باريس / PNN – أكّد المخرج الفلسطيني إياد الأسطل، أن الفنانين الفلسطينيين الذين يكشفون بجرأة عبر أعمالهم الفنية جرائم إسرائيل، أصبحوا عرضة للاستهداف المتعمد من قبل جيشها، “لا لشيء سوى أنهم يوثقون الحقيقة”.
الأسطل، الذي نشأ في قطاع غزة وأكمل دراسته السينمائية في فرنسا، تحدّث في مقابلة مع الأناضول عن بيان الدعم الدولي لغزة الذي نُشر في صحيفة ليبيراسيون الفرنسية في 12 مايو/ أيار الجاري، تحت عنوان “يجب ألا يسود الصمت في مهرجان كان السينمائي إزاء الفظائع المرتكبة في غزة”.
تضمن البيان عبارة: “لا يمكننا أن نصمت بينما تستمر الإبادة الجماعية في غزة”، ودعمه أكثر من 300 شخصية من عالم السينما، من بينهم المخرج إياد الأسطل>
بعد إكمال تعليمه السينمائي في فرنسا، عاد الأسطل إلى قطاع غزة، حيث بدأ عام 2019 بإنتاج سلسلة وثائقية بعنوان “حكايات من غزة” توثق الحياة اليومية للفلسطينيين.
وتناولت السلسلة الوثائقية التي امتدت لنحو 250 حلقة خلال الفترة من عام 2019 وحتى تشرين الأول/أكتوبر 2023، موضوعات متعددة من بينها دور الفنانين والشباب والأطفال والنساء في المجتمع الغزّي.
وبعد بدء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، شرع الأسطل بتصوير فيلم وثائقي جديد بعنوان “من أجل كرامة غزة”، سيُعرض لأول مرة في 27 مايو/ أيار الجاري، في معهد العالم العربي في العاصمة الفرنسية باريس.
وغادر الأسطل غزة في فبراير/ شباط 2024، ويقيم حاليًا في فرنسا، حيث تحدّث عن أسباب دعمه للبيان المنشور في صحيفة ليبيراسيون، وعن مشاريعه التي تركز على قطاع غزة.
قال الأسطل إنه لم يستطع أن يظل صامتا حيال ما يجري في غزة، لذا قرر التوقيع على البيان المنشور في صحيفة ليبيراسيون.
وأضاف: “علينا اليوم أن نحشد كل إمكاناتنا للدفاع عن الفلسطينيين وحقوقهم، ووضع حدّ لما يجري في غزة”.
وشدد الأسطل على أن كل شخص، سواء أكان فنانا أم صحفيا أم غير ذلك، “يتحمّل مسؤولية تاريخية تجاه ما يحدث”.
ومضى قائلا: “إذا لم نُسهم في وقف هذه الحرب، فإننا نُعدّ شركاء في الجريمة”.
وأعرب المخرج الفلسطيني عن أمله بأن يكون لهذا البيان تأثير على الساحة الدولية.
وتابع: “نحن نتحدث عن مهرجان كان السينمائي، حيث يجتمع مئات بل آلاف الفنانين لعرض أعمالهم. ومن المهم أن يستمع هؤلاء الفنانون والمخرجون والكوميديون إلى رسالة زملائهم”.
ويرى الأسطل أن الفن الفلسطيني هو “شكل من أشكال المقاومة”، ويوضح أن الفنانين في غزة والضفة يكشفون عبر كتاباتهم، أو أعمالهم الفنية، أو أفلامهم السينمائية، أو حتى من خلال أغنية أو قصيدة، عن “الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال. ولهذا السبب، أصبحوا أهدافا مباشرة لهذا الجيش”.
وأشار المخرج الفلسطيني إلى أن كثيرا من القصص دُفنت مع المدنيين الذين قتلوا، لكن الفنانين يعملون على إحياء هذه القصص وتحويلها إلى فيلم، أو أغنية، أو رواية.
وقال الأسطل: “اليوم لا نشهد فقط حربا عسكرية، بل هناك أيضا حرب إعلامية، وحرب تضليل ممنهجة”.
وانتقد الأسطل الصورة النمطية التي تروج لها بعض وسائل الإعلام عن الفلسطينيين، قائلاً: “يُصوَّر الفلسطيني على أنه وحش قاتل، في حين يتم تجاهل الجرائم التي تُرتكب بحقه يوميا. الإعلام شريك في تغذية هذا التشويه”.
يؤمن الأسطل بدور الفن كوسيط إنساني، وقال: “عندما يفوز أصدقائي المخرجون بجوائز هنا في فرنسا، أطلب منهم أن يكونوا صوتا لغزة، أن يرفعوا وجعها على المنصات”.
وسلّط الأسطل الضوء على استخدام إسرائيل للجوع كوسيلة لإجبار الفلسطينيين على مغادرة غزة.
وتساءل بغضب: “لماذا يُمنع طفل من عبوة حليب؟ ما الذي يمكن أن تُشكّله تغذية مسنٍّ أو امرأة حامل من خطر على جيش الاحتلال الإسرائيلي؟
وأشار إلى أن سكان القطاع اضطروا إلى أكل الأعشاب البرية وأعلاف الحيوانات في ظل شحّ الغذاء والدواء.
وأكد الأسطل أنه من خلال مشروعه “حكايات من غزة”، كان يهدف إلى إظهار الجوانب غير المرئية من حياة الفلسطينيين بغزة في وسائل الإعلام.
وقال: “هنا، وخاصة في أوروبا، عندما يُذكر اسم غزة، لا يجري الحديث سوى عن القصف، والاعتداءات، والعنف. أما الحياة اليومية فلا تُعرض. ولهذا خطرت لي فكرة إنتاج الوثائقي حكايات من غزة”.
وقال المخرج إياد الأسطل إنه بعد بدء حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة، قرّر إعادة التصوير مع الأشخاص الذين التقاهم في سلسلة أفلامه الوثائقية السابقة، من أجل رؤية كيف غيّرت الحرب حياتهم.
وأوضح أنه أنجز خلال هذه المرحلة فيلما وثائقيا جديدا بعنوان “من أجل كرامة غزة”، يتناول قصص من تم تهجيرهم قسرا من القطاع.
وسرد أحد الأطفال المشاركين في الفيلم ذكرياته عن أيام الجمعة قبل الحرب، حين كانت العائلة تجتمع على الطعام، قائلا “اليوم كلهم جياع، لا يملكون شيئًا يأكلونه”.
ودعا الأسطل الجميع إلى مشاهدة الفيلم لرؤية ما آلت إليه الحياة في غزة، مشددا على أنه “لا توجد في هذا الفيلم الوثائقي كلمة واحدة تنم عن الكراهية”.
وأضاف: “يتحدث في الفيلم أشخاص عاديون، فنانون، نساء، فتيات، صحفيون… يروون الحقائق، ويصفون أجواء الحرب، ويُقدّمون صورة عن غزة كما كانت قبل اندلاع العدوان”.
ومنذ بداية حرب الإبادة في غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كان الفنانون الفلسطينيون هدفاً لغارات الجيش الإسرائيلي، حيث وثق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ووزارة الثقافة الفلسطينية، في تقرير مشترك صدر في مارس/ آذار الماضي، استشهاد 118 عاملا في الحقل الثقافي والفني بقطاع غزة خلال العام 2024، بغارات إسرائيلية.
وكان من أبرز العاملين في القطاع الفني والثقافي الذين قتلتهم آلة الحرب الإسرائيلية الفنانة التشكيلة محاسن الخطيب، والمنشد حمزة أبو قينص، وعضوة فرقة “أصايل وطن” للدبكة الشعبية تالا بعلوشة، والفنان التشكيلي رئيس منتدى الفن التشكيلي ثائر الطويل، والفنانة التشكيلية حليمة كحلوت، والفنان المسرحي محمد السلك، والممثل علاء قدوحة، والمخرج محمد خليفة، والمصور السينمائي مصطفى ثريا، وفق بيانات سابقة لوزارة الثقافة بغزة.
المصدر / الأنضول