[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
على الرغم من شدة وضوح ما تطرحه حركة المقاومة الإسلامية حماس ومعها فصائل المقاومة، من شروط محددة لا يمكن التنازل عنها تحت أي ظرفٍ كان، إلا أنّ بايدن ونتنياهو يواصلان الألاعيب وترسيخ ضبابية المشهد بتقاذف التصريحات والمواقف المتناقضة التي تحمل في طياتها هدفًا جليًا لإطالة أمد الحرب ومعاناة أهل القطاع المتواصلة منذ ثمانية أشهر، لتحقيق أهدافٍ سياسيةٍ تارةً ولتضليل الرأي العام العالمي تارة أخرى، الأمر الذي واجهته المقاومة في غزة بثباتٍ ووضوح: “ما عجزوا عن أخذه في ميدان الحرب والمعركة، لن يحصلوا عليه بألاعيب السياسية”.
موقفٌ عززه ما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال”، أخيرا حين قالت إن قائد حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار أبلغ الوسطاء العرب بأنه سيقبل صفقة بخصوص غزة في حال التزم الاحتلال الإسرائيلي بوقف دائم لإطلاق النار، وهو ما عبرت عنه حماس مراراً منذ ترحيبها بإعلان الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة الماضي، عن مقترحه بشأن غزة. نقلت الصحيفة عن وسطاء عرب قولهم إن يحيى السنوار أخبرهم في رسالة قصيرة تلقوها أمس الخميس بأن “حماس لن تسلم أسلحتها ولن توقع على أي اقتراح يدعو لذلك”.
معركة بالغة الشراسة
يقول الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة في تدوينة له (عن مفاوضات الهدنة والتبادل.. معركة حقيقية): إن مفاوضي حماس يخوضون معركة بالغة الشراسة، ليس فقط لجهة الضغط والتجييش الأمريكي، بل أيضا لجهة تفاصيل معقّدة مع عدو ماكر لا يمكن الركون لنواياه، بخاصة فيما يتعلّق باستكمال المراحل الثلاث، في حال التوصّل لاتفاق نهائي. سدّد الله الرّمي والرأي.
مبادرة أم كمين إجرامي؟
بدوره قال الصحفي محمد أبو طاقية: لا زال بايدن وإدارته يواصلون مكرهم، ويكررون عبارات خبيثة، ويطالبون الدول بتصريحات ومواقف تضغط على المقاومة وتحملها فشل مبادرة خطابية وغير حقيقية.
ويستدرك بالقول: مبادرة أقل ما يقال عنها كمين إجرامي جديد بثوب سياسي خبيث؛ مبادرة تتبنى / هي رؤية العدو وتسعى لتجريد المقاومة وعزلها؛ وتمهد الطريق لعودة ماكنة القتل بعد أسابيع يعاد فيها ترتيب صفوف العدو وخاصة جيشه، ووتسحب فيها ورقة الأسرى من يد المقاومة.
ويتابع: من الصحيح أن خطاب بايدن يحمل في طياته يأسا وإعلان فشل الحل العسكري / الإجرامي أمام المقاومة؛ وفيه إعتراف ببقاء وقدرة المقاومة، لكن هو يعلن أيضا ويتبنى رؤية تعتمد على الإجرام أيضا لكن بطريقة جديدة ومطورة تختلف عن الحل الفاشل رغم 8 شهور من المجازر.
وأضاف أبو طاقية: المقاومة تفهم وتقرأ جيداً وتعرف أن خطاب بايدن لا علاقة له بأي ورقة أو نص تفاوضي حقيقي، وحينما رحبت وأعلنت إيجابيتها؛ رحبت بالمنطوق لتفرغ خطوة كانت تتوقعها، رحبت وهي تعلم أن الخطاب عبارة عن مكياج خداعي لموقف يحفظ إستمرار القتل والحرب ولكن بعد فاصل مهم جدا لهم،
واستدرك بالقول: لذلك خلال الأيام الماضية عملت المقاومة على التواصل وشرح كل تفاصيل المرحلة / الشهر الماضية من التفاوض لرؤساء الدول والأحزاب والمؤسسات الهامة في العالم والإقليم، ومن جهة أخرى تتعامل بروح عالية وإيجابية وذكاء مع جهود الوسطاء سعياً لتحقيق حقوق شعبها دون الوقوع والثقة بكذب الاحتلال وخدعه.
