لاهاي – المركز الفلسطيني للإعلام
بدأت محكمة العدل الدولية -ظهر الخميس- أولى جلساتها بشأن الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا على إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وقال ممثل جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية: إن الشعب الفلسطيني حرم منذ 1948 من حقه في تقرير المصير، مشيرًا إلى أن قوانين “إسرائيل” صممت لفرض الفصل العنصري على الفلسطينيين.
وأضاف: منذ البداية ندرك في جنوب إفريقيا جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها “إسرائيل” ضد الشعب الفلسطيني.
وشدد وزير العدل في جنوب إفريقيا على أن الهجوم المسلح في 7 أكتوبر لا يبرر الجرائم ضد الإنسانية وقال: علينا منع الإبادة الجماعية.
وأضاف: إن تدمير حياة الفلسطينيين لم يبدأ في 7 أكتوبر بل منذ 76 عاما
وأكد أن إسرائيل شنت هجوما كبيرا على غزة وانتهكت اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية
وأشار إلى أن إسرائيل تحاصر غزة وتمنع الدخول برا وبحرا وهي سلطة احتلال.
وقال عضو في الفريق القانوني لجنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية: نحن لسنا وحدنا في لفت النظر إلى خطاب الإبادة الجماعية الإسرائيلي ضد غزة، 15 مقرراً أممياً حذروا من أن ما يحصل في غزة يحمل نية لتدمير حياة الشعب الفلسطيني، “إسرائيل” لديها نية للإبادة الجماعية في القطاع وهذا يتجلى في العمليات الممنهجة من خلال التهجير والقصف.
وأشار إلى أن قنص النساء والأطفال والرجال ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والتهجير مؤكدا أن كلها أدلة كافية على نية “إسرائيل” ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.
وأضاف: القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيليين قالوا بطريقة ممنهجة إن لديهم نية لارتكاب إبادة جماعية، وهذه الخطابات كررها الجنود في قطاع غزة.
وأشار في هذا الصدد إلى أن عضو “كنيست” حرض على محو غزة عن الكرة الأرضية، ووزير جيش الاحتلال غالانت أعلن عن فرض حصار كامل على القطاع.
وذكر الفريق القانوني لجنوب إفريقيا أن النية لتدمير غزة وصل إلى أعلى المستويات في “إسرائيل” كما صرح الرئيس هرتسوغ الذي قال إن هذه القذائف موجهة للقطاع وقال إن القتال سيستمر حتى يكسر ظهر المدنيين والسكان.
حماس ترحب
ورحب عضو المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة الدكتور باسم نعيم، بانعقاد الجلسة الأولى لمحكمة العدل الدولية اليوم في لاهاي بناءً على طلب جنوب أفريقيا بتهمة التطهير العرقي والإبادة الجماعية، ونتطلع لأن تصدر المحكمة قراراً ينصف الضحايا، بوقف العدوان فوراً على غزة ومحاسبة مجرمي الحرب.
وستتناول جلسات الاستماع مطلب جنوب أفريقيا بفرض إجراءات طارئة، وإلزام إسرائيل بتعليق عملياتها العسكرية في غزة في حين ستنظر المحكمة في حيثيات القضية، وهي عملية قد تستغرق أعواما.
وفي الدعوى المؤلفة من 84 صفحة، تشير جنوب أفريقيا إلى أن إسرائيل فشلت في تقديم الأغذية الأساسية والمياه والأدوية والوقود وتوفير الملاجئ والمساعدات الإنسانية الأخرى لسكان القطاع.
وأشارت أيضا إلى حملة القصف المستمرة التي دمرت مئات الآلاف من المنازل واضطرت نحو 1.9 مليون فلسطيني إلى النزوح، وأسفرت عن استشهاد 23 ألف شخص وفقا لبيانات السلطات الصحية في غزة.
وستستمع لجنة من 17 قاضيا، منهم قاضيان من إسرائيل وجنوب أفريقيا، إلى مرافعات مدتها 3 ساعات لكل طرف.
