رام الله – “الأيام”: شددت دولة فلسطين على أن “الكارثة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ليست وليدة الأشهر الثمانية عشرة الماضية فقط”، مؤكدة في المقابل أن إسرائيل تشن حملة مستمرة لمحو الشعب الفلسطيني وديموغرافيته ووجوده المادي وهويته الوطنية وتاريخه وتراثه وإنسانيته منذ 8 عقود.
جاء ذلك في مرافعة دولة فلسطين أمام محكمة العدل الدولية في مدينة لاهاي الهولندية، أمس، مع بدء جلسات استماع علنية لرأي استشاري بخصوص التزامات إسرائيل تجاه الأمم المتحدة ووكالاتها وهيئاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي مرافعة دولة فلسطين، قال سفيرها لدى مملكة هولندا، عمار حجازي: إن الشعب الفلسطيني يتعرض للتجويع والقصف والتهجير القسري من إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، مشيراً إلى أنها تمنع دخول الغذاء والماء والدواء والإمدادات الطبية والوقود إلى قطاع غزة طوال الشهرين الماضيين – “وهو نهج دعمته أعلى محكمة في إسرائيل، التي رفضت عدة التماسات للسماح بإدخال المساعدات إلى غزة”.
وأضاف: “هذه الكارثة التي من صنع الإنسان تستهدف الحياة نفسها، ويهدد الموت حياة الفلسطينيين، بما في ذلك بسبب الجوع الذي أودى بالفعل بحياة 59 طفلاً”.
وقال حجازي: “نحن هنا لأن الجمعية العامة طلبت من المحكمة تحديد الالتزامات القانونية المترتبة على إسرائيل فيما يتعلق بتقديم الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والدول الثالثة المساعدات الإنسانية، الضرورية لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين.
وأشار إلى أنه وفقاً لمنظمة اليونيسف، فمنذ 18 آذار 2025، قتلت إسرائيل وأصابت مئة طفل فلسطيني يومياً في غزة، إضافة إلى أكثر من 15,000 طفل استُشهدوا منذ بدء الإبادة الجماعية، وآلاف المفقودين تحت الأنقاض.
وأكد أن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى تتحمل كذلك مسؤوليات أساسية تجاه الشعب الفلسطيني، “فهي مطالبة بالتصرف بما يتماشى مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأهدافه، ولا سيما مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير، ومبدأ حماية حقوق الإنسان، والامتثال للقانون الدولي الإنساني”.
وأشار إلى أن وفد فلسطين سيطلب من المحكمة أن تصدر فتوى تحدد بوضوح أن “الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، أمر غير قانوني ويجب أن ينتهي فوراً، وأن أفعال إسرائيل المتمثلة في منع وصول المساعدات الإنسانية، وإعاقة عمل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى، تنتهك التزاماتها بموجب القانون الدولي؛ وأن على جميع الدول أن تمتنع عن دعم أو مساعدة الاحتلال غير القانوني، وأن تتخذ تدابير فعالة لضمان إنهائه؛ وأن على الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى مواصلة عملها الإنساني وممارسة مسؤولياتها وفقاً للقانون الدولي، رغم العرقلة الإسرائيلية”.
بدوره، قال السفير حاتم عبد القادر، مندوب مصر أمام محكمة العدل الدولية، إن إسرائيل تخلق ظروفاً معيشية داخل غزة تجعل الحياة داخل القطاع مستحيلة.
وأضاف في كلمة خلال جلسات الاستماع نفسها إن الاستراتيجية الإسرائيلية تتضمن العمل على ترحيل الفلسطينيين بطريقة ممنهجة من غزة.
وأوضح أنه بوضع كل الممارسات الإسرائيلية في الاعتبار فإنّ السياسة الإسرائيلية مخالفة للقانون الدولي، مؤكداً أنه على الرغم من أن المحكمة أعلنت أن وجود الكيان الإسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية هو أمر غير قانوني لكن إسرائيل تصر على مخالفة وانتهاك القانون الإنساني الدولي.
وشدد على أن دور المحكمة ودور القانون الدولي وكذلك المؤسسات الدولية هو حماية الفلسطينيين حتى يصلوا إلى تحقيق استقلالهم على أرضهم.
ونوه بأن إسرائيل كسلطة احتلال يجب عليها توفير جميع المساعدات الإنسانية والغذائية بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وشدد على ضرورة الاعتراف الدولي بأن الشعب الفلسطيني له حقوق غير قابلة للتصرف، موضحاً أن الأمم المتحدة عليها مواصلة العمل من خلال وكالاتها المتعددة على سد الفجوات الناجمة عن الاعتداءات الإسرائيلية اليومية.
وأوضح أن عمل وكالة “الأونروا” لا يمكن الاستغناء عنه في الأراضي الفلسطينية، ويجب عدم التعرُّض أبداً إلى أي وكالة من وكالاتها، ولا أي من الطواقم الإنسانية سواء محلية أو دولية.