وشدد على أنّ عدونا -وداعميه- كما هو مجرم وقذر، هو مخادع وخبيث حد الغثيان، لكن غطرسته وتعوده على الخراف؛ جعلته يغفل عن أن التجربة والمفاوض مختلفان تماما، وأن ما فشلوا فيه بالنار والحمم لن ينجحوا فيه بالكذب والحيل..!
لا رد من حماس حتى اللحظة
وأمس الخميس، كشف المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري أنه لم يرد للوسطاء رد حتى الآن من قبل حركة حماس على المقترح الأخير بشأن صفقة لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل المحتجزين والأسرى بين الحركة وقوات الاحتلال الإسرائيلي، موضحاً أنّ حماس أفادت بأنها ما زالت تدرس المقترح. وأكد الأنصاري، في حديث لوكالة الأنباء القطرية (قنا)، أنّ جهود وساطة دولة قطر المشتركة مع مصر والولايات المتحدة مستمرة، داعياً إلى عدم الالتفات إلى التقارير الإعلامية غير الدقيقة، واعتماد المصادر الرسمية الموثوق بها خاصة في ظل حساسية وضع المفاوضات حالياً.
تناقض بين مقترحات بايدن والورقة الإسرائيلية
من جانبها، أكدت حماس، في مذكرة توضيحية، أنّ الورقة التي اطلعت عليها عبر الوسطاء بشأن خطة وقف إطلاق النار، التي أعلن عنها بايدن وقال إنها “ورقة إسرائيلية”، لا تتوافق مع ما أعلنه في تصريحاته، مشيرة إلى وجود فرق، وأنّ ما وصل إليها لا يوقف الحرب، ويمهد لاستئناف حرب الإبادة ضدّ الشعب الفلسطيني في غزّة. وشدّدت في الوقت نفسه على أنّها ملتزمة بموقفها الإيجابي تجاه التصريحات، التي يجب أن تنعكس في نصّ الاتفاق.
وأول من أمس الأربعاء، قال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية إن “الحركة وفصائل المقاومة سوف تتعامل بجدية وإيجابية مع أي اتفاق على أساس وقف العدوان بشكل شامل والانسحاب الكامل والتبادل للأسرى”.
ويرفض الاحتلال الإسرائيلي وقف عدوانه العسكري على غزة خلال المحادثات، وشن هجوماً جديداً على وسط غزة أدى إلى استشهاد 40 فلسطينياً وإصابة العشرات، بعد قصف طيران الاحتلال، ليلة الأربعاء، مدرسة تؤوي نازحين في مخيم النصيرات. وتزيد من صعوبة مفاوضات غزة المجازر الإسرائيلية المستمرّة في رفح وسائر القطاع، فضلاً عن الخلافات الإسرائيلية الداخلية.
ويتواصل الجدل الإسرائيلي الداخلي بشأن التوصّل إلى صفقة مع حركة حماس بموجب مقترح هدنة غزة، الذي قال عنه بايدن إنه مقترح إسرائيلي مكوّن من ثلاث مراحل، لكنه قدّم تفسيراته الخاصة له. وتتجه الأنظار بشكل خاص إلى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي خرج إلى العلن في أكثر من مناسبة، منذ خطاب بايدن، مؤكداً استمرار الحرب حتى تحقيق جميع أهدافها، وعلى رأسها القضاء على حركة حماس.
وعلى الرغم من كون مقترح هدنة غزة إسرائيلياً كما أعلن بايدن، إلا أن نتنياهو يواصل تنصله منه، في ظلّ ضغط جزء من شركائه في الائتلاف الحاكم، على رأسهم الوزيران إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذان هددا بحل الحكومة إذا وافق على ما يصفانه بـ”صفقة سيئة”.
وتعثرت الجهود الرامية لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو ثمانية أشهر على غزة بسبب إصرار الاحتلال الإسرائيلي على “القضاء على حركة حماس”، وإعادة المحتجزين مع سياسة الضغط العسكري على الحركة، وهو ما لم يجلب أي نتيجة حتى الآن، فيما تشترط حركة حماس وقف الحرب بشكل شامل، والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، لعقد أي اتفاق.
محاولة لتجميل صورة واشنطن
من جانبه أكد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عباس زكي، أن المبادرة الأمريكية “لا تعبر عن رغبة واشطن الحقيقية في إنهاء الحرب؛ بل محاولة لإيجاد مندوب سامي يلتقي مع مطامعها في القطاع، وإنهاء الحرب بدون دولة فلسطينية حقيقية”.
