[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
يضطر المواطن أبو محمد إسليم (50 عامًا) للتحرك كل يومين إلى مناطق يمكن من خلالها التقاط بث الاتصالات لمحادثة أبنائه الموجودين في رفح جنوب قطاع غزة، بعد أن اضطر للبقاء في مدينة غزة وعدم النزوح منها في بداية العدوان البري في نهاية شهر أكتوبر/تشرين أول العام الماضي.
يقول أبو محمد لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: بقيت في مدينة غزة لظروف خاصة ولم أستطع مغادرتها إلى جنوب الوادي، ونزح أبنائي مع عوائلهم، ومن ذلك الوقت بدأت المعاناة الشديدة، فلا اتصالات مريحة، ولا تصلنا أي أخبار فورية.
يضيف أنه مع كل غارة يتسلل الخوف والقلق إلى قلوبهم، هو وأبنائه يقلقون على بعضهم البعض، ومع تهديدات جيش الاحتلال بغزو مدينة رفح حيث يوجد أبنائه، تزداد مخاوفه على عوائل أبنائه.
قهر وألم
أما المواطن سلمان حسن (70 عامًا) نزح مع بدء الاجتياح الشامل إلى مدينة خانيونس، إلى مواصي المدينة غربًا، ونجله محمود نزح إلى مدينة دير البلح مع عائلته، ونجله الأكبر إبراهيم قد نزح إلى مدينة رفح.
يقول لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: إن ما حدث مع عائلته تشتيت بمعنى الكلمة، فالعائلة تشتت عن بعضها البعض منذ 5 أشهر، ولا نكاد نلتقي مرة كل شهر أو شهرين، وسط خوف وترقب شديدين.
هذه حكايات قهر وألم تنسج فصولها أحداث حرب الإبادة الجماعية، فالعوائل مفرقة ومشتتة عن بعضها البعض، ومرّ عليها شهر رمضان وعيد الفطر، وهي كذلك، فيما يبدو أن الاحتلال يستخدم ذلك كسلاح لتطويع الفلسطينيين، وكي وعيهم.
قصص الألم الموحشة تنتشر في غزة، فالحرب الإجرامية شتت العائلات ومزقتها، بالموت والاعتقال والنزوح، هي حرب قاسة لا يكاد أن يكون التاريخ الحديث قد سجل مثلها.
ومن الجدير ذكره أن الاحتلال أنشأ طريقًا عسكريًّا يفصل مدينة غزة وشمالها عن الوسط والجنوب، ويقتل الاحتلال كل فلسطيني يحاول التوجه شمالًا فيما بات أشبه بنظام فصل عسكري عنصري.
ويحلم المواطن إسليم وهو يواصل حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن تنتهي حرب الإبادة الجماعية، وأن يزال الطريق الفاصل، وتعود العائلات للم شملها، وأن يعم الأمن والحرية في ربوع فلسطين وغزة.
مشاعر جياشة
يقول الباحث الاجتماعي محمود هين “طبيعة الأسرة في مجتمع غزة أنها متماسكة وممتدة، وتربط العائلات علاقات اجتماعية جيدة، وبناء على التداخل هذا فإنه من المؤكد أن يكون هناك أشخاص من عائلة نزحوا نحو الجنوب فيما بقي آخرون في الشمال”.
ويضيف هين في تصريحات تابعها مراسلنا: “في الحرب تصبح المشاعر جياشة بشكل مبالغ، بخاصة أن هذا القتال يختلف عن أي عملية عسكرية سابقة، ولذلك نسجل حالات قلق وتوتر متفاقم بين النازحين الذين يبدون تخوفهم على ذويهم الذين رفضوا التشرد”.
ويكمل الباحث “بعد تكرار موجات النزوح لأكثر من خمس مرات، يمكننا القول إجزاماً بأن عائلات غزة تشتتت عن بعضها البعض حتى في الجنوب نفسه، ولم يعد هنا أي ربط أو تواصل بينهم، الأمر أصبح نفسي نفسي، وكل زوج يصطحب أسرته ويهرب بها، وهناك حالات قليلة تشتتت بها الأسر عن بعضها”.
المغتربون
ويعيش المغتربون، حالة إنسانية قاهرة، فهناك عشرات الآلاف من غزة يقطنون خارج فلسطين، تقول سمر التي تزوجت في ألمانيا إنها تحتاج لأيام طويلة من أجل التواصل مع أهلها في مدينة غزة، لتكتشف أنهم قد نزحوا جنوبًا تحت نار الحرب والقصف.
تضيف: في كل اتصال نحاول أن نتواصل فيه مع أهلنا، نواجه صعوبات جمة، لغياب الكهرباء في غزة، وضعف وتردي خدمات الانترنت والاتصالات السلكية واللاسلكية.
تؤكد أن مشاعر الخوف والترقب تسيطر عليها، فتقول إنها تتابع الأخبار عبر القنوات والوكالات على مدار الساعة، وتسأل الله العلي العظيم أن يزيح الغمة وأن يعم الأمن في القطاع المنكوب.
وتعد الاتصالات الملجأ الوحيد للحصول على المعلومات، لكن شبكات وأبراج التغطية تعرضت لأضرار بليغة بسبب القصف الإسرائيلي.
ويقول وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إسحاق سدر “الغزيون فقدوا الاتصال ببعضهم أكثر من تسع مرات، هناك 66 منطقة لا توجد بها تغطية نهائياً”.
ويضيف سدر “تعرضت 77 في المئة من أبراج تغطية الشبكات الفلسطينية لأضرار يصعب إصلاحها، وانقطاع أو تعطل الاتصالات يعني تعطل الإنترنت الذي لم يعد يستخدم إلا من قبل فئة قليلة”.
وتشن قوات الاحتلال “الإسرائيلي” منذ 7 أكتوبر الماضي حربًا مدمرة على قطاع غزة، أسفرت عن عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين إلى جانب تهجير مليوني نسمة وتدمير واسع جدًا في المنازل والبنى التحتية طال أكثر من 70 % من المباني، مع حصار مشدد وأزمة إنسانية خانقة ومجاعة غير مسبوقة خاصة في غزة وشمالها.
“}]]