القدس – المركز الفلسطيني للإعلام
قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن الحكومة الإسرائيلية تستخدم تجويع المدنيين أسلوبا للحرب في قطاع غزة المحتل، ما يشكل “جريمة حرب”.
وأشارت المنظمة في بيان لها، اليوم الاثنين، إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يتعمد منع إيصال المياه، والغذاء، والوقود، بينما يعرقل عمدا المساعدات الإنسانية، ويبدو أنه يجرّف المناطق الزراعية، ويحرم السكان المدنيين من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم.
وقال مدير شؤون إسرائيل وفلسطين في هيومن رايتس ووتش عمر شاكر: “لأكثر من شهرين، تحرم إسرائيل سكان غزة من الغذاء والمياه، وهي سياسة حث عليها مسؤولون إسرائيليون كبار أو أيّدوها، وتعكس نية تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب”، مطالبا زعماء العالم برفع أصواتهم ضد جريمة الحرب البغيضة هذه، ذات الآثار المدمرة على سكان غزة.
وأضاف شاكر: “تضاعف الحكومة الإسرائيلية عقابها الجماعي للمدنيين الفلسطينيين ومنع المساعدات الإنسانية باستخدامها القاسي للتجويع كسلاح حرب”، مؤكدا أن الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة تتطلب استجابة عاجلة وفعالة من المجتمع الدولي.
ورأت المنظمة في بيانها، أن على الحكومة الإسرائيلية أن تتوقف فورا عن استخدام تجويع المدنيين أسلوبا للحرب، مطالبة حكومة الاحتلال بإعادة توفير المياه والكهرباء، وتسمح بدخول الغذاء والمساعدات الطبية والوقود التي تمس الحاجة إليها إلى غزة عبر المعابر، بما فيها كرم أبو سالم.
وطالبت الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا، وغيرها بتعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة لإسرائيل، طالما يستمر جيشها في ارتكاب انتهاكات خطيرة وواسعة ترقى إلى جرائم حرب ضد المدنيين مع الإفلات من العقاب.
وقابلت “هيومن رايتس ووتش” 11 مواطنا نازحا في غزة بين 24 تشرين الثاني/ نوفمبر و4 كانون الأول/ ديسمبر، إذ وصفوا الصعوبات الشديدة التي يواجهونها في تأمين الضروريات الأساسية، وقال رجل غادر شمال غزة: “لم يكن لدينا طعام، ولا كهرباء، ولا إنترنت، لا شيء على الإطلاق، لا نعرف كيف نجونا”.
وفي جنوب غزة، وصف الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات ندرة المياه الصالحة للشرب، ونقص الغذاء الذي أدى إلى خلو المتاجر والطوابير الطويلة، والأسعار الباهظة.
قال أب لطفلين: “تبحث باستمرار عن الأشياء اللازمة لتعيش”.
وبحسب برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، في 6 كانون الأول/ ديسمبر، فإن 9 من كل 10 أسر في شمال غزة، وأسرتين من كل ثلاث في جنوب غزة، أمضت يوما كاملا وليلة كاملة على الأقل دون طعام.
يحظر القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب. وينص “نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية” على أن تجويع المدنيين عمدا “بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية” هو جريمة حرب.
واصلت حكومة الاحتلال منع دخول الوقود حتى 15 تشرين الثاني/ نوفمبر، رغم التحذيرات من العواقب الوخيمة لذلك، ما تسبب بإغلاق المخابز، والمستشفيات، ومحطات ضخ الصرف الصحي، ومحطات تحلية المياه، والآبار، وهذه المرافق لم تعد صالحة للاستعمال، ورغم السماح بدخول كميات محدودة من الوقود لاحقا، إلا أن منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لين هاستينغز وصفتها في 4 كانون الأول/ ديسمبر بأنها “ليست كافية على الإطلاق”.
وقال خبراء أمميون في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر إن الأضرار الجسيمة “تهدّد باستحالة استمرار الحياة للشعب الفلسطيني في غزة”. وكان جيش الاحتلال قد قصف آخر مطحنة قمح عاملة في غزة في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر.
وقال “مكتب الأمم المتحدة لخدمة المشروعات” إن تدمير شبكات الطرق صعّب على المنظمات الإنسانية إيصال المساعدات إلى من يحتاجون إليها.
وكان للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة أيضا تأثير مدمر في قطاعها الزراعي، وبحسب “أوكسفام” فإنه: “بسبب القصف المستمر، إلى جانب نقص الوقود والمياه، ونزوح أكثر من 1.6 مليون شخص إلى جنوب غزة، أصبحت الزراعة شبه مستحيلة”.