خطة الجنرالات.. جوانب مروعة وصمود فلسطيني أسطوري

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي هجمتها البربرية ضد شمال قطاع غزة منذ أكثر من شهر، وسط حملات إعدام وقتل وتجويع، واستهداف للحجر والشجر والبشر.

ورغم بشاعة الإجرام الصهيوني وفظاعة الموبقات التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن صحيفة معاريف العبرية أكدت أن آلاف الفلسطينيين ما يزالون في منازلهم في مخيم جباليا رغم شدة الضغط العسكري.

ويقول مراسلنا إن شدة القصف على مخيم جباليا والمناطق المجاورة له، لا يكاد يصدق، فحجم النيران التي تسقطها المقاتلات والدبابات الإسرائيلية مهول جدًا، وكل ذلك بهدف إجبار الناس على ترك منازلهم، وإفراغ مناطقهم، إلا أن ذلك يبدو أنه باء بالفشل نتيجة الصمود الأسطوري الذي يبديه المواطنون.

مراسلنا أكد أن المواطنين فضلوا الموت في منازلهم، على النزوح والموت على قارعة الطريق، وسط الجوع والقهر والعطش.

وفي السياق، كشف أستاذ جامعي وباحث إسرائيلي عن جوانب مروعة من “خطة الجنرالات” التي ينفذها جيش الاحتلال في قطاع غزة ويخفيها عن المجتمع الدولي.

وقال عيدان لاندو، أستاذ في علم اللغة في جامعة تل أبيب، في مقال نشره موقع مجلة “972+” الرقمية الإسرائيلية، إن الخطة تفضح “المظهر الخادع” لما تُسمى الاعتبارات الإنسانية، وتضع الأساس للاستيطان اليهودي في القطاع المحاصر.

وأضاف الكاتب أن هدف “خطة الجنرالات -التي أُميط اللثام عنها في سبتمبر/أيلول الماضي- بسيط للغاية، وهو تفريغ شمال قطاع غزة من سكانه الفلسطينيين”. وقد قدرت الخطة نفسها أن نحو 300 ألف شخص ما زالوا يعيشون شمال ممر نتساريم، على الرغم من أن الأمم المتحدة قدرت العدد بما يقارب 400 ألف شخص.

وأكد لاندو أن إعطاء إنذار مسبق لأهالي شمال غزة لإخلاء المنطقة “كذب”، مشيرا إلى أن البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف ينص بوضوح على أن إنذار المدنيين بالفرار لا ينفي صفة الحماية عن الباقين، ومن ثم لا يسمح للقوات العسكرية بإلحاق الأذى بهم.

إلى جانب ذلك، فإن “التشدق” بالقانون الدولي الإنساني ليس له أي تأثير، لا سيما أن من يقود الخطة -وهو اللواء احتياط غيورا آيلاند- ظل طوال العام الماضي يدعو إلى فرض عقاب جماعي على جميع سكان غزة، وإلى التعامل مع القطاع “كما لو كان ألمانيا النازية، وإلى السماح بانتشار الأمراض كخطوة تُقَرِّب النصر.

ويشير لاندو إلى القول إنه خلافا للصورة التي رسمها الجيش الإسرائيلي، والتي توحي بأن سكان المناطق الشمالية أحرار في التحرك جنوبا والخروج من منطقة الخطر، فقد أظهرت الشهادات المحلية “واقعا مخيفا”، وهو أن كل من خرج من منزله كان معرضا لخطر إطلاق النار عليه من قبل القناصة الإسرائيليين أو الطائرات المسيرة.

إن الغارات الإسرائيلية المتواصلة والحصار الشامل الذي يحول دون دخول جميع المواد الغذائية والطبية إلى شمال غزة -برأي لاندو- سياسة تجويع متعمدة. وأكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أن إسرائيل شرعت في منع دخول المواد الغذائية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أي قبل 5 أيام من العملية العسكرية.

ووصف الكاتب الإنذار “النهائي” الذي وجهته واشنطن لإسرائيل الشهر المنصرم بالسماح بدخول شحنات المساعدات إلى شمال غزة في غضون 30 يوما بأنه “سخيف”.

وأشار إلى أن سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل في شمال غزة لم تقتصر على منع دخول المواد الغذائية. ففي العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قصف الجيش مخزن الطحين (الدقيق) الوحيد في المنطقة، “وهي جريمة حرب واضحة وضوح الشمس.

ووفقا للمقال، فإن العقل المدبر للخطة، الذي كشف عنه الصحفي عمري مانيف من القناة الـ12 الإسرائيلية، ليس هم جنرالات الجيش الإسرائيلي، بل منظمة “تساف 9” اليمينية، التي يعتبرها لاندو هي المسؤولة عن إحراق شاحنات المساعدات الإنسانية قبل دخولها إلى غزة، والتي فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مؤسسها شلومو ساريد.

وطبقا لتقرير مانيف، فإن ساريد هو الذي ربط بين إيلاند ومنتدى قادة ومقاتلي الاحتياط، الذي نشر الخطة. ومن بين مؤسسي المنتدى، اللواء احتياط غابي سيبوني من معهد مسغاف، الذي انحدر من معهد الإستراتيجية الصهيونية المنحل.

ومن بين مؤيدي هذه الخطة أيضا منتدى كوهليت للسياسات “سيئ السمعة” -وهو مركز أبحاث يميني مسؤول عن كثير من الخطط الرئيسية للحكومة الحالية.

ويقول لاندو إنه على عكس ما يصرح به القادة العسكريون والسياسيون في إسرائيل، فإن الخطة نفسها هي “جريمة حرب”.

وعن تداعيات انتخابات الرئاسة الأميركية المرتقبة على الأحداث الجارية في قطاع غزة يرى الكاتب أنها تتيح لإسرائيل فرصة شهر واحد أو شهرين لتكثيف عملية الإبادة في شمال غزة، ولن يقف في وجهها أي شيء خلال هذه الفترة أو ربما بعدها.

ومع ذلك، فإن الكاتب لا يتوقع أن تحقق الخطة نجاحا، والسبب في ذلك يكمن في صمود أهالي غزة، الذين يقول عنهم إنهم لن ينصاعوا للإخلاء الطوعي، لأنهم قد ألفوا الرعب.

وأضاف أنه حتى الإبادة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي أداة “إرهاب”، لم تكن كافية لإقناع سكان شمال غزة بالإخلاء “طواعية”.

واعترف المحلل العسكري الأبرز في صحيفة يديعوت أحرنوت يوآف زيتون بأن قوات الاحتلال تطبّق بالفعل نسخة معدلة من “خطة الجنرالات”، التي تهدف إلى تقسيم قطاع غزة وعزل شماله عن باقي الأجزاء، مشيرا إلى أن هذه الخطة قد تستغرق 6 شهور حتى تتمكن من تحقيق أهدافها.

ويؤكد زيتون أن الجيش الإسرائيلي “بدأ منذ أسابيع بتنفيذ ما يمكن وصفه بتطبيق جزئي لـ”خطة آيلاند”، وهي خطة اقترحها سابقا اللواء المتقاعد غيورا آيلاند رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، وتهدف إلى حصار المناطق الإستراتيجية.

ويضيف أنه “على الرغم من التصريحات الإسرائيلية التي نفت تطبيق هذه الخطة بالكامل، فقد قام الجيش الإسرائيلي بقطع منطقة جباليا عن بقية أجزاء شمال القطاع عبر خط يمتد من الساحل إلى الحدود”.

من جانب آخر، كشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الجيش عزز قواته في جباليا شمالي قطاع غزة من خلال ضم لواء كفير إلى لواءي غفعاتي و401.

ويأتي هذا التطور وسط عمليات متصاعدة للمقاومة الفلسطينية ضد قوات الاحتلال في منطقة جباليا.

وفي تعليقه على سبب تعزيز جيش الاحتلال قواته في جباليا، قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء الركن محمد الصمادي إن جيش الاحتلال يريد ارتكاب المزيد من القتل والإجرام والإبادة في جباليا، كما أنه يحتاج إلى المزج بين الوحدات المدرعة ووحدات المشاة الآلية.

وأوضح أن جيش الاحتلال تعثّر منذ أسابيع في عمليته العسكرية بجباليا بسبب وجود الوحدات المدرعة، مشيرا إلى أن دخول لواء كفير -وهو من ألوية النخبة للمشاة الآلية- يمكن أن يساعد الجيش الإسرائيلي، لكن تعرضه للخسائر سيستمر.

وبحسب اللواء الصمادي، فإن المقاومة الفلسطينية في غزة تقاتل بأسلوب حرب العصابات ولا تحتاج إلى أعداد كبيرة من المقاتلين، بالإضافة إلى أن مقاتليها يختبئون فيما تبقى من شبكة أنفاق فاعلة، في حين أن جنود الاحتلال غير متخفين.

يذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي شن في 6 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عملية عسكرية على مخيم جباليا للمرة الثالثة منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وذلك بعد اجتياحين في ديسمبر/كانون الأول 2023 ومايو/أيار 2024.

وفي نظر اللواء الصمادي فإن جيش الاحتلال يهدف من خلال دخوله مجددا إلى المناطق التي دخلها في السابق لاستكمال التدمير واستهداف الحاضنة الشعبية وممارسة القتل البطيء في غزة، وهو هدف سياسي.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة