غزة /PNN / عبد الله الدريملي – تتصاعد التحذيرات في قطاع غزة من تفاقم الكارثة الإنسانية مع دخول الحرب شهرها الثامن عشر، وسط استمرار الإغلاق الكامل للمعابر وتدهور حاد في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لسكان القطاع الذين يعانون أصلا من ويلات القصف الإسرائيلي المستمر على الجيب الساحلي.
ويعاني السكان من نقص شديد في السلع الأساسية، في وقت تشهد فيه أسعار المواد الغذائية ارتفاعا قياسيا، فيما باتت معظم الأسر بلا مصدر دخل وتعتمد كليا على المساعدات الإنسانية التي توقفت منذ أسابيع.
وقال مواطنون في غزة إنهم غير قادرين على تأمين حاجياتهم اليومية. وقال إبراهيم أبو عكر من سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة إن “أوضاع المعيشة باتت لا تطاق، والقدرة الشرائية انهارت بالكامل”.
وأضاف “أنا لم يعد باستطاعتي شراء الخبز أو الزيت أو حتى الأرز لأطفالي السبعة. الغلاء فاحش ولا عمل لدي وحاليا أواجه الخوف والجوع بدون أي مقومات صمود حتى نهاية هذه الحرب”.
حال أبو عكر هو حال غالبية سكان القطاع غزة الذين اضطروا للنزوح أكثر من مرة بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي في حربه واسعة النطاق على المنطقة وتدمير كافة مقومات الحياة في الجيب الساحلي.
سعدية أبو علي، فلسطينية أخرى من مدينة غزة، تشتكي من قلة “الحيلة” وعدم توفر أي مقومات الحياة لأطفالها السبعة الأيتام. وكان الجيش الإسرائيلي قد قتل زوجها “سالم” في قصف استهدف منزل عائلته العام الماضي.
وقالت سعدية “منذ وفاة زوجي أصبحت أنا المعيلة لأطفالي ولكن لا أملك أي شيء في هذه الحياة فأنا لا أعمل ولا أعرف أي شيء في هذه الدنيا سوى أنني أهرب بأطفالي من مكان إلى آخر لعلهم ينجون من الموت الذي يلاحقنا طوال الوقت”.
كل من أبو عسكر وسعدية بالإضافة إلى حوالي 95 في المائة من الفلسطينيين في قطاع غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية التي تقدمها لهم المنظمات الأممية من بينها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وبرنامج الغذاء العالمي.
ولكن، بسبب اغلاق إسرائيل للمعابر وتشديد الحصار لم يدخل أي من المساعدات الإنسانية إلى القطاع وهذا يفاقهم من الكارثة الإنسانية لدى السكان، على حد قول أمجد الشوا، رئيس شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة.
وما يزيد الأمر سوءا، قال الشوا، أن إسرائيل تنوي تبني خطة “مثيرة للجدل” بشأن آلية توزيع الجيش الإسرائيلي للمساعدات الإنسانية على السكان، معتبرا بأنها تمثل “عسكرة للمساعدات”.
وأضاف “في حال نفذت إسرائيل هذه الخطة فهذا يعني بأنها ستحرم عشرات الآلاف من الأسر التي قد تتهمها إسرائيل بأنها تؤيد فصائل المقاومة أو حتى يكون سبيلا لقتل مزيد من الفلسطينيين حتى أثناء حصولهم على الطعام وإعدامهم ميدانيا”.
وشدد على أن هذه الخطة ستؤثر سلبا على طبيعة المساعدات ومحتواها، داعيا المؤسسات الدولية إلى رفضها واتخاذ خطوات رسمية وفعلية لمنع إسرائيل من ارتكاب مزيد من “الجرائم ضد الإنسانية” في غزة.
وكان برنامج الأغذية العالمي اكد في بيان له أن نحو مليوني شخص في غزة، معظمهم من النازحين، يواجهون خطر المجاعة، محذرا من تناقص خطير في المخزون الغذائي وعدم قدرة المؤسسات الإغاثية على تلبية الاحتياجات بسبب إغلاق المعابر ومنع الإمدادات.
وقال البرنامج أن الوضع في غزة يتجه نحو انهيار شامل للأمن الغذائي، داعيا إلى السماح العاجل بدخول المساعدات وتسهيل وصولها إلى المدنيين دون عوائق.
في السياق، أفادت تقارير محلية بأن أسعار السلع في القطاع شهدت ارتفاعا غير مسبوق، حيث سجل الرقم القياسي لأسعار المستهلك زيادة بنسبة 70 في المئة خلال آذار/مارس مقارنة بشباط/فبراير، وذلك نتيجة النقص الحاد وزيادة الطلب في شهر رمضان.
وكانت إسرائيل قد أغلقت كافة معابر قطاع غزة في الثاني من آذار/مارس، عقب انتهاء هدنة دامت 50 يوما، قبل أن تستأنف عملياتها العسكرية في 18 من الشهر ذاته. وتقدر السلطات الإسرائيلية أن 59 من أسراها ما زالوا محتجزين في غزة، يعتقد أن 24 منهم فقط على قيد الحيا