الحرب على لبنان .. هل يقود تهور نتنياهو المنطقة إلى انفجار شامل؟

[[{“value”:”

بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام

من قطاع غزة إلى جنوب لبنان انتقل زخم النار الإسرائيلية؛ ليضع المنطقة بأسرها على صفيح ساخن يمكن أن يتحول إلى حرب شاملة، مع استمرار تعنت رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وتعطيله كل محاولات الوصول إلى صفقة تخمد البارود المشتعل.

وصعد الاحتلال الإسرائيلي خلال الأيام الماضية عدوانه على لبنان، وبلغ التصعيد ذروته أمس الاثنين عبر شن 5 موجات عنيفة من القصف الجوي، وفق «هيئة البث الإسرائيلية»، ادعى خلالها استهداف «أكثر من 1600 هدف» لحزب الله، ضمن عدوان أطلق عليه “سهام الشمال”.

في حين أكدت مصادر لبنانية أن القصف استهدف تجمعات سكنية وأحياء مدنية بالجملة ومستشفيات وسيارات إسعاف ما أدى إلى استشهاد 500 شخص وإصابة أكثر من 1600 وتدمير واسع في المنازل والممتلكات وتهجير عشرات آلاف المدنيين.

#صور | موجة نزوح في لبنان من مدينة صور ومناطق جنوبي البلاد جرّاء العدوان الإسرائيلي الذي خلّف مئات الشهداء والجرحى pic.twitter.com/9knXTleN55

— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) September 24, 2024

تهور يقود إلى حرب شاملة

أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية د. عثمان عثمان، يحذر من أن الحكومة المتطرفة في الكيان “الإسرائيلي” تقود المنطقة لحرب واسعة في المنطقة، مقدرًا أنها ستفشل في تفكيك جبهة المقاومة.

وقال عثمان: إن “إسرائيل” تخوض حربًا متدرجة ومتصاعدة في لبنان، مشيرًا إلى أنها تذهب لاستهداف أي مكان في لبنان بذريعة مهاجمة أعضاء حزب الله، وفق فلسطين أون لاين.

وأضاف عثمان: حقيقة الأمر أن الحرب بدأت بالهجوم “الإسرائيلي” الواسع على جنوب لبنان، حتى ولو لم تعلن “إسرائيل” ذلك، مبينا أن القصف المكثف والمركز لا يعني إلا أن “إسرائيل” تخوض حربًا شاملة على لبنان.

ورأى أن عدم إعلان “إسرائيل” للحرب ينطلق من مراعاتها الموقف الأميركي المتحفظ على الحرب، وكي لا تثير الرعب لدى “الإسرائيليين”، وكذلك لا تريد إغضاب دول في الإقليم ترى في الحرب إحراجًا لها.

وذهب الخبير السياسي إلى أن “إسرائيل” تريد من وراء الحرب تغيير موازين القوى على الأرض وإبعاد حزب الله إلى شمال الليطاني تحت ذريعة إعادة المستوطنين إلى الشمال، مشددًا على أن حزب الله لن يسمح بذلك قبل أن تتحقق أهداف الحزب التي حددها منذ البداية بوقف العدوان على غزة.

حرب شاملة أم عملية جراحية؟

أما الباحث السياسي عباس الأسدي، يقول إن نتنياهو يريد إعادة مستوطني الشمال بأي ثمن، فالضغط الشعبي والخسائر باتت لا تحتملها حكومته المطاردة بالتظاهرات.

ويرجح أن يتجنب نتنياهو الحرب الشاملة “عبر عملية جراحية جوية مكثفة، وقد شهدنا اليوم جزءا منها، حيث استشهد قرابة 500 لبناني”.

#شاهد | مشاهد للغارات الصـ.ــهيونية على جنوب لبنان. pic.twitter.com/M8EFtxoML4

— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) September 24, 2024

وأوضح الأسدي أن هذه الحملة الجوية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تحقق أهداف الحرب؛ فالمساحة الشاسعة ليست كغزة التي فشل بها رغم صغرها مقارنة بالجنوب اللبناني، فضلا عن قدرات حزب الله العسكرية والتكتيكية الكبيرة، التي تضمر أسلحة وخططا نوعية جديدة لم تدخل العمل بعد، كما حدث بقصف حيفا بصاروخ فادي، وفق موقع عربي21.

