المجتمع الإسرائيلي ونخبته.. شقوق وتصدّعات بفعل طوفان الأقصى

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

بعيدًا عن مشاهد الدماء التي لا تتوقف في قطاع غزة وفي الضفة الغربية وجنوب لبنان، فإن معركةً قد تبدو أقل ضجيجًا بعض الشيء من أصوات الرصاص في مناطق الصراع، لكنها أبعد أثرًا وأشد خطرًا على كيان الاحتلال من تلك المعارك التي يخوضها أمام أبطال المقاومة، إلا أنها ما كانت لتندلع لولا طوفان الأقصى.

الخلافات في القضايا الجزئية بين حكومة وبعض الفئات في عدد من القضايا، أو بين حكومة ومعارضة، كانت ظاهرة قبل اندلاع طوفان الأقصى داخل الكيان الإسرائيلي، لكنها كانت تسير ضمن سياق مقبول في عالم الصراع السياسي، أما بعد السابع من أكتوبر، ومع دخول الحرب شهرها الحادي عشر، دون تحقيق كيان الاحتلال أيًّا من أهدافه المعلنة، لا سيما عودة أسرى الاحتلال وتفكيك حركة حماس، جعل المجتمع الإسرائيلي -نخبة وشعبًا- على شفير من النار، لم تعد وسائل الإعلام قادرة على إخفاء معالم احتراقه.

تأتي على رأس هرم أسباب هذه الخلافات بين مكوّنات المجتمع الإسرائيلي، قضية فشل حكومة نتنياهو اليمينية في تحقيق أهداف الحرب على غزة، رغم مرور أكثر من 320 يومًا على بدء العدوان، الأمر الذي فجّر غضب المعارضة الإسرائيلية وأهالي الأسرى لدى المقاومة، في وجه الحكومة، لا سيّما مع ظهور كذب ادّعاءاتها المتوالية عن القضاء على كتائب القسام التي ما زالت تُكبّد العدو يوميًّا خسائر فادحة في الآليات والأرواح.

زعيم المعارضة الإسرائيلية: حكومة نتنياهو “كارثية” وأعداؤنا يضحكون علينا
 
قال يائير لابيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية، اليوم الجمعة، إن حكومة بنيامين نتنياهو “كارثية” و”أعداؤنا يضحكون علينا”.
ونشر لاhttps://t.co/pURqBlrPrb#سكوب24 #سكوب

— سكوب 24 (@scope24net) August 23, 2024

وردًّا على تصريحات للمتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري والتي ادّعى فيها أن نصف مقاتلي كتائب القسام قد قُتلوا خلال الحرب الجارية، قال الجنرال الإسرائيلي المتقاعد إسحاق بريك، إن هذه التصريحات مجرد “تهيؤات” من أجل نشر صورة انتصار.

وأكد بريك -في مداخلة تلفزيونية إسرائيلية- أن هذا العدد غير صحيح بالمرة، مستشهدًا بما قاله له أحد الضباط المقاتلين في جيش الاحتلال بغزة، والذي قال له: “منذ أكثر من شهر ونصف أقاتل، ولم نقتل “مخربًا” واحدًا، ولكن وجدنا قتلى جراء قصف الطائرات”.

كما كذّب بريك رواية هاغاري مؤكدًا أن من “قُتل” من كتائب القسام أقل من ذلك بكثير، فضلاً عن أن المقاومة عوضتهم بمقاتلين شبان جندتهم خلال العدوان.

🔁🔁🔁🔁86
🔴🔴🔴🔴
الداخل اليهودي الكل يعرف انه يكذب والجيش يكذب والنتن وعصابته يكذبون ..
يتحدث عن أبو أذان….

الصحفي: “هل تقول إن المتحدث العسكري يكذب؟”؛ الجنرال يتسحاق بريك: “أنا لن أقول كلمة كذاب، ولكن ما سأقوله لك أن هذه التصريحات تهيؤات من أجل نشر صورة انتصار. ضابط في غزة… pic.twitter.com/nb1xPX8Zca

— د.أيسر Ayser (@aysardm) December 31, 2023

وفي مقال له في صحيفة هآرتس العبرية أول أمس، حذر الجنرال الإسرائيلي إسحاق بريك في مقال نشره بصحيفة هآرتس، من أن إسرائيل ستنهار في غضون عام واحد إذا استمرت حرب الاستنزاف ضد حركة حماس و حزب الله اللبناني.

وأضاف قائلًا “أفترض أن غالانت يدرك الآن أن الحرب فقدت غايتها، فنحن نغرق في مستنقع غزة ونفقد جنودنا هناك دون أي فرصة لتحقيق هدف الحرب الرئيسي وهو إسقاط حماس”، مشددًا على أن جميع مسارات المستوى السياسي والعسكري تقود إسرائيل إلى الهاوية.

اللواء الاحتياط في الجيش الإسرائيلي يتسحاق بريك: إذا استمرت حرب الاستنزاف مع حـ.ماس وحـ.زب الله ستنهار إسرائيل خلال عام واحد pic.twitter.com/fqTuVKITIq

— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) August 22, 2024

وفي ملف المفاوضات الجارية منذ الأسابيع الأولى للعدوان على غزة، تبرز الخلافات الحادة بين حكومة نتنياهو واليمين المتطرف من جهة، وبين المعارضة الإسرائيلية وأهالي الأسرى لدى المقاومة، وعدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني في كيان الاحتلال من جهة أخرى؛ حيث يتهم الفريق الأخير نتنياهو وحكومته اليمينية بتفجير مسار التفاوض الذي يُفترض أن يسفر عن صفقة تبادل للأسرى تعيد إليهم أبناءهم.

وتؤكد تصريحات عدة لمسؤولين وإعلاميين أن نتنياهو لا يريد التوصل إلى هذا الاتفاق حفاظًا على مستقبله السياسي، الأمر الذي يترجمه المعارضون الإسرائيليون على الأرض بتسيير تظاهرات احتجاجية على سياسة نتنياهو وفريقه.

➖أنباء عن خلافات بين الفريق الإسرائيلي المفاوض ونتنياهو

🎦المزيد من التفاصيل مع ليلى عودة مراسلة فرانس 24 من القدس#غزة #حماس #إسرائيل pic.twitter.com/UOC0hADsfd

— فرانس 24 / FRANCE 24 (@France24_ar) August 21, 2024

وأكدت هيئة البث الإسرائيلية أن مسؤولين في فريق التفاوض الإسرائيلي يتهمون نتنياهو بسعى لتفجير المفاوضات من خلال إعلانه رفضه الانسحاب من حوري فيلاديلفيا ونتساريم، الأمر الذي قابله مقربون من نتنياهو بمطالبة فريق التفاوض المغادرة إذا لم يُعجبهم موقف رئيس الحكومة.

في الوقت نفسه ذكرت القناة الـ 13 الإسرائيلية أن مسؤول المفاوضات بجيش الاحتلال رفض المشاركة في محادثات القاهرة، بسبب تعنت نتنياهو.

أما عن الخلاف بين وزير الأمن القومي لدى الاحتلال إيتمار بن غفير وبين جيش الاحتلال وكذلك المعارضة الإسرائيلية وعدد كبير من المجتمع الإسرائيلي، فإنه يمثل أحد أبرز الأزمات التي يعاني منها كيان الاحتلال؛ حيث يقوم بن غفير بدعم إرهاب المستوطنين اليمينيين في الضفة والداخل المحتل، ما يزيد حدة التوتر ويسهم في توسيع جبهات ضد الجيش، لا سيما في الضفة الغربية.

وصرح وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت بأن أفعال بن غفير “عديمة المسؤولية وتشكل خطرًا على المن القومي الإسرائيلي”، بسبب دعمه إرهاب المستوطنين، فيما رد عليه بن غفير بالإشارة إلى فشل جيش الاحتلال بالقضاء على المقاومة في لبنان، بينما يعاني مستوطنو الشمال من ويلات هذا الفشل حتى عاد “الشمال الإسرائيلي” إلى العصر الحجري، حسب وصفه.

وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت يُهاجم بن غفير ويصف تصرفاته بعديمة المسؤولية وتشكل خطرًا على أمن “إسرائيل”

التفاصيل كاملة في الفيديو المُرفق .. pic.twitter.com/7TUdbodxLQ

— الجرمق الإخباري (@aljarmaqnet) August 23, 2024

الأمر نفسه يواجهه بن غفير من جهة رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار، والذي حذّر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت من اتساع ظاهرة “الإرهاب اليهودي” في الضفة الغربية، وهو ما دفع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى الانسحاب غاضبا من اجتماع وزاري.

وقالت القناة 12 الإسرائيلية، إن بار أوضح لنتنياهو وغالانت أن “الجرائم على خلفية قومية” من قبل اليهود تتزايد، وأن قادة الحراك اليهودي القومي يسعون إلى إفقاد الجهات المختصة السيطرة على المشهد في الضفة الغربية.

فيما قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي وصحيفة يديعوت أحرونوت إن بن غفير انسحب غاضبًا من اجتماع للمجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية، مطالبا بإقالة رئيس الشاباك، متهمًا إياه بأنه مسؤول عن “إخفاق 7 أكتوبر”.

من جهته، وصف زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد رسالة رئيس الشاباك بأنها “تحذير أخير من كارثة مقبلة”.

ورأى لبيد أن الحكومة الإسرائيلية تسير مرة أخرى نحو انهيار الأمن القومي الإسرائيلي، وفق تعبيره.

الخلاف نفسه يواجهه بن غفير مع المجتمع الإسرائيلي الذي يعتبر أن اليمين المتطرف الذي يتصدره هو وسيموتريتش، هو أحد أهم أسباب عدم عودة الأسرى لدى المقاومة طيلة هذه الشهور.

انظر ماذا فعلوا ب بن غفير pic.twitter.com/QUzRMXQ4L1

— شرقاوي عاقد النونه (@Shargawy_kw) August 23, 2024

ومع طول أمد الحرب واستنزاف المقدرات العسكرية والبشرية لدى كيان الاحتلال من قبل المقاومة، أصبح جيش الاحتلال في حاجة ماسّة إلى تجنيد المزيد من الجنود لسد الفجوة التي يعاني منها في معاركه، لا سيما مع تعدد جبهات الحرب بين غزة والضفة ولبنان، الأمر الذي ألجأ حكومة الاحتلال إلى السعي لتجنيد طائفة الحريديم الصهيونية، كونها تمثل ما بين 20% إلى 30%؛ حيث تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن نسبة من يتوجب عليه التجنيد في جيش الاحتلال من هذه الطائفة يبلغ 60 ألفًا.

وتمثل مشكلة تجنيد الحريديم أزمة كبيرة لدى كيان الاحتلال؛ حيث إنهم وفقًا لقرارات بن غوريون -شبه الدستورية- معفيون من التجنيد، منذ عام 1948، ولذا يرفضون الانصياع لرغبات حكومة نتنياهو التي تسعى لإجبارهم على التجنيد على خلاف ما كان سائدًا لأكثر من سبعة عقود.

وكان وزير جيش الاحتلال قد أعلن عن مضيه قُدمًا في تجنيد الحريديم، وأنه أرسل في طلب 1000 فرد منهم، بعدما صدر قرار من حكومة نتنياهو بإلزامهم بالتجنيد، إلا أنه لم يستجب لاستدعائه أكثر من 70 منهم.

ويزداد تصدّع المجتمع الإسرائيلي على خلفية تلك المشكلة التي أحدثها طوفان الأقصى، وزادت في حدتها بسالة المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال، ما يؤكد أن تداعيات هذا الطوفان أبعد من المواجهات الدائرة في غزة وغيرها، وأنها أعمق أثرًا من حيّزها الجغرافي أو مجالها السياسي، متعدّية ذلك كله إلى ما لن يستطيع الاحتلال ترميمه أو تحجيم آثاره من تفككٍ قد يرى الجميع دوره في إنهاء الوجود الإسرائيلي على الأراضي الفلسطيني المحتلة.

استمرار مظاهرات الحريديم pic.twitter.com/lChhR6bvqF

— mehrez (@mehrez756880761) August 9, 2024

“}]] 

المحتوى ذو الصلة