واشنطن/ رغم تأكيد الإدارة الأميركية في عدة مناسبات، وعلى لسان عدد من أرفع مسؤوليها، رفضها القاطع لأي محاولات للتهجير القسري لفلسطينيي غزة إلى الأراضي المصرية، أكد الرئيس جو بايدن خلال كلمة بمناسبة عيد الأنوار اليهودي (هانوكا) بالبيت الأبيض أمس الأول، طلبه من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ضمان فتح “البوابة لدخولهم مصر”.
وجاءت عبارة بايدن في إطار حديثه أمام الضيوف الذين حضروا الاحتفال بالمناسبة اليهودية في الغرفة الشرقية بالبيت الأبيض، حيث بدأ بايدن كلمته وبجواره دوغ إمهوف، الزوج اليهودي لنائبة الرئيس كامالا هاريس، شاكرا الحاخامات المشاركين في الاحتفالية، ومقدرا مباركتهم البيت الأبيض.
وفي إطار عرض جهوده لدعم المجهود العسكري لإسرائيل، والإفراج عن الرهائن والأسرى المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عدد بايدن ما قام به لدعم إسرائيل وسط تصفيق وإشادة من الحاضرين.
فتح البوابة
وقال “نحن نعمل بلا كلل من أجل العودة الآمنة للرهائن، لقد قضيت شخصيا ساعات لا حصر لها -وأعني ذلك، ربما تصل إلى 20 ساعة- مع القطريين والمصريين والإسرائيليين لتأمين حرية الرهائن، وإدخال الشاحنات، وتدفق المساعدات الإنسانية، وإقناعهم بفتح البوابة، ونجعل السيسي يضمن فتح البوابة إلى مصر”.
ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وتفاقم الوضع الإنساني هناك، تتكرر النداءات في بعض الدوائر الأميركية بضرورة سماح الحكومة المصرية بدخول أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين لشمال سيناء.
وتتجه عيون المراقبين في واشنطن إلى معبر رفح كونه المخرج الوحيد عن طريق البر، لكن الحكومة المصرية ترفض بقوة فكرة قبول تدفق اللاجئين، ولو بشكل مؤقت، لأنها تخشى أن يؤدي ذلك إلى توطينهم بشكل دائم، كما حدث مع بعض الفلسطينيين الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين في مناطق أخرى منذ عقود.
وخلال زيارته للقاهرة في 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حاول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، طمأنة مصر بالقول إن الولايات المتحدة لا تدعم الترحيل الجماعي لسكان غزة إلى مصر.
وأكد قائلا “نريد أيضا التأكد من أنهم بعيدون عن الأذى، وأنهم يحصلون على المساعدة التي يحتاجون إليها”.
وتطلب إدارة بايدن من الكونغرس اعتماد مبلغ 106 مليارات دولار للتعامل مع “الآثار الإنسانية العالمية للغزو الروسي الوحشي لأوكرانيا وهجمات حماس المروعة على إسرائيل، بما في ذلك تقديم المساعدة الإنسانية للمدنيين في غزة”، وفق تعبيرها.
وتضمن طلب الاعتماد المالي جزءا خاصا بعنوان “مساعدات الهجرة واللجوء”، طالب فيها بايدن بمبلغ إضافي قيمته 3.495 مليارات دولار، ليظل متاحا لإنفاقه تلبية للاحتياجات الإنسانية.
وأشار الطلب إلى أن هذه المبالغ ستوضع في حساب إدارة مساعدة الهجرة واللاجئين (إم آر أي) داخل وزارة الخارجية، وأن من شأن هذه الموارد أن “تدعم المدنيين النازحين والمتضررين من النزاع، بمن فيهم اللاجئون الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية، وأن تلبي الاحتياجات المحتملة لسكان غزة الفارين إلى البلدان المجاورة”.
وتركت هذه اللغة الغامضة الباب مفتوحا ليراها البعض كاستعداد أميركي لتوفير الموارد المالية التي تعكس خطط تهجير وتوطين سكان غزة خارج القطاع.
ترحيل قسري
من جانبها، حذرت منظمة “الديمقراطية للعالم العربي الآن” إدارة بايدن بشأن طلبها من الكونغرس الموافقة على تمويل بقيمة 14 مليار دولار لإسرائيل، معتبرة أن هذه الدفعة تحتوي على لغة تشير إلى دعم فكرة الترحيل القسري للفلسطينيين من غزة.
وحثت المنظمة الكونغرس على رفض مشروع قانون التمويل التكميلي، الذي يقترح تمويل المساعدات الإنسانية للفلسطينيين الذين ينزحون من غزة إلى الدول المجاورة.
وعاد البيت الأبيض ليؤكد خلال منتدى المنامة الأمني الشهر الماضي، على لسان بريت ماكغورك منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي، رؤية البيت الأبيض لأزمة غزة، التي تضمنت رفض أي تهجير قسري للفلسطينيين من غزة.
غير أنه في الوقت ذاته، لا يتوقف الكثير من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، إضافة لعدد من افتتاحيات الصحف، عن الإشارة إلى ضرورة أن تتحمل الحكومة المصرية مسؤولياتها، وتفتح أراضيها أمام الفلسطينيين من أجل تجنب كارثة إنسانية في غزة، دون الإشارة إلى أن استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع هو سبب هذه المعاناة الإنسانية غير المسبوقة.
المصدر : الجزيرة