[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
بين الوحشية والإنسانية .. هكذا يبدو المشهد عند مقارنة شهادة الأسيرة الإسرائيلية ليئات أتزيلي شهادة عن ظروف احتجازها ومعاملتها الحسنة من المقاومة في غزة، وبين الشهادات المروعة من المعتقلين الفلسطينيين المفرج عنهم من سجون الاحتلال.
شهادة أتزيلي
عبر صحيفة هآرتس الإسرائيلية، جاءت شهادة أتزيلي (الأسيرة السابقة في غزة) لتلقف إفك الاحتلال ودعايته المضللة عن عنف مزعوم تعرض له أسرى الاحتلال في غزة.
تلقيت معاملة حسنة وقدم لي الطعام الذي طلبته، كنت أتحرك بحرية في البيت الذي احتجزت فيه، هذا ما قالته الأسيرة الإسرائيلية، التي أفرج عنها في نوفمبر/تشرين الثاني كجزء من هدنة استمرت أسبوعا.
وروت أتزيلي التي أسرت من كيبوتس نير أوز، تفاصيل أسابيع أمضتها مع آسريها الذين قدموا لها الرعاية والحماية فترة أسرها، وكانت بينهم أحاديث ودية.
وذكرت أنه لم تكن هناك حراسة في المنزل الذي تسكن فيه على الإطلاق بل كان مفتوحا أمامها بالكامل، وكانت تتجول بحرية داخله، وكانوا يسألونها على الدوام إذا كانت تحتاج إلى أي شيء وإذا ما كانت تريد البقاء لوحدها في الغرفة.
وتقول الأسيرة الإسرائيلية السابقة أتزيلي، إنها في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول نقلتْ إلى شقة وهناك التقت بالعمال التايلانديين والتقت بأسيرة أخرى وهي آيلانا غريتزويسكي.
وتشير إلى أن بقاءهما معا أضفى جوّا من الارتياح جعلهما تتشاركان الحديث والمشاعر بينهما بل وحتى مع عناصر المقاومة التي كانت تحرسهما مما زرع نوعا من الثقة بينهم.
وأشارت إلى أنها كانت تتحدث مع آسريها عن الأطفال والأزواج والآباء وعن الحياة اليومية والعادات والطعام، لافتة إلى أن أحد الحراس كان يحب الطبخ حقا، لذا وصفوا لها جميع أنواع الأطعمة؛ المقلوبة والخضراوات المحشوة وجميع أنواع السلطات.
ارتياب فاطمئنان
وعن خوفها من كونها امرأة محتجزة لدى رجال، قالت إنها كانت “مرتابة جدا في البداية وتخشى من حدوث شيء أو أن تتعرض لاعتداء جنسي، لكن بعد ذلك تأكدت أن كل شيء كان على ما يرام، وأنهم كانوا ملتزمين بالحدود”.
وتقول الأسيرة السابقة إن حراسها اندهشوا من كونها نباتية وسألوها “إذن، ماذا تأكلين؟” فأجابت أنها تحب البيتزا كثيرا فذهب أحدهم بدراجته وأحضر بيتزا من “كريسبي بيتزا” في خان يونس. بعد ذلك طلبت الفواكه والخضراوات وأحضروها، وتقول “لقد عاملونا بإنسانية بطريقة جعلت من الممكن لنا أن نجتاز تلك الفترة على ما يرام، في المجمل”.
فصول الوحشية والسادية
وأمام هذه الصورة التي تعكس أرقى صور الإنسانية، في المقابل كانت مشاهد الأسرى المفرج عنهم تحكي فصولا من الوحشية والسادية لا يمكن تخيلها.
فبوجوه شاحبة وشعر رأس ولحى طويلة غير مشذبة، وملابس رثة، وجروح وندوب على الأيدي والأقدام يصل المعتقلون المفرج عنهم إلى قطاع غزة، وكذلك إلى الضفة الغربية، بعد أن حولت قوات الاحتلال سجونها ومراكز التوقيف إلى مسالخ للتعذيب السادي والانتقام والعقاب من الأبرياء لمحاولة الانتصار عليهم من انتقاما مما حدث في 7 أكتوبر.
واعتقلت قوات الاحتلال آلاف المواطنين منهم نساء وأطفال من قطاع غزة، وعرضتهم إلى أعتى أشكال التعذيب والانتقام من لحظة الاعتقال حتى الإفراج عن مئات منهم، فيما تبقي البقية في دائرة الإخفاء القسري.