وقال زكي في تصريحات صحفية الخميس، إن القبول بالمبادرة على نحوها الحالي، لا يمنح شعبنا الفلسطيني أي بصيص أمل بإنهاء العدوان بشكل حاسم ونهائي، ولا يرتقي مع طموح شعبنا في انهاء الحرب النازية التي تقودها أمريكا، بحسب وكالة سند.
ونبه إلى أن واشنطن هي التي تدير الحرب الإجرامية على قطاع غزة، وهي التي تنفذ أبشع أوجه النازية والأفران الحارقة بحق سكانها.
واعتبر أن المبادرة الأمريكية “محاولة بائسة لتجميل صورة واشنطن”، بعدما انتفض الغرب رفضًا للمجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال بإيعاز امريكي مباشر في القطاع.
وأضاف: “واشنطن تريد فقط إنقاذ صورتها بعدما تورطت في وحل الجريمة بالقطاع، وبعدما وصلت لقناعة واضحة أن حركة حماس لا يمكن لها الاستسلام كما كانت تعتقد إدارة بايدن في بداية الحرب”.
الموقف منكشف
بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي إنّ الموقف منكشف تماما بعد خطاب الرئيس الأمريكي بايدن عن مقترح إسرائيلي لصفقة تبادل أسرى بين الاحتلال وحركة حماس. صحيح أنّ خطاب الرئيس الأمريكي تعبّأ بالمفارقات المثيرة واتسم بالالتباس وألقى بظلال من الحيرة، إلا أنّ هذا بالضبط ما ينبغي أن يجعل الموقف منكشفا، أو أن يمعن في كشفه لكلّ بصيرة انكشف فيها من قبل.
وأشار عرابي في مقالة له بالقول: المفارقة باختصار أنّ الرئيس الأمريكي أعلن عن مقترح إسرائيلي ثمّ طالب (أي بايدن) الإسرائيليين بالموافقة عليه. في غير هذا الخَطب الفادح يمكن القول إنّها نكتة، ثمّ كانت المسافة بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي ما أثار الغموض والالتباس في الموقف، والمفارقة في ذلك، أنّ هذا الغموض والالتباس هو ما يمعن في كشف الموقف.
ونوه إلى أنّ ثمّة مؤشّرات أنّ هذه الإدارة الأمريكية وبالرغم من اندفاعتها الهائلة لدعم الإسرائيلي في حرب الإبادة، كانت تُفَضِّل شكلا للحرب أقلّ كثافة وزخما، ولكنها تبعت الإسرائيلي في رؤيته لحربه، وهي الآن مُتعَبة من هذه الرؤية الإسرائيلية، لا تجد إلا هذه اللعبة لمحاولة إقناعه بالمضيّ في مفاوضات هذه الصفقة، إلا أنّ هذه الضغوط والألاعيب مرّة أخرى، إنّما تجري داخل البيت الواحد، بحيث يمكنك أن تضع مكان اسم بايدن أيّ اسم إسرائيلي آخر من الساسة الإسرائيليين؛ لابيد، غانتس، حتى بن غفير!
وقال عرابي: إذا كان هذا هو الواقع الإسرائيلي/ الأمريكي، فمن هذا الذي يمكنه منّا أن يتوقع مسارات أيّ مقترح معروض على حماس؟ يحب مقدّمو نشرات الأخبار سؤالنا عن توقعاتنا في حرب مختلفة في كلّ شيء، بما في ذلك احتمالات الصفقة والهدنة، وما ينبغي علينا أن نفعله هو أن نحيلهم للطرف العدوّ وهو يدير ألاعيبه الداخلية بهذه الصورة، ونضفي كلّ شكّ وريبة على خطاباته ومواقفه ومقترحاته!
وختم بالقول: أخيرا.. هذا هو الحال الإسرائيلي وهكذا تتبعه أمريكا آخر الأمر (لماذا تتبعه بهذا العجز المفضوح؟ هذا موضوع كبير يستحق أن يناقش منفردا)، وهذه هي حماس، والمقاومة، وسكان قطاع غزّة، والشعب الفلسطيني؛ وحدهم (باستثناء من يقاتل إسنادا لهم). هذا هو الحال الثابت الدائم من قبل، والذي لا يمكن رؤية غيره من كلّ حيل الألاعيب القائمة؛ ألاعيب تُطالب حماس بالموافقة عليها. أليست هذه مهزلة في حقّ الجنس البشري أصلا؟!
“}]]