تحذيرات إسرائيلية من استمرار الحرب في ظل الضغوط الدولية المتصاعدة

غزة -PNN- في ظل تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل وتعثّر المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى، إثر تعنت حكومة بنيامين نتنياهو، تتزايد الدعوات في إسرائيل لإعادة تقييم المسار العسكري والسياسي للحرب على غزة.

يأتي ذلك وسط تحذيرات من فقدان الدعم الدولي وتآكل فاعلية العمليات العسكرية، بالتوازي مع دعوات داخلية في إسرائيل للعمل على وضع مقترحات جديدة لبلورة صفقة شاملة تنهي الحرب وتجنب إسرائيل مأزق إستراتيجي طويل الأمد.

وحذّر محلل الشؤون الأمنية في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، رون بن يشاي، من أن إسرائيل تواجه خطر خسارة الشرعية الدولية وتضاؤل فعالية الحرب على غزة، داعيًا إلى تبني “مقترح بديل” لإنهاء القتال من خلال صفقة أسرى واحدة وشاملة.

وقال بن يشاي، اليوم الخميس، إن “الضغط الذي تمارسه إدارة الرئيس دونالد ترامب، والدول الأوروبية، بلغ مستويات تهدد المصالح الحيوية لإسرائيل، الأمنية والاقتصادية والسياسية”، مضيفًا “نحن نتحول إلى منبوذين على الساحة الدولية ونفقد شرعية الدفاع عن أنفسنا”.

وتابع “ضغوط مماثلة مورست علينا في حروب سابقة، ولم تتردد الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في الانحناء أمامها، والانصياع لمطالب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، انطلاقًا من قناعة بأن إنهاء الحرب في وضع جيد أفضل من السعي نحو الأفضل ودفع أثمان باهظة لفترات طويلة، بما يشمل العقوبات الاقتصادية وحظر السلاح”.

وأشار إلى أن المفاوضات في الدوحة وصلت إلى طريق مسدود، وأن الضغط العسكري الإسرائيلي “فقد كثيرًا من فعاليته”، بينما “تتهيأ حماس لمواصلة القتال عبر حرب عصابات وتبدي حساسية أقل تجاه معاناة السكان”، بحسب قوله.

ورأى بن يشاي أنه “رغم وجود احتمال جيد بأن يُحقق الضغط العسكري نتائج إذا استمر بوتيرة متصاعدة لأشهر إضافية، إلا أن فرص مقتل الأسرى وسقوط جنود إسرائيليين سترتفع في هذه الفترة”، مضيفًا: “باختصار، الساعة العسكرية تعمل ضدنا حاليًا”.

وأضاف “هناك احتمال أن يؤدي استمرار الحرب إلى مقتل عدد من الأسرى وسقوط المزيد من الجنود، أي أن الساعة العسكرية الآن لا تعمل لصالحنا”. ولفت إلى أن إسرائيل “ألحقت بالفعل دمارًا هائلًا وخسائر غير مسبوقة بالقطاع”.

وقال إن هذا الدمار غير المسبوق في قطاع غزة “سيُحفر في الوعي الفلسطيني لأجيال، كما حصل بعد الانتفاضة الثانية” التي اعتبر أن “تأثيرها النفسي على الفلسطينيين استمر مدة عشرين عاماً على الأقل، وما يحدث الآن في غزة أسوأ بكثير”.

وفي حين أشار إلى أنه “من غير الوارد الرضوخ لمطالب حماس كما هي”، قال إنه “يتعين علينا أن نجد إطارًا للتسوية يمكن للحكومة الإسرائيلية وحماس قبوله”، مشددا على ضرورة ضغط الوسطاء والجانب الأميركي على الأطراف لدفعها للتنازل.

واعتبر أن “حل هذه المعضلة يكمن في اتفاق حول ‘اليوم التالي‘ والتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح جميع الرهائن، الأحياء والأموات، دفعة واحدة”.

وتابع بن يشاي “حتى من يعارض الخضوع لشروط حماس يجب أن يقر بأن الظروف تغيّرت، ويجب التوصل إلى صفقة ممكنة تقبل بها الحكومة الإسرائيلية كما تقبل بها حماس”.

واقترح بن يشاي أن تُستبدل المطالب الإسرائيلية (مثل نزع سلاح غزة كليًا) بمطالب يمكن تطبيقها، وقال إنه يتعين عليها أن توافق من حيث المبدأ، مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن، على إنهاء الحرب، بل وحتى على ضمانات دولية يقدمها الوسطاء لحماس”.

كما اقترح انسحاب الجيش من عمق القطاع إلى محيط أمني داخل قطاع غزة إلى حين “التوصل إلى تسوية دائمة لوضع القطاع، والتي سيتم بموجبها إنشاء ترتيبات أمنية جديدة”، واقترح تشكيل قوة دولية أميركية–أوروبية لتدمير الأنفاق والسلاح الثقيل.

وقال إن على حماس والجهاد الإسلامي التعاون مع هذه الهيئة العسكرية الدولية التي ستكون “مماثلة للجنة العاملة حاليا في لبنان”، وقال بموجب هذه التسوية سيتم جمع وتفكيك الصواريخ والقذائف المضادة للمردعات والعبوات الناسفة والمسيرات، تحت إشراف هذه القوة.

واقترح عدم مطالبة فصائل المقاومة الفلسطينية بتسليم السلاح الخفيف مثل البنادق، وقال “لا توجد أي فرصة لكشف وتحييد الأسلحة الخفيفة، الكلاشينكوف والمسدسات وما شابه ذلك، حتى لو أعلنت حماس موافقتها على هذا، وبالتالي فإن الجهد المبذول سيكون دون طائل”.

وأوضح أن “المطلب الإسرائيلي بإبعاد قيادة حماس لم يعد مهمًا”، لأن “الجيش الإسرائيلي صفّى معظم قيادات الصفين الأول والثاني”، مشيرًا إلى أن حماس وافقت أصلًا على عدم المشاركة في الحكومة المقبلة لغزة في اليوم التالي للحرب.

ورأى أن العقبة الوحيدة المتبقية أمام الحكومة الإسرائيلية تكمن في الموافقة على مشاركة السلطة الفلسطينية في إدارة غزة ما بعد الحرب، وهو شرط عربي؛ وأشار إلى أن “التجربة المتراكمة في الضفة الغربية تشير إلى أن السلطة الفلسطينية تؤدي دورًا إيجابيًا هناك، بما يشمل حفظ الأمن، والتعاون، والتنسيق مع إسرائيل”.

وختم بالقول: “لا يوجد ضمان أن توافق حماس على هذا المخطط المرن، لكنه يلبّي بشكل معقول مطالب إسرائيل بتحرير الأسرى وتفكيك الخطر العسكري لحماس، ولذلك يستحق المحاولة”.

مشاركات مماثلة