الفقر الغذائي وسوء تغذية.. خطر يداهم الأطفال أمام أعين أسرهم

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

تحتار دعاء إسماعيل في كيفية العناية بغذاء طفلها الأول مع فقدان جميع الأغذية الصحية من أسواق شمال قطاع غزة في إثر الحصار الذي يفرضه الاحتلال على السكان منذ 300 يوم على حرب الإبادة الجماعية.

زرقت دعاء بمولودها الأول “ريان” في قبيل اندلاع الحرب بأسابيع، وتقول إنها طيلة الأشهر الماضية اعتمدت في تغذية طفلها على الرضاعة الطبيعية وبعض الأطعمة الصلبة التي يتناولها الطفل بعد بلوغه الشهر السادس.

♦️ يتحدى قطاع غزة الإبادة بجيل جديد تعداده 20 ألف طفل ولدوا منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. إذ حسب “منظمة الأمم المتحدة للطفولة” (اليونيسف)، يُولد في القطاع كل 10 دقائق طفل جديد في ظروف صعبة للغاية في المستشفيات والملاجئ، ويعانون من سوء التغذية وقلة المياه النظيفة، ما يعرض نحو… pic.twitter.com/1p2IqgTPTu

— متراس – Metras (@MetrasWebsite) January 19, 2024

وتلفت إلى أن توفير هذه الأغذية كان تيسيراً من الله، إذ كان زوجها قد ادخر بعض المال، ولما رأي أن غزة مقبلة على مجاعة بفعل عدم سماح الاحتلال بدخول أي نوع من الخضار أو الفاكهة، حاول تأمين ما يستطيع من طعام لطفله، كشراء العديد من عبوات الحليب الصناعي والسيريلات والشوفان وتخزين بضع كيلوات من التمر.

لكن دعاء اليوم تقف عاجزة أمام طفلها وحاجته لتناول البيض والحليب كامل الدسم لاحتوائهما على كميات أكبر من الكالسيوم اللازم لنمو الأسنان والعظام في هذه المرحلة من عمره.

كان وزن علي 6 كجم قبل 7 أكتوبر، والآن انخفض وزنه إلى 4 كجم بسبب سوء التغذية الشديد والجفاف.

يتعرض 10,000 طفل ورضيع في غزة لخطر الموت بسبب الجفاف وسوء التغذية نتيجة الحصار الإسرائيلي الكامل والقصف المتواصل. pic.twitter.com/dtr5vAgq3O

— المرصد الأورومتوسطي (@EuroMedHRAr) November 7, 2023

وتشير إلى أنها حاولت مراراً إطعامه البيض ولكنه في كل مرة تطعمه إياها يتقيأ ما يأكله، وتعزو ذلك إلى عدم تقبله لطعم البيض الذي كان يفترض أن يبدأ بتناوله في الشهر السادس من عمره، “حينها كان البيض مفقود من السوق تماماً”.

وتضيف أن البيض توفر بالسوق بكميات شحيحة جداً ويباع بسعر خيالي، فالبيضة الواحدة تباع بـ15 شيكلاً، “فإذا افترضت أني أطعمته واحدة وتقبلها، فليس بمقدوري شراء البيض بشكل يومي بهذا السعر، ونحن بالكاد نتدبر غذاءنا وسط أسرة ممتدة”.

أغذية خاصة

في حين يبدي يوسف الحداد قلقلاً كبيراً على طفلته (3 أعوام) التي شخصها الأطباء حديثاً بأنها تعاني من فقر الدم نتيجة نقص عنصر الحديد اللازم لإنتاج بروتين “الهيموجلوبين”.

أطفال غزة يموتون جوعًا.. أب فلسطيني يروي كيف فارق ابنه الحياة بسبب سوء التغذية ونفاد المواد الأساسية من الأسواق وسط فقدان الأدوية #غزة_تقاوم pic.twitter.com/XmBPUtLOXL

— نون بوست (@NoonPost) February 13, 2024

ويشير إلى أن المرض اكتشف بعد أن فقدت طفلته وعيها في يوم شديد الحرارة، “لاحظنا يومها شحوب في وجهها، وتعب عام، واعتقدنا أنه بسبب الرطوبة العالية وهو أمر شائع في الصيف، لكن عندما فقدت وعيها ونقلناها للمشفى أظهرت الفحوصات مستويات متدنية لنسبة الهيموجلوبين”.

وبوجه عام تتباين عواقب فقر الدم بين الأطفال، إذ يمكن أن يؤثر المرض على الأداء المدرسي بسبب التأخر في النمو والاضطرابات السلوكية من قبيل انخفاض النشاط الحركي والتفاعل الاجتماعي والاهتمام بالواجبات، وفي الحالات الشديدة، يمكن أن يسبب فقر الدم ضعف النمو المعرفي والحركي لدى الأطفال.

