الداخل المحتل / PNN – يوصف رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، كمن يرضخ لإملاءات اليمين المتطرف الخلاصي في حكومته، وأنه يتجه إثر ضغوطهم ومن أجل الحفاظ على حكمه، إلى حرب إقليمية، بهدف ضم غزة والعودة إلى الاستيطان فيها.
إلا أن الباحث في العلاقات بين الجيش والمجتمع في إسرائيل، بروفيسور ياغيل ليفي، أشار في مقال في صحيفة “هآرتس” اليوم، الأحد، إلى أنه بالرغم من أن “هذه مخاوف ليست مفندة، لكن صورة الوضع معقدة أكثر بكثير”، لافتا إلى أن “شكل إدارة إسرائيل للحرب لا يختلف جوهريا عن الشكل الذي أدارت فيه حروبا في الماضي. فالروح العسكرية العلمانية والعقلانية، وليس الخلاصية، تسيطر على السياسة أكثر مما مضى”.
وأضاف أن “طواقم سلاح الجو الاسرائيلي، والاستخبارات ومنفذي خطط الذكاء الاصطناعي ليسوا خلاصيين، وهم ليسوا من أنصار نتنياهو بكل تأكيد. ومن الناحية الاجتماعية هم جزء من نواة الوسط – يسار الصلبة. لكنهم المسؤولون أيضا عن حجم القتل غير المسبوق للمواطنين الغزيين في الأسابيع الأولى للحرب. وبرز لدى قسم منهم الحماس حيال القتل وغريزة الانتقام، وفق ما كشفت تحقيقات. فشهية الانتقام ليست حكرا للحريديين – القوميين أو (اليهود) الشرقيين”.
وشدد على أن “أهداف الحرب غير الواقعية والمعزولة عن أي منطق سياسي، لكنها تخلو من شحنة خلاصية، تبناها الوسط – يسار بحماس، ومثقفوه أيضا، الذين شلّتهم لأزمة ’القضاء على حماس’. فلماذا نتذمر عندما يقود بنيامين نتنياهو الجيش بمنهجية من أجل تحقيق هذه الغاية، حتى إذا كان هذا يعني حربا لا تنتهي؟”.
ولفت ليفي إلى أن “الصحافة المكتوبة والإلكترونية أيضا، التي سارت بشكل أعمى خلف ما وُصف بأنه أهداف الحرب وحرصت على تجاهل أحجام القتل والدمار في الجانب الآخر، مثلما تثبت تقاريرها، ليست خلاصية. كما أن مؤسسات ليبرالية بارزة، التي تمتنع عن ذكر المعاناة في غزة، لا تعمل من منطلقات خلاصية”.
وتابع أن “غيورا آيلاند، وهو من أهم الذين يمنحون الشرعية للحرب، لا ينتمي إلى الجمهور الخلاصي. وخطته لتشديد الحصار على غزة لا تهدف طبعا إلى شق طريق للعودة إلى غوش قطيف (الكتلة الاستيطانية في غزة التي تم إخلاؤها في العام 2005). وهو يمثل تيارا هاما في الروح العسكرية العلمانية الإسرائيلية”.
كما أن إرهاب المستوطنين الخلاصيين في الضفة الغربية “نشأ في السنوات التي كان فيها سموتريتش وبن غفير بعيدين جدا من مواقع التأثير في الحكم”.
وشدد ليفي على أنه “ليس الخلاصيين أيضا هم الذين وعظوا بالتصعيد في لبنان والذين لم يطلبوا التوقف لفترة قصيرة والبحث في تبعاته. ومفهوم الضربة العسكرية بمعزل عن منطق سياسي هو جزء من DNA المفهوم الأمني الإسرائيلي، الذي بموجبه القدرة تقود إلى الفعل العسكري وليس المنطق السياسي. والتصعيد قاده الجيش بدون ضغوط من الكابينيت اليميني”.
ولفت إلى أن “الإعجاب بالقدرات التكنولوجية الكبيرة للجيش ينطوي على بُعد لاهوتي، لكن ليس خلاصيا. هل يائير لبيد ويائير غولان، اللذان تنافسا في معارضتهما لوقف إطلاق النار، هما خلاصيان أو من أنصار نتنياهو؟ كما أن المطالبين بالرد على إيران ليسوا خلاصيين”.
وأكد ليفي على أن “هذه الحرب ليست خلاصية، كما أنها ليست مدفوعة بمصالح نتنياهو السياسية فقط. وهي مغروسة عميقا في الثقافة السياسية الإسرائيلية العلمانية، رغم أنها أصبحت أكثر تطرفا في 7 أكتوبر. وبيأسها، تقوم القبيلة البيضاء بطقوس تطهّر كي تزيل عنها المسؤولية عن نتائج الحرب، الأخلاقية والإستراتيجية. لكن عليها محاسبة نفسها على الدماء التي سُفكت وستسفك”.