تل أبيب -PNN- كرر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، للمرة الثالثة، التهديد بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، من دون أن ينفذ تهديداته حتى الآن، فيما أشار محلل الشؤون الأمنية، يوسي ميلمان، إلى أن هدف تهديدات نتنياهو معاكس، لأنه يخرج خطط واستعدادات الجيش الإسرائيلي إلى العلن، بينما “التخطيط لهجوم كهذا وإخراجه إلى حيز التنفيذ يجب أن يتم في السر”.
ويدعي الخطاب الإسرائيلي في هذا السياق أن إسرائيل لن تسمح لإيران بتطوير سلاح نووي، ويرافق ذلك إرسال طائرات مقاتلة إسرائيلية إلى تدريبات، تشمل إلقاء قنابل وإطلاق صواريخ طوال أسابيع كثيرة، وتكثيف جهود جمع المعلومات الاستخباراتية، وجهود دبلوماسية لسفراء ورؤساء بعثات إسرائيليين في أنحاء العالم، الذين يطالبون دولا كثيرة بدعم إسرائيل”، وفقا لمقال ميلمان المنشور في صحيفة “هآرتس” اليوم، الثلاثاء.
وأشار ميلمان إلى سرية استعدادات إسرائيل قبل مهاجمة المفاعل النووي العراقي، في حزيران/يونيو العام 1981، والمفاعل السوري في أيلول/سبتمبر العام 2007، لكن “من خلال التعليمات التي يوجهها إلى الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو، يسعى نتنياهو إلى التلميح لأجهزة الاستخبارات في العالم، وخاصة في الولايات المتحدة، بأن تتابع الاستعدادات والاطلاع على نوايا إسرائيلية، وهذا بمثابة ’امنعوا هجومنا’”، أي أوقفوا تطوير البرنامج النووي الإيراني.
وكان نتنياهو قد أمر الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو بالاستعداد لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، في العامين 2008 – 2009، بتأييد من وزير الأمن في حينه، إيهود باراك. لكن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، ورئيس الموساد، مئير داغان، ورئيس الشاباك، يوفال ديسكين، منعوا هجوما كهذا، وطالبوا بأن يتخذ القرار في الكابينيت، وكان واضحا لنتنياهو وباراك أنه لا توجد في الكابينيت أغلبية مؤيدة للهجوم.
إلا أن إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، تعاملت مع استعدادات إسرائيل للهجوم بجدية، وبعثت رسائل تحذير إلى حكومة نتنياهو – باراك. وكتب ميلمان أن أشكنازي أبلغه لاحقا بأنه لا يستبعد إمكانية أنه وداغان كانا “ضحية تضليل من جانب نتنياهو وباراك، لعلمهما أن المعلومات ستصل إلى آذان الأميركيين”.
وأضاف ميلمان أن إسرائيل أجرت استعدادات لهجوم في إيران، في العام 2012، وأن إدارة أوباما تخوفت مرة أخرى من أن نوايا إسرائيل جدية، وإثر ذلك بدأت مفاوضات سرية بين القوى العظمى الست وبين إيران وانتهت باتفاق نووي، في العام 2015، لكن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، انسحب منه، في العام 2018، بتأثير من نتنياهو.
وحسب ميلمان، فإن نتنياهو يطلق تهديداته بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، رغم أنه “لا توجد لدى سلاح الجو قنابل قادرة على اختراق ملاجئ المنشآت النووية الموجودة عميقا تحت سطح الأرض”.
يشار إلى أنه جاء في تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوم السبت الماضي، أن إيران قادرة على تخصيب يورانيوم من مستوى 60% إلى 90% وصنع مادة انشطارية تكفي لصنع عشر قنابل نووية، خلال عدة أشهر، وخلال سنة يكون بالإمكان تركيبها على صواريخ.
ووفقا لميلمان، فإن نتنياهو لن يتمكن من إخافة ترامب، “ولن يجرؤ على أن يتواقح مثلما سمح لنفسه بالتصرف مع أوباما وبايدن. وخلال محادثة هاتفية، قبل أسبوع، أوضح ترامب لنتنياهو ألا يجرؤ حتى على التفكير بخيار عسكري”.
واعتبر ميلمان أن نتنياهو الآن ليس مثلما كان في السنوات الماضية. “فهو ملاحق يائس ويتصرف كزعيم دولة مجنونة. وإسرائيل لن تهاجم في إيران بدون مساعدة أميركية. فهجوم كهذا لن يكون مفيدا، وسيدخل الجبهة الداخلية الإسرائيلية إلى الملاجئ لفترة طويلة. وهذا لا يردع القيادة والجيش الإسرائيلي عن تبذير مليارات الشواكل على استعدادات. لكن التوقعات بأن النتائج ستكون مختلفة هذه المرة عن المرات السابقة هي جنون كامل”.