تقرير يوثق 100 شهادة
ومؤخرا وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في تقرير له اطلع عليه المركز الفلسطيني للإعلام شهادات لنحو 100 معتقل فلسطيني مفرج عنهم، تظهر ارتكاب السلطات الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي جرائم مروعة بالاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والحاطة بالكرامة بحق آلاف المدنيين الفلسطينيين ممن جرى اعتقالهم في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
وأبرز الأورومتوسطي في تقريره الذي شمل أكثر من 50 صفحة بعنوان “رهائن الانتقام الإسرائيلي في قطاع غزة”، أن القوات الإسرائيلية نفذت حملات اعتقالات تعسفية جماعية وفردية واسعة بحق المدنيين في غزة، شملت حتى النساء والأطفال وكبار السن والنازحين، خلال هجماتها العسكرية البرية واقتحاماتها للمدن والمخيمات والأحياء السكنية المختلفة في القطاع.
صنوف التعذيب
وتخلص المقابلات التي أجراها فريق الأورومتوسطي مع المعتقلين المفرج عنهم إلى ارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والقتل العمد والعنف الجنسي والحرمان من المحاكمة العادلة على نطاق واسع ومنهجي ضد المعتقلين الفلسطينيين المدنيين، واستخدام الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية وسائل متعددة من التعذيب الجسدي والنفسي العنيفة بحقهم.
وشمل ذلك الضرب بقصد القتل، وإحداث إصابات وإعاقات دائمة، والعنف الجنسي، والشبح والصعق بالكهرباء، وتعصيب الأعين وتقييد الأيدي والأرجل لفترات طويلة وممتدة، والحرمان من الطعام والرعاية الطبية، بما في ذلك الرعاية الضرورية والمنقذة للحياة، والبصق والتبول عليهم، وغيرها من الممارسات القاسية والحاطة بالكرامة الإنسانية، إلى جانب أساليب متعددة من التعذيب النفسي، ومن ذلك التهديد بالقتل للمعتقل أو أفراد عائلته، وتوجيه الإهانات والشتائم الحاطة بالكرامة الإنسانية، والتهديد بالاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي.
تعذيب وتهديد بالموت
وفي إفادته ، قال “عبد القادر جمال طافش” (33 عامًا)، والذي اعتقله الجيش الإسرائيلي من مستشفى “كمال عدوان” الذي نزح إليه في شمالي قطاع غزة: “قام أحد الجنود بعد نزولي على الأرض بعصب عينيّ ووضع رقم على كتفي ولاصق، وبعدها أجبروني وأنا عاري على الجري ما يقارب 500 متر وبعدها ألقوني على الأرض وقام أحد الجنود بضربي وتعذيبي وتغيير وضعية تقييد يدي من الامام إلى الخلف رغم ابلاغي له أنني مصاب وقمت بعمل عمليه بلاتين في كتفي الأيسر وكان ذلك واضحًا له لأنني عاري الجسد. ورغم ذلك استمر في ضربي بحذائه، لدرجة وصولي إلى الإغماء عدة مرات وكذلك ضربي على مكان العملية من الخلف مما أدى لتفاقم الألم. ورغم استنجادي بإحضار طبيب وطلبي منهم أخدي إلى الطبيب رفضوا ذلك. أتى أحد الضابط من الجنود وقال لي: هل تريد الموت؟ وقام برفع سلاحه الشخصي وسحب أجزاء السلاح وإطلاق النار بجوار رأسي.”
تبول عليه الجنود
كما أفاد “م.ق” وهو من سكان مدينة غزة ويعمل مهندسًا في إحدى الشركات المحلية أن الجيش الإسرائيلي اعتقله من منزله وعرضه للتعذيب والمعاملة اللاإنسانية، مضيفًا: “انهالوا عليّ بالضرب المبرح لما يزيد عن نصف ساعة متواصلة، ثم أجبروني على الجلوس على كرسي الحمّام المجاور للغرفة، وطلب مني أحد الجنود نطق الشهادتين (تقليد ديني يفعله المسلمون عندما يعتقدون أنّهم على وشك الموت)، ثم أطلق النار مباشرة على الحائط المجاور لي. بعد ذلك ألقى الجنود عليَّ حجارة فيما كنت مكبلًا ومقيدًا في مكاني، وبعدها بنحو 15 دقيقة، سحبني الجنود ورموا بي على أرضية الغرفة ودعسوا على رأسي وتبوّل أربعة منهم عليَّ وهم يشتمونني بألفاظ نابية وشنيعة”.
