يوم 8 تموز/يوليو 1994، فارق كيم إل سونغ (Kim Il-sung) مؤسس جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، المعروفة بكوريا الشمالية، الحياة عن عمر ناهز 82 عاما بسبب نوبة قلبية مفاجئة. وعلى إثر وفاته، أعلنت كوريا الشمالية حدادا وطنيا استمر ليوم 17 من نفس الشهر. ومع وفاة الأخير، تولى ابنه كيم جونغ إل (Kim Jong-il) مقاليد الحكم بالبلاد لفترة استمرت لحدود شهر كانون الأول/ديسمبر 2011.ومع بداية فترة حكمه التي استمرت لأكثر من 17 عاما، واجه كيم جونغ إل بداية من العام 1994 أزمة تمثلت في مجاعة عصفت بالبلاد وتسببت في سقوط عدد كبير من الضحايا.أسباب المجاعةومع بداية هذه المجاعة الملقبة بالمسيرة الشاقة والتي تزامنت مع أزمة اقتصادية، واجهت كوريا الشمالية مصاعب عديدة بسبب عوامل طبيعية وإنسانية من صنع البشر. فخلال تلك الفترة، عاشت جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية على وقع عوامل طبيعية تمثلت في أمطار غزيرة وأعاصير وفيضانات تلتها فترات جفاف. وقد أسفرت هذه العوامل المتتالية عن إفساد الحقول والمحاصيل. بالتزامن مع ذلك، أضرت سياسة الحزب العمال الكوري الشمالي بطبيعة ومناخ البلاد. فمنذ الستينيات، أعلن الحزب الشيوعي عن حملة
يوم 8 تموز/يوليو 1994، فارق كيم إل سونغ (Kim Il-sung) مؤسس جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، المعروفة بكوريا الشمالية، الحياة عن عمر ناهز 82 عاما بسبب نوبة قلبية مفاجئة. وعلى إثر وفاته، أعلنت كوريا الشمالية حدادا وطنيا استمر ليوم 17 من نفس الشهر. ومع وفاة الأخير، تولى ابنه كيم جونغ إل (Kim Jong-il) مقاليد الحكم بالبلاد لفترة استمرت لحدود شهر كانون الأول/ديسمبر 2011.
ومع بداية فترة حكمه التي استمرت لأكثر من 17 عاما، واجه كيم جونغ إل بداية من العام 1994 أزمة تمثلت في مجاعة عصفت بالبلاد وتسببت في سقوط عدد كبير من الضحايا.
أسباب المجاعة
ومع بداية هذه المجاعة الملقبة بالمسيرة الشاقة والتي تزامنت مع أزمة اقتصادية، واجهت كوريا الشمالية مصاعب عديدة بسبب عوامل طبيعية وإنسانية من صنع البشر.
فخلال تلك الفترة، عاشت جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية على وقع عوامل طبيعية تمثلت في أمطار غزيرة وأعاصير وفيضانات تلتها فترات جفاف. وقد أسفرت هذه العوامل المتتالية عن إفساد الحقول والمحاصيل. بالتزامن مع ذلك، أضرت سياسة الحزب العمال الكوري الشمالي بطبيعة ومناخ البلاد. فمنذ الستينيات، أعلن الحزب الشيوعي عن حملة لقطع الأشجار وإزالة الغابات بهدف إعادة تهيئة جغرافيا البلاد. وقد أسفرت هذه الحملة، خلال السنوات التالية، عن تآكل وتعرية التربة.
من جهة ثانية، اعتمدت الفلاحة بكوريا الشمالية، منذ الخمسينيات، بشكل مكثف على الأسمدة والمبيدات الحشرية والجرارات. وعلى مدار عقود، حصلت الفلاحة الكورية الشمالية على هذه المواد عن طريق المساعدات السوفيتية. ومع انهيار الاتحاد السوفيتي وتخلي الصين عنها بشكل تدريجي، فقدت كوريا الشمالية هذا الدعم لتضل وحيدة بمواجهة واقع جديد لم تكن مستعدة لمجابهته.
وإضافة لذلك، لم تمتلك كوريا الشمالية الموارد الكافية لشراء المواد الغذائية اللازمة لمواجهة المجاعة. فبسبب إقصائها من السوق العالمية والعقوبات الأميركية المسلطة ضدها، لم يكن في وسع الأخيرة الحصول على قرض لمقارعة هذا الواقع الجديد الذي تلا سقوط الاتحاد السوفيتي.
عدد كبير من الضحايا
على حسب تقارير الأمم المتحدة، تعزى هذه المجاعة بكوريا الشمالية أساسا لمشاكل ارتبطت بالقطاع الزراعي. فضلا عن ذلك، عانى حوالي 18 بالمائة من الكوريين الشماليين، أثناء أوج المجاعة ما بين عامي 1997 و1998، من نقص حاد في الغذاء وسوء تغذية. وقد مثل الأطفال الذين قلت أعمارهم عن 9 سنوات أكثر الفئات تضررا حيث عانى عدد هائل منهم من مرض كساح الأطفال بسبب نقص الغذاء. وأمام ارتفاع عدد الضحايا، اتجهت السلطات الكورية الشمالية لعدم تسجيل الوفيات ما بين عامي 1997 و1998 بإجراء حاولت من خلاله التعتيم على عدد الضحايا الحقيقي.
أسفرت هذه المجاعة عن حركة تنقل كبيرة للسكان داخل حدود كوريا الشمالية. وأملا في السيطرة على الوضع، أصدرت السلطات بطاقات هوية جديدة حاولت من خلالها إعادة تنظيم السكان حسب المواقع التي تواجدوا بها قبل المجاعة. أيضا، توعد المسؤولون بمعاقبة كل شخص يستخدم لفظ مجاعة لوصف ما يحصل بالبلاد.
أمام هذا الوضع، وجهت كوريا الشمالية لأول مرة بتاريخها نداء إنسانيا طلبت من خلاله مساعدة عاجلة من المجتمع الدولي. ومنذ العام 1995، باشرت العديد من الدول بإرسال مساعدات غذائية لكوريا الشمالية. وفي الأثناء مثلت الجارة كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأميركية والصين أبرز الدول التي باشرت بمد يد العون لكوريا الشمالية.
إلى يومنا الحاضر ما يزال العدد الحقيقي لضحايا مجاعة 1994 – 1998 بكوريا الشمالية مصدر خلاف. فبينما رجحت مصادر مستقلة وفاة ما بين 600 ألف ومليون شخص بسبب المجاعة، قدمت لجنة بالكونغرس الأميركي عام 1998 أرقاما تراوحت بين 900 ألف و2.4 مليون ضحية.