بيت لحم -PNN- في ظل معاناة كثير من المرضى من آلام مزمنة أثرت على نمط حياتهم وجودتها، برزت تجربة العيادة المتخصصة بعلاج الألم في الجمعية العربية للتأهيل في بيت لحم، كواحدة من المبادرات الطبية الرائدة والنادرة في الضفة الغربية، التي أحدثت فرقًا حقيقيًا في حياة المرضى.
وأكد د.بهاء الزرو، أخصائي طب الطوارئ والحوادث وأخصائي علاج الآلام المزمنة والحادة في مستشفى هداسا عين كارم بالقدس، أن الجمعية العربية تقدم في منطقة الضفة الغربية علاجاً متقدماً وفريداً من نوعه للألم، وهو العلاج الذي يُعنى بتحسين جودة حياة المرضى بشكل شامل.
وأشار الدكتور الزرو إلى وجود نوعين رئيسيين من الألم: الألم الحاد، الذي ينشأ نتيجة إصابات أو أمراض مفاجئة ويُعالج عادة بمسكنات لفترات قصيرة، والألم المزمن الذي يستمر لفترة طويلة ويؤثر سلباً على نوعية حياة المريض، مسبباً اضطرابات في النوم وحالة نفسية صعبة، بالإضافة إلى تأثيره على العلاقات الاجتماعية.
ويبيّن الدكتور أن الاستخدام المطول لمسكنات الألم التقليدية قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة تشمل الكبد والكلى والقلب، مما يجعل البحث عن بدائل علاجية آمنة وفعالة أمراً ضرورياً.
وفي هذا الإطار، تقدم الجمعية العربية علاج “NERVE Block”، وهو تقنية حديثة تتم من خلال حقن مادة مخدرة أو مهدئة بجانب العصب المسؤول عن الألم تحت توجيه جهاز “الألتراساوند”، ما يساهم في تخفيف الألم بشكل فعال دون الحاجة إلى المسكنات القوية التي تحمل آثاراً جانبية. ويساعد هذا العلاج على تقليل فترة الإقامة في المستشفى وتحسين نتائج التعافي، خصوصاً لدى كبار السن الذين يعانون من مضاعفات صحية تنفسية أو التهابات رئوية.
[embedded content]
وتُجرى هذه العلاجات ضمن فريق طبي متكامل يضم أطباء العظام وجراحة الأعصاب وأخصائيي إعادة التأهيل، حيث يتم تحويل المرضى الذين يعانون من آلام مزمنة إلى عيادة الألم لاستكمال العلاج، بهدف تحسين الصحة النفسية والاجتماعية إلى جانب العلاج الجسدي.
وتعكس تجربة السيدة هناء محمد يوسف الطميزة من بلدة إذنا جنوب الخليل أهمية هذا العلاج. فقد عانت هناء من ألم مزمن في الظهر بعد إجراء عملية ديسك عام 2017، وتدهورت حالتها مع مرور الوقت، مما عرقل قدرتها على أداء مهامها اليومية وسبب لها معاناة شديدة على مستوى النوم والحركة. رغم محاولات العلاج المتعددة، بما في ذلك العلاجات الطبيعية والتنقل بين الأطباء داخل فلسطين وخارجها، لم تتحسن حالتها بشكل ملحوظ.
بعد تعرضها لحادث أدى إلى تفاقم ألم الرقبة، واجهت هناء خيار إجراء عملية جراحية لكنها رفضت ذلك بسبب المخاطر المحتملة. ونصحتها ابنتها بالتوجه إلى عيادة الألم في الجمعية العربية، حيث تلقت العلاج تحت إشراف الدكتور بهاء الزرو. وبدءاً من الجلسة الأولى، شهدت تحسناً ملموساً في حالتها الصحية، وتمكنت من استعادة قدرتها على النوم والمشي وأداء الأعمال المنزلية والصلاة بشكل طبيعي.
وتُعبر السيدة هناء عن شكرها العميق للجمعية والطبيب، مؤكدة أن العلاج الذي تلقته قد منحها فرصة جديدة للحياة، ومشجعة جميع المرضى الذين يعانون من آلام مزمنة على التوجه للعلاج المناسب بدلاً من اللجوء المباشر إلى العمليات الجراحية، وذلك لتجنب تفاقم الحالة وضياع الوقت.
إن تجربة السيدة هناء، إلى جانب الشرح الطبي المفصل للدكتور الزرو، تؤكد أهمية توفير علاجات متقدمة وشاملة للألم المزمن في المنطقة، لما له من أثر بالغ في تحسين جودة حياة المرضى وتمكينهم من العودة إلى ممارسة حياتهم الطبيعية بكرامة وصحة.
