[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
في الوقت الذي تقف فيه المقاومة في غزة خصوصًا وفلسطين عموما، وحيدة في ميداني الحرب والمفاوضات، وبعد 185 يومًا من العدوان الغاشم المتواصل على قطاع غزة، لا يزال البعض يحلو له أن يطرح الأسئلة المشككة في المقاومة وتحميلها مسؤولية ما جرى من دمار وما ارتقى من شهداء، في مشهدٍ مستهجنٍ، يسعى لتبرئة ساحة العدوّ الغاصب وما ارتكبه من مجازر وجرائم الإبادة الجماعية، وإلقاء الكرة في ملعب الفلسطينيين وكأنّ هذا الثمن الباهظ الذي دفع وما زال يدفع دفاعًا عن شرف الأمة ومقدساتها هو شأن المقاومة وحاضنتها الشعبية وحدهم والباقي يحق لهم أن يبقى على مقاعد المتفرجين وحسب.
كتاب ومحللون سياسيون قرأوا هذا المشهد بالرفض والاستهجان، “فبينما يجد العدو حلفاء يشدون من أزره ويقفون معه، تقف المقاومة وحيدة دون أي إسناد عربي، رغم أن أهدافها تصب في خدمة الأهداف الاستراتيجية للعرب”، كما يقول الكاتب والمحلل السياسي عبدالله المجالي.
العرب يديرون ظهرهم
ويعبّر المجالي عن أسفه الشديد من أنّ “العرب يديرون ظهرهم للمقاومة، بل إن بعضهم يعمل ضدها، وذلك بحجة أنها أحد أذرع إيران، لكن الحقيقة هي أن إيران دولة لها رؤية استراتيجية وتستطيع تحمل تكلفة خياراتها المستقلة، أما العرب فلا يملكون الجرأة على ذلك لأسباب عديدة!”، وفقًا لمقالته بصحيفة السبيل.
ويرى أنّ “المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس ما زالت تخوض معركة مفاوضات لا تقل شراسة عن المعركة التي تخوضها في الميدان، وقد عبرت المقاومة أكثر من مرة أن ما فشل العدو في تحقيقه بالميدان العسكري لن يحققه بميدان السياسة.
ويتابع بالقول: للأسف فإن المقاومة تقف وحدها في تلك المفاوضات الشرسة، وحتى الأشقاء يقدمون أنفسهم كوسطاء محايدين، أما الأردن فلا دور له البتة في تلك المفاوضات، رغم أن نتائجها تؤثر في مصالحه بشكل مباشر.
ويشدد على “أن توقف الحرب الآن وعودة النازحين إلى شمال قطاع غزة يعني فيما يعنيه إجهاض طموحات العدو في تهجير أهالي غزة، وهو أمر في غاية الأهمية لكل من الأردن ومصر”.
ويلفت إلى أنّه “من هنا فإن إصرار المقاومة على هذا الشرط يجب أن يلقى إسنادا عربيا؛ أردنيا ومصريا على وجه الخصوص”.
جرم الإبادة في غزة.. مسؤولية من؟
وفوق كل ذلك لا تجد المقاومة من يساندها لا في ميدان المعركة ولا في ميدان التفاوض، فيما تنبري الألسن لاستغلال هذا التساؤل للغزة في قناة المقاومة وتحميليها المسؤولية، وهنا يرد عليهم الكاتب والمحلل السياسي منير شفيق بالقول: “منذ تأسست المقاومة المسلحة الفلسطينية المعاصرة من خلال حركة فتح 1965، بل منذ تسلمت الفصائل الفلسطينية بقيادة فتح م.ت.ف، وهنالك مقولة مسمومة تلاحق المقاومة في أثناء، أو بعد، كل حرب تشنّ ضدها، وضد الشعب الفلسطيني”.
وينوه إلى أنّ تلك المقولة: هل يساوي ما قامت به المقاومة، الثمن المدفوع، أكان كبيراً أم صغيراً؟
ويستدرك شفيق بالقول في مقالته بصحيفة “عربي٢١”: طبعاً، لا يصح أن يأتي الجواب: نعم يصح. لأن دماء الضحايا فوق كل ثمن، بالرغم من أنه ثمن، لا بد من أن يُدفع في المقاومة ضد الاحتلال الغاشم. وهذه مسألة واجهت كل الشعوب التي ناضلت ضد غزو أو احتلال، ومن بينها الشعوب الأوروبية التي قاومت الاحتلال النازي، وكذلك فييتنام والجزائر، ومن قبل استقلال أمريكا من الاستعمار البريطاني.
ويتابع حديثه: ولكن مع ذلك ثمة أصوات شاذة، أخذت تردّد تلك المقولة مستخدمة، وبلا وجه حق، مجزرة القتل الجماعي لمدة ستة أشهر، ولم تزل مستمرة، كحجة ضد المقاومة. وهي الإبادة الإنسانية التي يدينها القانون الدولي. وتسقط، أمام كل القِيَم والأخلاق والضمائر الإنسانية، لخروجها عن قوانين الحرب، والقوانين الإنسانية الدولية.
تبخيس الانتصار
ويلفت إلى أنّ هذه الأصوات سوف تتصاعد مرة أخرى، وذلك بعد انتصار المقاومة، بإذن الله، والمؤكد من خلال تجربة الستة أشهر الماضية. وذلك للتقليل، أو التبخيس، من أهمية الانتصار التاريخي للمقاومة والشعب في غزة. وهو انتصار لكل الشعب الفلسطيني، وللعرب والمسلمين والإنسانية، وأحرار العالم.
ويرى شفيق: أن تجارب كل شعوب العالم، بلا استثناء، تؤكد أن إثارة موضوع الخسائر في المقاومة أو حروب التحرير تحمّل مسؤوليته بالكامل على الطرف الذي احتل البلاد. ولا يجوز من قريب أو بعيد، تحميل المسؤولية للمقاومة العادلة المشروعة، والتي لا بد منها، لتحرير الوطن.وذلك إلى جانب، خوف هؤلاء، من التأكيد على صحة استراتيجية المقاومة المسلحة في مواجهة الاحتلال، واستمرار مسيرة تحرير فلسطين من النهر إلى البحر. فالانتصار يزيد التأكيد على صحة استراتيجية المقاومة المسلحة في مواجهة الاحتلال الذي وقع في حزيران 1967، وفي مواجهة اغتصاب الكيان الصهيوني لثمانين بالمائة من فلسطين، وإقامة “دولته” عليها عام 1948/1949.
التهويل بهدف الردع
ويتابع: هذا أولاً، أما ثانياً فيُراد التهويل على الفلسطينيين عموماً، وعلى كل من يتجرأ على مقاومة الاحتلال، أن يرتدع من الخسائر التي يمكن أن تحدث، إذا ما استمرت المسيرة، إلى التحرير الكامل. علماً أن هذه المجزرة لن تتكرر أبداً. لأن مرتكبها سيلقى، أسوأ مآل.
ويشدد شفيق على أنّ تجارب كل شعوب العالم، بلا استثناء، تؤكد أن إثارة موضوع الخسائر في المقاومة أو حروب التحرير تحمّل مسؤوليته بالكامل على الطرف الذي احتل البلاد. ولا يجوز من قريب أو بعيد، تحميل المسؤولية للمقاومة العادلة المشروعة، والتي لا بد منها، لتحرير الوطن.
وينوه إلى أنّ حجة من يثيرون هذه الإشكالية، خصوصاً، في الساحة الفلسطينية، ساقطة، ولا يجب الالتفات لها، إلاّ بالرد الحاسم في تبيان خطئها السياسي والأخلاقي، كما ضعفها وتهافتها وتغطيتها للجريمة والمجرم.
ويؤكد على أنّ “الذين يستعدون لاستخدام هذه المجزرة، ليهاجموا المقاومة أو لومها أو نقدها، عليهم أن يلتزموا الصمت أفضل، وإلاّ سقطوا في تهمة تسويغ تسليم العالم إلى وحوش، دونها وحوش الغابة، ولهذا يصرخ العالم اليوم وبصوت واحد: كفى كفى”.
رؤية العدوّ لانتصار المقاومة
والأنكى من ذلك كما يقولون أنّ الأعداء يشهدون بالنصر للمقاومة حتى اليوم ويؤكدون أنّ جيش الاحتلال فشل في تحقيق أيٍ من أهدافه، فيما تعمش عيون الناقدين من أولئك المشككين عمّا يراه الأعداء، وإن كان “الحق ما شهدت به الأعداء”.
وفي هذا السياق يقول الكاتب الإسرائيلي آلون مزراحي إن ما يزداد وضوحا في هذه اللحظة الفريدة هو أن حركة المقاومة الإسلامية حماس التي وصفها بالحركة الفلسطينية الصغيرة، لم تهزم إسرائيل فحسب، بل هزمت الغرب بأكمله، وغيرت مسار التاريخ خلال الشهور الستة الماضية.
وعدد الكاتب الإسرائيلي ما اعتبرها بعض أوجه الانتصار الذي حققته حماس، قائلا إنها انتصرت في ميدان المعركة بقطاع غزة، وانتصرت في معركة كسب الرأي العام، واستفادت بشكل مذهل من قراءتها للعقلية الإسرائيلية، وتمكنت بالإضافة إلى ذلك من استخدام كل ما لديها من موارد بكفاءة عالية.
وأضاف لم يتم تدمير حماس أو تفكيكها، وما زالت تحتفظ تقريبا بكل الأسرى الذين أخذتهم قبل 6 أشهر، ولم تستسلم لأي ضغط، وما زالت تعمل وفعالة، في قطاع صغير محاصر ومدمر تماما.
لتبقى الرسالة بحسب مراقبين لهؤلاء المشككين في كل نصرٍ تحققه المقاومة ضد العدوّ الصهيوني في حربه الغاشمة ضد غزة: “لا خيل عندك تهديها ولا مال.. فليسعد النطق إن لم تسعد الحال”.
“}]]