الكبد الوبائي يزحف بين خيام النازحين.. ماذا يعني ذلك في حياة أطفال غزة؟

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

يعيش محمد قشطة قلقاً شديداً على طفله أحمد (7 أعوام) في إثر تشخيصه بالتهاب الكبد الوبائي من نوع الأول (A) جراء استمرار حرب الإبادة الجماعية بغزة.

وبعيون مليئة بالإحباط يعرب الأب عن استيائه الشديد لما وصلت إليه الأحوال الصحية في قطاع غزة، وعدم قدرته على توفير رعاية ملائمة لطفله المريض.

نزح محمد برفقة أسرته من مدينة رفح في مايو/ أيار الماضي بعد اجتياح جيش الاحتلال للمدينة، إلى منطقة المواصي غرب خان يونس، والتي تكتظ بعشرات الآلاف من النازحين وسط ظروف بيئية بالغة السوء.

♦️”انتشار مرض الكبد الوبائي، حيث سجل قطاع غزة أعلى نسبة انتشار لهذا المرض في العالم”

الدكتور احمد الفرا رئيس قسم الاطفال بمجمع ناصر الطبي يتحدث عن انتشار الأمراض الخطيرة، بالأخص بعد ظهور شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي بخانيونس والوسطى. pic.twitter.com/FziZRjw7tt

— قدس فيد (@quds_feed) August 7, 2024

يقول محمد وهو ينظر إلى ابنه على سرير الاستشفاء في مستشفى ناصر بخان يونس، إن الاحتلال الإسرائيلي “لا يقتلنا بالصواريخ والرصاص وحسب، بل بالمرض ومنع المياه والمنظفات عنا”.

والتهاب الكبد الوبائي (A) هو إصابة شديدة العدوى تحدث في الكبد، ويسببها فيروس نتيجة تناول طعام أو شراب ملوّث، أو نتيجة للمخالطة القريبة بشخص حامل للمرض.

وانتشرت حالات التهاب الكبد الوبائي في قطاع غزة خاصة بين الأطفال، نتيجة نقص النظافة الشخصية والمياه، وتلوث الغذاء، والاكتظاظ السكاني في مراكز النزوح، وذلك بسبب القيود التي يفرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي على كل مقومات الحياة.

1000 حالة أسبوعياً.. تفشي التهاب الكبد الوبائي في غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، وسط ظروف إنسانية وصحية متردية تسهل انتشار الأمراض في القطاع المحاصر#الشرق #الشرق_للأخبار pic.twitter.com/OSkG6TFJjO

— Asharq News الشرق للأخبار (@AsharqNews) August 8, 2024

أحد الأطباء المعالجين لأحمد يقول، إنهم يكافحون لتوفير كل ما يلزم لعلاج أحمد وباقي المرضى الذي يعانون من فيروس الكبد الوبائي، رغم نقص شديد في المستلزمات والمعدات الطبية.

ويوضح أن أحمد جاء إلى المشفى وهو يعاني من اليرقان (اصفرار العينين والجلد)، والشعور بحكة شديدة في الجسم، وانتفاخ في الجزء الأيمن العلوي من البطن والشعور بأنه أصبح طرياً، وهي أعراض تظهر في المرحلة الوسطى للمرض قد تتطور إلى أعراض أكثر خطورة إذا لم يتم علاجها.

وعلى عكس التهاب الكبد (B) و (C)، لا يسبب التهاب الكبد (A) مرضاً مزمناً في الكبد، لكن يمكن أن ينجم عنه أعراض منهكة، تتراوح من خفيفة إلى حادة، ولا تظهر جميع هذه الأعراض على المصابين بالعدوى.

أونروا: زيادة مخيفة بإصابات التهاب الكبد الوبائي في غزة

اقرأ المزيد عبر المركز الفلسطيني للإعلام:https://t.co/WqlC24sANx

— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) August 2, 2024

ويضيف الطبيب المعالج أن جميع الأطفال في قطاع غزة يعانون من هزال وضعف شديد في البنية نتيجة سوء التغذية على مدار أشهر من الحرب وسط ظروف معيشية بالغة السوء لا تجد فيها الأسر ما تنفقه على أطفالها لتطعمهم بشكل جيد، مشيراً إلى أن انتشار الكبد الوبائي يعود إلى تراجع النظافة وتلوث المياه والطعام، بالإضافة إلى الاكتظاظ في مراكز الإيواء، التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة.

وتعاني مناطق جنوب قطاع غزة من أزمة مياه قاسية، حيث بالكاد تحصل العائلة على 20 لتراً من المياه النظيفة يومياً بعد عناء الوقوف لساعات أو قطع مسافة طويلة للحصول على هذه الحصة الزهيدة.

وفي سرير مقابل لأحمد، ترقد الطفلة جنى علوان (10 أعوام) بحالة إعياء شديد، مع ملامح يطفو عليها المرض.

بين نيران الحرب وخطر #التهاب_الكبد_الوبائي المتفشي في قطاع غزة، يعيش أكثر من 70 ألف مصاب، يكابدون للبقاء على قيد الحياة في ظل انعدام خدمات الرعاية الصحية اللازمة، وشح كل وسائل الوقاية لمنع إصابة المزيد والمزيد من الغزيين..#غزة #البلاد pic.twitter.com/46ekM6hM8v

— Leblad البْلاد (@lebladnet) August 5, 2024

وتقول والدتها إنهم يعيشون في خيمة منذ 7 أشهر ولا يحصلون على المياه بشكل كاف، ويضطر زوجها للاستعانة بمياه البحر لتوفير المياه من أجل النظافة الشخصية، لكن ذلك لم يمنع إصابة ابتها بالمرض.

وتتساءل بأسى وهي تنظر إلى ابنتها كيف لها ألا تصاب بالمرض ومياه الصرف الصحي تنساب بين خيام النازحين، والنفايات تملأ الطرقات، مشيرة إلى أن الجهود التي بذلتها لمنع جنى من اللعب في المحيط والالتزام بالجلوس في الخيمة لم تفلح.

وتحذرت وكالات الأمم المتحدة العاملة في المجال الإنساني من تزايد خطر انتشار الأمراض المعدية، في جميع أنحاء قطاع غزة، في خضم ندرة مزمنة في المياه وغياب الوسائل اللازمة لإدارة النفايات والصرف الصحي بشكل مناسب.

أمراض جلدية عديدة ومؤلمة تنتشر بين الأطفال في مخيمات النزوح في قطاع غزة مع تردي مستويات النظافة وانهيار شبكات الصرف الصحي بسبب القصف والحصار في ظل عدم توفر الأدوية اللازمة لها#غزة_الآن #غزة_تستغيث pic.twitter.com/pLTkn6fHTP

— أميرة محمد (@amEEra418) August 4, 2024

وبحسب معطيات برنامج الصحة التابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا”، يُبلغ عن 800 إلى 1000 حالة إصابة جديدة بالتهاب الكبد أسبوعيا من المراكز الصحية والملاجئ التابعة للأونروا في مختلف أنحاء غزة.

وارتفعت حالات التهاب الكبد الوبائي من 85 حالة فقط أُبلغ عنها قبل الحرب، إلى ما يقرب من 40 ألف حالة أُبلغ عنها منذ بدء حرب الإبادة المتواصلة على غزة منذ 10 أشهر، وفق معطيات المؤسسة الأممية.

وتؤكد “الأونروا” أن الظروف الصحية المتردية تسهّل انتشار الأمراض، بما في ذلك التهاب الكبد (أ)، محذرة من أن المزيد من الأطفال يتعرضون لخطر الإصابة بالكبد الوبائي، نتيجة للنزوح الجماعي، واكتظاظ الملاجئ، ونقص المياه النظيفة والصابون، وغيرها من مستلزمات النظافة.

أمراض جلدية عديدة ومؤلمة تنتشر بين الأطفال في مخيمات النزوح بـ #قطاع_غزة مع تردي مستويات النظافة وانهيار شبكات الصرف الصحي بسبب القصف والحصار في ظل عدم توفر الأدوية اللازمة لها#غزة #غزة_الآن #Gaza #GazaGenocide pic.twitter.com/TimOwcWCT2

— بوابة اللاجئين الفلسطينيين (@refugeesps) July 1, 2024

وتقول رئيسة برنامج الصحة في “الأونروا”، د. غادة الجدبة، إن التهاب الكبد الوبائي من النوع الأول (A) ينتشر على نطاق واسع بين الأطفال في غزة، وأن المزيد من الأطفال معرضون لخطر الإصابة بالفيروس “بسبب حالة النزوح الجماعي للناس واكتظاظ الملاجئ ونقص المياه النظيفة والصابون وغيرها من مستلزمات النظافة”.

وتوضح الجدبة أن الأسر النازحة بغزة تعيش في ظروف مزرية وغير إنسانية في مخيمات وملاجئ مكتظة، تفتقر إلى المياه النظيفة، ومستلزمات النظافة، وإدارة النفايات والصرف الصحي بشكل سليم.

مرضى التهاب الكبد الوبائي يفترشون مستشفى في رفح#حرب_غزة pic.twitter.com/nD9rIJhHYT

— قناة الجزيرة (@AJArabic) January 19, 2024

وتقول إنه وبعد 10 أشهر من الهجمة الإسرائيلية الوحشية على غزة، أدت القيود الاحتلالية الشديدة المفروضة على الوصول الإنساني، والافتقار إلى الرعاية الطبية الكافية وتدابير الوقاية، إلى خلق بيئة مواتية لانتشار الأمراض، بما في ذلك الجلدية والتهاب الكبد الوبائي وشلل الأطفال، خاصة بين الأطفال في الملاجئ المكتظة.

وتشدد الجدبة على أن استمرار الأزمة يجعل من الصعب للغاية على برنامج الصحة التابع للأونروا الاستجابة لاحتياجات المرضى.

ولأكثر من مرة قالت مؤسسات وبلديات في قطاع غزة، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يتعمد تدمير شبكات وآبار المياه ومحطات التحلية ما يتسبب بأزمة حادة في توفر مياه الشرب للمواطنين، فضلا عن منع إدخال الوقود الذي بدوره يحد من عمل محطات التحلية المتبقية في القطاع، والاستهداف الممنهج للمرافق الطبية والمستشفيات، وهو ما تسبب في تدمير المنظومة الصحية، وكارثة إنسانية وتدهور في البنى التحتية.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة