عند الحديث عما يجري من ” انتفاضة” طلابية في الجامعات الأمريكية، لا بد من الإشارة إلى أن الحركة الطلابية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لعبت دورا مهما كجزء اصيل من الحركة الوطنية الفلسطينية.
لقد كانت الحركة الطلابية عبارة عن المحرك الأساسي و ” الشرارة” التي تحرك الشارع الفلسطيني خاصة خلال سنوات الثمانينيات من القرن الماضي.
وغني عن القول انه كان للطلاب الدور البارز في انتفاضة الحجارة وظل الامر كذلك حتى تأسيس السلطة حيث بدأ هذا الدور بالتراجع وهو كما نشاهده اليوم بدون أدنى تأثير على مجريات الأحداث لا بل يعتقد البعض انه تم تخريبه بشكل ممنهج ومقصود بعد تأسيس السلطة.
وبالعودة إلى ما يجري في الجامعات الأمريكية، فإن ما يجري فيها من “انتفاضة” هو بدون شك أحد أهم ثمار الطوفان الذي انطلق في السابع من أكتوبر الماضي.
لقد أثبتت التجارب التاريخية ان “الانتفاضات” الطلابية وخاصة في اميركا والغرب بعامة كان لها أبلغ الأثر في تحديد مصير العديد من القضايا وساهمت بشكل كبير بوضع حد للحرب في فيتنام كما أسهمت بشكل فاعل في نهاية نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا هذا عدا عن دورها الاكثر أهمية فيما يتعلق بالحقوق المدنية للمواطنين ” السود” في اميركا.
حالة “الرعب” من امتداد او استمرار الانتفاضة الطلابية إلى بقية الجامعات هي التي دفعت برئيس وزراء الكيان إلى الخروج متحدثا باللغة الانجليزية مخاطبا قادة اميركا وجمهورها محرضا بدون خجل على الطلاب ولم يتردد في وصف حراكهم بحراك الطلبة النازيين في ثلاثينيات القرن الماضي، كما لم يتردد عن ممارسة “هوايته” بالكذب عندما قال ” ان الطلاب ينادون بالموت لليهود والموت لاسرائيل لا بل والأسوأ الموت لامريكا”، هذه الشعارات التي لم ترفع ابدا في اي من الجامعات، واتهامهم بتشجيع الإبادة الجماعية ومحرضا قوى الأمن في اميركا باستعمال المزيد من القمع لايقاف هذا الحراك.
حالة الفزع والرعب والخشية من تعاظم الانتفاضة دفعت ايضا رئيس الدولة العظمى بايدن للإدلاء بتصريحات كاذبة ايضا فيما يتعلق بالمشاركين في الانتفاضة ولم يتردد باتهامهم بالتهمة الجاهزة دوما ” معاداة السامية “.
هذا الأمر ” الفزع والكذب” هو أيضا ما دفع برئيس مجلس النواب الأمريكي المتصهين مايك جونسون للذهاب شخصيا إلى جامعة كولومبيا لمخاطبة الطلاب ومن ثم اتهامهم بمعاداة السامية كما فعل رئيسه من قبل.
حالة الرعب التي سيطرت على نتانياهو وكل قادة كيان الفصل العنصري كما والإدارة الحاكمة في البيت الأبيض ليست عبثية ولا مبالغة فيها لان كل واحد من هؤلاء مدرك تمام الإدراك ماذا يعني استمرار هذه الانتفاضة، وأنها اذا ما استمرت فهي لن تتوقف الا بتحقيق المطالب كما حدث في تجارب عديدة سابقة.
اخيرا، السؤال ربما الذي يحير الكثير من الناس في منطقتنا العربية هو، أين دور الجامعات في دول العربان وأن لم تتحرك في مثل هذه الظروف الأشد قسوة فمتى تتحرك؟ وبنفس المنطق، أين هي الجامعات الفلسطينية في الاراضي الفلسطينية المحتلة التي كانت تلعب الدور الأبرز في ظروف لم تصل ابدا إلى هذا المستوى من الدموية والقتل والدمار؟