ومن المتوقع صدور حكم بشأن التدابير المؤقتة في وقت لاحق هذا الشهر. وأحكام محكمة العدل الدولية مُلزِمة، لكن المحكمة لا تملك تنفيذها.
وفي دلالة على ثقل مصطلح الإبادة، أرسلت إسرائيل قاضيا سابقا بالمحكمة العليا كان قد نجا من المحرقة النازية (الهولوكوست) التي وقعت قبل توقيع اتفاقية الإبادة الجماعية.
وستعين جنوب أفريقيا قاضيا أمضى في شبابه 10 أعوام في جزيرة روبن التي التقى فيها الرئيس السابق لجنوب أفريقيا نيلسون مانديلا.
وتحقق محكمة أخرى في لاهاي، وهي المحكمة الجنائية الدولية، بشكل منفصل في تهم ارتكاب فظائع في غزة والضفة الغربية. وإسرائيل ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية وترفض ولايتها القضائية.
من جانبه قال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا أمس الأربعاء “معارضتنا للمذبحة الجارية بحق شعب غزة دفعتنا بصفتنا دولة إلى اللجوء إلى محكمة العدل الدولية”.
وأضاف “بصفتنا شعبا تجرع يوما مرارة السلب والتمييز والعنصرية والعنف الذي ترعاه الدولة، نحن واضحون في أننا سنقف في الجانب الصائب من التاريخ”.
وأكدت جامعة الدول العربية دعمها وتأييدها الكامل الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية وخرق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، معربة عن تطلعها إلى حكم عادل يوقف الحرب العدوانية على قطاع غزة ويضع حدا لنزيف الدم الفلسطيني.
في السياق، أعلن المجلس الرئاسي الليبي أمس تأييده للدعوى ضد إسرائيل، وأكد في بيان الدعم بكل السبل للخطوة المتخذة من جنوب أفريقيا تجاه الشعب الفلسطيني، وما يتعرض له من إبادة جماعية غير مسبوقة على يد الاحتلال الإسرائيلي.
أما تونس فقالت إنها لن تنضم لأي دعوى تقدم ضد إسرائيل “لما في ذلك من اعتراف ضمني بهذا الكيان” لكنها أكدت أنها ستقوم بتقديم مرافعات شفاهية.
وفلسطينيا، تجمع العشرات أمس الأربعاء في رام الله بالضفة الغربية المحتلة لـ “شكر” جنوب أفريقيا على رفعها الدعوى أمام محكمة العدل الدولية.
وقال رئيس بلدية رام الله عيسى قسيس للحشد من أمام تمثال لنيلسون مانديلا يبلغ ارتفاعه 6 أمتار قدّمته في العام 2016 بلدية جوهانسبرغ (جنوب أفريقيا) “نشعر أن جنوب أفريقيا تسمع قلوبنا، وتسمع آلامنا”.
تعليق خبير حقوقي
من جهته، قال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده: إن جنوب أفريقيا تركت وحيدة في تقديم الدعوى أمام المحكمة ولم تنضم معها أي دولة، مؤكدًا أن إعلان الدعم لا يقدم ولا يؤخر وموقف شعبوي لا أكثر.
وأضاف عبده على حسابه على منص إكس: مواقف القضاة تاريخيا تتأثر بموقف بلدانهم، مشيرًا إلى أن 8 دول من أصل 15 لديها مواقف منحازة للاحتلال، ناهيك عن مواقف سلبية شخصية لقضاتها وآراء حول مدى صلاحية المحكمة في تحديد ما إذا كانت الجريمة إبادة من عدمه.
ونبه إلى أن المحكمة لن تصدر قراراً الآن فيما إذا كان الاحتلال قد ارتكب الإبادة من عدمه، بل الهدف تنفيذ حكم قضائي مؤقت بوقف النار وهذا يحتاج أيضاً وقت.
وأشار إلى أن الاحتلال يعمل على مدار الأيام الماضية لتصدير مواقف من المستشار القضائي والجيش لتلافي أي إدانة، لكن يبقى أهم ما في الأمر أن جريمة الإبادة رسخت التاريخ كاتهام للاحتلال لا يمكن إنكاره.