[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
في غضون أسبوعين فقط منذ بداية أكتوبر الحالي، ينجح مقاومون في تنفيذ عدة عمليات مؤلمة ضد الاحتلال الإسرائيلي، أسفرت عن قتل وجرح العديد من الجنود والمستوطنين، كان أبرزها عمليتا يافا والخضيرة في تل أبيب، ثم عملية أسدود جنوب الأراضي المحتلة التي وقعت اليوم.
وفي منتصف الثلاثاء (15-10) قتل ضابط في قوات الاحتلال الإسرائيلي (الشرطة) وأصيب 5 آخرون بجروح، بعملية إطلاق نار، في أسدود جنوب الراضي المحتلة، واستشهد منفذها؛ حيث ذكرت وسائل إعلام عبرية، أن (مسلحًا) أطلق النار تجاه قوة من الشرطة الإسرائيلية في “يفني أسدود” وقتل أحدهما وأصاب الآخر، قبل أن يطلق جنود الاحتلال النار تجاهه.
وقالت حركة حماس، إن عملية إطلاق النار التي وقعت ظهر اليوم قرب أسدود المحتلة، هي رد فعل طبيعي على ما يرتكبه الاحتلال في غزة من تجويع ومجازر بحق المدنيين خاصة في شمال القطاع، وما يمارسه من جرائم في الضفة وكافة ساحات المواجهة، وتأكيد أن ضربات المقاومة مستمرة ومتصاعدة رغم كل الإجراءات الأمنية.
ونعت حماس في بيان لها منفذ العملية البطولية، مشددة على أن هذه العمليات هي التحرك الواجب والمناسب في ظل استمرار المجازر والترويع والحصار والتنكيل بحق شعبنا وأرضنا، وتمثل عملاً بطولياً جديداً يضاف لسجل مقاومتنا المتصاعدة في وجه اعتداءات الاحتلال، وتأكيد أن المجازر ستواجه بمزيد من الضربات.
وأكدت أن هذه العملية وما سبقها من عمليات في عمق الكيان، تثبت قدرة المقاومة على إيلام وإيجاع هذا العدو، والرد على مخططاته الخبيثة لوأد المقاومة والاستفراد بشعبنا وأرضنا.
ودعت إلى مزيد من العمليات الموجعة في قلب الاحتلال، ولمزيد من الغضب والتوحد خلف خيار مقاومة الاحتلال، وإشعال جبهات المواجهة كافة حتى وقف العدوان ودحر الاحتلال.
ويرى موقع استراتيجيكس أن العمليات الفردية بما تشمله من حوادث إطلاق نار ودهس وطعن وغير ذلك أصبحت نشاطًا مرافقًا لمجريات الحرب في قطاع غزة، فمنذ اندلاع الحرب استهدفت العمليات مجالًا جغرافيًّا واسعًا من مناطق الضفة الغربية والمدن الإسرائيلية، وذلك بالرغم من الحملات الإسرائيلية العسكرية والأمنية الاستباقية، والتي من بينها الاجتياحات شبه اليومية وحملات الاعتقال وتوسيع استخدام المسيرات بهدف اغتيال قادة المجموعات الفلسطينية المسلحة شمال الضفة، بالإضافة إلى اختلاف العوامل والمعطيات بين ساحات النشاط المسلح الفلسطيني، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية والقدس الشرقية أو المدن الإسرائيلية.
ويضيف الموقع أن ذلك يدفع إلى التساؤل عن دلالات تلك الحوادث ودوافعها وانعكاساتها، ومدى ارتباطها بالحرب في قطاع غزة والمعاناة الإنسانية غير المسبوقة، ودعوات قادة الفصائل المسلحة العسكريين والسياسيين لقواعدهم والمتعاطفين معهم خارج غزة إلى الانخراط في معركة طوفان الأقصى، بالإضافة إلى مستوى تأثرها بارتفاع وتيرة الإجراءات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية في الداخل وفي الضفة الغربية، وانعكاس ذلك التأثير على حالة التزايد أو التراجع في كمّ العمليات صعودًا وانخفاضًا.
ويُفصّل “استراتيجيكس” الظاهرة بأن التصعيد أخذ شكلين رئيسيين، أحدهما منظم والآخر فردي، وبالرغم من اتساع مصطلح “تصعيد فردي” من حيث المفهوم والتوصيف، إلا أنه يُعنى أساسًا بتلك العمليات التي يُنفذها مسلح أو أكثر، وتبقى دون عتبة الاشتباك، ولا تتبع تكتيكًا واضحًا أو استراتيجية محددة، وأغلب منفذيها لا يتركون رسائل أو يُسجلون وصايا قبل التنفيذ، ودون اشتراط تبني خطاب أيديولوجي معين، وتنفذ باستخدام وسائل هجومية متعددة، من بينها إطلاق النار وعمليات الطعن وهجمات الدهس وتفجير العبوات الناسفة.
رغم المساعي الإسرائيلية المستمرة منذ حرب الـ 48 لتحويل الأراضي المحتلة إلى موطن آمن لليهود المستوطنين الذين قدموا من بلاد شتى ليسرقوا الأرض والمقدسات من أهلها، إلا أن ذلك لم يتحقق بالقدر الذي خططت له الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، فيما أصبح هذا الأمل في أدنى درجاته منذ السابع من أكتوبر الماضي، بعد أن أشعلت المقاومة الفلسطينية في غزة فتيل معركة طوفان الأقصى، والتي يتطاير شررها في كل مكان في فلسطين.
القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، ومع اندلاع معركة طوفان الأقصى، نادى بأن يتحول الصراع من كونه بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إلى معركة أممية تنهض بها شعوب المنطقة ضد الحلف الصهيوني – الغربي، وإخراجها من حيزها الجغرافي إلى بؤر مشتعلة ضد الاحتلال في كل مكان، وقد وجد نداء الضيف صداه بادئ الأمر بالتعاطف الشعبي وقليل من المواجهات داخل الأراضي المحتلة، وبعض عمليات الإسناد من محور المقاومة في لبنان واليمن والعراق، لكنه في الثلث الأخير من عام الحرب، بدأ التفاعل يأخذ تصعيدًا لم يكن في حسبان الاحتلال، متمثلا في اشتعال الجبهات المساندة من جهة، وعودة العمليات الفدائية، والتي صارت كابوسًا يطارد الاحتلال في كل مكان.
وتعد العمليات المقاومة -سواء كانت فردية أو تابعة لفصائل- تهديدًا وجوديًّا لكيان الاحتلال، وذلك حتى ما قبل اندلاع معركة طوفان الأقصى، نظرًا لما تمثله من ترسُّخ فكرة رفض الاحتلال ومقاومته سواء لدى الشعب الفلسطيني خصوصًا أو الشارع العربي والإسلامي على وجه العموم، ما يجعل البقاء الآمن على أرض فلسطين -حال استمرار هذا النوع من العمليات- أمرًا شبه مستحيل.
وفي حزيران/يونيو 2023 نفذ الجندي المصري محمد صلاح عملية عند نقطة حراسة إسرائيلية قرب معبر العوجة؛ حيث تبادل إطلاق النار مع الجنود الإسرائيليين فقتل ثلاثة منهم قبل أن يُستشهد هو الآخر خلال اشتباكٍ مسلّحٍ مع جنود الاحتلال.
شكلت عملية الجندي الشهيد محمد صلاح مفاجأة صادمة لكيان الاحتلال، نظرًا لما تمثله من خطورة متعددة الجوانب، فهي من ناحيةٍ وقعت خارج الأراضي المحتلة، ما يعني اتساع رقعة المخاطر إلى ما هو أبعد من فلسطين، ومن ناحية أخرى، وقعت من جندي مصري، أي مجند داخل دولة شديدة الالتزام بما يسمى “اتفاقيات السلام” بينها وبين الاحتلال، ومع ذلك تم اختراق حاجز هذه الاتفاقيات حتى من أبناء المؤسسة العسكرية نفسها.
وفي أيلول/سبتمبر 2024 قام الأردني ماهر الجازي (39 عامًا)، يعمل سائق شاحنة على معبر الملك حسين، بإطلاق النار على 3 إسرائيليين عند معبر اللنبي الحدودي بين الأردن والضفة الغربية، فأرداهم قتلى، فيما استشهد لاحقًا برصاص جنود الاحتلال.
ومثّلت عملية “اللنبي” امتدادًا لمرحلة توسيع نطاق استهداف الاحتلال داخل وخارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، من قبل من يسميهم الإسرائيليون “الذئاب المنفردة”، ما جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصف ما حدث بأنه “يوم صعب”، زاعمًا أن العملية تأتي في سياق استهدافهم من قبل “محور إيران”، وأن إسرائيل محاطة بمجموعة من (المخربين القتلة) لا يميزون بين إسرائيلي وآخر -حسب زعمه.
من جهته، توقع المفكر الإسلامي المصري الدكتور محمد سليم العوّا أن عمليتي “اللنبي” و”العوجة” لن تكونا الأخيرتين، وأنهما لن يكون فقط من مصر والأردن، بل من كل بلد يمكن أن يصل منها مواطن عربي إلى إسرائيل.
وأوعز العوّا هذا التوقع إلى ما يراه من شعور عامٍّ تجاه كيان الاحتلال الإسرائيلي وعدوانه وما يمارسه من إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن التعبير عن هذا الغضب سيكون من خلال تنفيذ مثل هذه العمليات سواء من أفراد أو مجموعات صغيرة تستطيع الوصول إلى كيان الاحتلال لتقتل منهم من تقتل.
“}]]