في بيان لها استمرار عمل المستشفى و تمسك الطواقم الصحية بتقديم رسالتهم وأن هناك ما يقرب من 100 مريض لازالوا في المستشفى و منهم 7 في العناية المركزة،
مطالبة بضرورة حماية المستشفى والمرضى والكوادر الصحية فيه.
حماس تعلق على المأساة
وأكدت حركة حماس أن ما تشهده محافظة دير البلح المكتظة بالنازحين وسط قطاع غزة، من تصعيد إجرامي وغارات وحشية، وعمليات تهجير تحت القصف والاستهداف، وحشر للمواطنين العزل في قطاعات ضيّقة تفتقر لأدنى مستويات الخدمة الإنسانية، وصولاً إلى إخراج مستشفى شـ.ــهداء الأقصى من الخدمة؛ هو صورة من أبشع صور الإبـادة الجماعية التي عرفتها الإنسانية في العصر الحديث، تنفّذها حكومة الاحتلال النازي، أمام سمع وبصر العالم.
وجددت مطالبتها للمجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظماتها، بوقف هذه الإبادة الوحشية، وإلزام الاحتلال بوقف جرائمه التي ينفّذها ضد المدنيين الأبرياء في محافظة دير البلح، وفي مستشفى شـ.ــهداء الأقصى، والعمل على إعادة تشغيله ومدّه بما يلزم من وقود ومستلزمات طبية، ومحاسبة قادة الاحتلال مجرمي الحرب على جرائمهم الوحشية ضد الإنسانية.
“}]]