في هذه المقالة لست أدّعي انني محللا استراتيجيا او خبيرا عسكريا لا يُشق له غبار، او انني امتلك زمام الحكمة او القدرة على اتخاذ القرارت افضل مما يفعل اي قائد بدرجة متدنية في إيران.
انما هي اسئلة، تساؤلات، تدور في الاذهان، اذهان كثير من الناس، سواء العامة منهم والبسطاء او حتى المثقفين والمتابعين بشتى توجهاتهم، وهي باعتقادي اسئلة أو تساؤلات مشروعة ربما تحتاج الى اجابات مقنعة.
منذ تأسس الكيان اللقيط وفي جميع حروبه على دول الجوار، كان اول ما يقوم به هو تحييد و شل القدرات واسلحة الجو والدفاعات الجوية للدول ” المعادية” ، هذا ما حصل عام 1956 في العدوان الثلاثي على مصر، وفي العام 1967 ” حرب النكسة” وهذا ما حصل مؤخرا في سوريا وهو كان دوما حاصل في لبنان وما زال، مما يجعل سلاح الجو الصهيوني سيد الموقف، ويتسيد سماء تلك البلدان فلا تستطيع فعل شيء امام تلك القوة الغاشمة، وهذا ما يحاول فعله الان في ايران، وهو ان فعل ” لا سمح الله” فهذا يعني ان على إيران السلام كما هو الحال في سوريا و لبنان وغزة والعراق واليمن.
منذ ثلاثة ايام، يحاول الكيان اللقيط ان يفعل الفعل ذاته بايران، ويبدو انه يحقق نجاحات لا نعرف مدياتها، وهذا ما يدفع الكثيرين الى التساؤل عما كانت الجمهورية الاسلامية تفعله طيلة ما يزيد على عقدين من الزمن من اجل تعزيز قدراتها في مجال الدفاع الجوي وكل ما يتعلق بهذا الشأن. خاصة وانها تدرك ان العدو الصهيوني يهدد ويتوعد بضرب وافشال مشروعها النووي، وانها تحرض اميركا و العالم من اجل القضاء على هذا المشروع.
بصدق وصراحة وبدون لف او دوران، كان الكثير من الناس بما في ذلك ساسة وقادة الكيان، يعتقدون ان المشروع الايراني هو الخط الاحمر القاني الذي لن تسمح إيران لاحد المساس به، وانه اذا ما اقدم اي كان على استهدافه فإن إيران ستستعمل كل ما لديها لحماية هذا المشروع الذي تعتبره درة مشاريعها وعنوان كرامتها.
كان الكل يعتقد بان إيران ستقوم بالرد بشكل واسع يتفق مع ” تهديدات قادتها عالية السقوف” وان تضرب المصالح والقواعد والمنشآت للدول التي تتعاون او تتواطىء او تشارك او تسهل العدوان عليها، وان تغلق ممرات النفط لخلق ازمة عالمية ترتفع فيها الاسعار الى مديات غير مسبوقة، مما سيفرض على العالم التدخل وحل الازمة.
كما كان يعتقد انه في حال اقدم الكيان اللقيط على العدوان على ايران، فإن إيران سترد باقصى قوة، لا بل وستعمل على تدمير او ضرب مطارات وقواعد العدو قبل ان تتمكن طائرات العدو من العودة ” تحتاج الطاىرات الى حوالي ساعتين للعودة الى قواعدها في الكيان، بينما يستطيع الصاروخ فرط الصوتي ان يصل خلال عشرة الى خمسة عشر دقيقة”.
بالمناسبة، وفي اطار الإعداد للمواجهة مع ايران، قام الكيان بعد عملية الوعد الصادق 1 ببناء مدرجين اضافيين للهبوط بحيث اصبح في كل قاعدة 3 مدارج بدلا من واحد.
التردد في اتخاذ القرارت والوعد الصادق
عندما اقدم العدو الصهيوني على اغتيال الشهيد اسماعيل هنية، سمع العالم تهديدات من اعلى هرم السلطة في ايران الى ادنى مستوياتها ، تهديدات بالرد المزلرل والحتمي والمدمر… الا ان شيئا من ذلك لم يحدث، وكان هناك عدة تفسيرات لذلك، لا مجال للخوض فيها هنا.
وحين تم اغتيال القائد سيد شهداء الامة حسن نصر الله ، سمعنا ما سمعنا من تهديدات عن محو تل ابيب والكيان وغيرها من الشعارات ، الا ان شيئا من ذلك لم يحدث.
عدم الرد، والتردد في اتخاذ القرارت اضعف ” محور المقاومة” بشكل كبير وترك حزب الله بشكل خاص وحيدا في المواجهة وكانت النتائج التي يعلمها العالم.
بدون شك ان إيران اوجعت العدو الصهيوني في عمليتي الوعد الصادق 1 و 2, وهي ما زالت تؤلمه في الوعد الصادق 3 ، الا ان الاسئلة التي يتم سؤلها خلال هذه المواجهة، لماذا التردد، لماذا لا يتم شن غارات بمئات وربما الاف المسيرات والصواريخ البلاستية والفرط صوتية،. لماذا تتم الهجمات ” بالتنقيط” ، لماذا لا يتم ترجمة التهديدات ” مرتفعة السقوف” الى واقع حقيقي على الارض تماما كما يفعل العدو، خاصة وانه عدو لا يفهم الا لغة القوة والمزيد من القوة، علما بان عدوانه لن يتوقف الا اذا تم ضربه ضربات مؤلمة قاسية،قاتلة،مدمرة، أليمة، ضربات توقع اكبر قدر من الخسائر في كل شيء يمكن الوصول اليه لانه سيدرك حينئذ ان الامر ليس كما اعتقد وليس كما توقع او تخيل او ربما تمنى.
اخيرا نقول، اننا نكتب هذا الذي نكتب، لاننا نخشى على ايران ان تصبح مستباحة كما هو حال لبنان او سوريا او العراق او غزة، نكتب ما نكتب لاننا لا نريد انتكاسة جديدة للآمال المعقودة على ايران، نكتب وقلوبنا كما قلوب وضمائر كل الخيرين في هذا العالم ترنو الى إيران متمنين لها نصرا عزيزا مؤزرا في هذه المواجهة واي مواجهة قادمة مع قوى الشر والاستكبار في هذا العالم الظالم