وأشار إلى أن “حزب الله يجيد اللعب من حيث توقيت وحجم الرد، وهذا ما شاهدناه بتدرج التصعيد في الشمال منذ السابع من أكتوبر”.

وأكد أن الظروف الراهنة قد لا تسمح لإسرائيل أن تفتح جبهة برية جديدة كونها قد تسبب ثورة في الداخل، في ظل استمرار حماس باحتجاز 130 أسيرًا إسرائيليًّا، مع استمرار الحرب التي لا معالم واضحة لنهايتها.

وبحسب الأسدي، فإن “حزب الله ليس كما السابق، لا سيما أن هناك جبهات ستتدخل حال اندلاع حرب مفتوحة في لبنان، وستنخرط عسكريا، حيث لا يكون الدعم جماهيريا فقط كما السابق، جنوبا هناك أنصار الله، شرقا هناك المقاومة الإسلامية في العراق، فضلا عن الجمهورية الإسلامية في إيران، وفروع جديدة كسرايا الأشتر في البحرين، ما يعني أن وضع المحور وعلى رأسه الحزب ليس كما السابق.

وفي اليوم الثاني لحرب الإبادة على قطاع غزة، دخل حزب الله على خط المواجهة على شكل جبهة إسناد ومؤازرة على طول الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، راهنا توقفه بوقف العدوان على قطاع غزة.

وفيما فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه المعلنة في قطاع غزة رغم إمعانه في حرب الإبادة في قطاع غزة، وارتكاب مجازر دامية أسفرت عن أكثر من 136 ألف شهيد وجريح وتدمير 80 من مباني القطاع وبنيته التحتية، ذهب إلى التصعيد في لبنان، معلنا أهدافا جديدة للحرب منها عودة مستوطني الشمال الذي يعني بلغة واقعية فصل الساحات وتحييد الجبهة اللبنانية، وإبعاد عناصر حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، وهو الأمر الذي رفضه الحزب بلسان أمينه العام حسن نصر الله ونائبه نعيم قاسم.

ورغم تقدير العميد المتقاعد حسن جوني قائد كلية القادة والأركان اللبنانية سابقا بأن بنيامين نتنياهو وجيش الاحتلال الاسرائيلي لا يخططون لشن حرب شاملة على لبنان على غرار ما حصل في حرب تموز ٢٠٠٦، وأن النوايا الاسرائيلية لا تريد الذهاب لحرب واسعة؛ إلاّ أنه يعتقد أن الأفعال الإسرائيلية قد تأخذ المنطقة إلى هذه الحرب.

واستهدفت إسرائيل – الجمعة- اجتماعاً لقادة في حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، ما أسفر عن استشهاد قائدين بارزين في الوحدة وعددا من مساعديهم، في حين بدأت موجات من القصف الواسع في الأيام التالية.

وجاءت هذه العملية بعد انفجار أجهزة بيجر واتصالات لاسلكية -يومي الثلاثاء والأربعاء من الأسبوع الماضي- يستخدمها عناصر حزب الله، والتي أدت إلى استشهاد 37 وإصابة أكثر من 3 آلاف آخرين. ولم تعلن إسرائيل رسميا ضلوعها بهذه التفجيرات لكن نتنياهو قال إن حزب الله تلقى ضربات لم يكن يتوقعها.

#صورة | من شاطئ بحر غزة.. سلامًا بيروت pic.twitter.com/qvO36qpYan

— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) September 24, 2024

ويرى العميد جوني أن حزب الله أيضا لا يريد حربا شاملة أو واسعة لكنه الآن يتعرض لضربات قاسية ويعتقد الحزب أن الاسرائيلي تجاوز الخطوط الحمراء كلها من خلال استهدافاته الأخيرة سواء في تفجير أجهزة الاتصالات بهذا العمل غير المسبوق والمتوحش في لبنان أو سواء في إمعانه في الاغتيال المتوحش في الضاحية والتسبب بقتل هذا العدد الكبير من اللبنانيين بالتالي الأمر مرهون بتفاعل حزب الله مع هذه الهجمات الإسرائيلية التي تتجاوز الخطوط الحمراء، وفق فلسطين أون لاين.

