رام الله/PNN/أكدت دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، أن ما يجري في قطاع غزة من قتل جماعي لا يمكن توصيفه إلا تحت بند الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، بل هي أكبر عملية إبادة جماعية تمارس على الهواء مباشرة.
وشددت في بيان صدر عنها، اليوم الثلاثاء، على أن “العالم اليوم على مفترق طرق فيما يخص القيم الإنسانية”، داعيةً المجتمع الدولي لاتخاذ موقف واضح بشأن هذه الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وقالت إن إسرائيل وتحت غطاء مزيف لفكرة “الدفاع عن النفس”، تسعى إلى تبرير الإبادة الجماعية في غزة والتطهير العرقي اليومي في كل الأرض الفلسطينية، وتحت هذا التبرير الزائف تمارس مجددا ما حدث لشعبنا في نكبته الأولى عام 1948، ونكسة 1967، ولكن هذه المرة على نطاق أوسع حيث تنفذ فعلياً تطهيرا عرقيا جماعيا لشعبنا الفلسطيني تحت ضباب الحرب.
وأضافت أنه ليس من حق المجتمع الدولي مطالبة الضحية الفلسطينية بإدانة نفسها من جهة، ومن جهة أخرى إعطاء ترخيص بقتل الفلسطينيين تحت حجج ومبررات الدفاع عن النفس.
كما أكدت دائرة شؤون اللاجئين، الرفض المطلق لأي مشاريع أو أفكار أو اقتراحات للتهجير، واعتبارها مشاريع تسعى للإجهاز على القضية الفلسطينية برمتها، وخلق حالة لجوء فلسطينية جديدة سيكون لها تأثيرها الخطير على الإقليم والعالم، مشيرة إلى أن الحل أو المدخل الحقيقي يكمن في معالجة شاملة للقضية الفلسطينية من خلال الإقرار بالحقوق الفلسطينية وفقا للشرعية الدولية ومن خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين وفقا للقرار 194.
وطالبت الدائرة بالوقف الفوري لإطلاق النار والعدوان على قطاع غزة، وإتاحة المجال للطواقم الطبية والدفاع المدني وطواقم الإنقاذ من انتشال المفقودين من تحت الأنقاض، وإتاحة المجال للمواطنين الفلسطينيين من العودة لبيوتهم وأملاكهم ومصادر رزقهم.
كما شددت على ضرورة فتح معبر رفح وممرات إنسانية عاجلة وآمنة تسمح بإدخال كل احتياجات قطاع غزة من الغذاء والماء والوقود والدواء، دون شروط أو قيود أو تحديد لعدد الشاحنات، وكذلك السماح بسفر الجرحى للعلاج في الخارج، ووصول طواقم طبية إلى غزة للمساعدة في إنقاذ الجرحى، ورفض المفهوم الإسرائيلي للممرات الآمنة التي من شأنها دفع الناس، وتحت تهديد القوة والتدمير والقتل، إلى ترك قطاع غزة نحو شمال سيناء والذي هو مخطط أصبح مكشوفا للقاصي والداني.
وجددت الدائرة التأكيد على تفويض وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وفقا للقرار 302، وعلى مشارِكتها الفاعلة في إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة بشكل كامل، وعودة عملها ومقرها الرئيس في مدينة غزة، وإجراء التنسيق اللازم والتعاون مع كافة الوكالات الأخرى مثل منظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأغذية العالمي، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، واليونيسيف.
وأكدت ضرورة أن تعمل هذه المنظمات الأممية على رفض الشروط التي تفرضها إسرائيل، والتي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسرًا من شمال غزة إلى جنوبها بشكل قاطع، والعمل على توفير مساكن ومآوي مناسبةً وآمنة وملبية لاحتياجاتهم الإنسانية الأساسية.
وقالت الدائرة إن ما يحدث اليوم في غزة والضفة الغربية والقدس هو محاولة مستميته من جانب إسرائيل لإعادة إنتاج نكبة أو نكسة جديدة بحق الشعب الفلسطيني، يكون الهدف الأكبر لها هو تهجير شعبنا الفلسطيني إلى خارج حدود فلسطين التاريخية، من أجل الوصول إلى القضاء على القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية الفلسطينية وحسم الصراع، حسب وجهة نظر حكومة الحرب الإسرائيلية.
وأضافت أن هناك رغبة جامحة لدى حكومة الحرب الإسرائيلية لإحداث نكبة حقيقية على الأرض هدفها كي الوعي الفلسطيني وقتل أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية أو تحقيق أي من الحقوق الفلسطينية في العودة والاستقلال واستعادة الممتلكات، مشيرة إلى أن ما يحدث اليوم يستهدف كل التواجد الفلسطيني فوق أرض فلسطين.
ولفتت إلى أن ما يجري اليوم في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، يؤكد المقولة بأن “النكبة جريمة مستمرة”، وأن الشعب الفلسطيني لا زال يعاني على مدار 75 عاما من بطش الاحتلال وجرائمه وانتهاكاته بحق الشعب والأرض والمقدسات والممتلكات وحقوقه في العيش والحركة والعودة واستعادة الممتلكات وحقه في تقرير المصير.
