إبادات انتقامية.. عائلات غزاوية كاملة محاها الاحتلال

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

من بين أكثر نتائج العدوان الصهيوني على قطاع غزة بشاعة خلال أكثر من 7 أشهر هو المسح الكامل لعائلات فلسطينية من خلال قصف عشوائي أو متعمد، لا يفرق بين صغير وكبير، ولا بين رجل وامرأة، ولا بين مقاتل ومدني، فتقع الكارثة بأن تًمحى العائلة كلها (أو جُلّها) من الوجود، لا يتبقى منها غير ما يذكرها الناس عن أفرادها وكيف انتهت حياتهم في طرفة عين بفعل عدوّ مجرم نازي، وتحت سمع وبصر مجتمع دولي لا يعنيه إلا حماية القتلة.

منذ بدء العدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة، بدأت عائلات في النزوح إلى أماكن زعم الاحتلال أنها مناطق آمنة، خاصة في جنوب قطاع غزة، وتحولت كثير من البيوت والمنازل إلى تجمعات عائلية يقطنها أصحاب المكان وذووهم النازحون، لكن الرغبة الصهيونية في الانتقام من كل فلسطيني، بعد الهزيمة النكراء التي لحقت بجيش الاحتلال في السابع من أكتوبر الماضي، دفعته إلى الكشف عن بشاعته وساديته في أن يغدر بالآمنين من النساء والأطفال والمرضى والعجزة، ويستهدف أماكن مكتظة بأهلها ليبيدها عن بكرة أبيها.

امتلأ سجل الإبادة الجماعية في غزة بأسماء عائلات كانت مدونة في الدفاتر المدنية، فتحولت إلى دفاتر الشهداء والمفقودين في طرفة عين، لم تسلم من ذلك مناطق الشمال أو الوسط أو الجنوب في قطاع غزة، فكل شبر في أرض غزة معرّض لوحشية الاحتلال الذي لم يرع قانونًا ولم يعرف أخلاقًا.

وفي بعض العائلات، استشهد الأب والأم ومعظم الأطفال وحتى أبناء العموم؛ حيث يبقى طفل واحد أو فرد واحد فقط من كل عائلة، وتشكل هذه النجاة بدورها لعنة قاسية على الذين فقدوا كل أحبائهم ولم ينجُ أحد منهم وحده.

مفقودون ومختفون

ولا يزال تعداد المفقودين بالآلاف لا يُعرف مصيرهم، وسط الصعوبات التي تواجهها فرق الإنقاذ الطبية والدفاع المدني في الوصول إلى الأحياء المستهدفة، نتيجة استمرار القصف العشوائي علاوة على نقص المعدات، والأضرار الجسيمة التي لحقت بالطرق، بينما يتبقى الأمل معقودًا لدى البعض في أن يكون ذووهم ضمن النازحين إلى مناطق أخرى، أو حتى ضمن المعتقلين لدى الاحتلال والذين يخفيهم قسرًا.

صحفيون ومعنيون أكدوا أن محاولة حصر أسماء الشهداء وعائلاتهم الذين ارتقوا بالقصف العنيف والمتواصل على عديد المناطق في قطاع غزة، أمر صعب خصوصًا في ظل هجمية الاحتلال المستمرة.

ولا تزال طائرات الاحتلال تكثف من غاراتها في مناطق عدة من بينها: مخيم النصيرات، ومخيم جباليا، بالإضافة إلى عدة مناطق في مدينة رفح؛ فيما بلغت حصيلة الشهداء حتى الآن منذ السابع من أكتوبر، قرابة 35 ألف شهيد تم تسجيلهم في مستشفيات قطاع غزة.

إبادة عائلات

قوافل الشهداء في عائلة الأغا تتعاقب منذ السابع من أكتوبر الماضي في مجازر إسرائيلية أسفرت عن استشهاد نحو 104 شهداء موثّقين، من بينهم 31 طفلًا و24 امرأة، بالإضافة إلى 8 معتقلين لم يعرف مصيرهم حتى اللحظة، وما زال يخفيهم قسريًّا في ظروف احتجاز صعبة للغاية.

في الـ 19 من شهر ديسمبر / كانون أول الماضي، كانت عائلة سالم على موعد مع قدَر ختامي لحياة أبنائها؛ حيث قام سلاح الجوّ الإسرائيلي باستهداف عمارة سكنية في حي الرمال نزح إليها عدد كبير من هذه العائلة، بعد أن تركوا بيوتهم في المناطق التي تشهد قتالاً، لكن العدو لم يتركهم ساكنين ولا نازحين، فألقى عليهم قنابله ليوقع فيهم أكثر من 100 شهيد في لحظة واحدة.

بعد المجزرة حاولت طواقم الدفاع المدني بالتعاون مع المواطنين التعرف على نتيجة المجزرة، لكنهم لم يتمكنوا من معرفتهم جميعًا بسبب عدم القدرة على انتشال الباقين من تحت ركام العمارة السكنية، حتى إن إحصاء عدد الشهداء كان تقريبيًّا حسب ما وجدوا من الشهداء، ولم يتم حصرهم جميعًا.

عائلة “عوض” إحدى العائلات التي فقدت نحو 100 من أفرادها دفعة واحدة، لم يخرج منهم سوى 10 أحياء بإصابات بالغة ومنهم من بترت أطرافه.

قصف واستهداف متعاقب على منازل عائلة عبد الغفور في عدد من مناطق ومدن قطاع غزة؛ أدى إلى محو أُسَر بكاملها من السجل المدني؛ فيما شملت المجازر نساءً وأطفالاً ووجهاء ومشايخ من العائلة؛ حيث ارتقى منها منذ بداية العدوان 72 شهيدًا.

وفي صباح السابع من يناير / كانون ثان 2024 ارتكبت قوات الاحتلال مدزرة بحق عائلة أبو علبة، حينما أغارَ على منازل المدنيين في منطقة الفالوجا بمخيم جباليا شمال القطاع؛ حيثُ تم استهداف منزل للعائلة، وأعلن عن ارتقاء ما يزيد عن 70 شهيدًا ومعظمهم من الأطفال.

أما عائلة حمودة فتعرّضت هي الأخرى لسلسلة من الغارات التي ارتكبها سلاح الجوّ الإسرائيلي في مخيم خانيونس وفي مناطق النزوح داخل غزة، في الفترة بين نهايات شهر أكتوبر وحتى نهاية شهر ديسبمرر 2023.

وقد أسفرت هذه الغارات عن ارتقاء أكثر من 60 شهيدًا، جُلّهم من النساء والأطفال.

مع الأسابيع الأولى للعدوان على غزة، تخطى عدد العائلات التي مسحت سجلاتها الـ100 عائلة، ولكن الآن هذه تضاعفت عشرات المرات، ففي بعض الأحيان تجد أن هناك أكثر من 30 فراد من العائلة الواحدة استشهد، وقد تجد العدد يتخطى الـ50، وفي بعض الأحيان 70 شخصًا، ومنهم أكثر من ذلك بكثير، منهم عائلة نفار الذي استشهد منها 50 فردًا بينهم رضيع في عمر الأربعة شهور، ومجزرة عائلة شهاب، التي استشهد فيها 44 شخصا بينهم 20 طفلًا أحدهم رضيع، و26 امرأة، وهناك مجزرة عائلة ملكة التي استشهد فهيا 26 شخصًا، بجانب عائلة الكاتب الفلسطيني يوسف دواس التي استشهد فيها 27 شخصًا من عائلته، في بيت لاهيا في 14 أكتوبر الماضي، وعائلة الناعوق التي استشهد فيها 21 فردًا، وعائلة الغول التي بلغ عدد شهدائها 48 شخصًا.

تكنولوجيا الإبادة

وكشف المكتب الإعلامي الحكومي أن أكثر من 3100 عائلة فلسطينية قد تعرضت للقصف الإسرائيلي الجماعي بأطنان من المتفجرات لا تترك إلا القليل من الأحياء، الذين غالبا ما يُستشهدون لاحقًا أو يفقدون أطرافهم أو بعض حواسهم.

ويستخدم جيش الاحتلال أنظمة تكنولوجية متطورة مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحديد بيانات العائلات التي يتم استهدافها، ومن خلال هذه الأنظمة يتم التعرف على أعمار وأعداد الأفراد الموجودين داخل البناية، ومن ثم يتم قصفهم بشكل وحشي متعمد من قبل سلاح الجو الإسرائيلي.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة