الجبهة الثامنة… “الأخطر والأهمّ”

 ​   

الداخل المحتل / PNN – فيما تتّجه الأنظار إلى إمكانيّة التوصّل إلى تسوية توقف الحرب الإسرائيليّة على لبنان، وينشغل السياسيّون والمحلّلون بفرصها، أعلن بنيامين نتنياهو، أمس السبت، عن “جبهة ثامنة” تبدو الأهمّ والأخطر في نظره.

قال نتنياهو في كلمة مصوّرة من تسع دقائق موجّهة لأنصاره، إنّنا “نحارب في سبع جبهات، ونكافح في هذه الجبهة أيضًا”، والجبهة الجديدة الّتي يقصدها نتنياهو هي “جبهة داخليّة” وصفها “عمليّة صيد” ضدّه وضدّ معسكره ورجال مكتبه، تخوضها المستشارة القضائيّة للحكومة والجهاز القضائيّ، في أعقاب تقديم لائحة اتّهام ضدّ المتحدّث باسمه بتسريب وثائق سرّيّة والإضرار بأمن الدولة. وهاجم نتنياهو الجهاز القضائيّ بأنّه يرفض توجّهاته بطلب التحقيق في تسريبات لوسائل إعلام إسرائيليّة أجنبيّة من الكابينيت الموسّع والمصغّر، ومن طاقم المفاوضات لتحرير الأسرى الإسرائيليّين.

كما هاجم نتنياهو الأجهزة الأمنيّة بأنّها تتعمّد إخفاء وثائق سرّيّة عنه خدمة لـ”سرديّة” تريد له الخضوع “لشروط العدوّ”.

وأوحى نتنياهو لأنصاره في كلمته وكأنّه يواجه مؤامرة من الجهاز القضائيّ والأمنيّ ضدّه، وضدّ أنصاره ومعسكره السياسيّ، وتعريض الجنود للخطر، وذلك في ظلّ شعوره بالقوّة لجهة توسيع ائتلافه الحكوميّ، أو لجهة الإنجازات العسكريّة الّتي حقّقها في لبنان بنظره، ويعتبر أنّ ذلك بفضل قرارته كرئيس للحكومة.

الجبهات السبع الّتي يكرّرها نتنياهو هي غزّة والضفّة الغربيّة ولبنان وسوريّة والعراق واليمن وإيران.

الجبهة الإضافيّة الّتي يتحدّث عنها نتنياهو، الثامنة، تبدو أنّها الأهمّ بالنسبة إليه، وإعلانه عنها يأتي قبل عشرة أيّام من بدء شهادته في المحكمة بملفّات تتعلّق بالفساد، وكذلك خشية من أن يورّطه المتحدّث باسمه المعتقل بتهمة تسريب الوثائق السرّيّة لصحيفة “بيلد” الألمانيّة بناء على طلب أو بعلم نتنياهو شخصيًّا، خصوصًا أنّ نشر الكلمة المصوّرة تزامن مع مقابلة تلفزيونيّة مطوّلة مع محامي المتحدّث باسمه، الّذي قال إنّ موكّله “لم يعمل من أجله نفسه، بل كان مستشارًا إعلاميًّا في مكتب نتنياهو، وعمل من أجل نتنياهو”.

يبدو أنّ الشغل الشاغل هذه الأيّام مصيره السياسيّ، وحرف النقاش عن تشكيل لجنة تحقيق رسميّة بفشل السابع من أكتوبر؛ فكلمته بدت وكأنّها جزء من حملة انتخابيّة يخاطب فيها معسكره، ويعيد الاستقطاب للمجتمع الإسرائيليّ الّذي يعتبر أنّه الأقوى فيه، إذ اعتبر أنّ الجبهة الثامنة لا تستهدفه شخصيًّا فقط، بل تستهدف كلّ معسكره وناخبيه، فيما رجّحت تحليلات إسرائيليّة أنّ هذا الخطاب هو تمهيد لإقالة المستشارة القضائيّة للحكومة، وربّما لإقالة رئيس الشابّاك أيضًا، الّذي رفض تقديم تقرير للمحكمة عن خطورة إدلاء نتنياهو شهادته أمام المحكمة في هذه الفترة، وبعد استهداف منزله الشخصيّ في قيسارية، أي أنّ رئيس الشابّاك رفض الانصياع لمحاولات نتنياهو للتهرّب من تقديم شهادته.

ما يهمّنا في هذا السياق أنّ نتنياهو يفتح جبهات بدل أن يغلقها أو يقلّلها، وهذا ينعكس على الحرب ضدّ غزّة ولبنان وحجم الفرص لوقف الحرب على لبنان على الأقلّ. يبدو أنّ نتنياهو غير مستعجل لإخماد نيران الجبهات، ويقوم “بجرجرة” المفاوضات بشأن الحرب في لبنان، تمامًا كما فعل في المفاوضات بشأن غزّة.

يبدو أنّ الملفّ الأهمّ بالنسبة إليه، بالإضافة إلى “الجبهة الثامنة”، هو الملفّ الإيرانيّ، خصوصًا مع قوله بعد فوز ترامب، بأنّه “يرى وترامب الموضوع الإيرانيّ بعين واحدة”، فربّما يسعى إلى تأجيل الحسم في باقي الجبهات حتّى دخول ترامب البيت الأبيض، ومن ثمّ التركيز على “جبهة إيران”، بعد أن يكون وقتها قد استنزف حزب اللّه سياسيًّا وعسكريًّا.

لذا، لا يجوز التكهّن بمدى فرص الوصول لوقف لإطلاق نار في لبنان، فبإمكان نتنياهو اختلاق الذريعة تلو الأخرى للتهرّب من وقف الحرب انتظارًا لعودة ترامب وعودة المواجهة مع إيران إلى الصدارة، باعتبار أنّ الجبهات الأخرى باتت ثانويّة.

  

المحتوى ذو الصلة