وأكدت أن هذه جرائم الاحتلال تمثّل انتهاكا للقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان وجميع الشرائع الدولية والاتفاقيات والمعاهدات الدولية وعلى رأسها اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949، واتفاقية لاهاي المتعلقة بالتسوية السلمية للنزاعات الدولية واتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989، مشيرةً إلى أنه لا يوجد بند في ميثاق الأمم المتحدة إلا وجرى المساس به بشكل سافر من قبل دولة الاحتلال.
وقالت دائرة شؤون اللاجئين إن غزة اليوم تعيش ذروة هذه النكبة المستمرة وأصعب صورها عبر تنفيذ مذابح كبرى بحقها، وتحويل أرضها لمجموعة من المقابر الجماعية، وإزالة أحياء بأكملها، وتغيير معالم الأرض، والتهجير القسري لأكثر من مليون ونصف باتجاه وسط وجنوب القطاع، في محاولة لتمرير عملية تهجير كجزء من سياسة التطهير العرقي، ودفع الناس نحو شمال صحراء سيناء، وتحويلهم للاجئين جدد خارج فلسطين، والضغط الوحشي عبر سلسلة المجازر التي أدت إلى إبادة جماعية لمئات العائلات الفلسطينية وشطبها من السجل المدني (وصل عدد الشهداء لأكثر من 11,500، إضافة الى أكثر من 23,490 جريحا)، وقصف البيوت (40,000 وحدة سكنية تم تدميرها)، والمساجد والكنائس والمدارس ومراكز الإيواء والمستشفيات، واستهداف الطواقم الطبية والصحفيين والمعابر.
وأضافت أن ما يحدث في غزة اليوم يعيد إلى الأذهان مشاهد نكبة عام 1948، وخصوصا السلسلة الطويلة من المذابح والمجازر وتدمير القرى ومسحها عن الخارطة، والتهجير القسري على يد العصابات الصهيونية في دير ياسين واللد والطنطورة والدوايمة ويافا والرملة وبيت دراس وأبو شوشة وسعسع، وصولا إلى مجازر صبرا وشاتيلا وقانا، ومخيم جنين، ومجزرة المستشفى الأهلي المعمداني في غزّة، ومجزرة الحي اليافاوي في مخيم جباليا، ومجازر المغازي والنصيرات والبريج وبيت حانون ورفح وخان يونس وبني سهيلا.
وتابعت أن كل هذه الصور والفيديوهات المباشرة التي تخرج من قطاع غزة والتي تقشعر لها الأبدان وعملية هدم البيوت على رؤوس المدنيين من أطفال ونساء ومسنين وذوي إعاقة، تمثل نماذج صارخة لهذه العقلية والتربية التي تقف خلف مرتكبيها والتي تبنى على الموت والقتل والاجتثاث والتزوير والتضليل ونفي الآخر، وممارسة العقاب الجماعي وما يتضمنه من تجويع الناس وقطع الكهرباء والمياه والوقود والاتصالات.
وأشارت إلى أن “هذه العقيدة السياسية والأمنية الإسرائيلية هي نتاج تاريخ كامل من القتل والفاشية للصهيونية، والتي جعلت من ممارسة الإبادة الجماعية، وارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ممارسات معتادة في السلوك الإسرائيلي الرسمي واليومي”.
ولفتت الدائرة إلى أن “ما يحدث كذلك من إجراءات في الضفة الغربية بما فيها القدس يمثل استكمالاً لمخطط إعادة إنتاج النكبة الجديدة، فقد جرى تحت جنح ظلام وستار الحرب في قطاع غزة، ممارسة أأكبر عملية تهجير جماعي ضد التجمعات البدوية، إضافة للهجمات الوحشية اليومية ضد المخيمات والمدن والقرى في الضفة الغربية، وتدمير للبنى التحتية والاعتقالات والقتل والاعتداءات على الممتلكات والمزارع ومنع الفلاحين من الوصول إلى أراضيهم لقطف الزيتون، وتشديد الحواجز وتكثيفها ومنع حرية التنقل والتنكيل بالمواطنين على الحواجز والطرق الخارجية بين المدن، وتطورت الأمور عبر منشورات قام بتوزيعها المستوطنون تدعو إلى ترحيل وتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية والتهديد بنكبة جديدة”.
وأكدت أن هذه المحاولة لإعادة إنتاج النكبة الجديدة تسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى تحقيق رزمة من الأهداف المعلنة وغير المعلنة، وتستهدف بالأساس الإجهاز والقضاء على القضية الفلسطينية برمتها عبر التهجير والاجتثاث وشطب قضية اللاجئين، ورسم خرائط سياسية وديمغرافية جديدة، وصولاً إلى ما صرح به رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو بـ”تغيير وجه الشرق الأوسط”.
وقالت “إن شعبنا الفلسطيني العظيم، وكما حافظ طوال 75 عاما من النكبة والتهجير على حضوره في المكان والزمان، وعلى هويته الوطنية وثقافته ووجوده فوق أرضه، وكما أفشل كل مشاريع التصفية والتهميش والقفز عن حقوقه الوطنية ونضاله ضد الاحتلال بكل السبل التي يكفلها القانون الدولي والإنساني، لن يسمح بأن تمر مخططات التهجير القسري أو أي فكرة من أفكار التوطين، وسيبقى صامدا صابرا مرابطا فوق أرضه، محافظا على حقوقه وتاريخه في غزة الكرامة والضفة الغربية بما فيها القدس”.