الجولاني: جولة بلينكن مقاربة أمريكية جديدة لـ “النزول عن الشجرة”

عمّان – المركز الفلسطيني للإعلام

على الرغم من أنّ جولة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لخمس دول عربية والضفة الغربية وتركيا واليونان، بالإضافة إلى إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي حملت أهدافًا معلنة قبل الزيارة إلى أنّ مراقبين يرون أنّ الهدف الأهم في هذه الزيارة يكمن في الضغط على “إسرائيل” للانتقال لمرحلة جديدة في الحرب والإجابة على سؤال ماذا بعد “اليوم التالي” لانتهاء الحرب على غزة.

 وكانت الخارجية الأمريكية أعلنت قبيل الزيارة – التي انقضى نصفها حيث زار بلينكن تركيا واليونان والأردن – تتعلق بزيادة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل كبير، و”منع اتساع رقعة النزاع”، إثر اغتيال القيادي في حركة حماس الشيخ صالح العاروري بضربة إسرائيلية في لبنان، وتصاعد عمليات الحوثيين للسفن الإسرائيلية، أو المتجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر.

وأكد ماثيو ميلر الناطق باسم الخارجية الأمريكية أن الوزير “سيناقش الخطوات المحددة التي يمكن للأطراف القيام بها، بما في ذلك الكيفية التي يمكنهم من خلالها استخدام نفوذهم مع آخرين في المنطقة لمنع التصعيد”.

بدوره يرى الكاتب والمحلل السياسي عاطف الجولاني أنّ زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن تأتي في سياق الإعداد لمرحلة “النزول عن الشجرة” وتخفيض العمليات العسكرية في غزة، تمهيدًا للإجابة على سؤال ماذا بعد اليوم التالي لنهاية الحرب على  غزة، الذي تسعى فيه أمريكا بكل قوة لإشراك السلطة الفلسطينية فيما دولة الكيان الإسرائيلي ترفض ذلك.

ويقول الجولاني في تصريحاته للمركز الفلسطيني للإعلام: إنّ زيارة بلينكن بعد أيّام من تصريحات جون كيربي التي أشار فيها بشكلٍ واضحٍ وربما تكون هي المرة الأولى، أنّ حركة حماس ما تزال تحتفظ بقدرات كبيرة في قطاع غزة.

ويلفت إلى القول: في تقديري هذا مؤشر إلى أنّ أمريكا وصلت إلى درجة القناعة بعدم إمكانية تحقيق الأهداف وحسم المعركة خلال مدى زمني قصير.

ويضيف: “أعتقد ستكون هناك مقاربة أمريكية جديدة، في ظل التباين في وجهات النظر بين أمريكا وإسرائيل، ففي الوقت الذي ترى أمريكا أنه يجب أن يكون للسلطة الفلسطينية دور في قطاع غزة، تعارض “إسرائيل” ذلك سواء كان نتنياهو أو سموترتش أو بن غفير، الذين يبحثون عن خياراتٍ أخرى”.

وينوه إلى جانب آخر من القضية تتمثل في أنّ “الجانب الأمريكي يضغط على (إسرائيل) للانتقال لمرحلة خفض العمليات القتالية وهو ما لم يحصل حتى اللحظة”.

ويتابع حديثه: من الواضح أنّ هناك حالة “تمسك وعناد” إسرائيلي في استمرار نمط العمليات القتالية القائم، وهذا ما أدى إلى خلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي، واليوم بني غانتس يقف مع الموقف الأمريكي ويدفع باتجاه الذهاب للمرحلة الثالثة من خفض العمليات القتالية.

ويرى الجولاني أنّه وعلى الرغم من المشهد المرتبك، إلا أنّ زيارة بلينكن تحمل دافعين أساسيين، الأول، توصيل رسالة واضحة للجانب الإسرائيلي بضرورة الانتقال إلى شكل جديد للمواجهة، وهو ما تمّ التوافق عليه سابقًا، والمسألة الثانية في تقديري ربما تتعلق في ترتيبات فيما يتعلق بالوضع السياسي في قطاع غزة، وما يخص دور السلطة، ولكن على قاعدة أنّ حماس ستكون جزءًا أساسيًا من الأمر الواقع بغض النظر فيما إذا كانت ممثلة في السلطة أو الإدارة الرسمية أو كانت ستعطي الغطاء والضوء الأخضر، لكنها في كل الأحوال ستكون طرفًا فاعلاً في المعادلة.

ويستدرك الجولاني بالقول: إنّ ما تمّ طرحه قبل عدة أسابيع أن تنسحب حماس عسكريًا وقياداتها خارج قطاع غزة تكرارًا لسيناريو عام 1982 بالنسبة لمنظمة التحرير، أعتقد أنّ هذه المسألة تم تجاوزها، كما تمّ تجاوز مسألة وجود سلاح المقاومة.

ويلفت إلى  القول: لا أعتقد أنّ أي صيغة سياسية تطرح في المستقبل سيكون من ضمنها الحديث عن سلاح المقاومة أو خروج حركة حماس من قطاع غزة.

وينوه الجولاني إلى أنّ “المبادرة المصرية التي طرحت وتم رفضها من قبل المقاومة، نصّت على تشكيل حكومة تكنوقراط وحكومة كفاءات، لكن هذه الحكومة إن تمّ تشكيلها ستخضع بالضرورة لموافقة حركة فتح وحركة حماس والفصائل الفلسطينية، وهي كانت مخرجًا لأنّ الجانب الإسرائيلي والأمريكي، من ضمن أهدافهم، طرحوا موضوع إنهاء حكم حركة حماس وإدارتها لغزة”.

ويضيف بالقول: أعتقد أنّهم يبحثون عن شكل، وعن مخرج، لتحقيق هذا الهدف بصورة غير مباشرة، عبر تشكيل “حكومة تكنوقراط” لكنّهم يدركون أنّ الحكومة لن تنجح بأداء مهمّاتها إذا لم تكن مقبولة ويتوفر لها من حركة حماس الغطاء السياسي.

ويتابع الجولاني حديثه: لا أعتقد أنّ الأهداف بسقوفها المرتفعة التي طرحها قادة الكيان الصهيوني، من قبيل القضاء على حركة حماس، أو استسلامها وخروجها من قطاع غزة، أو إنهاء وجودها وتأثيرها بشكلٍ كامل من قطاع غزة، كل هذه السقوف من الأهداف لم تعد قائمة.

ويشدد على القول: نحن على مسافة 92 يومًا من بداية المواجهة، وبعد ثلاثة شهور من الحرب البرية والقصف المتواصل لم ينجح العدوّ الإسرائيلي بتحقيق أهدافه، وبالتالي اليوم أتوقع أنّ الأمور ستتجه نحو مرحلة انتقالية، تمهيداً للنزول عن الشجرة والوصول إلى اتفاق.

ويختم الجولاني بالقول: قد يأخذ هذا الأمر بضعة أسابيع، لكن الحرب بتقديري استنفذت أغراضها بتحقيق الأهداف، وما لم يتحقق في 92 يومًا لو تمّ التمديد لشهرٍ أو شهرين إضافيين، لا أعتقد أنّ الأمر سيتغير، هذا الإدراك أعتقد أنه تحقق لدى الجانب الأمريكي، لكن المكابرة من نتنياهو بن غفير وسموتريتش، مكابرة وعناد، لكن في نهاية المطاف لا مناص من الذهاب باتجاه إعادة النظر في الوضع القائم.

 

المحتوى ذو الصلة