اغتصاب أسرى
وروى الصحفي محمد عرب شهادة مروعة للمحامي الذي زاره في سجن عوفر، عن التعذيب الذي تعرض له وعن تعرض معتقلين لاغتصاب من كلاب إسرائيلية.
كما تحدثت أسيرات مفرج عنهم عن تعرضهم للتعرية والتنكيل والتعذيب والتحرش الجنسي.
تعذيب جنسي
وقدمت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان “ديوان المظالم” تقريراً خاصاً حول التعذيب الجنسي والمعاملة المهينة للكرامة الإنسانية الذي تعرض له المعتقلون والمعتقلات الفلسطينيون.
واستندت الهيئة في هذا التقرير الذي وصلت نسخة منه لـ المركز الفلسطيني للإعلام لشهادات شخصية جمعتها من معتقلين ومعتقلات تم الافراج عنهم، وتوّصل التقرير بوجود سياسات ممنهجة بالتعذيب الجنسي والمعاملة اللاإنسانية يتبعها جيش الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة، وهي تشكل نمطاً ونهجاً وليس فقط حالات معزولة.
وتكشف الشهادات التي استند اليها التقرير عن أشكال متعددة من التعذيب الجنسي التي تتدخل في الجوانب الأكثر خصوصية للشخص، وبالتالي تشكل واحدة من أشد أشكال انتهاكات حقوق الإنسان والتي تتمثل في الإساءة اللفظية الجنسية أو المهينة التي يتعرض لها المعتقلون والتي غالباً ما تتضمن إهانات جنسية صريحة ومهينة موجهة إلى أم أو زوجة المعتقل أو إلى المعتقل او المعتقلة أنفسهم. التعرية القسرية والتفتيش المهين اللذان يتعرض لهما المعتقلون خلال عمليات تفتيش متكررة ومهينة، والتي تكون مدمرة نفسيًا خاصة في السياق الثقافي العربي، واحيانا تتم هذه العمليات من جنود من الجنس الآخر وقد يتعرض المعتقلون خلال التعرية للضرب والاهانة الجسدية وغالبًا ما تكون هذه التفتيشات غير ضرورية، حيث يمكن استخدام أجهزة الكشف عن المعادن بدلاً عنها.
تعرية وتحرش
وأشارت إلى إجبار المعتقلين الذكور على البقاء عراة في غرف مع جنديات عاريات ويتعرضوا للاعتداء الجنسي من خلال لمس أجزاء حساسة من أجسادهم أثناء مراحل التحقيق، كما تتعرض المعتقلات الاناث للتحرش الجنسي أيضا من خلال لمس أجزاء حساسة من اجسادهن.
وتشكل حالات التهديد بالاغتصاب والاعتداء الفعلي على المعتقلين إحدى أشد أنواع التعذيب، بما يشمل إدخال أجسام كالعصي أو الأدوات ذات شكل مخروطي في دبر المعتقلين. علاوة على الإذلال واجبار المعتقلين القيام بأفعال غير إنسانية، كإجبارهم على المشي كالكلاب وهم عراة، مما يزيد من تجريدهم من كرامتهم وإنسانيتهم.
وتُظهر الشهادات الموثقة أن المعتقلات يواجهن انتهاكات خاصة وشديدة، حيث يتم حرمانهن من الوصول إلى اللوازم الصحية الأساسية المتعلقة بالدورة الشهرية، مما يتركهن في ظروف مهينة وغير صحية. بالإضافة إلى ذلك، تُظهر التقارير حوادث مؤلمة حيث تعاني المعتقلات الحوامل من الإجهاض نتيجة للتعذيب وسوء المعاملة التي يتعرضن لها أثناء الاحتجاز. كما يتم حرمان هؤلاء النساء من الرعاية الطبية اللازمة، مما يزيد من مخاطر التعرض لمضاعفات صحية خطيرة. هذه السياسات تعكس لا مبالاة صارخة بكرامة النساء المحتجزات وتنتهك المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
“}]]