[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
مع توالي حالات الوفاة نتيجة الجوع والعطش جراء الحصار الإسرائيلي الخانق على شمال قطاع غزة، تتعالى المخاوف من تفشي المجاعة وتسببها بوفاة مئات الآلاف.
من كان يتخيل أن يموت إنسان أو طفل جوعًا في القرن الواحد والعشرين؟ .. يتساءل الفلسطيني عبد الحليم سعيد الذي خسر 15 كجم من وزنه بعد 142 يومًا من العدوان والحصار الخانق على قطاع غزة.
وقال سعيد لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: منذ ثلاثة أيام أيام لم أتناول سوى الماء المخلوط بالملح، وأخاطر بالوصول إلى مكان وصول شاحنات المساعدات لكنني أعود خالي الوفاض مرعوبًا من القصف وارتقاء الشهداء والإصابات العديدة.
والأحد، وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان استشهاد وإصابة 30 فلسطينيًّا بعد استهدافهم من قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال تجمعهم في انتظار شاحنات المساعدات قرب دوار النابلسي على شارع الرشيد جنوب غربي مدينة غزة.
وخلال الساعات الماضية توفي الطفل الجريح محمد إيهاب جميل نـصـر الله (8 سنوات) في مستشفى الشفاء بمدينة غزة بسبب الجفاف وعدم توفر الغذاء والدواء.
فريسة للموت
وأمام اشتداد وتيرة المجاعة، حذرت مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية من ترك نحو نصف مليون فلسطيني فريسة للموت جوعاً وعطشاً في شمال قطاع غزة، بعدما انقطعت عنهم المساعدات بشكل شبه كامل منذ أسابيع، وشحت جميع الأصناف الغذائية والدوائية الأساسية وخاصة الطحين، نتيجة قيود الاحتلال واستمرار العدوان الإسرائيلي لليوم الـ 142 تواليا.
وقالت المؤسسات: يعاني ربع سكان القطاع ممن يتواجدون في شماله من انعدام حاد للأمن الغذائي.
وبحسب آخر تقرير مشترك لبرنامج الأغذية العالمي واليونيسف، فإن الأطفال تحت سن ال5 سنوات والحوامل والمرضعات يعانون من قصور كبير في الأغذية والمواد الأساسية لنجاتهم.
كما ويعرض انعدام الأمن الغذائي هذا حياة كبار السن والمرضى للموت جوعاً وعطشاً، أو يهدد بمعاناة صحية ستؤدي إلى عواقب خطيرة تستمر لأجيال مقبلة.
ووفقاً للتقرير، وجدت فحوصات التغذية التي أجراها الخبراء في مراكز الإيواء والمراكز الصحية في شمال قطاع غزة أن واحداً من بين ستة أطفال دون سن الثانية يعانون من سوء التغذية الحاد.
علامات ضعف وهزال
الدكتور حسام أبوصفية، مدير مستشفى كمال عدوان، أكد أن الأطباء يسجلون علامات ضعف وهزال شديد ناتجة عن سوء التغذية والجوع لدى جميع الحالات المرضية.
ويضيف أبو صفية أن المستشفى يستقبل 3 أضعاف طاقته الاستيعابية بسبب معاناة السكان من أمراض يمكن علاجها عبر توفير طعام صحي يعزز المناعة في مواجهة انتشار العدوى في الأماكن المكتظة.
وأكد أن جميع الحالات التي تعالج في المستشفى هي في وضع سيء وتظهر عليها علامات الشحوب والوهن بسبب فقدان التغذية السليمة، وهو ما يستدعي بقاءها لفترات أطول في المستشفى لتلقي العلاج، الأمر الذي يعتبر غاية في الصعوبة بالنظر إلى الإمكانيات المتاحة.
ويرى أبو صفية أن هناك خصوصية لكل مريض بما يتعلق بالتغذية خصوصاً كبار السن والأطفال، ويعتبر فقدان أصناف غذائية مهمة كحليب الأطفال والدقيق والخضروات والفواكه بأنواعها عاملاً مساعداً في تدهور الأوضاع الصحية للسكان بشكل عام.
ويُقدر أبو صفية أن أقل طفل فقد نحو 5 كيلو جرام من وزنه على الأقل، نتيجة سوء التغذية الحاد، هذا غير معاناة السيدات الحوامل وكبار السن، والمرضعات على وجهٍ خاص، حيث لا يجدن الطعام للاستمرار في الرضاعة الطبيعية، مما جعل انقطاع الحليب لدى المرضعات أمر شائع في شمال قطاع غزة.
ووفق أبو صفية؛ فإن الأطفال الرضع ممن تقل أعمارهم عن 6 أشهر هم الأكثر عرضة للوفاة بالنظر إلى إمكانيات المستشفيات الحالية، ولا يمكن للأطباء اسعافهم من الهزال الشديد الذي يسببه الجوع، كون الأعراض تظهر عليهم بسرعة كبيرة وتتطور إلى الأسوأ خلال فترة قصيرة.
أكلنا علف الحيوانات!
المواطن ناصر أحمد، 56 سنة، من سكان حي الصفطاوي، وهو أب لخمسة أطفال، يقول حسب البيان الحقوقي: “نعاني من مجاعة حقيقية، وهناك شح كبير في المواد الغذائية الأساسية، ولا أستطيع توفير أي نوع من أنواع الطعام لأطفالي، وأصبح أطفالي غير قادرين على الحركة، وقد أكلنا علف الحيوانات (الشعير والذرة). سمعنا عن بعض الوفيات في صفوف الأطفال نتيجة انعدام الغذاء الصحي والكافي، وأخشى أن أفقد أطفالي بسبب الجوع”.
أسعار مرتفعة
أما السيدة م. ش، وهي أم لثلاثة أطفال، وتسكن في حي النصر بمدينة غزة، تقول “فقدت زوجي منذ شهرين بسبب القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، ولا يوجد معيل لي ولأطفالي الثلاثة. قبل أيام قمت بشراء بعض الشعير والذرة لصنع الخبز لأطفالي بما توفر من مال، وقد قاربت على النفاذ بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية”،”.
وأشارت إلى أن سعر كيس الدقيق (وزنه 25 كيلوجرام) وصل سعره إلى نحو 700$، ولا تتوفر أصناف مهمة كالخضروات والفاكهة، والأرز والسكر وزيت الطعام والعديد من المواد الأساسية، وإن توفرت يكون سعرها مرتفع جداً ولا نقوى على شرائها.
وقالت: أجد صعوبة بالغة في توفير الحليب لطفلي الصغير مع ارتفاع سعره لنحو 40 دولاراً للعلبة الواحدة، حيث اعتاد أطفالي أن يؤمن لهم والدهم كل ما يحتاجونه من الطعام والشراب، والآن بعد استشهاده أكابد من أجل اطعامهم أنا وممن تبقى من عائلة زوجي في شمال القطاع”.
ويعاني السكان في أحياء مدينة غزة أزمة عطش شديد بسبب انقطاع مياه الشرب الآمنة وعدم كفاية المتوفر من مصادر المياه والتي بلغ العجز فيها نحو 90%، وهو ما يؤدي إلى تفاقم في سوء التغذية، فضلاً عن عدم كفاية المياه لأغراض الطهي والنظافة. ويحصل الافراد على 3 لتر لتغطي كافة الاستخدامات من نظافة وشرب.
الماء والنشا لسد الجوع
المسنة سميرة عيسى، 68 عاماً، من حي النصر بمدينة غزة، تقول: “أعيش أنا وزوجي المسن في شمال قطاع غزة، وذلك بعد أن نزح أبنائي مع زوجاتهم وأطفالهم إلى جنوب القطاع. لا يوجد طعام في المدينة، وعندما حاول زوجي الذهاب لانتظار شاحنات الطحين على طريق شاطئ بحر غزة، تعرضوا لإطلاق النار من الجيش الإسرائيلي، وتعرض بعض المدنيين لإصابات نتج عنها حالات وفاة. وفي كل مرة يعود زوجي دون أن يتمكن من الحصول على الطحين. ونقوم بخلط الماء والنشاء لنتمكن من سد جوعنا”.
لا وجود للمياه
الشاب وليد عادل عوض، 29 عاماً، الذي يسكن بحي الشيخ رضوان، غرب مدينة غزة، يقول: “منذ شهرين لم يتم ضخ أي لتر واحد إلى خزانات منازلنا، ويجبرنا هذا الأمر إلى جلب المياه الصالحة للشرب حال توفرها من أماكن بعيدة، أو شراء مياه البحر من الشاحنات القليلة التي تجوب الشوارع لأغراض الغسيل والنظافة”.
وأضاف: نحن نتحمل تكاليف كثيرة من خلال شراء طعامنا وشرابنا بأسعار مرتفعة، ومنذ بداية اليوم نسعى للبحث عن شيء نأكله ونمضي أياماً بدون أي طعام أو شراب. جميعنا نقص وزنه بمعدل 10- 15 كيلوا للفرد، ونرى أن الأوضاع آخذة بالتطور نحو الأسوأ مع مرور الوقت”.
بلدية غزة
ووفق بيانات بلدية غزة فقد قطعت قوات الاحتلال الإسرائيلية مصادر المياه عن قطاع غزة، ومنعت إدخال الوقود اللازم لتشغيل الآبار، وعمدت عبر آلتها الحربية إلى تدمير نحو 40 بئراً للمياه، و9 خزانات من مختلف الأحجام، ونحو 42 ألف متر طولي من شبكات المياه بأقطار مختلفة.
كذلك دمر الاحتلال آبار محلية ومركزية أبرزها بئر الصفا في شمال شرق المدينة والذي يغذي 20% من احتياجات المدينة من المياه، فيما يتم حجب المياه المشتراة من شركة ماكروت الإسرائيلية التي تغطي 25% من حاجة المدينة. بهذا يكون الاحتلال قد دمر نحو 60 بئراً من أصل 80 بئراً كانت تعمل قبل العدوان الحربي على قطاع غزة، بالإضافة إلى تدمير وتضرر محطة التحلية والتي تغذي المدينة بنحو 10% من احتياجاتها اليومية.
ويبقى التساؤل: متى ستلامس صرخات الجوعى الصامدين رغم القهر في قطاع غزة أسماع العالم ليلبوا نداء الإنسانية؟
“}]]