[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
على أنقاض منزلها في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، نصبت الفتاة العشرينية إسراء أبو مصطفى خيمة تعليمية، لتعليم الطلبة والترفيه عنهم في ظل تواصل حرب الإبادة الإسرائيلية منذ 11 شهراً.
وانبعثت مبادرة إسراء الذاتية من ضياع عام دراسي كامل على الطلبة ودخول عام دراسي جديد، دون أفق بانتهائها قريبا.
تقول: “انطلقت بفكرتي، رغم علمي المسبق بعظم التحديات وشح الإمكانيات وندرة الموارد، إلا أننا نحن الفلسطينيون لا نعرف صعبًا ولا مستحيلًا، كل ما نعرفه أننا أصحاب الأرض والإرادة”.
داخل الخيمة المتواضعة التي أنشأتها أبو مصطفى، يعلو صوت الأطفال بحروف اللغة العربية، والأناشيد التي تصدح بالمكان، وهي بكل تأكيد أعلى من أزيز الطائرات، ودوي الانفجارات، التي تزلزل المكان بين الفينة والأخرى.
وباتت الخيمة ملاذ الطلبة، في ظل انقطاعهم عن التعليم للعام الثاني على التوالي، وحرمانهم من مقاعد الدراسة، بل واستهدافهم وقتلهم حيث أن 25 ألف طالب وطالبة هم من بين الشهداء والجرحى، في حين دمرت إسرائيل 70% من المدارس والمؤسسات التعليمية، وفق تقارير حقوقية وأممية.
المعلمة الفلسطينية، تتحدث عن ضغوط نفسية يواجهها الأطفال، وأنها انبرت لتنظيم نشاطات ترفيهية ودروس تعليمية، لضمان استمرار التعليم، وعدم ترك الأطفال فريسة تنهشها نار الحرب المستعرة.
وتضيف أنها تستهدف الأطفال من كلا الجنسين، من الصف الأول وحتى السادس، وفق خطة تعليمية واضحة، متبعة المنهاج الفلسطيني.
وتؤكد أبو مصطفى أنها ترمي لانتشال الأطفال من الضياع الذي يتهددهم بتعويض ما فاتهم من معارف، متمنية انتهاء الحرب واستقرار الأوضاع وانطلاق الطلبة في التعليم لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم.
من داخل الخيمة نفسها، يعرب الطفل محمود أبو العراج عن سعادته بتلقي الدروس والفقرات الترفيهية، ما يخفف عنه الخوف جراء الحرب.
يتمنى محمود البالغ من العمر 9 سنوات أن يصبح مهندسًا، مناشداً بوقف الحرب، ووقف استهداف الأطفال، والمدارس ورياض الأطفال، “بكفي قتل فينا”.
ورسميا انطلق العام الدراسي الفلسطيني الجديد هذا الأسبوع في الضفة الغربية دون قطاع غزة، حيث ينتظر الأهالي إيجاد حلول لعملية التجهيل التي يعيشها أطفالهم بسبب الحرب.
ووفق معطيات نشرتها وزارة التربية والتعليم العالي، تسببت حرب الإبادة على غزة في استشهاد وجرح أكثر من 25 ألف طفل، منهم ما يزيد على 10 آلاف من طلبة المدارس، وسط تدمير 90% من مباني المدارس الحكومية البالغ عددها 307 مدارس.
وبينت أن أكثر من 630 ألف طالب وطالبة محرومون من حقهم في التعليم منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يضاف إليهم أكثر من 58 ألفاً يُفترض أن يلتحقوا بالصف الأول في العام الدراسي الجديد، فضلا عن 39 ألفاً ممن لم يتقدموا لامتحان الثانوية العامة.
وبحسب معطيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” فإن 200 مدرسة تمثل 70% من مواقعها التعليمية تعرضت للتدمير الكلي والجزئي بفعل القصف الإسرائيلي المتواصل، مؤكدة أن أكثر من 600 ألف طفل يعانون من صدمة عميقة، ويعيشون تحت الأنقاض، وما زالوا محرومين من التعلم والتعليم، حيث كان نصفهم في مدارس الأونروا.
وحذر المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، من خطر “ضياع الأجيال” بغزة لعدم التحاقهم بالمدارس جراء الحرب.
ويقول لازاريني في بيان نشره موقع الوكالة الأممية يوم 2 سبتمبر مع انطلاق العام الدراسي: “كلما طالت مدة بقاء الأطفال خارج المدرسة، زاد خطر ضياع الجيل ما يغذي مشاعر الاستياء والتطرف”، وفق تعبيره.
وتابع: “في غزة أكثر من 70 بالمئة من مدارسنا تم تدميرها أو تضررت، الغالبية العظمى تحولت إلى ملاجئ مزدحمة تؤوي مئات الآلاف من الأسر النازحة ولم تعد صالحة للتعليم”.
وأضاف لازاريني: “دون وقف إطلاق نار قد يصبح الأطفال عرضة للاستغلال بما في ذلك عمالة الأطفال (…) وقف النار مكسب للجميع”.
وأدى القصف الإسرائيلي إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.
وأطلقت “الأونروا” برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على “الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات”.
في حين أطلقت وزارة التربية والتعليم برنامجا للتعليم الإلكتروني لطلبة غزة، يعرف الأهالي عن استيائهم حيث لا تتوافر خدمات الإنترنت والكهرباء اللازمين للالتحاق بالبرنامج.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة “هم الفئة الأكثر تضررًا” مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.
ورغم وجود العديد من المبادرات الفردية وأخرى تدعمها منظمات المجتمع المدني، إلا أن عدداً قليلاً من الأطفال يشارك في الخيام التعليمية، فالآلاف منهم يعزفون بطلب من ذويهم عن ذلك مدفوعين بالخوف من تعرض تلك المراكز للقصف كما حدث مع عشرات المدراس.
“}]]