المتحدث باسم اليونيسف للجزيرة: غزة تشهد أسوأ مستويات سوء التغذية مقارنة بأي مكان في العالم، والقيود المفروضة تصعب علينا القيام بعملنا في القطاع#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/UsLuhSh5LD

— قناة الجزيرة (@AJArabic) February 9, 2024

ويعجز الحداد عن تأمين ما نصحه الأطباء بفعله لتفادي تطور الحالة مستقبلاً، حيث لا تتوافر في الأسواق سوى المعلبات من قبيل الفول والبازيلاء والحمص واللحوم المصنعة، وجميعها مضرة لا ينصح بها لمرضى فقر الدم الذين هم بحاجة للخضار الطازجة واللحوم الحمراء على وجه الخصوص.

ويبين أن الخضار والفواكه شبه مفقودة في السوق وما هو متوفر يباع بأسعار لم أكن أتخيلها في أحلامي.

ونزح الحداد إلى مدينة رفح جنوب قطاع غزة في نوفمبر الماضي ثم تكرر نزوحه إلى مواصي خان يونس ثم إلى دير البلح، مبيناً أن النزوح المتكرر أجهدهم وأفقدهم الكثير من الموارد المالية المحدودة أصلاً بين يديه، إذ يعمل موظفاً حكومياً وبالكاد يحصل على بضعة مئات من الشواكل لا تكفي لتأمين الغذاء.

أطفال #غزة بين جحيم القصف ومأساة سوء التغذية والأمراض pic.twitter.com/qopM9oMgC2

— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) January 6, 2024

وبينما يواصل الاحتلال حصار غزة منذ 10 أشهر، ويمنع منظمات الإغاثة من إدخال ما يكفي من الغذاء إلى القطاع، يقول الحداد إنه لا يملك خياراً سوى الانتظار والتعامل مع الواقع وفق إمكانياته، مبدياً أسفه وحزنه وهو يرى البؤس على وجوه المئات من الآباء وهم غير قادرين على فعل شيء لأطفالهم المرضى والجوعى.

فقر غذائي حاد

وتحذر وكالة الغذاء التابعة للأمم المتحدة من أن جنوب قطاع غزة قد يشهد قريبا نفس “مستويات الجوع الكارثية” التي سجلت سابقا في الشمال، حيث ركزت سلطات الاحتلال هجومها العسكري في الأيام الأولى من حرب الإبادة. 

ووفق معطيات نشرتها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فإن أكثر من 50 ألف طفل يحتاجون إلى العلاج من سوء التغذية الحاد.

تغطية صحفية: “تفشي الأوبئة والأمراض بين أطفال النازحين؛ بسبب سوء التغذية وقلة النظافة جرَّاء استمرار الحصار وعــدوان الاحـــتـلال على قطاع غزة”. pic.twitter.com/9wC7qnqW1o

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) December 22, 2023

وتقول أديل خضر، المديرة الإقليمية لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن خطر تزايد حالات سوء التغذية يترافق مع انهيار خدمات علاجه، “فاليوم، لا يعمل سوى مركزين فقط من أصل المراكز الثلاثة التي تعالج الأطفال المصابين بسوء التغذية الخطير في قطاع غزة”.

وتشير إلى أن خطط افتتاح مراكز جديدة تأخرت بسبب تواصل العدوان العسكري الإسرائيلي في جميع أنحاء القطاع، مبينة أن علاج الطفل من سوء التغذية الحاد عادة ما يحتاج 6 إلى 8 أسابيع من الرعاية المتواصلة ويتطلب أغذية علاجية خاصة والمياه المأمونة فضلاً عن الدعم الطبي الإضافي.

البروفيسور نيك ماينارد جراح بريطاني عائد مؤخرا من غزة: “يدخل المصابون في غزة في حلقة مفرغة من سوء التغذية والعدوى والجروح التي تنهار والمزيد من سوء التغذية. هذا مروّع! وسنرى المزيد من هذا خلال الأشهر المقبلة!” pic.twitter.com/A6PoBlnUAM

— مجلة ميم.. مِرآتنا (@Meemmag) May 17, 2024

ويحذر برنامج التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، الذي يقيم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في العالم، في تقرير نشره في يونيو/ حزيران الماضي، من أن كل قطاع غزة تقريبا سيواجه المجاعة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

وتظهر معطيات منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” أن حوالي 9 من كل 10 أطفال يعانون من فقر غذائي حاد، ولا يحصلون على ما يكفي من الماء والغذاء والدواء، وأن قرابة 3000 طفل فقد إمكانية العلاج من سوء التغذية المعتدل والشديد في جنوب قطاع غزة، مما يعرضهم لخطر الموت أمام أعين أسرهم العاجزة عن فعل أي شيء أمام حالات النزوح المتكررة والعجز عن الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية وخدماتها.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة