[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
لا زالت جريمة استهداف الاحتلال لموظفي الإغاثة من منظمة المطبخ المركزي العالمي تتفاعل في الأوساط الدولية، وعلى أعلى المستويات، بالرغم من المحاولات الإسرائيلية لتجاوز هذه الحادثة، من خلال محاولة تبريرها أو استخدام العلاقات الدبلوماسية للتغطية عليها.
وفي المقابل، لم تجد الدول التي كان الضحايا من رعاياها مفرّاً من اتخاذ موقف واضح تجاه هذه الجريمة، خصوصاً بعد أن أصبحت القضية عالمية وأثارت ضجة إعلامية كبيرة، وتحديداً لأنّ الضحايا في جلّهم ليسوا فلسطينيين، بل مواطنون في دول داعمة لإسرائيل.
تفاصيل الحادثة
كشف تقرير أعدته قناة الجزيرة أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف فريق الإغاثة التابع للمطبخ المركزي العالمي خلال قيامهم بإيصال المساعدات إلى المدنيين في قطاع غزة، في الأول من إبريل/ نيسان.
ووفقاً للتقرير، فقد كانت القافلة متجهة نحو شارع الرشيد، وهو الطريق الآمن الذي رسمته إسرائيل، عندما تعرّضوا للقصف. لينتج عنه سبع ضحايا من أستراليا وبولندا والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى شخص فلسطيني يحمل الجنسية الأمريكية.
وأكّد مؤسس منظمة المطبخ المركزي العالمي، خوسيه أندريس، أنّ الهجوم الإسرائيلي لم يكن مجرد خطأ، لكنّ الضحايا استهدفوا بشكل منهجي، سيارة إثر سيارة، مشيراً إلى تنسيقهم المسبق مع الاحتلال.
محطة فارقة
يرى الكاتب حسام شاكر أنّ داعمي حرب الإبادة الجارية في قطاع غزة كأنّهم كانوا بانتظار هذه المجزرة تحديداً؛ لإظهار انزعاجهم أخيراً تجاه جرائم الاحتلال.
ويضيف الكاتب أنّ جيش الاحتلال تعقّب عاملي إغاثة غربيين، وهم يتحرّكون على الأرض بتنسيق كامل معه، فسدّد لهم ضربات جوية متعاقبة اخترقت سيارات الدفع الرباعي وأجهزت عليهم.
ويشير الكاتب إلى أنّ جيش الاحتلال وحده الذي يجرؤ على اقتراف مجزرة صريحة بحقّ فريق إغاثة غربي، يعمل بالتنسيق الكامل معه، دون أدنى شعور بالذنب.
ويرى الكاتب أنّ مسؤولي الاحتلال يبرّرون الحادثة بأنّها لم تكن مقصودة وأنّ هذا يحدث في الحرب، مشيراً إلى أنّ ما قصده نتنياهو أنّ ضباط جيشه قصفوا الضحايا لأنهم حسبوا أنّهم فلسطينيون يمكن قتلهم دون تردّد.
ويشدّد الكاتب على أنّ قرائن الواقعة المشهودة تؤكّد أنّ قراراً إسرائيلياً صدر بلا ريب بإبادة فريق المطبخ المركزي العالمي، متسائلاً عن المستوى الذي اتّخذ القرار، ومغزاه من ذلك.
ويجزم الكاتب أنّ هذه المقتلة أقامت الحجّة على حلفاء حرب الإبادة، حيث كشفت نزعة الإجرام الإسرائيلي، كما قدّمت لجماهير الدول الحليفة برهاناً عملياً على زيف الرواية المعتمدة في عواصمهم.
معادلة صادمة
يشدّد الكاتب حسام شاكر على المعادلة الصادمة في المقاييس العددية، فمقابل كلّ ضحية من فريق المطبخ العالمي قتل جيش الاحتلال خلال الحرب خمسة آلاف مدني فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء.
وفي هذا السياق، يرى الكاتب أنّ مذبحة المطبخ العالمي هي نتيجة منطقية للسماح الدولي بعلوّ منسوب التوحّش في سلوك جيش الاحتلال، الذي يستوي عنده هذا الفريق وغيره من مئات الضحايا من موظفي الوكالات الإنسانية والدولية، التي لم تجد اعتراضات جادّة من الحلفاء الغربيين.
مطبخ الإبادة العالمي
وفي مقابل الخدمات الإنسانية التي يقدمها المطبخ المركزي العالمي، يرى حسام شاكر أنّ إسرائيل وحلفاءها شكلوا ما سمّاه “مطبخ الإبادة العالمي”.
ويشير الكاتب هنا إلى حقيقة أنّ فظائع غزة التي تعاظمت وتضخّمت، جرى تبريرها استباقياً من جانب حلف داعم للإبادة، وفّر لمقترفيها كلّ ما يحتاجونه، فالدعم العسكري بالأسلحة والذخائر لم ينقطع، والغطاء السياسي سابغ لما يكفي شهوراً إضافية من القتل.
ومن هذا المنظور، يرى الكاتب أنّ “مطبخ الإبادة العالمي” قدّم الدعم اللازم لفظائع الاحتلال، بالتجاهل أو الفتور أو التراخي، وبلغ الأمر حدّ لوم الضحية الفلسطيني بشكل ضمنيّ، متبنّين روايات مجلس الحرب الإسرائيلي.
ويضيف أنّ ما اقترفه الاحتلال من جرائم الحرب بالشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لم يكن ليحصل لولا خدمات “مطبخ الإبادة العالمي”، من خلال الإمداد السخيّ بآلاف الأطنان من قذائف القتل والتدمير، مشفوعاً بدعم دعائي جارف لتبرير كلّ ما يمكن اقترافه.
ويعلّق الكاتب على تبرير جرائم الاحتلال قائلاً: لا تثريب عليه إنْ أوقع أيّ حصيلة من الضحايا المدنيين، فالجانب الفلسطيني يُحمّل المسؤولية عن كلّ ما يمسّه باعتبار أنّ هؤلاء جرى اتِّخاذهم “دروعاً بشرية”، وأنّ سكّان قطاع غزة هم “رهائن” عند مقاومة الشعب التي “جلبت الخراب لغزة”!
ويخلص الكاتب في وصفه لموقف الغرب بأنّه لم يوقع أيّ عقوبات على حملة الإبادة الجماعية التي ينكرها أساساً، بينما لم يتردّد هذا الغرب في فرض عقوبات متسرِّعة على وكالة الأونروا بذريعة اتهامات إسرائيلية لم تثبت صحّتها.
طبّاخ السمّ يذوقه
ويوضّح شاكر المفارقة في هذا المشهد، حيث إنّ الدول الغربية التي قتل جيش الاحتلال مواطنيها ضمن فريق “المطبخ العالمي” ظهرت ضمن مشهد حلف الإبادة، ولم تدرك أنّها وفّرت لمقتلتهم الشنيعة سردية تبريرية مثالية، وتجلّى ذلك عندما جرّب حلفاء الاحتلال منطقاً خصصّوه للفلسطينيين.
ويشير إلى تلكّؤ الغرب في إبداء موقف واضح بعد النبأ الصادم الوارد من غزة، فالصدمة هنا لا سببها مجازر الاحتلال في مجمع الشفاء الطبي، وإنّما في قتل مواطنين غربيين وحسب.
ويتوقّع الكاتب أنّ مجزرة فريق المطبخ المركزي العالمي ستكون نقطة تحوّل في مسار حلفاء الاحتلال، تحديداً بعد أن ذاق طبّاخو السمّ شيئاً ممّا يحضِّرونه.
“}]]