رام الله /PNN / ناقش برنامج بدائل، الذي تنتجه شبكة وطن الإعلامية بالشراكة مع وزارة العدل وبدعم من برنامج سواسية المشترك، أهمية مدونة سلوك وأخلاقيات المحكمين ودور التحكيم كبديل فعال لحل النزاعات في فلسطين، وذلك خلال حلقة استضافت المحكمة والأكاديمية الدكتورة أريج عوض.
وقدمت المُحَكِمة والأكاديمية الدكتورة أريج عوض خلال الحلقة تحليلاً مفصلاً حول أهمية التحكيم، موضحة الفروقات الجوهرية بين القضاء والتحكيم، ومشددة على مبادئ الشفافية ودور التحكيم في تحقيق العدالة.
مدونة سلوك المحكمين تعزز الثقة والشفافية في التحكيم
صرحت المُحَكِّمة والأكاديمية د. أريج عوض بأن مدونة سلوك المحكمين التي أطلقتها وزارة العدل مع بداية هذا العام تمثل خطوة هامة نحو تعزيز الثقة في عملية التحكيم، وأوضحت أن المدونة تتضمن مجموعة من المبادئ الأخلاقية والإرشادات التي تلزم المحكمين بالالتزام بالشفافية والوضوح في أقوالهم وأفعالهم أثناء متابعة القضايا.
وأكدت د. عوض أن المدونة تهدف بشكل أساسي إلى ضمان نزاهة المحكم وحياده، حيث تشترط أن يتصرف المحكم بموضوعية واستقلالية، دون الانحياز لأي طرف من الأطراف المتنازعة.
وأشارت إلى أن المدونة تضمن حقوق جميع الأطراف بشكل عادل ومنصف، وتلزم المحكمين بالعمل بمهنية عالية من خلال آليات المساءلة المنصوص عليها، مما يعزز من كفاءتهم المهنية ويرفع من مستوى أداء عملية التحكيم.
مساندة القضاء من خلال المحكمين المتخصصين تعزز الكفاءة وتخفف الضغط عن المحاكم
أشارت د. عوض إلى أن مساندة القضاء من خلال توفير محكمين مهنيين متخصصين في مجالات دقيقة مثل الهندسة والنزاعات المصرفية تعد من أبرز أهداف مدونة سلوك المحكمين التي أطلقتها وزارة العدل هذا العام.
وأوضحت أن هذه الخطوة تساهم في تقديم حلول سريعة ومتخصصة للنزاعات، ما يساعد في تخفيف الضغط عن المحاكم وتقليص عدد القضايا المتراكمة.
[embedded content]
كما أكدت على أن توفير محكمين متخصصين يسهم في رفع فعالية تنفيذ القرارات القضائية، حيث يكون قرار المحكم ملزمًا ولا يمكن الطعن فيه إلا إذا خالف الإجراءات وأن هذا يعزز من سرعة البت في القضايا ويسهم في تسريع الإجراءات القضائية.
وأضافت د. عوض أن المدونة تساهم أيضًا في رفع كفاءة المحكمين من خلال آليات المساءلة التي تضمن تحسين جودة قراراتهم وتقليل الأخطاء المهنية، ما ينعكس بشكل إيجابي على عملية التحكيم وضمان تحقيق العدالة بين الأطراف.
أهداف مدونة سلوك المحكمين في مساندة القضاء وتحقيق العدالة
أكدت المحكِمة والأكاديمية د. أريج عوض أن مدونة سلوك المحكمين التي أطلقتها وزارة العدل في بداية هذا العام تُعد من أهم الأدوات التي تدعم القضاء الفلسطيني في توفير محكمين ذوي مهنية عالية ومتخصصين في مجالات متعددة مثل الهندسة والنزاعات المصرفية ، وقالت إن هذه المدونة تهدف إلى تحقيق حلول سريعة ومتخصصة للنزاعات، مما يسهم في تخفيف عدد القضايا المتراكمة في المحاكم، ويزيد من قدرة القضاء على تنفيذ القرارات بكفاءة أعلى. كما أن قرارات المحكمين تُعتبر ملزمة ولا تقبل الطعن إلا في حالات مخالفة للإجراءات القانونية المعمول بها، ما يعزز من نزاهة واستقلالية عملية التحكيم ويضمن مساواة الأطراف في حصولهم على الحقوق.
وأضافت د. عوض أن هذه المدونة لا تقتصر على توفير حلول سريعة فحسب، بل تساهم أيضًا في رفع كفاءة المحكمين على المستوى المهني، حيث تلزم المحكمين بالالتزام بمبادئ المساءلة، ما يعمل على تحسين جودة قراراتهم وتقليل الأخطاء. وهذا يساعد على تعزيز الثقة في نظام التحكيم بشكل عام ويزيد من فعالية عملية حل النزاعات.
الفرق بين القضاء والتحكيم
في المقارنة بين القضاء والتحكيم، أوضحت د. عوض أن السرعة واختصار الوقت يعدان من أبرز الفروق بين النظامين، مشيرة إلى أن القضايا في المحاكم قد تستغرق سنوات بسبب عدد القضايا الكبير، بينما يتميز التحكيم بأن المحكم يعالج عددًا محدودًا من القضايا في فترة زمنية أقصر، غالبًا لا تتجاوز 12 شهرًا (مع إمكانية تقليص هذه المدة بناءً على الاتفاق بين الأطراف). وأكدت أن هذا لا يعني المساس بجودة القرار التحكيمي، بل يلتزم المحكم بأعلى درجات الدقة والاحتراف في اتخاذ القرار.
من جهة أخرى، أشارت د. عوض إلى أن أحد الفروق الهامة بين القضاء والتحكيم هو مسألة اختيار الأطراف للمحكمين، حيث يتمتع الأطراف بحرية اختيار المحكم المتخصص في موضوع النزاع، في حين يُعين القاضي من قبل الدولة، مما قد يؤدي إلى نقص التخصص في بعض الحالات. بالإضافة إلى ذلك، أكدت على أهمية السرية في التحكيم، حيث يتم تبليغ الأطراف وتحديد جلسات التحكيم سريًا عبر الواتساب أو البريد الإلكتروني، بينما تكون جلسات المحاكم علنية، مما يساهم في الحفاظ على سمعة الأطراف في بعض القضايا الحساسة.
وأوضحت أن القرار الصادر عن المحكمة يمر بمراحل استئناف متعددة، ما قد يؤدي إلى التأخير في الفصل في القضية، بينما يكون القرار التحكيمي نهائيًا وغير قابل للطعن إلا في حالة مخالفة الإجراءات المنصوص عليها في قانون التحكيم.
التحكيم في القضايا الكبيرة: خيار قانوني فعال
د. عوض أعربت عن معارضتها للفكرة القائلة بأن القضايا الكبيرة يجب أن تظل محصورة في القضاء، مؤكدة أنه يمكن للقضايا الكبيرة أن تحل من خلال التحكيم بكفاءة عالية. وأوضحت أن وزارة العدل قد صنفت المحكمين إلى فئات مختلفة، ما يتيح لهم التعامل مع قضايا ذات حجم مالي كبير، حيث يمكن للفئة الأولى من المحكمين الفصل في أي قضية بغض النظر عن حجمها، بينما الفئة الثانية تختص بالقضايا التي لا تتجاوز قيمتها 50 ألف دولار، والفئة الثالثة تتعامل مع القضايا التي لا تتجاوز قيمتها 100 ألف دولار.
وأضافت د. عوض أن هناك العديد من قصص النجاح حيث تم حل قضايا كانت عالقة لسنوات في المحاكم، ولكنها تم حلها بشكل سريع وفعال من خلال التحكيم. كما أضافت أن رجال الأعمال يفضلون التحكيم لما يوفره من مرونة في تحديد مكان ووقت الإجراءات بما يتناسب مع مصالحهم، وهذا يعد من المزايا المهمة التي تجعل التحكيم خيارًا مفضلًا لهم.
أهمية المساءلة في التحكيم وكيفية تطبيقها عمليًا
أكدت الدكتورة أريج عوض على أهمية المساءلة في التحكيم لتعزيز الثقة في النظام بشكل عام. وأوضحت أن المجتمع، عند ملاحظته لأي تصرف غير قانوني أو سلوك غير مهني من المحكم، سيتجه إلى تحكيم أكثر مصداقية ،مشيرة إلى أن المحكمين الذين يلتزمون بقواعد مدونة السلوك، والتي تشمل النزاهة والشفافية والسرية، سيعززون الثقة في النظام. وأكدت أيضًا على ضرورة وضع معايير سلوكية واضحة، وتفعيل آلية للشكاوى، وتطبيق العقوبات إذا لزم الأمر لضمان المساءلة.
الإجراءات المتخذة لضمان الشفافية في التحكيم
أشارت الدكتورة عوض إلى أن المحكم ملزم بالشفافية منذ بدء التحكيم حتى نهايته. يجب على المحكم الإفصاح عن أي علاقة سابقة مع الأطراف، سواء كانت تجارية أو عائلية، لضمان الشفافية الكاملة. وأضافت أن القرارات التحكيمية يجب أن تبنى على أسس قانونية ومنهجية واضحة لضمان العدالة. كما نوهت إلى أن السرية تُحفظ من خلال التزام المحكمين بمدونة السلوك، مع إمكانية الإفصاح عن المعلومات فقط بموافقة الأطراف أو بموجب حكم قضائي.
الشروط الأساسية لتحقيق العدالة في التحكيم
شددت الدكتورة عوض على ضرورة تطبيق العدالة والمساواة بين الأطراف في جميع مراحل التحكيم ، وأكدت أنه يجب على المحكم الامتناع عن أي سلوك قد يؤدي إلى التحيز، سواء كان تحيزًا عنصريًا أو دينيًا، أو انحيازًا غير مقصود بسبب علاقة سابقة مع أحد الأطراف. وأضافت أن قبول الهدايا أو المزايا من الأطراف محظور، كما يجب على المحكم أن يلتزم بالنزاهة في اتخاذ قراراته.
نشر الوعي حول التحكيم في فلسطين
أكدت الدكتورة عوض على أهمية نشر الوعي حول التحكيم في المجتمع الفلسطيني، مشيرة إلى أن الوعي بهذا الموضوع ما يزال محدودًا.
وأشارت إلى ضرورة عقد ورشات عمل ودورات تدريبية لتعريف المجتمع بأهمية التحكيم، بما في ذلك دعوة الشركات والمؤسسات إلى تفعيل اتفاقيات التحكيم. كما أكدت على دور الأكاديميين في نشر ثقافة التحكيم بين الطلاب، الذين بدورهم ينقلون هذه الثقافة إلى محيطهم.
التحديات الزمنية للتحكيم
تناولت الدكتورة عوض موضوع السقف الزمني للتحكيم، مؤكدة أن التحكيم يختلف بشكل كبير عن القضاء، حيث يتسم بالسرعة والمرونة ، وأوضحت أنه بالرغم من أن الحد الأقصى للتحكيم هو 12 شهرًا، يمكن الاتفاق على فترات زمنية أقصر مثل شهر أو شهرين حسب طبيعة القضية.
توصيات لتطوير التحكيم في فلسطين
شددت على ضرورة أن يعمل المحكم على تحسين مهاراته من خلال الدورات المتقدمة وورشات العمل لمواكبة التطورات في القوانين والتشريعات المتعلقة بالتحكيم ، وأشارت إلى أهمية تطوير الجوانب الشخصية للمحكم، مثل التحكم في الانفعالات، فضلاً عن تعزيز مهارات الكتابة القانونية والتحليل.
أهمية التحول الرقمي في التحكيم
في ظل التطور التكنولوجي، أكدت الدكتورة عوض على أهمية التحول نحو الرقمنة في عمليات التحكيم. وأوضحت أن استخدام المنصات الإلكترونية في التحكيم، بموافقة جميع الأطراف، يساعد في تسريع الإجراءات وتقليل الوقت الضائع بسبب التنقل بين المحافظات.
وأضافت أن الرقمنة توفر أيضًا شفافية أكبر من خلال الأرشفة الإلكترونية التي تسهل الرجوع إلى الملفات في أي وقت.
رسالة للمواطنين الفلسطينيين حول التحكيم
اختتمت الدكتورة عوض برسالة للمواطنين الفلسطينيين، داعية إياهم إلى اللجوء إلى التحكيم كوسيلة بديلة لحل النزاعات الداخلية في ظل الضغوطات التي يواجهها النظام القضائي الفلسطيني بسبب الظروف الراهنة. وأكدت أن التحكيم يساعد في تخفيف العبء عن المحاكم ويوفر حلولًا عادلة وسريعة لجميع الأطراف المعنية.