تحول في الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية

وفي الأثناء، كشف الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري عن تحول ملحوظ في الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية تجاه حزب الله في لبنان.

وأشار الدويري في تحليل عسكري إلى وجود سيناريو افتراضي وضعه نتنياهو من خلال الضغط على الحاضنة الشعبية، يهدف إلى كسر إرادة حزب الله وإرغامه على وقف الحرب.

وتحدث الخبير العسكري عن تحول في إستراتيجية الاستهداف الإسرائيلية، حيث انتقلت من التركيز على الأودية والجبال والمناطق التي يُعتقد بوجود قوات حزب الله فيها إلى استهداف البلدات والمناطق السكنية في جنوب لبنان، واعتبر هذا التحول محاولة لإجبار الحزب على عدم الاستمرار بالمقاومة.

الحفاظ على الردع

وأوضح الدويري أن المطلب الرئيسي المعلن لإسرائيل في الجنوب اللبناني هو عودة المهجرين الإسرائيليين إلى منازلهم على الجانب الإسرائيلي من الحدود.

لكنه تساءل عن كيفية ترجمة هذا المطلب عسكريا على الأرض، مشيرا إلى أن تحقيقه يتطلب تطبيق القرار 1701 وانسحاب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، ووقف إطلاق الصواريخ، وفك الارتباط بين ساحات المقاومة.

في المقابل، أكد الدويري أن موقف حزب الله واضح ويتمثل في الحفاظ على معادلة الردع القائمة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واستمرار إسناد غزة طالما استمر الحصار والعدوان عليها، وأشار إلى أن هناك فرقا كبيرا بين موقفي الطرفين.

#شاهد | لحظة سقوط 5 صواريخ قرب “كيبوتس سنير” في إصبع الجليل شمال فلسطين المحتلة pic.twitter.com/i0qC2m30Rj

— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) September 24, 2024

وفيما يتعلق بقدرات حزب الله العسكرية، أشار الدويري إلى أن التقديرات تشير إلى امتلاك الحزب ما بين 100 ألف و200 ألف صاروخ متنوع يتراوح مداها بين 10 كيلومترات و500 كيلومتر، بالإضافة إلى صواريخ باليستية وموجهة ومضادة للطائرات والسفن، وأكد أن حزب الله يمتلك خط إمداد شبه مفتوح، مما يعزز قدراته العسكرية.

ولفت الدويري إلى أن الاحتلال كان يراهن على تراجع القدرة القتالية والأداء الميداني لحزب الله بعد تعرضه لـ3 ضربات موجعة استهدفت منظومات الاتصال واغتيال قيادات بارزة، لكن الواقع أثبت عدم حدوث خلل في أداء الحزب، إذ لا تزال إدارته للمعركة بالمستوى المتوقع.

فرص الحرب الشاملة

وبشأن إمكانية بقاء الحرب في نطاق محدود دون أن تتحول إلى حرب شاملة، أوضح الدويري أن هناك عوامل داخلية وخارجية تحكم ذلك، فمن الناحية الداخلية يجب أن يبقى إيقاع التصعيد منضبطا من قبل الطرفين، مع تجنب حدوث مفاجآت ميدانية كبيرة مثل سقوط صاروخ ثقيل في ضواحي تل أبيب يؤدي إلى سقوط عشرات القتلى الإسرائيليين.

أما العوامل الخارجية فتتمثل في وحدة ساحات المقاومة وحجم الدعم المقدم من الحلفاء، مشيرا إلى الدور المهم الذي تلعبه إيران كقائدة لمحور المقاومة، متسائلا عما إذا كانت ستكتفي بالمساندة في التسليح والتأهيل والتدريب والدعم المعنوي، أم ستنخرط بشكل مباشر في الدفاع عن المقاومة، مما قد يؤدي إلى حرب شاملة.

وتطرق الخبير العسكري إلى مساهمة ساحات المقاومة الأخرى، مثل أنصار الله (الحوثيون) في اليمن والمقاومة الإسلامية في العراق، مشيرا إلى أن مشاركتهم لا تزال محدودة مقارنة بما يتعرض له حزب الله، مؤكدا أن الحزب يعتبر رأس حربة المقاومة من حيث القدرة والإمكانيات.

وفي مقارنة بين قدرات حزب الله وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أوضح الدويري أن هناك فارقا كبيرا بينهما، فبينما تمتلك حماس ما يصل إلى 35 ألف صاروخ ونحو 50 ألف مقاتل يمتلك حزب الله بين 100 و200 ألف صاروخ متنوع، بالإضافة إلى قوة بشرية تقدر بنحو 100 ألف مقاتل، وفقا لتصريحات الأمين العام للحزب حسن نصر الله.

تغطية عن الفشل أمام حماس

وبشأن نقل مركز الثقل للحرب من الجبهة في غزة إلى لبنان، اتهم جنرال إسرائيلي رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بمحاولة التغطية على فشله أمام حركة حماس عن طريق استعراض عبثي للانتصار على حزب الله.

وقال اللواء احتياط إسحق بريك إن المستوى السياسي والأمني ينثرون الرماد في العيون. ورأى الجنرال الذي يلقب بـ”نبي الغضب الإسرائيلي” بسبب توقعه بهجوم يشنه آلاف المسلحين الفلسطينيين على مستوطنات غلاف قطاع غزة كما حصل في طوفان الأقصى، أنه “في الوقت الذي يحتفل فيه العلمانيون هم لا يلاحظون جبل الجليد الضخم الذي يقترب من سفينتنا التي تبحر في بحر عاصف، وبعد قليل ستتحطم على ضلع هذا الجبل”.

ويضيف في مقال له في صحيفة “هآرتس” العبرية: “هم لا يرفعون رؤوسهم لرؤية ما يوجد حولهم وفهم وفحص ما الذي تغير ولماذا. على رأس الدولة تقف قيادة أمنية وسياسية مهووسة، أنزلت علينا كارثة 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وهي لا تستثني أي خدعة أو حيلة كي تبقى وتتمسك بكرسي السلطة. ورغم النجاح التكتيكي أمام حزب الله إلا أن الوضع الاستراتيجي لدينا يتدهور بوتيرة سريعة في كل مجالات الحياة: الأمن، والاقتصاد، والعلاقات الدولية، والمناعة الاجتماعية، والتعليم والصحة”.

ويؤكد بريك أن “إسرائيل” لم تحقق أيا من أهداف الحرب في غزة، “نحن لم نحقق أي هدف من الأهداف التي وضعناها لأنفسنا في بداية الحرب: القضاء على حماس وتحرير المخطوفين. عمليا، ليس لدينا أي هدف آخر للحرب لأن بنيامين نتنياهو قرر محاربة كل العالم العربي المعادي لنا.

ويضيف: “هذه حرب بدون اتجاه أو أهداف أو جدوى، وبدون قدرة على الانتصار فيها، باستثناء التدمير الذاتي الذي نتسبب به لأنفسنا إزاء عدم القدرة على الخروج من هذا المضيق”.

وأوضح أنه حتى “بعد النجاح التكتيكي في تفجير البيجرات لحزب الله وقتل قيادته العليا فإن نيران صواريخه تستمر بلا توقف”. “هناك شعارات يتم إطلاقها في الهواء في قنوات الإعلام، وتتم تغذيتها بأكاذيب المستوى السياسي والمستوى الأمني التي تريد التغطية على الفشل أمام حماس عن طريق استعراض عبثي للانتصار على حزب الله”.

وختم بريك مقاله بالقول: “إذا واصلنا هذا النهج فلن نكون هنا. الطريقة الوحيدة التي بقيت لنا هي التوصل إلى اتفاق وإطلاق سراح والمخطوفين ووقف القتال. كل ذلك على أمل أن يوقف حزب الله أيضا إطلاق النار. هذا الوضع سيمكن من استبدال القيادة العسكرية والسياسية بالانتخابات والانطلاق إلى طريق جديدة”.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة