بقلم:سمير عباهرة
دخلت المنطقة مرحلة جديدة من ارتفاع حدة الصراع وتركت تداعياتها على عناصر الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وأبقتها في حالة من عدم الاستقرار وسط مجموعة من التحولات والمتغيرات في سلبياتها حينا وايجابياتها في احيانا اخرى لكن القضية الفلسطينية نضجت ووصلت الى مرحلة جديدة في دائرة الاهتمامات الدولية بعد ان ادرك المجتمع الدولي ضرورة ايجاد حل للقضية الفلسطينية تجنبا لاستمرار الحروب في المنطقة. وقد انتجت الحرب التي تشنها اسرائيل في غزة والضفة ولبنان تحولات جذرية في مواقف الاسرة الدولية بعد الادراك التام ان هذه الحروب التي تشنها اسرائيل هي نتاج سياستها المتنكرة للحقوق الوطنية الفلسطينية وان عدم حل القضية الفلسطينية وإقامة الدولة يعني استمرار حالة التدهور الحاصل في المنطقة وانعكاساته على العلاقات الدولية بشكل عام.
فقد شهدت الساحة الدولية خلال هذه الفترة من عمر الحرب الاسرائيلية على الاراضي الفلسطينية واللبنانية استفاقة دولية جديدة انتهت جميعها برؤية مشتركة وهي ان اقامة الدولة الفلسطينية هو السبيل الوحيد للخروج من الازمات المتتالية التي تعيشها المنطقة وتترك تداعياتها على مختلف المناطق الجغرافية في العالم اجمع. هذه المعطيات كانت سببا رئيسيا في سلسلة الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية حيث اعترفت الكثير من الدول الاوروبية بدولة فلسطين وادى ذلك الى ازدياد الضغوط على اسرائيل في حين ان هناك دولا اخرى ابدت استعدادا للاعتراف بدولة فلسطين وهذا حتما سيؤدي الى سقوط النظرية الاسرائيلية التي تتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني
ردود فعل نتنياهو على هجمات السابع من اكتوبر وما خلفه من دمار وقتل وتهجير في غزة ومن تلاها من هجمات على الجنوب اللبناني تعكس عقما سياسيا في مخيلة نتنياهو لأنه وقف عاجزا عن فهم طبيعة المعادلة الاقليمية وطبيعة الصراع والأسباب التي اشعلت فتيل الحرب في المنطقة ولم يطرح حلولا لعلاج لب المشكلة بل انه زاد من ارتفاع وتيرة الصراع وأدى ذلك الى تعميق الصراع وامتداده الى حدود اليمن والعراق ولبنان.
على نتنياهو ان يدرك ايضا ان قوانين الطبيعة كاملة يمكن سحبها على كثير من الوقائع والأحداث اجتماعية كانت ام سياسية واقتصادية والقانون الفيزيائي “لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه” ينطبق تماما على هذه الواقع لكن نتنياهو اسقط ذلك من حساباته وذهب يتغنى بانتصاراته الوهمية وهو يتنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية والتي كانت سببا في اشعال شرارة الحرب في المنطقة
ربما تخرج اسرائيل منتصرة في حروبها لكن ذلك لن يعطيها القوة لرسم خارطة المنطقة وخارطة الشرق الاوسط وستبقى اسرائيل تعاني حالة من عدم الاستقرار المحلي والإقليمي طالما لم تتحقق اقامة الدولة الفلسطينية وعلى نتنياهو الا يصاب بجنون العظمة نتيجة انتصاراته الوهمية فهناك استحقاقات دولية عليه ان يدفعها مقابل توفير الامن والأمان لإسرائيل ولأول مرة في تاريخ اسرائيل تنهز صورتها بهذا الشكل بعد المظاهرات والاحتجاجات الغاضبة التي خرجت في معظم عواصم الدول الكبرى ومدنها وتحديدا في الولايات المتحدة الحليف الاكبر لإسرائيل وجميعها منددة بالسياسة الاسرائيلية وبجرائم الابادة التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني حتى وصلت القضية الفلسطينية الى كل بيت في دول العالم كما ان المؤسسات الحقوقية الدولية وعلى رأسها محكمة العدل الدولية التي ادانت جرائم اسرائيل في الاراضي الفلسطينية بل ووصلت مطالبها الى الجمعية العامة للأمم المتحدة التي صوتت وبأغلبية ساحقة على قرار بقضي بانسحاب اسرائيل الكامل من الاراضي الفلسطينية المحتلة وحددت سقفا زمنيا بـ 12 شهرا لنتفيذ هذا القرار اضافة الى محكمة الجنايات الدولية التي اصدرت مذكرات اعتقال لعدد من قادة اسرائيل .على نتنياهو استخلاص العبر ودراسة الوقائع والأحداث في المنطقة والبحث في اسبابها ومسبباتها فالاستمرار في هذه السياسة سيبقي المنطقة عبارة عن برميل من البارود قابل للانفجار.